بيل جيتس ووارن بافيت تبرعا بنصف ثروتهما للأعمال الخيرية التكافل الاجتماعي مبدأ أصيل في الإسلام ومع ذلك قلما نجد رجال أعمال يكرسون هذه الفكرة في مجتمعنا، وذلك علي خلاف مايحدث في الغرب، من تبرع مليارديرات أمريكا بنصف ثرواتهم للأعمال الخيرية، ولعل الملياردير الأمريكي بيل جيتس صاحب شركة ميكروسوفت خير مثال علي ذلك والذي فعل مالم يقدر علي فعله أي رجل أعمال عربي حينما تبرع ب 28 مليار دولار ضمن حملة تضم 90 رجل أعمال أمريكيا تبرعوا بنصف ثرواتهم لصالح الأعمال الخيرية حول العالم.. ليبقي السؤال: أين أغنياء مصر من هذه الأفعال؟ وبخاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد منذ قيام ثورة يناير؟ ثقافة التبرع والمساهمة في دعم الاقتصاد الوطني ومساعدة الفقراء والمحتاجين في صعيد مصر وريفها ليست غائبة تماما، لكن يمكن وصفها ب (المحدودة)، كما أن هذه المبادرات التي يلجأ إليها بعض رجال الأعمال الكبار في مصر ربما لا تكون (خالصة النية) بشكل كامل، وبخاصة إذا وضعنا في الاعتبار أن هذه التبرعات والمشروعات الخيرية تنعكس علي خفض الضرائب التي يدفعها رجال الأعمال، رغم أن عددا كبيرا من رجال الأعمال المصريين مدرجة أسماؤهم ضمن قائمة أغنياء العالم، ومع ذلك فإن التبرعات التي تتلقاها الدول النامية مصدرها الرئيسي رجال الأعمال الأمريكيون، حيث قدر حجم التبرعات ب75 مليون أسرة أمريكية و1.5 مليون شركة و120 ألف منشأة و77 ألف مؤسسة، التبرعات تذهب لأكثر من 1.2مليون مؤسسة ونحو 350 ألف محفل ديني والدراسات أظهرت في عام 2010 كانت بنسبة 4٪ مقارنة 2009 بعد أن أدي الكساد إلي التراجع للأعمال الخيرية. والمليارديرات الأمريكيون يتبرعون بمبالغ كبيرة فقد تبرع "وارن يافت" بنحو 37.4 مليار دولار من ثروته للأعمال الخيرية والآخر "جون ماركس"الذي يحاول المصالحة بين العلم والدين فقد تبرع ب550 مليون دولار أمريكي وكان للنساء النصيب الأكبر فتبرعت أرملة روبرت اتكنز ب500 مليون دولار لمحاربة مرض السمنة والسكري ليتبقي من الثروة التي تركها زوجها 50 مليون دولار. في البداية أكد الدكتور حمدي عبد العظيم الخبير الاقتصادي ورئيس أكاديمية السادات سابقا أن الرعاية المجتمعية لرجال الأعمال في أوروبا عالية جدا وظهرت مؤخرا من خلال تبرع بل جيتس وشقيقته ب20 مليار دولار ويقومان بتقديم كل أوجه الرعاية للفقراء في الدول النامية ومن ضمنها الإسلامية ودول جنوب غرب أفريقيا مشيرا إلي أن قانون الضرائب المعمول به في مصر يعطي إلغاء 10٪ من القيمة لرجال الأعمال المصريين ومطلوب تشجيع رجال الأعمال وزيادة النسبة من 10٪ إلي 25٪ في قانون الضرائب ولابد من إدخال تعديلات لإقرار التبرعات العينية وليست النقدية لأن رجال الأعمال والمواطنين يفضلون التبرعات العينية. ونوه أن رجال الأعمال المصريين لابد أن يحتذوا برجال الأعمال الأوروبيين في مساعدة الفقراء والنهوض بمجتمعاتهم لأنهم كونوا ثرواتهم من خلال المجتمع الذي عاشوا فيه فضلا عن مطالبته لهؤلاء بضرورة مراعاة الاوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد من عجز الموازنة وارتفاع نسبة الدين الخارجي فلابد أن يظهر معدن هؤلاء الشرفاء من رجال الأعمال لنهضة البلاد ففي أوروبا والولايات المتحدة يربطون مشاريع الشركات والمؤسسات بمشاريع تنمية الدولة وبدأت دول الخليج تسير علي نهجهم في السعودية عندما جاءت كبري شركات البترول للتنقيب لبناء جامعة. ومن جانبه أوضح الدكتور رشاد عبده أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة أن فكرة قيام رجال الأعمال الأمريكان بالتبرع بجزء من أموالهم للفقراء ببعض دول العالم بدأت منذ 4 سنوات ماضية علي يد "بوست" رجل أعمال أمريكي قام بعمل مبادرة وبدأها بأمريكا قائلا إن الفقراء لهم حقوق علينا من كل أوجه الرعاية والاهتمام مقترحا أن يكون 50٪ من ثروته للفقراء ولأعمال الخير والدور الاجتماعي وبعدها جرت جلسات مشورات مع بيل جيتس وأقنعه بالفكرة فرحب بها فوجد بعض رجال الأعمال معترضين عليها في البداية فطور من الفكرة مقترحا أن من يرغب في تخصيص 50٪ للفقراء والمحتاجين فخير له والمعترض عليه أن يكتب وصيته قبل مماته يوصي بها ورثته بأن نصف ثروته للفقراء وتم عقد مؤتمرات في بعض دول شرق آسيا وكان آخرها الصين ورحبوا بالتوصيات التي انتهي إليها من تخصيص نصف الثروات من قبل رجال الأعمال للفقراء. وطالب عبده رجال الأعمال المصريين بأن يحذوا حذو رجال الأعمال الأمريكان موضحا أن بعض رجال الأعمال المصريين تبرع بأن يقوم بتسفير العشرة الأوائل من مراحل التعليم المختلفة علي مستوي الجمهورية للخارج لنيل الشهادات العلمية والاستفادة من خبراتهم للنهوض بمصر ورجل أعمال آخر يقوم بمنح المدارس في الأرياف بأجهزة الكمبيوتر بالمدارس التي تعاني من النقص لتحقيق نهضة علمية وتكنولوجية لهؤلاء التلاميذ. وعن الفرق بين رجال الأعمال في أمريكا ومصر من الناحية النفسية قال الدكتور هاشم بحري أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر أن الانتماء دائما هو الذي يجعل رجال الأعمال يقدمون علي فعل الخيرات فهذا نابع من الناحية النفسية ومدي شعورهم بالفقراء وأن رجل الأعمال الأمريكي مؤمن فعندما يريد أن يعمل فيشق طريقه فيجد الطريق مفتوحا وسوف يجد كل أوجه المساعدة والدعم من المواطنين لأن لديه انتماء لوطنه وشعبه فضلا عن معيشته في جو نقي لا يشع بالفساد مقارنة برجال الأعمال المصريين الذين يتصفون بالبيروقراطية مع علمه بأنه عندما ينجح في السوق يجد قوانين تطيح به وبأمواله فهو خائف من النظام الذي يعمل فيه مطالبا لابد من منح فرص الطمأنة لرجال الأعمال حتي يشعروا بالقدرة علي الوقوف إلي جانب الفقراء منوها إلي أنه لابد لرجال الأعمال المصريين أن يحذوا ويسيروا علي خطي رجال الأعمال الأمريكان للنهوض بمصر والأمة العربية.