بعد دقائق من انتهاء أبي أحمد، رئيس وزراء إثيوبيا، من خطاب ألقاه في ميدان مسكل وسط العاصمة أديس أبابا، وقع انفجار ضخم أدي لمقتل اثنين من المواطنين وجرح ما لا يقل عن 155 آخرين، وفقاً لوسائل إعلام إثيوبية، وقال سيوم تيشومي عضو اللجنة المنظمة للحشد لرويترز "كانت قنبلة. حاول أحدهم إلقاءها علي المنصة التي كان عليها رئيس الوزراء". وأضاف "رأيت نحو خمسة مصابين بعد الانفجار". وغادر رئيس الوزراء الساحة علي عجل دون أن يصاب، ليعلن في وقت لاحق أن من يقفون وراء الهجوم سعوا إلي زعزعة التجمع ونسف برنامجه الإصلاحي. وأضاف "من فعلوا هذا ينتمون علي ما يبدو إلي قوي معادية للسلام. عليكم أن تكفوا عن فعل هذا. لم تنجحوا في الماضي ولن تنجحوا في المستقبل". علماً بأن أبي تولي السلطة بعدما استقال سلفه هايلي مريام ديسالين في فبراير الماضي، عقب احتجاجات قُتل فيها مئات الأشخاص في الفترة من 2015 إلي 2017. وفرض قانون الطوارئ بشكل مؤقت لتهدئة الاضطرابات إلي أن تم رفعه الشهر الجاري. ورغم تباهي إثيوبيا بأنها أحد أسرع اقتصادات أفريقيا نموا، يقول معارضون إن المزايا لا توزع بشكل عادل بين الجماعات العرقية والمناطق في البلاد التي يحكمها نفس الائتلاف الحاكم منذ ما يزيد علي 25 عاما. وجاب أبي البلاد وتعهد بمعالجة المظالم والاستجابة للحقوق السياسية والمدنية. وبعد الانفجار، كتب فيتسوم أريجا مدير مكتب رئيس الوزراء الإثيوبي علي تويتر "بعض من امتلأت قلوبهم بالكراهية شنوا هجوما بقنبلة". وأضاف "كل القتلي شهداء للمحبة والسلام.. منفذو الهجوم سيمثلون أمام العدالة". وإلي جانب التعهد بإجراء إصلاحات اقتصادية، فاجأ أبي الإثيوبيين هذا الشهر عندما أعلن استعداده لتنفيذ اتفاق سلام أبرمته بلاده مع إريتريا عام 2000 لإنهاء حرب استمرت لعامين. واعتري الاتفاق الجمود مما أسفر عن حشد عسكري ضخم من الجانبين. وعلي خلفية الحادث، أعلن أحمد شيدي، المتحدث باسم الحكومة الإثيوبية، اعتقال 9 من قيادات الشرطة الفيدرالية بالبلاد، إضافة إلي نائب مفوض شرطة العاصمة أديس أبابا، وقال المتحدث في بيان نقله التليفزيون الرسمي، إن اعتقال نائب مفوض شرطة العاصمة و9 من القيادات الشرطية جاء بسبب وجود "ثغرات أمنية واضحة"، تمكنت من خلالها القوي التخريبية من اختراق المسيرة السلمية وإحداث التفجير. وهو ما جعل كثيرين يوجهون أصابع الاتهام للشرطة الفيدرالية نفسها والعديد من الأجهزة الأمنية أو ما يُطلق عليه الدولة العميقة، حيث يبدو أبي عازما علي الاستماع للمعارضين الذين يطالبون بتغيير قياداتها بسبب ممارساتهم القمعية، وكذلك هناك من لا يعجبه من قادة الجيش توجه أبي للمصالحة مع إريتريا التي رحبت بمبادرة أبي نحو السلام بعد فترة من التوجس والريبة، ويري أبي أحمد أن "التوتر هو كل ما حصدناه من الوضع الذي ساد خلال العشرين عاما الماضية". وأضاف "لا تستفيد إثيوبيا ولا إريتريا من الأزمة. نحتاج أن نعزز كل جهودنا نحو السلام والمصالحة وأن نحرر أنفسنا من الانقسامات والصراعات التافهة ونركز علي القضاء علي الفقر". ومع غياب المعلومة المؤكدة هناك أكثر من حركة وتنظيم في دائرة الاتهام وهو ما يمكن رصده علي النحو التالي: حركة الشباب الصومالية رغم أن حركة الشباب صومالية الأصل، إلا أن لها تواجدا في إثيوبيا، وذلك بعد أن شاركت الحكومة الإثيوبية في الحرب التي تم شنها علي الحركة في الصومال ضمن قوات الجيش الإفريقي، الأمر الذي جعل الحركة ترد بهجمات داخل الأراضي الإثيوبية كانتقام علي هذا التدخل، وهو نفس الأمر الذي كررته الحركة في كينيا، كونها مشاركة في التحالف ذاته. حرب حركة الشباب علي إثيوبيا بدأت منذ عام 2006، بسبب تدخلها عسكريا ضد اتحاد المحاكم الإسلامية في الصومال، الذي كان متحالفا مع الحركة في تلك الفترة. جماعة أنصار السنة خلايا حركة الشباب ليست الكيان الإسلامي الوحيد الموجود داخل الأراضي الإثيوبية، التي تضم نحو 30٪ من المسلمين وسط أغلبية مسيحية، حيث نشطت الحركة السلفية في إثيوبيا في أواخر أربعينيات القرن الماضي، وظهرت جماعة أنصار السنة هناك، التي تطورت وأصبحت نسخة من جماعة التكفير والهجرة المصرية، وكان لها بعض الفعاليات المسلحة في تسعينيات القرن الماضي. جماعة التبليغ من الحركات الإسلامية في إثيوبيا، أيضًا، جماعة التبليع والدعوة، التي تنشط تحديدًا في العاصمة أديس أبابا وبالأخص في منطقة كوراج، التي تشهد تواجد مركزها الرئيسي وعدد من مساجدها. ولكن لم تدخل جماعة التبليغ في أي عداء واضح مع الحكومة الصومالية، وليس لها هيكل تنظيمي، حيث تعتمد في عملها علي رحلات رجالها لنشر الدين الإسلامي وتعاليمه. الحركة العقلانية الحركة العقلانية هي أحد أعضاء الحركة الإسلامية الإثيوبية، علي الرغم من قلة تأثيرها، فهي جماعة غير رسمية وليس لها أي هيكل تنظيمي علي غرار جماعة التبليغ، وتركز في العمل الدعوي أيضا دون أي نشاط سياسي، لكنها تتخصص في اختراق الجامعات الإثيوبية المختلفة، وتنتشر بين أوساط المثقفين وكذلك الطلاب. حرب مشتركة كانت إريتريا جزءا من إثيوبيا وخاضت نضالا استمر 30 عاما من أجل الاستقلال. وأودت الحرب علي حدودهما المشتركة في الفترة بين عامي 1998 و2000 بحياة عشرات الآلاف من الأشخاص ونزوح وتشتت شمل عددا كبيرا من الأسر. مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة فرض حظرا للأسلحة علي إريتريا عام 2009 علي خلفية اتهامات لأسمرة بأنها وفرت الدعم السياسي والمالي واللوجيستي لجماعات مسلحة في الصومال. وتنفي إريتريا منذ وقت طويل هذه الاتهامات وتقول إن إثيوبيا لفّقتها لها في محاولة لعزلها وصرف الانتباه عن إحجام إثيوبيا عن تسليم المناطق المتنازع عليها. وقال دبلوماسي غربي في إثيوبيا "لطالما أعلنت الحكومة الإريترية براءتها وستطالب علي الفور برفع العقوبات عنها. وهذه ربما تكون نقطة خلاف في الوقت الحالي". أهمية بادمي لبلدة بادمي أهمية استراتيجية بسبب موقعها الاستراتيجي المتميز، مما جعلها سببًا في نزاع إقليمي كبير بين إريتريا وإثيوبيا، فتدعي إريتريا أنها جزء من منطقة جاش- بركاء، بينما تزعم إثيوبيا أنها جزء من منطقة سيميان ميراباوي بإقليم تيجراي، وكان هذا النزاع سبب الحرب الإريترية الإثيوبية التي بدأت في عام 1998، والآن تحتلها إثيوبيا، وعلي الرغم من إصدار المحكمة الدولية قرارًا عام 2002 بأن البلدة الصغيرة تقع داخل الأراضي الإريترية إلا أن أديس أبابا رفضت الانسحاب منها. وفي عام 1902، حددت معاهدة إثيوبية إيطالية الحدود بين البلدين، خاصة أن إريتريا كانت مُستعمرة إيطالية آنذاك، إلا أن المعاهدة حول حدود بادمي لم تكن واضحة. أصل النزاع لا يختلف النزاع الإريتري الإثيوبي كثيرًا عن بقية النزاعات الحدودية التي تحدث من وقت لآخر علي نطاق العالم، سوي أنه تميّز بكونه تحوّل من نزاع حدودي حول منطقة بعينها إلي صراع شمولي دار علي طول الحدود الممتدة ل (1000) كيلومتر بين البلدين، وخلّف آثارًا إنسانية واقتصادية وسياسية عميقة علي مستوي البلدين. وبحسب تقارير إعلامية، يرتبط النزاع في جزء منه بالأوضاع الاقتصادية، وفي جانب آخر بالقيادة السياسية في كلتا الدولتين، وفي جانب ثالث بالعامل النفسي، لاسيّما أن إثيوبيا لم تنس أن إريتريا كانت في يوم من الأيام خاضعة لها، كما أنها كانت تشكل أهمية بالغة لها نظرًا لوجود موانئ إريترية علي ساحل البحر الأحمر كميناءي مصوع وعصب. واندلعت الحرب بين أسمرا وأديس أبابا في مايو 1998 وحتي مايو 2000، كجزء من نزاعات القرن الأفريقي. لكن سبقتها نزاعات حدودية بين الجانبين بعد استقلال إريتريا الفعلي في 1991 والرسمي في 1993، إذ تسبّب في حرمان إثيوبيا من واجهتها البحرية الوحيدة علي البحر الأحمر. في نهاية الحرب، سيطرت إثيوپيا علي جميع الأراضي المُتنازع عليها وتقدمت داخل الأراضي الإريترية. وفي وقت لاحق، تأسست لجنة الحدود الإريترية الإثيوبية، من قِبل الأممالمتحدة، لتحسم مسألة ترسيم الحدود وتقضي بانضمام بلدة بادمي، المنطقة محل النزاع بين الجانبين، لإريتريا. لكن إثيوبيا واصلت احتلالها لبادمي حتي الآن. ومنذ ذلك الحين تنتشر قوات من البلدين علي طول الحدود البالغة ألف كيلومتر، وتثير مواجهات متقطعة مثل تلك التي جرت في 2016 خصوصا، مخاوف من نزاع أوسع، وفق تقارير إعلامية. اتفاق الجزائر في 12 ديسمبر 2000، أبرمت إريتريا وإثيوبيًا اتفاقًا في الجزائر، عُرِف باسم "اتفاق الجزائر"، لإنهاء الحرب بين الجانبين. وينص الاتفاق علي 7 بنود: - وقف الحرب الفوري بين البلدين، وعدم اللجوء إلي القوة من قبل الطرفين. - تشكيل مفوضية ترسيم الحدود من 5 قضاة دوليين لتعيين وترسيم الحدود بين إريتريا وإثيوپيا. - تتولي مفوضية ترسيم الحدود عملية تعيين وترسيم الحدود بموجب المعاهدات الاستعمارية لعام 1900 و1902 و1908 والقانون الدولي، ولا يحق أن تتخذ قراراتها علي أساس التراضي. - يعتبر قرار مفوضية ترسيم الحدود نهائيًا وملزمًا. - ونصت المادة (14- أ) من "اتفاقية وقف الأعمال العدائية علي "أن مجلس الأمن يمكنه اتخاذ الإجراءات المناسبة ضد أحد البلدين إذا ما خرق اتفاق الجزائر، بموجب الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة". - الإفراج وإعادة جميع الأسري وجميع السجناء المعتقلين.