يعلق الشعب المصري آمالا كبيرة علي الدكتور محمد مرسي كأول رئيس منتخب في تاريخ مصر المعاصرة.. في حل الكثير من مشكلات مصر المزمنة التي تراكمت قي عهد النظام السابق،بل وتركت آثارا وخيمة..وعلي رأس هذه المشكلات تحقيق العدالة الاجتماعية،وحل العديد من المشكلات الاقتصادية المزمنة وخاصة الارتفاع المتواصل للدين العام للدولة.. وانخفاض الاحتياطي من النقد الأجنبي الذي حدث بعد الثورة.. وكذا استعادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة.. وعودة معدلات السياحة إلي سابق عهدها. ورغم أن البرنامج العاجل للرئيس الجديد تضمن 5 قضايا أساسية تنفذ خلال المائة يوم الأولي من توليه الرئاسة.. تتعلق بمشكلة الأمن والمرور والوقود والخبز والقمامة.. إلا أنها قضايا يعتبرها العديد من المحللين، قضايا تحتاج إلي إرادة شعبية والارتقاء بسلوك المواطنين. إن نجاح رئيس الدولة المنتخب يتوقف في المقام الأول- كما تري الدكتورة ماجدة قنديل المدير التنفيذي للمركز المصري للدراسات الاقتصادية- علي مدي نجاحه في إدارة القضايا الاقتصادية والسياسية، معتبرة أن هناك بعض الأمور المتعلقة بالملف السياسي لا تزال غير واضحة حتي الآن.. وإن كنت أشعر بحالة من التفاؤل للنهوض بالوضع الاقتصادي خلال المرحلة المقبلة لأن الرئيس الجديد يملك فكرا اقتصاديا إيجابيا تجاه دور القطاع الخاص والتواصل مع المجتمع الدولي بالإضافة إلي جذب الاستثمارات والإبقاء علي السوق الحرة. إلا أنه حتي يتمكن الرئيس المنتخب من الوفاء بوعوده فيجب عليه تعزيز التواصل المجتمعي الذي يعد مدخلا لنجاحه في تحقيق أهدافه وبرامجه. كما أن تحقيق الاستقرار السياسي يتطلب التواصل مع الخبراء والمجتمع الدولي لتسهيل عملية الخروج من مرحلة عنق الزجاجة التي تمر بها مصر حاليا ليتفرغ بعدها الرئيس المنتخب لإنجاز الإصلاحات الهيكلية التي طالبت بها الثورة وتحتاج إلي وقت أكبر. إن تلك القضايا لا تحتاج تدخلا من الرئيس أكثر من احتياجها إلي إرادة شعبية تبدأ من المواطن الفرد ذاته ،لأن أغلب تلك المشكلات-كما يراها محسن عادل الخبير الاقتصادي- ترتبط بالسلوك الفردي ولا ترتبط بمشكلات مزمنة في البلاد..وأضاف أن تحقيق التوافق علي المستوي الأعلي فيما يخص السلطات السيادية في البلاد بالإضافة إلي الإسراع في تشكيل حكومة ائتلافية من شأنه أن يعزز من تقبل المواطنين للمشاركة الفاعلة والصادقة في رفض السلوك غير المنضبط تجاه تلك القضايا بما يساعد أجهزة الدولة المختلفة وخاصة وزارة الداخلية علي القيام بدورها علي أكمل وجه.. وبالتالي فإن التحديات الخمس التي تضمنها البرنامج العاجل للرئيس المنتخب هي تحديات بسيطة ولا تحتاج إلي موارد ضخمة. في حين يري الدكتور هشام إبراهيم الخبير الاقتصادي أن برنامج الرئيس الجديد في تحقيق تنمية اجتماعية خلال 100 يوم عن طريق حل مشكلات المرور والقمامة واسطوانات البوتاجاز والخبز من الممكن تحقيقه فعليا خلال تلك الفترة وربما فترة أقل بكثير من المائة يوم.وأشار إلي أن القضايا الاقتصادية المزمنة المتعلقة بالنمو الاقتصادي والتضخم والبطالة والدين العام والعجز في الموازنة ربما تحتاج إلي مزيد من الوقت كي نحكم فيها علي أداء الرئيس الجديد. وكذا فإن تحقيق الأمن والاستقرار في الشارع المصري من شأنه أن ينعكس إيجابيا علي تحقيق برنامج الرئيس العاجل وحتي البرنامج الأشمل للنهضة، حيث سيسهم ذلك في إعادة الاستثمارات المحلية والأجنبية وعجلة الإنتاج والتصدير والسياحة وغيرها، بما سيؤدي إلي خلق المزيد من فرص العمل. ومن شأنه عودة الاستثمارات وبدء تعافي الاقتصاد من أن يكون له تداعيات إيجابية عديدة مثل تحسين تصنيف مصر الائتماني خلال المرحلة المقبلة وانعكاس ذلك علي الأوضاع. إن برنامج محمد مرسي - كما يراه الدكتور أحمد غنيم أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة- واضح من حيث تبنيه سياسات اقتصاد السوق، وهو ما يتوافق وتوجهات مجتمع الأعمال، وكذلك الأسواق الدولية.. ولكن المطلوب الآن هو ضرورة البدء في إرساء سياسات تشجع بيئة الاستثمار خلال الثلاثة أشهر القادمة..ووجود سياسات اقتصادية مطمئنة لمجتمع الأعمال، لا تتضارب مع بعضها البعض فمجتمع الأعمال عاني خلال الفترة الماضية من وجود رسائل سلبية.. كما أن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر علي مصر قد يستغرق بعض الوقت إلي أن يطمئن المستثمر إلي وجود بيئة مستقرة واستكمال باقي مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية، وإن كان ذلك لا يتعارض مع تدفق بعض الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الأجل القصير. وإن كنت أتوقع في نفس الوقت حالة تدفق لاستثمارات المصريين المقيمين بالخارج لشعورهم بوجود تغيير حقيقي في المجتمع المصري، وهذه الاستثمارات تمثل جانبا مهما للاقتصاد لأنها تتسم بعامل الأمان أكثر من غيرها..ولكن أحذر من تجنب الرسائل السلبية التي تخص رفض أحكام القضاء، أو فرض توجهات أيديولوجية علي الاقتصاد لا تتفق ورغبات المستثمرين، ويؤكد سيادة دولة القانون. خطة واضحة ويتفق عادل العزبي نائب أول للشعبة العامة للمستثمرين باتحاد الغرف التجارية حول أهمية وجود حالة من التفاؤل لمستقبل الاقتصاد المصري في ظل تولي محمد مرسي رئاسة الجمهورية،وضرورة وجود خطة عمل واضحة المعالم وقابلة للتنفيذ..لأن وجود هذه الخطة من شأنها دفع المستثمرين المحليين والأجانب لضخ استثماراتهم في السوق المصرية، والأهم ضرورة توفير الأمن. وإن كنت أتوقع تأخر قدوم الاستثمارات الأجنبية المباشرة لمصر خلال الفترة المقابلة، لتري ما يتم عمله تجاه الاستثمارات المحلية، فإن وجدت بيئة مشجعة فسوف تتدفق هذه الاستثمارات علي مصر. أما الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة، فإن الموجود منها لن يغادر السوق.. أما مجيء المزيد منها في هذا الوقت فإنه من الأمور الصعبة نظرًا للأحوال الاقتصادية السيئة التي تمر بها دول أوروبا وأمريكا، في حين يمكن للاستثمارات العربية العمل والوجود بالسوق بصورة طبيعية، وإن كان ذلك يتطلب الانتهاء من بعض التشريعات الاقتصادية المهمة للسوق.