من يقرأ جيدا دروس التاريخ يعرف حقيقة مفادها أن الحروب يدفع ثمنها الغالب والمغلوب والحوار وتسوية القضايا العالقة بين الدول هو الأسلوب الأمثل لحل أي أزمة طارئة بين الدول المختلفة فما بالنا بدولة واحدة بشعب واحد حتي وقت قريب والمقصود هنا دولتا شمال وجنوب السودان الذي احتدم الصراع بينهما عقب دخول القوات المسلحة لجيش الجنوب منطقة (هجيلج) النفطية التابعة للشمال.. وبالرغم من إعلان دولة الجنوب الانسحاب من المنطقة المذكورة نتيجة الضغوط الدولية والإقليمية عليها حتي يتم حل النزاع حول هجليج علي مائدة المفاوضات مع دول شمال السودان إلا أن الأخيرة أعلنت علي لسان الرئيس عمر البشير اتخاذ عدد من الخطوات التصعيدية متوعدا بمنع مرور نفط جنوب السودان عبر أراضيه.. ومن هذا المنطلق ولأهمية السودان في منظومة الأمن القومي المصري جاءت جهود مصر الدبلوماسية الحثيثة للعمل علي وقف الاقتتال بين دولتي السودان شماله وجنوبه فكانت الزيارة العاجلة لوزير الخارجية محمد كامل عمرو للدولتين من أجل نزع فتيل الحرب وتهدئة الأوضاع والتي تبعها العديد من الاتصالات الهاتفية مع المسئولين في الدولتين وقد أكد وزير الخارجية محمد عمرو لوزير خارجية البلدين علي رؤية مصر بضرورة التزام قوات البلدين بخط حدود الأول من يناير 1956 والعودة إلي مائدة المفاوضات لمعالجة وحل القضايا العالقة وفي مقدمتها ترسيم الحدود والنفط ووقف دعم الحركات المسلحة علي الجانبين. ومن الجدير بالذكر فإن مشاركة وزير الخارجية محمد عمرو في الاجتماع الأفريقي المخصص لبحث الأزمة السودانية تعد استكمالا للمباحثات والاتصالات المكثفة التي أجراها مع قيادات البلدين وكذلك للعمل علي التنسيق بين الجهود المصرية والأفريقية لحل الأزمة ووقف القتال بين السودان ودولة الجنوب. وبعد.. فإننا نأمل أن يحتكم الإخوة السودانيون في الشمال والجنوب إلي صوت العقل والجلوس علي مائدة المفاوضات لحل كافة المشاكل العالقة بينهما بالحوار والتفاهم الذي يعود بالنتائج الإيجابية علي الطرفين ولابد أن يدرك الجميع بأن الحروب لاتجلب معها إلا الخسائر والدمار لكل من المنتصر والمهزوم.