اعتدنا أن تطالعنا الصحف ومواقع الأخبار يوميًا بما تتمتع به مستشفيات مصر ووحداتها الصحية ومراكزها الطبية من إهمال وعدم رعاية وفساد في بعض الأحيان، لكن الأمر هنا متغير تمامًا فبعد توجهنا لمحافظة بورسعيد كونها أول محافظة سيُطبق بها قانون التأمين الصحي الشامل، اختلف الأمر كثيرًا لدينا وتملكنا يقين أن هذا القانون الذي سعي من أجله الرئيس عبدالفتاح السيسي بمعاونة رئيس مجلس الوزراء شريف إسماعيل ووزير الصحة الدكتور أحمد عماد، يحمل في طياته الخير لمصر، وسيُعيد لها ريادتها في المجال الطبي كما كانت منذ أكثر من خمسين عاما. المراكز الطبية المتخصصة في مصر تُعدُّ من أبرز نقاط الضوء في المجال الطبي المصري والعالمي أيضًا، فمصر متفردة بأكبر المراكز التخصصية عالميًا وأبرزها مركز أمراض الكلي والمسالك بجامعة المنصورة، الذي يُعدُّ أول وأكبر مركز طبي وعلمي متخصص في علاج أمراض الكلي وجراحة المسالك البوليه وجراحات نقل الكلي في الشرق الأوسط، ويعود إنشاء هذا الصرح الطبي العالمي لجهود الدكتور محمد غنيم المدير الأسبق للمركز، بمعاونة أساتذة قسم جراحة المسالك البولية بكلية طب المنصورة في عام 1977. . والرسالة التي كان وظل الدكتور غنيم مؤسس المركز يحملها هو تقديم مثال يحتذي به في التميُّز لمؤسسات الرعاية الصحية الحكومية وغير الهادفة للربح عن طريق تقديم الخدمات الصحية عالية الجودة والتعليم والبحث العلمي الأخلاقي في مجال أمراض الكلي وجراحة المسالك البولية، والحلم الذي ظل يراوده إلي الآن تعميم التخصصية في جميع مجالات الطب كما هو معروف عالميًا ليصبح هناك مراكز طبية متخصصة تعالج بالمجان في جميع التخصصات مثل جراحات القلب، الأوعية الدموية، المخ والأعصاب، الأورام، النساء، الأطفال. مركز تخصصي وتضم الأمانة العامة للمراكز الطبية المتخصصة بعض مراكز السياحة العلاجية والتابعة لأمانة المراكز الطبية المتخصصة وتتمتع بتوافر تجهيزات طبية متميزة وكوادر بشرية ذات كفاءة عالية لخدمة مرضي السياحة العلاجية في مصر حيث شاركت معظم هذه المراكز ضمن فعاليات مؤتمر مصر والسياحة العلاجية بشرم الشيخ وأبرزها مستشفي الأقصر الدولي، مستشفي الشيخ زايد التخصصي، مستشفي شرم الشيخ الدولي، ونساء بورسعيد، وأورام أسوان، ومعهد ناصر للبحوث والعلاج، والزيتون التخصصي، ودار الشفاء. مركز نساء بورسعيد التخصصي أصبح هو الآخر يحاكي مراكز النساء والتوليد الموجودة في دول العالم، لما يحويه من معدات طبية وتجهيزات علي أعلي قدر من الكفاءة والجودة، فضل القائمون عليه أن تكون تبعيته للأمانة التابعة لوزارة الصحة، ويضم المركز عددا من الكوادر البشرية، وبه 7 نواب نساء، و8 إخصائيين ومساعدي إخصائيين وطاقم التمريض والعمال والأمن، وجميعهم نساء، وتم توقيع بروتوكول مع جامعة بورسعيد بأن يتم انتداب 3 أساتذة من الجامعة للعمل بالمركز 3 أيام أسبوعيًا في حالات الولادة والعمليات والعيادات الخارجية أيضًا. جولة استكشافية اصطحبنا الدكتور رائد أحمد حسين، مدير مركز نساء بورسعيد التخصصي، ومعه عدد من الأطباء والممرضين والعاملين بالمستشفي لأخذ جولة تعريفية بما تم خلال فترة التحضير منذ أن تم افتتاحه تدريبيًا في شهر يناير 2017، إلي الافتتاح الرئاسي الرسمي في مايو 2017، وتم تأسيس المركز علي مساحة 1748 م2 بتكلفة 100 مليون جنيه، ويتكون المركز من 4 أدوار وبه 3 مصاعد إلكترونية بمساحة كافية للتخفيف علي المرضي، الدور الأول به قسم الاستقبال والطوارئ ومتاح للجميع بالمجان 24 ساعة، وبه غرفة كبيرة للكشف المبدئي علي الحالات فور وصولها، والغرفة مكونة من 5 أسرة ومزود بجوار كل سرير جهاز سونار للاطمئنان علي حالة المريضة والجنين، وكذلك أجهزة لقياس النبضات والضغط أيضًا، وهناك غرفة مكونة من سرير واحد "cb4" وهي غرفة الإنعاش القلبي والرئوي ومزودة بأحدث الأجهزة التي تسعف حالات التشنجات الرئوية والحوامل المصابين بأمراض القلب المزمنة. العمليات والعزل الطاقة الاستيعابية للمكان هي 44 سريرا داخليا وعدد 2 سرير "عزل" وذلك يتم استخدامه في بعض حالات الولادة الحرجة التي تحمل فيها الأم ميكروبًا أو فيروسًا قابلا للعدوي، وتسمي تلك الغرفة بالعزل وهي معزولة بالفعل عن جميع الغرف ولا يدخلها إلا طاقم محدد وفي حالات محددة للغاية، ويوجد 9 أسرة للعناية المركزة الجراحية ويتم إدخال بعض الحالات فيها التي تتطلب متابعة بعد العملية، ويتم استخدامها في حالات النزيف الداخلي أو سرطان عنق الرحم أو استئصال الرحم، فضلاً عن وجود 2 ماكينة للغسيل الكلوي في حالات الإصابة بالفشل الكلوي أثناء الحمل. ويوجد عناية مركزة حرجة واحدة ويتم استخدامها في حالات شديدة الخطورة، والدور الثاني به قسم للأشعة فوق الصوتية ومجهز بأحدث أنواع أجهزة الأشعة ومتوفر أيضًا بالصبغات ويعطي نتائج دقيقة للغاية ويوفر علي المريض الذهاب لمركز الأشعة خارج المستشفي لإتمام الفحص، وكذلك معمل للتحاليل وبه طاقم من الإشراف (فني معمل وطبيب وطبيب مساعد)، وهناك غرفة أيضًا تضم بنك الدم التخزيني ويتم فيه توفير أكبر قدر كافٍ من الفصائل المتاحة في المستشفي. ويضم المستشفي كشكا للولادة الطبيعية وعدد 4 أسرة للإفاقة بعد العملية، وتمكث بها المريضة حوالي ساعة بعد الولادة ومن ثم يتم نقلها للغرفة العادية، ويتوافر أيضًا بالمركز قسم العيادات الخارجية وتضم عددا من التخصصات مثل عيادة تأخر الحمل والإخصاب المساعد وأورام النساء والحمل الخطر وتنظيم الأسرة. الوقاية أفضل وتوجد غرفتان للعمليات مساحة الواحدة تتعدي ال 8 أمتار بها كل التجهيزات للعملية، وبمجرد الدخول لمنطقة العمليات تشعر وكأنك اقتربت من ثكنة عسكرية ممنوع المرور لأي شخص غير معقم وبشرط ارتداء القفازات والحذاء المخصص للأرض، وسرير العمليات مجهز بالكامل ويوجد في كل ركن من الغرفة مكان مخصص لكل طبيب، فهناك ركن خاص بدكتور التخدير ومزود بالأجهزة اللازمة ويوجد فتحات لشفط هواء التكييفات حتي لا يصبح الهواء ناقلا للبكتيريا والميكروبات، ويوجد أيضا مكان مخصص لحمل الطفل وتجهيزه وجهاز قياس النبضات والأكسجين إن احتاج الطفل، ويوجد 2 شباك واحد للتسليم وواحد للتسلم، فعند بدء العملية يكون المكان مغلقا ولا يتم إدخال الأدوات المستخدمة من خارج الغرفة فلا تحمل الممرضة أي شيء وتخرج به بل تسلمه من خلال الشباك من غرفة التعقيم إلي العمليات ويتم تدوين تاريخ التعقيم وتاريخ انتهاء التعقيم علي كل مقص ومشرط بحيث يتمكن الدكتور من معرفة مدي صلاحيته قبل استخدامه، ويوجد شباك آخر يتم فيه تسليم المعدات والأدوات والملابس التي تم استخدامها حتي لا تصبح ناقلة للعدوي. لا للكوارث كما تقدم خدمات مساعدة كالأشعة الثابتة السينية والمتنقلة وموجات فوق صوتية وسونار دوبلار إيكو، ومعملي تحاليل أحدهما رئيسي والآخر للطفيليات و3 صيدليات ومخزن مجاني ومخزن اقتصادي والمطبخ والمغسلة وغرفة التعقيم المركزي وثلاث غرف للمولد الكهربائي لتجنب حالات انقطاع التيار التي تسببت قبل ذلك في موت عدد من أطفال الحضانات. "ملابس ضد الحريق" وضعت تلك الملابس أمام غرف الحضّانات الخاصة بالأطفال التي تضم 15 حضّانة و2 فقط لحالات العزل المصابة بعدوي بكتيرية، تكمن أهمية تلك الملابس في تجنب موت الأطفال إذا حدث حريق للحضانة، فترتدي الحكيمة الزي المخصص وتدخل داخل الحضانة لتجلب الأطفال دون وجود خطورة عليها. يضم المركز غرفة للأكسجين، وهي غرفة غازات مركزية موصلة بشبكة منتظمة لتشمل جميع الأقسام استعداداً لأي حالة طوارئ، ويوجد منظومة تعقيم متكاملة كما أن البنية التحتية من دهانات وأرضيات تم تأسيسها بحيث تكون غير ناقلة للعدوي. ندرة التخصصات أكد الدكتور رائد أن المركز به العديد من النواقص أبرزها الكوادر البشرية، ولفت إلي أن العدد الموجود محدود مقارنة بما يتطلبه العمل، كما أنه مستقبلاً سيكون الضغط الأكبر علي هذا المركز فلتجنب حدوث تكدس للمرضي يجب توفير العناصر البشرية بقدر كبير. وأضاف قائلاً: "طبعا عندنا نقص كبير في عدد من التخصصات أبرزها التخدير والأوعية والكلي والطوارئ، وذلك لأكثر من سبب أهمها أن أغلب الأطباء من بورسعيد يلجأون للعمل خارجها فلابد من ربط تكليف الخريجين بأماكن سكنهم وذلك لحاجة سوق العمل لهم حتي ولو لفترة مؤقتة لحين تخرج دفعات جديدة". التكلفة رمزية وأوضح رائد، أن الخدمة المقدمة داخل المركز بدأت تتخطي جميع المراكز الخاصة والعيادات الخارجية للأطباء لما يتم تقديمه من خدمة فندقية سواء في النظافة أو الأكل أو الرعاية الصحية، بخلاف الخدمة الطبية من عمليات ولادة وغيرها، مشيرًا إلي أن تذكرة الدخول للكشف لا تتعدي ال10 جنيهات، فيعد العلاج بالمجان مقارنة بالعيادات الخاصة، كما أن تكلفة الولادة من فتح الغرفة لأجرة الطبيب والتمريض والأدوات المستهلكة والإقامة بعد العملية لا تتعدي ال2000 جنيه في حين أنها وصلت ل10 آلاف جنيه في بعض المستشفيات الخاصة. وأكد أن الأجر الرمزي ضرورة ولا يمكن الاستغناء عنه لأنه سيحافظ علي مستوي المركز لأكبر قدر ممكن ولن يتم استهلاك الأجهزة ولا المعدات، مشيرًا إلي أنه يستقبل جميع حالات الطوارئ مجانًا ولا يشترط دفع أي أموال فهو في النهاية مركز حكومي وللمريض الحق في العلاج في أول 48 ساعة مجانًا في كل المستشفيات خاصة كانت أو حكومة. استعدادات مكثفة المستشفي يعدُّ إضافة كبيرة للمنظومة الصحية بالمحافظة، كونه المستشفي الوحيد علي مستوي مدن القناة المتخصص في مجال الولادة ويقام بأحدث الإمكانيات والأجهزة والنظم، هذا ما أكده محافظ بورسعيد اللواء عادل الغضبان، لافتًا إلي أن التطوير والتحديث شمل جميع مستشفيات المحافظة استعدادًا لتطبيق قانون التأمين الصحي الشامل في منتصف العام المقبل. وأضاف المحافظ أن التطوير تم علي أوسع نطاق ليشمل ال10 مستشفيات وجميع المراكز والوحدات الصحية بالمحافظة حيث تم تزويد بعض المستشفيات بأجهزة جديدة وحديثة وكذلك دعم مستشفي بورفواد بجهاز للأشعة المقطعية ومستشفي بورسعيد العام الذي تم إدخال أقسام جديدة فيه وإجراء عمليات القلب المفتوح للمرة الأولي بالمستشفيات الحكومية. . وأوضح اللواء عادل أن تكلفة التأمين الصحي للمواطن الواحد تبدأ من 1300 جنيه وحتي 4 آلاف جنيه، بدلا من 112 جنيها في ظل القانون الحالي، وسيغطي التأمين الصحي الجديد جميع الأمراض، وسيتم الإلغاء التدريجي للعلاج علي نفقة الدولة في كل مرحلة يطبق بها القانون، وسوف يلغي نهائيا عند تعميم القانون علي مستوي الجمهورية.