هل من حقنا الغضب وتوجيه سهام النقد والهجوم العنيف علي الحكومة الكويتية بسبب سلوكها الهمجي الظالم والمهين تجاه مواطنين مصريين محترمين ومسالمين لم يقترفوا أي مخالفة أو جريمة سوي أنهم تداعوا لاجتماع بريء يناقشون ويبحثون فيه شأن الحرية الغائبة في وطنهم الأصلي، فعوقبوا بالاعتقال وقطع الأرزاق والترحيل القسري الفوري (بعد أقل من 24 ساعة) كما لا يحدث حتي مع اللصوص وعتاة المجرمين، ودون أدني اعتبار لأعراف وقوانين والتزامات حقوقية إنسانية ثابتة ومستقرة صارت تقيد تصرفات حكومات الدول المتحضرة؟! بدأت بهذا السؤال عن حق وحقيقة بديهية لأن هناك حقيقة أخري موازية لا يستطيع أي منصف تجاهلها، وهي أن المواطن المصري يتعرض في مصر نفسها وعلي يد حكامنا وسلطات بلدنا (وللأسباب عينها، بل دون أي سبب أحيانا) إلي قمع وحشي وهمجية أشد انحطاطا وأكثر خسة مما فعلته حكومة الكويت الشقيق، ولعله يكفي لنخجل ونتردد في توجيه طاقة الغضب المشروع إلي السلطات الكويتية أن نتذكر أننا مازلنا نشكو ونتحدث بأسي في تفاصيل جرائم وأفعال مشينة ارتكبتها قبل أيام قليلة عصابات الصيَّع والبلطجية التي استعانت بها حكومتنا من أجل سحق وإجهاض محاولة شبان وشابات في عمر الزهور تنظيم مظاهرة سلمية ترفع شعارات الإصلاح الديمقراطي الشامل باعتباره الطريق الوحيد الآمن للنهوض والخلاص من تحالف الديكتاتورية والحرامية الذين أهانونا وأخرونا وجوعونا وخربوا بيوتنا وحولوا وطننا إلي مزبلة. ومع ذلك لا أظن أن من الإنصاف والعدل في شيء أن تستفيد حكومة الكويت من إخلاصها الشديد لشروط ومؤهلات العضوية في نادي «النظم القمعية» المغلق حاليا (تقريبا) علي الحكام العرب المزمنين الراقدين علي أنفاس شعوب أغلب أقطار الأمة، كما أنه ليس منطقيا ولا أخلاقيا ترك سلطات هذه الحكومة المذكورة تنجو وتفلت بفعلتها غير المبررة وعدوانها الفظ الغليظ علي حقوق وكرامة مواطنين مصريين أبرياء دون استنكار وإدانة (بل وملاحقة قضائية محلية أو دولية) بحجة وذريعة أن الشعب المصري صمد وسكت وأطال حبال الصبر لحكامه الظالمين أكثر من اللازم (فعلا) حتي بدا وكأنه أدمن وتعود في وطنه علي مكابدة عيشة سوداء وتفاصيل حياة يومية كئيبة يظللها القهر والذل والبؤس وقلة القيمة، ومن ثم فلا لوم ولا عتب علي حكومات أقطار شقيقة (أو عدوة) إذا هي عاملته أحيانا بشيء من القسوة والإجرام الذي تعامله به حكومته كل يوم. أقول قولي هذا لحضراتكم، وأنا مُقر ومُعترف أمام نفسي وأمام المولي تعالي بأنني لو كنت مكان الحكومة الكويتية وأتمتع بما تتمع به جنابها من جرأة علي مجافاة الحق والعدال والاستخفاف بحقوق الناس وكراماتهم لقلت بغير وجل ولا خجل لكل مصري يغضب ويحتج ويرفع صوته بإدانة فعلتها: حسنا، مادامت أدمغتكم ساخنة هكذا.. ودماؤكم حارة وفائرة وبتغلي علي هذا النحو.. طيب ما تورونا شطارتكم كده، وتقولوا لنا ماذا أنتم فاعلون إن شاء الله مع الصيَّع اللذين سحلوا شبابكم في الشوارع وهتكوا أعراض بناتكم علنا في ميدان التحرير؟!!