لماذا يخفي الكثير منا أعماره كأنها وصمة عار.. أو مرض عضال يخشي الناس العدوي منه؟ ربما لأن الشباب ارتبط بالأمل.. بالقوة.. بالجاذبية.. بالقدرة علي تغيير الحياة.. فالعمر ممتد أمامك.. تستطيع فيه أن تنوع.. تغير .. تخطئ.. تتوب.. تتراجع.. تلك هي ميزة الشباب.. الأمل. أما في سنوات الوداع.. أقصد.. وداع الحياة والأصدقاء والرغبة.. فاليوم الذي يذهب.. لايعود. إذن انتهز تلك الفرصة النبيلة التي منحت لك الحياة لتتعرف عليها وعلي نفسك من منظور مختلف وربما لم يخطر لك علي بال. اليوم أنت علي ميعاد مع الحقيقة.. حقيقتك وحقيقة الآخرين ومع الحياة.. اليوم يا للحظ والفرصة.. لست مضطرا لنفاق أحد فمسئوليتك قد ودعتك إلي غير رجعة. كبر الأولاد.. وأحلت إلي التقاعد.. علي الأقل الرسمي إذن ها قد منحت فرصة أن تعيش الحياة.. كما تمنيتها لا كما فرضت عليك.. متفائلة أكثر من اللازم؟ لابد وإلا كيف تستطيع أن تستفيد وتتمتع.. إن حياتك وراء ظهرك ومعها أخطاؤك وإحباطاتك. اليوم لن أبتسم في وجه أحد لا أريد أن ابتسم له؟ ولها؟ الذي هو .. أو هي.. من أذاقني الخداع والخذلان.. أياما وراء أيام. اليوم لن أستمر في (زيجة) بحثت لها عن مليون سبب لتقنعني بالاستمرار مرة لإعطائهم فرصة أقصد الطرف الآخر من العلاقة، ومرة من أجل الأولاد.. ثم من أجل النسايب ثم من أجل.. ولكن اليوم أيام العمر معدودة.. طالت أم قصرت هي معدودة وبحسبة بسيطة تستطيع أن تعرف إلي حد ما السنوات الباقية لك. إذن استفد من كونك فوق سن التقاعد.. وقلها لكل من حولك. سأعيش الحياة كما تمنيتها (أنا) فقط.. ربما أستعيد علاقة حب تاهت مني في الطريق.. أي والله ما أجمل الحب الذي يأتينا في أيامنا الأخيرة.. إنها اللهفة الأخيرة والضحكة الأخيرة.. وقطعا الرغبة الأخيرة. لكل شيء مبهج.. وقد عرفت أبطالها وسمعت عن آخرين قرروا أن ينتهزوا الفرصة الأخيرة. وتدق التليفونات فلانة تزوجت في الستين بعد خمسة عشر عاما من الترمل!! ولم لا .. ربما شاخت وضعفت أجسادنا.. ولكن صدقوني.. القلوب لا تشيخ ولا يصيبها التجاعيد والترهل.. إنها تظل قادرة علي العمل .. حتي آخر العمر!! سؤال يسأله الرجال قبل النساء لأنهم المسئولون عن الإنفاق أو هكذا تذكرت بعدما شاركت النساء بقوة في تحمل هذه المسئولية بجانب المسئولية الأصيلة في فتح البيوت وتربية الأطفال. هل أحببت عملك بجد؟ أم أنه كان اختيار العقل والمتاح. أم العمل الذي تمنيت أن تعيش فيه ومنه. تاه منك في طريق المسئولية التي فرضت عليك؟ إذن حان الوقت أن تلحق به ولو تطوعا!! هل تمنيت يوما أن تتعلم فن الرسم وتطلق فرشاتك الملونة لتخرج ما في نفسك من مشاعر اختبأت خوفا وخجلا أن تصرح بها للآخرين. اليوم هي فرصتك يا صاحبي!! هل حلمت مثل التي أعرفها أن تترك عملها الذي تفوقت منه بالتأمين ووصلت إلي أعلي المناصب. ولكنها ظلت في دقائقها السرية المختبئة بها عن العالم.. تحلم بأن يقرأ أحد شعرها نثرا وعلي القافية. تطلي به وجه الحياة التي خذلتها في حبها ومهنتها.. هل قابلك وجه عبوس عاش به يواجه الناس في كراهية سرية لأنه فرضت عليه مهنة الطب.. وهو كان يتمني أن يصير فنانا ممثلا يعيش كل يوم في شخصية يكسر بها جدار الملل من حياته الروتينية ذات البداية والنهاية المعلومة.. اليوم تستطيع حتي أن تنضم إلي طابور مرشحي الرئاسة فهم أكبر ملوك التشخيص. تعلم منهم وربما عرفت أنك لن تحتاج إلي معهد التمثيل.. انخرط فقط في السياسة. وشوف يا معلم .. إحنا أصول المعلمة والتشخيص!! أنت الآن .. خالي المسئولية.. أنت الآن في سلام مع نفسك.. وسوف تودع الحياة بطريقتك.. سوف تفتح دولاب ذاكرتك وتستدعي كل الذين أحببتهم في الحياة. وإذا كانوا مازالوا فوق الأرض وليس تحتها فإنها فرصتك لإعلان محبتهم علنا.. أمامهم وأمام نفسك أما الذين خانوك وخذلوك. لن تنتظر مني أن أكون ملاكا بجناحين. وأقول لهم سماح واللي فات مات.. لا والله. سوف ينالون هم أيضا من حب المصارحة.. جانبا.. واجه .. عاقب .. عاتب.. اكشف وجههم القبيح علي الأقل.. اجعل الأرق والضمير يزورهم ولو أياما قليلة وقتها سوف تشعر بالراحة بقدر شعورهم بوطأة الجريمة التي ارتكبوها في حقك. وإن لم يحدث.. كفاية عليهم.. انتقام .. السماء!! اليوم هو ربما اليوم الأخير فماذا أنت بفاعل؟ لاتفزع ولا تجزع.. إنك علي ميعاد مع الذي هو أرحم وآمن عليك من أمك؟ ولكن اتحب أن تزعل أمك؟ ومع ذلك هي تريد لك الخير وتريد لك الحياة.. تريد لك أن تقتحمها وتتعلم من تجاربها وأخطائها.. وأعتقد أن الله يحب العبد الخطاء التواب.. المجتهد.. القوي. إذن هي فرصتك الأخيرة.. فماذا أنت بفاعل؟ ربما رغبت في معرفة من قتل كيندي؟ أو ماذا فعل العسكري وصاحب اللحية بالثورة والثوار؟ أو ربما أردت أن تعرف إجابة لماذا يخون الصديق صديقه ومن ابتدع معجزة .. مثال (اتق شر من أحسنت إليه)؟ أو ربما خليك متواضع وابحث عن إجابة السؤال التالي: كيف حكمنا مبارك الملقب بالبقرة الضاحكة 30 عاما!! وهل ممكن أن نسمح لأي إنسان أو فصيل.. أن يفعلها فينا مرة أخري؟.. أحمد الله أني لن أكون متواجدة ولكن ربما وجدت طريقة للاتصال لتقولوا إن المؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين.. مع أني وخلال حياتي الأرضية.. وجدت كثيرا من المؤمنين يلدغون من نفس الجحر. مرة واثنتين وثلاثين مرة!!