الأحداث السريعة والمتلاحقة التي تشهدها مصر حاليا تدعو إلي القلق الشديد، فتصاعد حدة التظاهرات والاحتجاجات في مختلف المحافظات، يؤكد أنه بعد مرور نحو 01 شهور علي ثورة 52 يناير، لم تحقق الثورة أهدافها في التغيير وتحقيق العدالة الاجتماعية.. خاصة مع استمرار تدهور الحالة الأمنية، وانعكاس ذلك علي الأداء الاقتصادي، الذي شهد تراجعا حادا في معدلات النمو، وانخفاضاً في إيرادات الموارد الرئيسية خاصة الصادرات والسياحة، فضلا عن تزايد حجم الدين العام الداخلي وتراجع الاحتياطي النقدي بالبنك المركزي.. وما تشهده مصر حاليا من أزمة خطيرة يستدعي ضرورة تقديم المصالح العليا للوطن قبل أي اعتبار آخر، فهذا ليس وقت المكاسب والمغانم، ولكن وقت العطاء لينهض الوطن من كبوته.. وإذا كان هناك إجماع من الرأي العام في الداخل والخارج علي أن ماشهدته مصر منذ 52 يناير وحتي الآن هو ثورة عظيمة أبهرت العالم، وأن الشعب المصري كسر حاجز الخوف، ولا يقبل إلا باستمرار هذه الثورة وانطلاقها لتحقيق أهدافها، في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، فإن علي القوي السياسية بمختلف أطيافها وانتماءاتها، أن تنحي جانبا خلافاتها ومصالحها الضيقة، وتضع نصب أعينها دائما المصالح العليا للوطن، فمصر دولة كبيرة ومحورية، واستقرارها وأمنها محور استقرار المنطقة العربية بأكملها، التي تعد أهم المناطق الاستراتيجية في العالم.. وإذا كان هناك إجماع من القوي السياسية علي ضرورة تشكيل حكومة إنقاذ وطني لعبور المرحلة الانتقالية، نأمل أن تقوم الحكومة التي يرأسها الدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء المكلف، وبما يتوافر لها من كافة الصلاحيات بإنجاز متطلبات المرحلة الانتقالية الحالية، باستعادة الأمن والاستقرار، ودوران عجلة الإنتاج بكامل طاقتها، وتحفيز النشاط الاقتصادي، لبناء دولة مدنية عصرية قوية، قادرة علي تحقيق تطلعات الشعب المصري في حياة كريمة وتحقيق أهداف الثورة في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.