التقي وزير الأمن العام - خريستوس بابوتسيس - ب الأهرام في إطار توضيح السياسة اليونانية الجديدة تجاه التعامل مع المهاجرين الأجانب المقيمين في البلاد. من داخل أكثر المباني تحصنا في اليونان حيث تدار غرف العمليات الأمنية في البلاد بأكملها, وبالتحديد في مكتبه الأنيق بالطابق السابع بضاحية كتاخاكي بالقرب من وسط أثينا, وبعد عبارات الترحيب التي لم تخل تعبير الوزير اليوناني عن عشقه وحبه لمصر التي زارها عدة مرات كمفوض في الاتحاد الأوروبي المسئول عن سياسة الطاقة, وأمن إمدادات الطاقة الذرية, أشار الوزير الي المعاناة التي تعيشها البلاد من جراء تدفق المهاجرين غير الشرعيين, وأن ما يقرب من ثلاثمائة متسلل يعبرون يوميا الحدود الشمالية والشرقية لليونان وذكر أن العمالة الأجنبية غير الشرعية لها تأثير علي الوضع السياسي والأمني في البلاد بجانب الوضع الاقتصادي السييء والأزمة المالية في ظل التزايد الكبير في نسبة البطالة. وهذا هو نص الحديث: * ما هي خططكم المستقبلية تجاه المهاجرين غير الشرعيين الموجودين في البلاد؟ * الهدف من القانون الجديد الذي تم تمريره قبل أيام قليلة في البرلمان اليوناني, هو أن يبقي في اليونان فقط أولئك المهاجرون الذين لهم الحق في الحماية الدولية أو لهم حق اللجوء, وأولئك الذين لديهم تصاريح عمل وإقامة قانونية, وعلي جميع الباقين أن يتفهموا رسالة واضحة وصريحة, وهي العودة الي بلدانهم الأصلية.. إما العودة الطوعية أو الترحيل الاجباري, وعلي هذا النحو نحن مصممون علي تنفيذ ذلك بلا هوادة. كما أن أولي ضحايا الدخول غير المنضبط من المهاجرين غير الشرعيين الي اليونان هم المهاجرون الشرعيون الذين يقيمون في بلادنا والذين يعيشون ويعملون بهدوء في انتظار الحصول علي اللجوء والأوراق الرسمية. * هل يوجد هناك أيضا استراتيجية جديدة مع المقيمين بطريقة شرعية؟ *الحكومة تتعامل مع هذا الملف بحساسية خاصة, لاسيما بالألم المختلط بالأمل لدي المهاجرين وتطلعهم لحياة أفضل, ولذلك نتخذ جميع الإجراءات والخطوات اللازمة لدمج المهاجرين الشرعيين في المجتمع اليوناني, خصوصا الراغبين في ذلك وذوي الحق وفقا لقانون الدولة, ومن المعروف أن سياسة حكومة حزب الباسوك الاشتراكي هي منح حق الجنسية ودعم المهاجرين الشرعيين. * هل إقامة السياج علي الحدود مع تركيا سيقضي علي الهجرة غير الشرعية؟ * هو إجراء رمزي, خاصة لمنع تدفق المهاجرين, ويعتبر جزءا من سلسلة إجراءات أخري سوف تقوم بها وزارة حماية المواطن. * هل تعتقد أن المهاجرين يزيدون من الأزمة المالية التي تواجهها البلاد؟ * في الوقت الحالي يواجه المجتمع اليوناني وضعا اقتصاديا صعبا ويناضل بجميع الطرق الصعبة للتغلب عليه, والحقيقة هي أن اليونان لا تستطيع تحمل أكثر من ذلك, فهي تمر بمرحلة صعبة للغاية ولم يعد ينظر اليها كالجنة علي الأرض ونظرا للأزمة المالية فاليونان لا تستطيع في الوقت الحالي أن تقدم وتوفر للأجانب القادمين اليها العيش في كرامة, والأسوأ من ذلك أن هناك شبكات دولية تعمل في النشاط الإجرامي المنظم وتكتسب أموالا طائلة وسريعة لتهريب المهاجرين. *عادة ما نسمع عن ارتفاع نسبة الجريمة في اليونان من قبل الأجانب.. فهل تشتكون من جرائم من قبل المهاجرين الأجانب؟ *لا نستطيع أن نربط بين المهاجرين والجريمة, ولكن صحيح أن بعض المهاجرين غير الشرعيين من أجل البقاء في البلاد يصبحون ضحايا أو من مرتكبي الجرائم, ويتم استغلالهم من قبل شبكات إجرامية مختلفة, بما في ذلك الجريمة المنظمة, وفي كثير من الأحيان يعملون في تهريب المهاجرين والاتجار في البشر وغيرها من أشكال الجريمة المنظمة. * هناك العديد من اليونانيين يقيمون ويعملون في مصر.. وفي المقابل يوجد هنا أعداد كبيرة من العاملين المصريين.. ما تعليقكم؟ * إن الروابط بين البلدين وطيدة ولها جذورها التاريخية, فالجالية اليونانية في مصر هي أحد نسيج المجتمع المصري, ولها وجودها الواضح اقتصاديا وثقافيا, كما أن البطريركية اليونانية في مدينة الإسكندرية لها وجود طويل, وهنا يعيش ويعمل الكثير من اليونانيين في هدوء وطمأنينة. * أشرتم الي أنه لديكم استراتيجية محددة في مسألة منح حق اللجوء السياسي.. ما أهم بنود هذه الاستراتيجية؟. * كما ذكرت سابقا أنه تم إقرار قانون جديد في البرلمان, يعتبر إصلاحا رئيسيا في التعامل مع المهاجرين الأجانب, سوف ينطوي علي انشاء هيئة مستقلة للدراسة السريعة لطلبات اللجوء, وإدارة مستقلة لتشغيل مراكز الاستقبال واحتجاز المهاجرين غير الشرعيين, تتوافر فيها الشروط الإنسانية, وذلك للنظر في وضعية كل منهم علي حدة, وفي نفس القانون تم إقرار إطار شرعي بتنظيم العودة التطوعية للمهاجرين التي تسهم فيها الدولة اليونانية وتتحمل تكاليف السفر والترحيل الإلزامي لأولئك الذين لا يحق لهم التمتع بحق اللجوء السياسي ولايرحلون بهدوء وأشير إلي الجهود المبذولة لإصلاح نظام اللجوء, وتحسين ظروف الاستقبال الأولية, وإدخال إجراءات جديدة لتسجيل وإعادة المهاجرين, والتي تأتي ضمن سياسة حديثة وشاملة تقوم علي الاحترام الكامل لحقوق الإنسان. * بالرغم من أننا في عصر الكمبيوتر والتكنولوجيا الحديثة.. إلا أن هناك تعطيلا كبيرا في الحصول علي الاقامات قد يستمر الي عامين.. كيف تفسرون ذلك؟ *التأخير يرجع الي حتمية القيام بعمليات متابعة ومراقبة للعديد من الوثائق والمستندات المطلوبة للحصول علي تصريح إقامة, وهذا يتطلب وقتا طويلا, ولكن يتم باستمرار إدخال تحسينات في مراكز خدمة الأجانب, وأود الإشارة الي أن الإدارات المتخصصة عليها عبء كبير لأنها تتعامل فقط مع ملفات المهاجرين القانونيين. * وسط أثينا تحول في الفترة الأخيرة الي وكر للاجئين والباعة المتجولين والدعارة ومتعاطي المخدرات والمتشردين.. ما تعليقكم؟ *حقيقة, وسط أثينا يواجه مشكلة معقدة, وفي الوقت الحالي هناك تعاون وجهود مشتركة بين الوزارات المعنية لحل هذه المشكلة, ونحن مصممون علي عدم السماح للتشكيك في حق المواطنين اليونانيين المقيمين في وسط المدينة, علينا ضمان حق كل مواطن في الأمن والسلامة وتحسين نوعية الحياة وسوف نفعل ذلك بشكل حاسم ولكن الحقيقة أنه بدون مراكز استقبال واحتجاز للمهاجرين غير الشرعيين استعدادا لترحيلهم. * هل لديكم أي مخاوف أمنية من تنامي الجالية المسلمة في اليونان؟. *في بلدنا لم يتم تسجيل ظاهرة تطرف من الجاليات المسلمة أو الدوائر ذات الصلة, ومن الخطأ القول بأن المسلمين يشكلون بؤر التطرف في اليونان, كل من يدعي ذلك لا يعرف ماذا يعني التطرف, وحتي الآن لم يتم الكشف عن أي ظواهر تطرفية أو غير مستقيمة في صفوف الجالية المسلمة في اليونان. * اليونان مثلما مثل مصر تتعرض بين الحين والآخر لهجمات إرهابية.. فهل هناك تعاون أمني بين الجانبين لمواجهة ذلك؟. *التحديات التي يواجهها المجتمع الدولي تأتي في وقت يعاني منه العالم ككل من التغيير الكبير, فهناك زيادة مستمرة في الاضطرابات الاجتماعية في العالم, حيث يحتاج الناس للأمن, ولذلك لابد من التعاون الدولي, لأنه ضروري للغاية ولاسيما بين اليونان ومصر, واللتين يجمعهما تاريخ عميق وعلاقات وطيدة كما ذكرت قبل ذلك, وهناك أيضا تعاون في جميع المجالات والقطاعات المختلفة. واختتم الوزير اليوناني حديثه بتوجيه رسالة عبر الأهرام, وقال إن اليونان بلد مضيافه وشعبه شعب يتمتع بالصفات الكريمة وحسن استقبال الزوار, ولكن الشعب اليوناني حاليا يحاول الخروج من الأزمة المالية التي واجهت البلاد في الفترة الأخيرة, وفي الوقت الذي لا توجد فيه فرص عمل لليونانيين أنفسهم وارتفاع نسب البطالة, فلا يمكن أن نوفر فرص عمل للمهاجرين الأجانب القادمين, وفي نفس الوقت لا نستطيع تركهم للتوجه الي دول أوروبية أخري وفقا لميثاق الاتحاد الأوروبي, ولذا علي الراغبين في الهجرة غير الشرعية أن يتفهموا أن اليونان لم تعد مثل السابق في تحقيق الأحلام والحياة الجيدة.. فالظروف صعبة للغاية.