في أحدث فصول استعراض العضلات والتباهي بالقوة تواجه إسرائيل تحديا أمام أسطول تحالف الحرية الدولي الذي تصل سفنه شواطيء غزة الأسبوع الحالي لكسر الحصار عن القطاع ويضم عددا كبيرا من الناشطين الأوربيين والعرب والأتراك يحملون مواد الإغاثة وستجد تل أبيب نفسها في حالة التصدي بالقوة لهذه السفن في مواجهة مع العديد من الدول خاصة أن الرأي العام العالمي لم يعد تخدعه دموع التماسيح التي ذرفها اليهود لزمن طويل وانكشف القناع عن دموية ووحشية هذا الكيان خاصة بعد حربي لبنان وغزة، الدولة العبرية لاتتوقف عن ممارسة كافة أعمال البلطجة بتهديداتها المتواصلة لجيرانها من مصر لسوريا للبنان وصولا لإيران، وواصلت أدوارها المشبوهة في العراق عبر البوابة الأمريكية والكردية , وهي تمارس نفس البلطجة في حوض النيل عبر توغلها في شرق أفريقيا وخاصة إثيوبيا وجنوب السودان وأما ماتفعله في الأراضي المحتلة فهو الحد الأقصي من البلطجة تمارس خارج نطاق القوانين والأعراف الإنسانية ودون خوف من أي رقابة أو محاسبة دولية بفضل رعاية دول الغرب للدولة العبرية منذ بدايتها وحتي الآن وكنتيجة طبيعية للضعف والهوان العربي والذي تسبب في بقاء هذا الكيان وتمدده وتوسعه وبلطجته في كل الجهات الأصلية. إسرائيل وهي من الجرائم الكبري فلاتتوقف، فثمة شكوك قوية حول دور الموساد في أحداث سبتمبر عام 2001 وتورط مكشوف في حادث اغتيال القيادي في حركة حماس محمود المبحوح في دبي بداية العام الحالي، هذا غير بلطجة تصريحات قادتها مثل التهديد بضرب السد العالي وإعادة سوريا للعصر الحجري وتسوية لبنان بالأرض ونسف المسجد الأقصي لإقامة الهيكل المزعوم وغيرها مما يكشف بوضوح أننا لسنا أمام دولة طبيعية تريد العيش في سلام، وإنما مشروع حرب وتهديد للآخرين منذ البداية . وتمتلك إسرائيل قدرة هائلة علي إسقاط كل أفعالها وخطاياها علي الآخرين فهي من الصفاقة والتبجح من حيث اتهام الآخرين بالإرهاب والعنف اللذين يمثلان جوهر العقلية والذهنية الصهيونية فمجازرها منذ قيامها لن تسقط من ذاكرة التاريخ ولن تسقط بالتقادم أمام القضاء الدولي حين يستيقظ من سباته العميق ، وأغرب الاتهامات بالإرهاب جاءت مؤخرا ووجهتها للفلسطينيين في الضفة الغربية الذين قرروا مقاطعة منتجات المستوطنات الإسرائيلية وقد نجحت الدعوة بالفعل في إحداث خسائر فادحة لقطعان المستوطنين الذين لايتوقفون عن مهاجمة الفلسطينيين العزل بوحشية وإحراق المساجد والمزروعات، وتمتلك إسرائيل ترسانة نووية ومع ذلك تتهم إيران بتهديد أمن واستقرار العالم بسعيها لامتلاك طاقة نووية كما تتهم الفلسطينيين بالإرهاب لمجرد مقاومتهم للاحتلال وتتهم دول الجوار بتهديد أمنها ووجودها بينما شنت الحروب عليها طوال تاريخها. كما تمتلك قدرات كبيرة علي التلاعب بالتاريخ وتزوير الحقائق فهي قامت علي سلسلة طويلة من الخرافات والأساطير وتحريف التوراة لخدمة مشروعها الاستيطاني والاستعماري مثل العودة لأرض الميعاد وإقامة هيكل سليمان الثالث المزعوم علي أنقاض المسجد الأقصي وحتي الآن لم يثبت عالم واحد وجود أي آثاريهودية بالمدينة المقدسة لها علاقة بهذه الأساطير ومع ذلك تمضي الدولة العبرية بكل التبجح لإنشاء قائمة للتراث اليهودي وهذا أيضا يمكن اعتباره فعلا من أفعال البلطجة تضم أبرزالآثار الإسلامية والمسيحية كالحرم الإبراهيمي ومسجد بلال بن رباح وأسوار القدس القديمة والعديد من الكنائس والمدن والقبور والمقامات والجبال الفلسطينية وهو نموذج صارخ للتزوير والتلاعب بالتاريخ، وهكذا تواصل إسرائيل بلطجتها بالقول والفعل بينما إذا تعرض أحد ليهودي تقيم الدنيا ولاتقعدها وتنهال الاتهامات بالعنصرية ومعاداة السامية أما أفعالها فهي لاتزيد عن حقها المشروع في الدفاع عن النفس ويطالبها الغرب- المساند والداعم لها علي طول الخط - بضبط النفس وعدم الإفراط في استخدام القوة في ازدواجية صارخة ومقيتة للمعايير الدولية بين البشر. مشروع إسرائيل الكبري من النيل إلي الفرات دولة إسرائيل هي جوهر المشروع الصهيوني والذي تعكسه العبارة المرفوعة علي جدران الكنيست وعلم إسرائيل بالخطين الأزرقين بأعلي وأسفل(في إشارة للنيل والفرات) وما سعت إليه الدولة العبرية علي مدي أكثر من ستة عقود من الزمن وقبل ذلك التاريخ ومنذ انطلاق الحركة الصهيونية في نهاية القرن التاسع عشر وعلي الرغم من تقدم المشروع وقرب تحققه خاصة بعد حرب 76 إلا أنه تراجع بعد الحروب التالية ومسلسل التراجعات إلي الحد الذي أنشأت فيه إسرائيل الجدار العازل الذي يرسم حدودها فيما خلف الجدار ويقزم المشروع إلا أن ذلك لايجب أن يأخذنا للظن أن المشروع قد ذهب أدراج الرياح فمازال قائما وتسعي إسرائيل للمضي فيه لأبعد مدي فأطماعها لازالت قائمة في التوسع والاستيلاء علي المزيد من الأرض فهي تسعي بقوة لتهويد الأرض الفلسطينية وخاصة القدس العربية وإزالة كافة المعالم الإسلامية والمسيحية من المدينة وطرد أهلها العرب , ومن ضمن البلطجة شريط فيديو يتداوله اليهود المتطرفون مدته 40 ثانية لعملية هدم المسجد الأقصي افتراضيا بالطائرات وإقامة هيكل سليمان الثالث المزعوم، كما تقوم بهدم مقبرة مأمن الله الأثرية والتي يصل عمرها إلي ألف عام بالقرب من أسوار القدس لإقامة متحف التسامح اليهودي، ووسعت من مشروعها الاستيطاني فأنشأت 120 مستوطنة بالضفة الغربية تضم الآن حوالي نصف مليون مستوطن كما استولت من خلال الجدار والطرق الالتفافية علي مساحات ضخمة من الأرض الفلسطينية كما قررت العمل علي طرد 70 ألف فلسطيني وترحيلهم من مناطقهم إلي قطاع غزة والأردن بحجة عدم امتلاكهم تصاريح إقامة، وتسعي إسرائيل أيضا من خلال إرسال تهديداتها إلي دول الجوار إلي إبقاء سيطرتها علي الأراضي التي سبق الاستيلاء عليها كالجولان ومزارع شبعا ورفض أي مساس بالوضع الحالي في أي مفاوضات قادمة وتعلن أنه لاتفاوض علي القدس وأنها العاصمة الموحدة والأبدية للدولة اليهودية في تحد للقرارات الدولية التي لم تنفذها في يوم من الأيام، وواصلت تهديداتها لسوريا ولبنان وفي الملف العراقي (الفرات) كان لإسرائيل دور بارز في عملية غزو العراق عبر المناورات المشتركة مع الجانب الأمريكي والأسلحة المتقدمة التي قدمتها بعد تطويرها وعبر مئات من الجنود الذين شاركوا في الغزو (الفرقة الثالثة بالجيش الإسرائيلي) وماتلاه ثم عمليات سرقة التراث التاريخي العراقي وتوغل الموساد الإسرائيلي في المناطق الكردية من خلال الخبراء العسكريين والشركات الأمنية واتخاذ المنطقة مركزا للتجسس علي كل من تركيا وإيران وتدريب قوات البشمرجة الكردية، ونجحت في التوغل في مفاصل الدولة العراقية من خلال الخبراء تحت ستار أنهم أمريكيون والهدف النهائي هو تدمير العراق وإخراجه من معادلة القوي الإقليمية والسعي لتفتيته والقضاء علي ثروة العراق من الخبراء والعلماء والعمليات التي تستهدف تفجير الصراع الطائفي أما الملف الثاني ( النيل) فالمؤامرة علي مصر تمتد لسنوات طويلة مضت من خلال الحروب التي خاضتها ضدها وحتي بعد توقيع معاهدة السلام نهاية السبعينات من القرن الماضي لم تتوقف عن استهدافها للأمن القومي المصري وهذا مايفسر السلام البارد شعبيا بين الطرفين علي مدي أكثر من ثلاثين عاما فالقضية الفلسطينية علي حالها بل تزداد سوءا ولايبدو الحل النهائي للصراع قريبا كما تم القبض علي العديد من الجواسيس الذين عملوا لصالح الدولة العبرية وشنت إسرائيل العديد من الحروب في المنطقة مما أسهم في تعميق الفجوة النفسية واستمرار حالة العداء الشعبي لها، ومن أحدث فصول هذه الممارسات عمليات التحريض من تل أبيب ضد مصر في دول حوض النيل بعد رفض توصيل مياه النيل لها عبر سيناء فبدأت تسعي بقوة للتواجد في هذه المنطقة بهدف إقامة المشروعات المشتركة خاصة في إثيوبيا ومدها بالخبراء والأسلحة وعقد الصفقات التجارية وإقامة مركز للموساد في أديس أبابا بهدف الضغط علي مصر وتوتير الأجواء بين دول المنابع والمصب. وهكذا تتواصل فصول التآمر الإسرائيلي من النيل إلي الفرات وممارسة كافة أشكال البلطجة وليس أمام العرب سوي الرجوع إلي المربع الأول وهو تضامنهم ومعاملة إسرائيل بالمثل فاليد الممدودة بالسلام يجب سحبها لأن النوايا الإسرائيلية واضحة لكل من يري وعلي مصر أن تعيد النظر في العديد من أوجه تعاملها مع الدولة العبرية طالما أنها لاتحترم أي اتفاق وتسعي لممارسة سلوكيات عدوانية تؤثر سلبا علي الأمن القومي المصري وما يحدث في ملف النيل شاهد علي هذا النهج، فإسرائيل عبر تواجدها في المنطقة دولة مارقة لاتحترم القوانين الدولية وتمارس بلطجة سياسية وعسكرية ضد الجميع بلااستثناء والسلام المبني علي القوة هو الطريق الصحيح للتعامل مع هذا الكيان أما المضي إلي أجل غير مسمي في مسيرة سلام هي بمثابة التيه الذي لايخرج منه أحد.