بالسعادة الغامرة وصف خريستو كافاليس رئيس الجالية اليونانية في القاهرة ل "آخرساعة" شعوره بلقاء الرئيس السيسي، وقال إنهم سيأكلون معه "عيش وملح" ويتحدثون إليه عن همومهم التي تتعلق بمنح الجنسية المصرية لمن لم يتمكن من الحصول عليها وتسهيل إجراءات الإقامات والسماح لليونانيين الذين غادروا مصر ويشعرون بالحنين إلي البلد الذي تربوا فيه بالعودة إليه، مؤكدا علي العديد من أوجه التشابه بين الثقافتين المصرية واليونانية وإمكانية فتح الشواطئ المصرية وخاصة شرم الشيخ أمام آلاف اليونانيين في فصل الشتاء الذي تصبح فيه الحياة في اليونان مستحيلة بسبب الطقس البارد، وتحدث عن العلاقة التاريخية التي تربط اليونانيين بمصر ونشاط الجالية في القاهرة.. وإلي نص الحوار: • كيف نظمت الجالية لقاءها مع الرئيس السيسي؟ - الجالية مدعوة للمؤتمر وهذا شيء عظيم لأنه مكننا كجالية متواجدة منذ عشرات السنين في مصر من التعاون مع الوزيرة نبيلة مكرم عبيد وتوجيهها لكيفية التواصل مع اليونانيين الذين كانوا يقيمون في مصر وسافروا إلي بلادهم ليتمكنوا من العودة إليها واستكمال بقية حياتهم في المكان الذي نشأوا فيه. كيف تنظر إلي المؤتمر؟ - نتمني أن يتم حل أكبر مشكلة لليونانيين في مصر وهي الإقامة التي علي رأس مطالبنا، ولمن يرغبون في العودة فمنهم من يتمني تمضية ما تبقي من سنوات قليلة من عمره في مصر والاستقرار بها ولكن بدون أي تهديد يخص الإقامة، وواجبنا كجالية أن نوصل نقاط الضعف ونطالب بتصحيحها حتي نتلافي النتائج السلبية من خروج مئات الألوف من اليونانيين من مصر في العهود السابقة. وماذا أيضا؟ - وجود ثلاثة رؤساء دول مثل مصر واليونان وقبرص في هذه المبادرة شيء مشجع للغاية، والتعارف الذي سيتم خلال الزيارة نفسها مختلف تماما عن التعارف الذي يحدث عن طريق الإنترنت، وهذه هي أهم مميزات الزيارة. كم عدد المدعوين اليونانيين؟ - 100 شخص سيأكلون "عيش وملح" مع السيسي يتزعمهم رئيس اليونان ورئيس قبرص في المؤتمر، وأنا متفائل للغاية. وكيف تقرأ النتائج المترتبة علي ذلك؟ الكثير من اليونانيين لم يزوروا شرم الشيخ مطلقا، رغم أن اليونانيين يعشقون السياحة وخاصة في فصل الشتاء الذي لا تطاق فيه الحياة داخل اليونان لأنه بلد سياحي في فصل الصيف للكثير من البلدان، حتي أن أغلب اليونانيين يجهزون منازلهم بحيث يسكنون الطابق العلوي ويجهزون الغرف السفلية ليتم تأجيرها للسائحين خلال الصيف نظرا لأن السياحة هناك لا تعتمد علي الفنادق الكبيرة فقط. ماذا ستقول للسيسي عندما تتحدث معه؟ - سأقول له إننا نرغب في محو السبب الرئيسي في خروج اليونانيين من مصر. كيف تقرأ مبادرة العودة إلي الجذور؟ - العودة للجذور نوع من الارتباط ويليها نوع من الطلبات أو التبادلات، بالإضافة إلي أن ليس كل الحاضرين هم من الأجيال القديمة ولكن جزءا كبيرا منهم هم الأحفاد فهي عبارة عن ربط الجيل الثالث بتاريخ أجدادهم وحياتهم، بالإضافة إلي منح فرصة لدخول السياحة اليونانية لمصر. أنت يوناني مصري ما وجه التشابه بين البلدين؟ - ليست هناك فروق جوهرية ومن العجيب أنك لو زرت اليونان ستشاهدين الثأر، ونفس تقاليد الزواج، وضرب النار في الأفراح، والعدّيد في المآتم. وما الاختلاف بينهما؟ - لا يوجد أي اختلاف، لكن يمكن أن نقول إن التعليم في مصر غير منفتح كنظيره اليوناني الذي تأثر بالتعليم الأوروبي الذي يتحكم في ثقافة الفرد. وهل تأقلم اليونانيون المصريون علي الحياة في اليونان بعد استقرارهم هناك؟ - من حبهم لمصر أنشأوا ناديا أسموه نادي "اليونانيين المتمصرين" كل أعضائه يونانيون مصريون، والكثير ممن خرجوا من مصر ولم يعودوا لليونان بل سافروا لأستراليا وجنوب أفريقيا وأمريكا وكندا وأنشأوا نوادي يونانية مصرية منذ متي حدث ذلك؟ - منذ ثلاثينيات القرن الماضي.. عندما عاد ما يقرب من 300 أو 400 ألف شخص لليونان وكان لديهم حنين وتشوق للبلد الذي عاشوا فيه ومكان يذكرهم بالأرض التي ولدوا وتربوا فيها، فقرروا إقامة هذه الأندية في البلاد التي أقاموا فيها متي بدأ توافد اليونانيين إلي مصر؟ - في فترة حفر قناة السويس وحتي الحرب العالمية الثانية كانت مصر بمثابة "دبي" المنطقة وكل من حولها يأتيها ليعمل بها، وتختلف اليونان قديما عنها حاليا ففي القرن الثامن عشر لم تكن اليونان بالكامل قد تحررت فكان جزء كبير منها لا يزال تحت سيطرة العثمانيين، والجزء الصغير الذي تحرر كان يحارب لتحرير باقي الأرض المحتلة طوال مائة عام. متي استقرت اليونان؟ - بعد عام 1920، بدأت اليونان تستقر كدولة وتوسعت حدودها، وحدثت طفرة في الاقتصاد اليوناني، وبدأت تتوفر فرص العودة لليونانيين. متي غادر اليونانيون مصر؟ - العدد الأكبر غادر مصر في الخمسينيات.. وعددهم أكثر من 250 ألف يوناني. وكم العدد المتبقي حاليا في مصر؟ - خمسة آلاف.. الفجوة كبيرة جدا بين هذا العدد والأعداد القديمة. ما الذي دفع اليونانيين للخروج من مصر؟ - أكبر مشكلة ساهمت في هذا هي عدم إمكانية تخطيط مستقبلهم بسبب الجنسية، فهم غير قادرين علي الحصول علي الجنسية المصرية. ولماذا؟ - نحن نتحدث عن فترة الخمسينيات، التي غيرت خلالها مصر واليونان قانون الإقامة، فدستورهما يعتمد علي اكتساب الجنسية بحق الدم وليس بحق الأرض، فتنسب الجنسية للوالد وسمحوا مؤخرا ليونانيين من أم مصرية بالحصول علي الجنسية. وبعد وصول الشاب لسن الرشد فيطالب بالجنسية يكون الرد إن والديه ليسا مصريين فلا يحق له الحصول عليها.. في حين أن أي شخص كان يولد في مصر قبل عام 1953 كانت الدولة تمنحه ما يسمي إقامة خاصة تجدد كل عشر سنوات، حتي إن والدتي التي توفيت العام الماضي لم تحصل علي الجنسية المصرية وماتت وهي يونانية، ولكنها تمتعت بالإقامة التي تجدد كل عشر سنوات. بعد كل هذه السنوات هل تمكنت من الحصول علي الجنسية المصرية؟ - حصلت عليها بمعجزة، عندما جاء رئيس الوزراء اليوناني كارامليس الذي كان صديقا شخصيا للسادات، واقترح منح الجنسيات لبعض اليونانيين الذين يقيمون في مصر في مقابل أن تمنح اليونان بعض الجنسيات للمصريين الذين يقيمون لديها، وكان السادات معروفا بدهائه فاشترط أن يكون عدد المصريين الذين يحصلون علي الجنسية اليونانية أضعاف عدد اليونانيين الذين يحصلون علي الجنسية المصرية، وحصلت علي جنسيتي ضمن هذه المنح ولكن بتوصية من السفير اليوناني الذي كنت أدرس لنجله بعض الدروس الخاصة، بعد أن كنت أجدد الإقامة سنويا، وما يتبعها من رخصة السيارة والقيادة وكل الأوراق. وكم مدة الإقامة حاليا لليوناني؟ - من سنة لخمس سنوات علي أقصي تقدير. ما الذي يضر اليونانيين من هذه المدة؟ - لا تمكنهم من التخطيط لمستقبلهم ومستقبل أبنائهم بشكل جيد فهم يعيشون حياة لا يعلمون هل ستستمر أم ستنتهي ويخرجون من مصر. كم شخصا من المتواجدين حاليا يحملون الجنسية المصرية؟ - نحو 4000 شخص، فهم الجيل الذي نتج عن تزاوج آبائهم أو أمهاتهم من المصريين. ما السر في أنكم مازلتم محتفظين بأسمائكم؟ - لا نحتفظ بأسمائنا فقط بل بعاداتنا وتقاليدنا، ولم نفرط في ثقافتنا اليونانية منذ أن كان عددنا يقترب من 500 ألف ونفس العادات نسير عليها حتي وقتنا هذا. ما الذي يميز اليونانيين عن غيرهم من الشعوب؟ - هم "بتوع بحر" سواحلية، ربما لهذا السبب اندمجوا مع أهل مدينة الإسكندرية فهم أشخاص "مدردحين" كما يطلق عليهم. هل ولدت في مصر؟ - أنا من الجيل الثالث لليونانيين الذين عاشوا في مصر، ولي ثلاثة جدود ولدوا في مصر. ما ترتيبك في قائمة رؤساء الجالية اليونانية في مصر؟ - رقم 17. وكيف يتم اختياركم؟ - عن طريق الانتخابات، فنحن نتعامل كأي جمعية مصرية ونتبع وزارة الشئون الاجتماعية ووزارة التضامن الاجتماعي فيما يخص كل إجراءاتنا، وطبقا لاتفاقية "مونترو" حصلنا علي بعض الحقوق الخاصة بالجمعيات. هل ديانة الجالية بالكامل المسيحية فقط أم هناك ديانات أخري؟ - لدينا الكثير ممن اعتنقوا الإسلام، ومازالوا أعضاء في الجالية. كيف تري الهجرة غير الشرعية؟ - جهل وإهانة من الشخص لنفسه ولبلده. كيف يتم تحجيمها؟ - بتحسين الظروف والأوضاع الاقتصادية، فلا يوجد أحد يترك بلده بشكل غير شرعي إلا لأسباب اقتصادية، ومنح فرص عمل للشرائح الفقيرة. ما الفرق بين اليونانيين والأرمن؟ - مختلفان تماما ولا يوجد ما يربطنا ببعض سوي عدائنا الشديد لتركيا، فقد حدثت مذبحة اليونانيين بعد الأرمن بفترة قصيرة وقت انهيار الإمبراطورية العثمانية وبداية حكم أتاتورك، وهم لا ينضمون للجالية ولكننا ندعمهم فهم لفترة طويلة لم يكن لهم دولة مستقلة حتي وقت قريب، ولم يكن لديهم جنسية وكانوا يحصلون علي جنسية البلد التي يقيمون فيها، وكان القانون المصري في ذلك الوقت يمنح الجنسيات لمن هم من أصل عثماني وهم كذلك. ما أنشطة الجالية في مصر؟ - هي عبارة عن هيئة ترعي كل مصالح اليونانيين المتواجدين دون تدخل الكنيسة أو الدبلوماسيين أو غيرهم، فنحن نحتفظ بالأرشيف التاريخي، ونشرف علي المستشفيات والمدارس ودار المسنين الخاصة بنا.