يا حكامنا الأفاضل الشعب كله - تحرير وعباسية - اختار طريق الحياة بكرامة بعد طول ذل وامتهان ودهس وسحق.. وهو طريق اتجاه واحد لذلك هو عنق زجاجة.. لقطات ومشاهد التدافع الحماسي للشعب كله علي طوابير الانتخابات ، وسط حراسة أفراد الجيش والشرطة وخدمات الشباب ، هي في جوهرها إعلانات مضيئة منه بالإصرار علي اقتحام طريق الحياة بكرامة.. إعلانات صريحة وصارخة بأن الشعب قرر انتزاع حريته وكرامته.. لكن أشك أن الرسالة وصلت للمتصارعين بوحشية علي كرسي الحكم وكراسي البرلمان!!.. وأري ان ما أطلقوا عليه عرس الديمقراطية هو فخ جديد، وهو مظهر احتفالي أجوف، جاذب لأضواء الإعلام وحناجرهم لمدح الحاكم .. وهو استمرار لتغييب جموع الشعب الطيب، فنحن مازلنا في بداية الثورة.. مازلنا نعتل لإحراز التغيير ، والأدلة والشواهد كثيرة.. ابتداء من اختيار الأسلوب البدائي العقيم في إجراء الانتخابات بطوابير الشوارع.. والصناديق ومخاطرها ومهازلها، والتي ضاع منها 29 صندوقا ، تحوي آلاف الأصوات في دايرة واحدة في أول مرحلة، ولم نسمع خبرا عن إعادة الانتخاب في هذه الدائرة فهل ضاعت أصوات الناخبين!.. وهل تعتبر النتيجة المعلنة صحيحة.. وماهي نتيجة التحقيق في هذه الواقعة، ووقائع أخري مثبتة مثل العثور علي استمارات ناخبين ملقاة في الشوارع في المرج وإسكندرية والفيوم.. وإذا كان أحد أهداف هذه الجرائم هو إحباط الناخبين من جدوي الوقوف ساعات في الطوابير لانتخاب من اختاروه، لأنهم لن ينجحوا.. فالشعب مصمم علي اجتياز التجربة للنهاية.. وعلي اختيار مرشحيه بإصرار.. لذلك سننزل جميعا في الإعادة بنفس العزم والإصرار.. لأن المجلس النيابي القوي هو أول أطواق النجاة، وأول خطوة في ممارسة الديمقراطية.. وفي انتزاع حق الحياة بكرامة. لكني لا أجد عذرا للجنة العليا للانتخابات في اختيارها نفس طريقة فرز الأصوات، وتحليل النتائج بالعد اليدوي، مع أن الكمبيوتر دخل المدارس من عشر سنين، وكل كشك سجاير وغرفة بواب بها جهاز كمبيوتر!.. أما نوم أعضاء اللجان علي الأرض من شدة الإجهاد، وتهديدهم بوقف العمل إذا تم تخفيض أجرهم.. فهو مشهد مخز يجب ألا يتكرر في المراحل القادمة.. علي الأقل حتي لا تتضاعف حسرتهم علي أيام العز والبغددة في أحضان الحزب الوطني أيام الانتخابات المريحة، حيث لا ناخبين ولا جوع ولا عطش.. ثلاث وجبات وبوفيه مشروبات مفتوح، والنوم علي سرايرهم في نفس الليلة. وأتساءل هل يكفي اعتذار اللواء منصور العيسوي عما حدث مساء في ميدان التحرير في أول أيام الانتخابات .. المتحدث الرسمي لوزارة الصحة أعلن أن 801 أشخاص أصيبوا في ساعة واحدة بالرصاص والخرطوش والمولوتوف وزجاجات المياه الساخنة والحجارة، منهم 88 معتصما.. وأن الإصابات تنوعت من حروق إلي كسور إلي رصاص نافذ في ظل غياب كامل للشرطة والجيش.. مع أنهم نجحوا في تأمين الملايين أمام وداخل لجان الانتخابات.. وهل نقبل تعليل وزير الداخلية بأن ماحدث بدأ بمشاجرة الباعة الجائلين مع الثوار.. وإن كان، فهل الباعة هم من خطفوا المعتصمين الذين اختفوا!!.. وهل يصدق عاقل أن المتظاهرين والمعتصمين يمكن أن يتعاطوا المخدرات، أو يختلوا بفتيات الليل داخل الخيام.. متي تحترمون عقولنا علي الأقل!.. ومتي تقتنعون أن الشعب المصري ثار ولن يعود للخلف.. وأحذركم.. دماء الشهداء لن تبرد أبدا.. وستطاردكم.. وستظل هي الوقود لقلوب الثوار. يا حكامنا الأفاضل الشعب كله - تحرير وعباسية - اختار طريق الحياة بكرامة بعد طول ذل وامتهان ودهس وسحق.. وهو طريق اتجاه واحد لذلك هو عنق زجاجة.. وهو الطريق الوحيد والأقصر لبلوغ ضياء جنة الحرية وحدائقها.. لكنه طريق صحراوي وعر.. ضيق وملتو ، تكمن في مخابئه ذئاب نظام فاسد تعوي لإرهابنا وتحيا علي الخطف والنهش.. ومطاريد لهم ملفات أمنية.. طريق خلاص مسدود بأسلاك شائكة حدثوها بصواعق مكهربة، ولغموها بتجار الدين المحترفين اصطياد جموع الجهلة والطيبين البسطاء، وضعاف النفوس من عشاق ملذات السلطة وصائدي خيراتها، طريق مكدس بالمتحولين، والمتطبعين.. طريق زرعوه بقناصة للعيون والأرواح الطاهرة الرافضة للتغابي.. قناصة مصريين مرتباتهم من لحمنا الحي.. اليوم الشعب كله اقتحم الطريق بجسارة يتسابق للتضحية لأنه قرر الحياة بكرامة، ويتضاعف إصراره علي الوصول للهدف كلما ارتفع عدد الشهداء والضحايا، وانكشفت النوايا وانفضحت الأساليب لكن الحكام لا يفهمون .. سننتزع الحياة التي عشنا موعودين بها في الأغاني، وخطب الصبر والتوكل علي الله في المساجد والكنائس، لن نسمح بتسويد عيشة أولادنا بالخوف من غد، ملامحه إما مجهولة أو مرعبة.. ولن ننقسم فرقا تتطاحن ويسوقنا متأسلمون سياسيون انتهازيون إلي جحور الجهل والتخلف .. سنخرج من عنق الزجاجة لأننا تغيّرنا، فانتبهوا.