اليابان: لا نعتزم الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الوقت الراهن    وزير الرياضة يهنئ هانيا الحمامي ومصطفى عسل على التتويج ببطولة مصر المفتوحة للإسكواش    الأرصاد تكشف تفاصيل طقس ال6 أيام المقبلة من السبت 20 حتى الخميس 25 سبتمبر 2025    واقعة سرقة متحف التحرير.. أمين الأعلى للآثار الأسبق: إزاي مفيش كاميرات في المخازن؟!    العالم يترقب ظاهرة فلكية نادرة غدًا: السماء هتظلم 4 ساعات    بإطلالة جريئة.. رانيا يوسف تثير الجدل في أحدث ظهور.. شاهد    أسعار الحديد في السوق اليوم السبت 20 سبتمبر 2025    جرس الحصة ضرب.. انتظام الطلاب في فصولهم بأول أيام العام الدراسي    الأمين العام للأمم المتحدة: "على العالم ألا يخاف من إسرائيل"    البرلمان العربي يرحب بتقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة بشأن الإبادة الجماعية في قطاع غزة    تعرف على تطور العلاقات المصرية السنغافورية تزامنا مع مباحثات القاهرة    مرتدين الزي الأزهري.. انطلاق العام الدراسي الجديد في المعاهد الأزهرية بسوهاج    مباريات اليوم.. صلاح أمام إيفرتون وقمة مشتعلة في الدوري الإنجليزي    الدوري الإنجليزي.. موعد مباراة ليفربول وإيفرتون والقناة الناقلة بديربي الميرسيسايد    طارق يحيى: الخطيب سافر لأداء مناسك العمرة.. وحسم ترشحه عقب العودة    جمال عبد الحميد: الزمالك يتصدر الدوري رغم الأزمات.. ولاعبوه «جعانين كورة»    أحمد حسن يكشف موعد ومكان إقامة بطولة السوبر المصري    سعر الدولار اليوم السبت 20 سبتمبر 2025.. بكام النهاردة ؟    أسعار الدواجن والبيض اليوم السبت 20 سبتمبر 2025    ارتفاع أسعار الأدوات المدرسية في المنيا لعام 2025 (تعرف علي الأسعار)    وصول المتهم فى قضية طفل دمنهور لمقر المحكمة بإيتاى البارود    الداخلية تبدأ تطبيق خطة تأمين سير العملية التعليمية مع انطلاق العام الدراسي    وليد جمال الدين: اقتصادية قناة السويس جذبت استثمارات بمليار و55 مليون دولار    داليا مصطفى: لا أشجع على تعدد الزوجات وعمرى ما تمنيت أكون راجل    أحمد السقا يفوز بجائزة أفضل ممثل سينما عن فيلم أحمد وأحمد من دير جيست    كيف يقضي المسلم ما فاته من الصلاة؟.. أمين الفتوى يوضح خطوات التوبة وأداء الصلوات الفائتة    عادة شائعة قد تضر بصحتك.. مخاطر ترك الماء مكشوفًا بجانب السرير أثناء النوم    اليوم، انطلاق الدراسة في 3 إدارات تعليمية بشمال سيناء    أشرف زكي يساند عيد أبو الحمد بعد أزمته الصحية ورسالة استغاثة تُحرّك الوسط الفني    «دست الأشراف» دون صرف صحى.. ورئيس الشركة بالبحيرة: «ضمن خطة القرى المحرومة»    دعاء كسوف الشمس اليوم مكتوب كامل    كارول سماحة تتصدر الترند وتكشف أسرار أيامها الصعبة بعد رحيل زوجها وليد مصطفى    «تريزيجيه تخلى عن الأنانية».. محمود الدهب يعلق على فوز الأهلي ضد سيراميكا    سعر الدولار الأمريكي اليوم السبت 20-9-2025 أمام بقية العملات الأجنبية عالميًا    ترامب: الرئيس الصيني وافق على صفقة «تيك توك».. ولقاء مرتقب في كوريا    حبس تشكيل عصابي تخصص في سرقة السيارات بمنشأة ناصر    ترامب: القوات الأمريكية استهدفت سفينة تهريب مخدرات بالمياه الدولية    سيناتور أمريكى يقدم أول مشروع قرار بمجلس الشيوخ للاعتراف بدولة فلسطينية    محمد الشيخ.. اعتزل الكرة مبكرًا ويصنع المجد مع وادي دجلة    محمود محيي الدين: مستقبل الدولار يواجه تحديات.. والذهب يعود بقوة(فيديو)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 20-9-2025 في محافظة قنا    أسعار اللحوم في أسيوط اليوم السبت    الشيباني يرفع العلم السوري على سفارة دمشق لدى واشنطن    كارول سماحة عن انتقادات إحيائها حفلات بعد وفاة زوجها: كل شخص يعيش حزنه بطريقته    ترامب يعلق على انتهاك مزعوم لمجال إستونيا الجوى من قبل مقاتلات روسية    مدارس دمياط في أبهى صورها.. استعدادات شاملة لاستقبال العام الدراسي الجديد    ليلة كاملة العدد في حب منير مراد ب دار الأوبرا المصرية (صور وتفاصيل)    استشارية اجتماعية: الرجل بفطرته الفسيولوجية يميل إلى التعدد    محافظ الأقصر يسلم شهادات لسيدات الدفعة الثالثة من برنامج "المرأة تقود".. صور    ديتوكس كامل للجسم، 6 طرق للتخلص من السموم    هل تهدد حرارة البخار والسونا خصوبة الرجال؟    محمود محيي الدين: الذهب يتفوق على الدولار فى احتياطات البنوك المركزية لأول مرة    ضبط 6240 عبوة مواد غذائية ونصف طن زيوت سيارات مجهولة المصدر    طارق فهمي: المجتمع الإسرائيلي يراقب التطورات المصرية بقلق (فيديو)    لماذا عاقبت الجنح "مروة بنت مبارك" المزعومة في قضية سب وفاء عامر؟ |حيثيات    موعد صلاة الفجر ليوم السبت.. ومن صالح الدعاء بعد ختم الصلاة    مدينة تعلن الاستنفار ضد «الأميبا آكلة الدماغ».. أعراض وأسباب مرض مميت يصيب ضحاياه من المياه العذبة    «أقوى من كورونا».. استشاري مناعة يوجه تحذيرا عاجلا للمواطنين مع بداية العام الدراسي (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سمات جديدة لثورتي مصر وتونس
نشر في الأهالي يوم 05 - 08 - 2011

لقد اتسم موقف الحكومات العربية من ثورة 25 يناير المصرية بالحذر والخوف علي عروشهم وامتداد الثورة إلي اراضيهم، وقد انتقلت شرارة الثورة بالفعل إلي العديد من الدول العربية بسبب اكتمال شروطها وأسبابها من قهر سلطوي وفقر وإفقار للجموع العريضة من الشعوب العربية وتركة متجذرة من
الموروثات السلفية الدينية والسياسية وركود طويل المدي من تهميش للإرادات والعقول العربية هذا الركود الذي خلق الاستكانة والتراجع لدي الجماهير العربية واكتفائها بالحصول علي الحد الأدني من احتياجاتها البيولوجية واستغنائهم عن سائر المتطلبات الضرورية للحفاظ علي حقوقها في الكرامة الإنسانية والمشاركة في صنع مصائرها.
وقد فاجأتهم الثورات في مصر وتونس التي اشعلها الشباب وانضمت إليها الجموع الحاشدة من المقهورين والمهمشين ولكن لا تزال تركة الموروثات من الفساد والمفسدين قائمة وفاعلة وتحاول باستماتة إعادة عقارب الساعة إلي الخلف. وتشير الخبرة التاريخية إلي صعوبة بل استحالة تنازل المستبدين والفاسدين من الحكام وأصحاب المصالح غير المشروطة عن الامتيازات الذين يناضلون من أجل استعادة حقوقهم المشروعة، أنهم يملكون الحق ولكنهم لا يملكون أدواته فيما يتسلح المعسكر المعادل بكل أدوات القوة الاقتصادية والأمنية علاوة علي الخبرات الشريرة التي اكتسبوها طيلة فترات من التسلط والنفوذ.
إن الثورات قد تحدثت بصورة مفاجئة ولكن صنع المستقبل لا يمكن أن يتم بطريقة الانفجار بل لابد من فترة انتقالية لإعادة ترتيب الأوضاع في إطار النموذج التغييري. وبصورة تلبي تطلعات واحتياجات الجموع العريضة من المشتاقين للتغيير.
فزع وخوف
وثورة 25 يناير لاتزال تحبو في ظل مناخ يشوبه الفرح الجماهيري بكسر حاجز الخوف والرغبة العارمة في المشاركة ولكن لايزال الفرح الثوري محاصرا بتركة ثقيلة من الصعوبات والمعوقات الكامنة والسافرة والتي تحتاج إلي جولات ثورية متواصلة لإزالة هذه المعوقات وتطهير الجموع العريضة من تراث الخضوع والاستضاعف والاستذلال وانعدام الثقة بالنفس لدي الملايين الذين أهدرت آدميتهم خلال ثلاثين عاما وأكثر.
وإذا كانت النخب السياسية والثقافية تنشغل بقضايا الإصلاح والتغيير السياسي باعتبارها مفتاح التغيير الشامل فإن الجماهير تنشغل بقضايا أخري تتصدر أجندة همومها اليومية وتتمثل في ضرورة اشباع احتياجاتها الحياتية الضرورية أولا والتي تعد في نظرها شرطا مسبقا لتحقيق كرامتها الإنسانية ومدخلا انسانيا لمشاركتها في إدارة شئون الوطن.
وفي إطار الصخب الذي تمارسه النخب السياسية تتواري هموم وقضايا الجموع الشعبية وتواصل النخب السياسية دورها في إعلاء صوت القضايا السياسية مثل الانتخابات والاستفتاء علي حساب القضايا الاجتماعية والثقافية. ولا تنتبه إلي دورها الغائب والذي يتطلب ضرورة التحام هذه النخب بالجماهير وتوعيتها وتنظيمها والاستجابة لتطلعاتها المشروعة في الحصول علي حقوقها في الصحة والتعليم والعمل والسكن والمشاركة المجتمعية. وفي ظل غياب النخبة عن الجماهير يحدث الانفصال بين هذه النخب التي تؤمن بالأفكار الثورية وقواعد الجماهيرية المسكونة بتركة الموروثات المعوقة للتغيير الثوري.
المهام الأصعب
وإذا كانت المهمة الأولي للحركات الثورية تتمثل في القضاء علي استبداد النظام السياسي الفاسد والمتسلط، فإن المهام الأصعب والأجدر بالاهتمام تتمثل في ضرورة الاهتمام بإزالة تركة الموروثات التي تتحكم في فكر وسلوك الجماهير بمختلف شرائحها في المدن والريف والتي قد تتناقض في معظم مفرداتها مع منظومة الأهداف النبيلة للثورة. فالثورات كما قال بحق بونابرت يخطط لها الأذكياء ويصنعها النبلاء ويجني ثمارها الانتهازيون.
والسؤال المطروح كيف نحافظ علي ثورتنا من مؤامرات وألاعيب الانتهازيين الذين تتكاثر أعدادهم في ركاب الثورات يضللون ويراوغون ويلتفون حول أهداف التغيير الثوري بكل السبل والخبرات الشريرة التي اكتسبوها خلال حقبة الاستبداد أنهم يسعون بدأب لتفتيت الأهداف الثورية يفرغونها من محتواها ويقفزون علي جهودها سعيا للإبقاء علي امتيازاتهم ومصالحهم غير المشروعة.
هذا هو التحدي الأول الذي يواجه الثورات العربية وفي صدارتها ثورتا مصر وتونس. أما التحدي الثاني فهو يتعلق بقضية الديمقراطية ، فالثورة الديمقراطية التي اشعل شرارتها الشباب ثم انضمت إليها جميع فصائل الشعب المصري، كشفت حقيقة غابت عن أذهان السياسيين والمفكرين الذين تنبأوا أن الثورة القادمة ستكون ثورة جياع أي أن الخبز هو الذي سترجح كفته في معادلة الثورة، ولكن جاءت ثورة 25 يناير المصرية وثورة تونس كي تثبتا أن الحرية والكرامة كانتا لهما الأولوية وتصدرت شعارات الثوار فيما توارت شعارات العوز الاقتصادي وهموم المفقرين والجياع.
نموذج ديمقراطي
وفي ضوء تجذر غياب الديمقراطية في الأبنية السياسية والاجتماعية والثقافية بدءا بالأسرة العربية ثم المدرسة والجامعات والممارسات الدينية في المساجد والكنآئس ومنظمات المجتمع المدني (الجمعيات الأهلية والنوادي) والمؤسسات التشريعية والإعلامية والثقافية في ضوء كل ذلك يبرز السؤال التالي:
كيف نتمكن من بناء نموذج ديمقراطي ينبثق من فهمنا ودراستنا العميقة للتاريخ السياسي العربي مع مراعاة الاستفادة من فهم التراث العالمي وتطبيقاته الغربية وممارساته في سائر الدول النامية التي حاولت تطبيق النموذح الغربي وفشلت أغلب هذه الدول ما عدا الهند وماليزيا والبرازيل وتركيا؟!
وكيف نتعلم من الخبرات الفاشلة التي اعتمدت علي استيراد النموذج الغربي وحاولت تطبيقه دون وعي واستيعاب حقيقي لتاريخ أوطانها ودون إدراك للاحتياجات الفعلية لشعوبها؟ إذ لا يمكن إغفال هذا العنصر الأساسي والحاسم كما لا يمكن في ذات الوقت تهميش تجارب الشعوب الأخري إذ أن الاستعانة فقط بما حققته الدول الغربية في المجال الديمقراطي قد أسفر عن اخفاقات عديدة أولها تكريس التبعية السياسية للغرب وتعميق استمرار الاستبداد السلطوي للحكام واتساع مساحة الفقر والإفقار. إننا في حاجة إلي إعادة قراءة الظاهرة الديمقراطية وتاريخها في العالم العربي ومحاولة تفسير تداعياتها وتأثيرها في الثورات الجديدة التي قام بها الشباب كطليعة وانضم إليها جموع المهمشين والمفقرين من عامة الشعب لقد أرست هذه الثورات إطارا جديدا غير متوقع لدي جميع الساسة والمفكرين العرب والأجانب، هذا الإطار الديمقراطي الذي استحدثته ثورتا تونس ومصر وافرزتا واقعا جديدا لا يزال في طور النشأة والتجدد والتطور يحتاج هذا الإطار إلي التعمق في فهم دوافعه ومعطياته ونتائجه وتداعياته.
وإذا كان هذا الإطار قد حقق الهدف المحوري للثورتين والذي يتمثل في إزاحة نظم استبدادية فاسدة وتابعة للغرب فإن هذه هي الخطوة الأولي التي ستتلوها خطوات تتمحور حول تحقيق المواطنة العربية التي تشمل المشاركة في صنع القرارات الوطنية وعدالة توزيع الثروات الوطنية مما يتيح إطلاق الطاقات الشعبية التي قمعت وهمشت علي مدي عدة عقود فهل يمكن أن يبادر المثقفون الثوريون والمفكرون والسياسيون الراديكاليون في العالم العربي بالسعي إلي دراسة وفهم واستخلاص السمات والملامح التي تميزت بها الثورات الجديدة ومحاولة البناء عليها وتعميقها وتطوير آلياتها بدلا من الاستمرار في المقارنة بين النماذج الثورية الجديدة وبين النماذج الغربية التي جلبت للشعوب العربية المزيد من التبعية السياسية والافقار الاقتصادي والهوان الفكري وإهدار السيادة الوطنية.
أزمة قيادة
أما التحدي الثالث الذي يواجه ثوراتنا العربية فهو يتجسد في أزمة القيادات الحالية التي تتصدر المشهد الثوري.
ففي ضوء ما قيل عن سيادة القانون وتحت مظلته ارتكبت جرائم نهب المال العام واغتصاب أراضي الوطن ونقل ملكيتها لأباطرة السوق والسلطة وفي ظل سيادة القانون تمت ازاحة جموع البسطاء والشرفاء كي يشغلوا مواقع المتفرجين وكي ينعزلوا في العشوائيات السكنية والوظيفية والسياسية وبقيت القيادات التنفيذية التي أهدرت روح القانون وجوهر العدل الذي وضع من أجله هذا القانون هذه القيادات التي تربت في مناخ يسوده الفساد المالي والإداري والتضليل الإعلامي والتزييف السياسي كيف نطمئن إلي أنها قادرة علي إقرار العدل القانوني والمجمعي وتفعيل الممارسة الديمقراطية داخل المؤسسات التنفيذية والتشريعية والتعليمية والثقافية؟
وهل تستطيع هذه النخب أن تتحول إلي كوادر ديمقراطية تؤمن بحقوق الغالبية العظمي من شركاء الوطن في المشاركة واقتسام المغانم والمغارم؟
أن الثورة لاتزال في أولي خطواتها وأمامها جولات عديدة قادمة لتحرير روح الوطن وإعداد اجيال جديدة لم تتلوث بعد بالفيروس المدمر لروح الإنسان وأعني به الجشع والأنانية والتمركز حول المصالح الشخصية الضيقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.