منذ أيام قليلة.. خرج إلي النور أحدث حزب تركي معارض، ولكن ليس هذا هو الخبر، ففي تركيا عشرات بل المئات من الأحزاب بكافة أطيافها السياسية والعقائدية والدينية، وبعضها منحاز بالكامل لأردوغان وديكتاتوريته وبعضها الآخر يعارض سياساته علي طول الخط، ولكن الخبر هذه المرة أن الحزب الجديد تقوده امرأة تدعي "ميرال أشكينار" ليست مجرد اسم يضاف لقائمة الأسماء المعارضة للحاكم بأمره التركي، ولكنها شوكة قوية ومسمار جديد قد يدق في نعشه، وينذر بنهاية حكمه. "ميرال أشكينار" ليست وجها جديدا في الساحة السياسية التركية، بل هي نائبة سابقة عن حزب الحركة القومية اليميني، وقبل أيام من انسحابها منه ونيتها في تشكيل حزبها الجديد، كانت علي وشك عقد مؤتمر للحزب وانتخاب زعيم قومي جديد له بديلا عن زعيمه الحالي دولت بهتشلي، ولكن الخطوة لم تتم فكان قرارها بتكوين الحزب الجديد، وخاصة بعد أن أعلن بهتشلي أنه يؤيد مساعي أردوغان في التحول من النظام البرلماني للرئاسة، وأنه يؤيد الكثير من سياساته وهو ما أعتبرته ميرال مع عدد كبير من حزب الحركة القومية، نكسة لمبادئ الحزب وتوجهاته وردة جديدة في سبيل الخنوع لأردوغان وسياساته الديكتاتورية. وبحسب صحيفة زمان التركية المعارضة ولدت ميرال لأبوين مهاجرين من اليونان في العام 1956، ودخلت العمل السياسي في وقت مبكر من عمرها، وأكلمت دراستها حتي حصولها علي الدكتوراه في التاريخ، وعملت بالتدريس وتركته لتستقر بالعمل السياسي ودخول البرلمان التركي في عام 1994 عن حزب الطريق المستقيم، ثم انضمت لحزب العدالة والتنمية في بداياته، لتتولي منصب وزارة الداخلية في رئاسة نجم الدين أربكان أحد أركان الحزب عام 1996، قبل أن يتدخل الجيش التركي للإطاحة بالرجل وحكومته بعدها بعام واحد فقط، في انقلاب وصفه المراقبون وقتها بأنه "انقلاب من الانقلابات الناعمة التي سادت أجزاء كبيرة من العالم في ذلك الوقت". ووقتها بزغ نجم ميرال التي انضمت للحركات المناهضة للحكم، وطالبت سيادة القانون وإجراءاته الدستورية، وانتقدت سياسات أردوغان في ذلك الوقت، وحتي بعد توليه السلطة واصفة إياه بأنه "ينظر للعالم بالأبيض والأسوف فقط"! أما هي فمع سيادة القانون علي طول الخط. وانتقدت ميرال توجهات أردوغان ضد المرأة التركية في بدايات حكمه قائلة: "إنه يريد منا أن نبقي في البيت". وبعد سنوات من الغياب عن البرلمان التركي.. عادت ميرال كنائبة ولكن من حزب الحركة القومية، وكانت ندا ومناهضا ضد الأكراد واليساريين الأتراك، وكانت من أشد المعارضين لإجراء أي مفاوضات سلام مع حزب العمال الكردستاني، ولكنها في المقابل انتقدت الأحكام بالسجن والإعدام ضد المنتسبين لهذا الحزب، وعلي رأسهم زعيمه "أوجلان" ولمواقفها تلك تعرضت ميرال للكثير من الهجوم والانتقادات من أنصار أردوغان وإعلامه المؤيد له علي طول الخط "ظالما أو مظلوما" ووصلت تلك الانتقادات لانتقادات نالت من حريتها وحياتها الشخصية، ووصلت لدرجة التهديدات بالقتل والسجن منذ بدايات العام الماضي. وميرال أشكينار.. التي وصفتها الصحف الغربية بأنها تهدد عرش أردوغان، وطموحاته ومستقبله السياسي، أسست حزبها الجديد تحت مسمي "حزب الخير" التي تري فيه أنه سيكون المنقذ لتركيا "الدولة التي تآكلت بانعدام النظام" وعند تكوينها لحزبها الجديد اختارت ميرال أن يكون معها فيه، أعضاء من أحزاب قائمة أبرزها: الحركة القومية والشعب الجمهوري أشد المناوئين لأردوغان ولسياساته التوسعية وإن كان يغلب علي الأعضاء للحزب، الأشخاص من ذوي التوجهات القومية المتطرفة والمتدينين ومن رجال الأعمال والمحافظين، وهؤلاء يدين بعض منهم بالولاء سابقا لأردوغان وحزبه. وأمام ميرال عدة تحديات أبرزها: إعادة بناء سياساتها في مواجهة أردوغان، وتكوين جبهة قومية ضده، ثم استقطاب المعارضين له وبخاصة ضد سياسته بالتحول من النظام البرلماني للرئاسة وهو توجه يعارضه بعض أعضاء حزبه ذاته، وتم اختراق قاعدة أردوغان الشعبية خاصة في المدن الكبري التركية وأبرزها: اسطنبول وأنقرة العاصمة ومدن مثل : أزمير الساحلية، والتحدي الأكبر بالطبع سيكون حشد التأييد الحزبي والشعبي خلف ميرال للترشح لمنصب رئيس الجمهورية ضد أردوغان وهي الانتخابات المقرر لها عام 2019 القادم. والمعارضون لميرال.. يرون أن ميلاد حزبها الجديد، ماهو إلا إحياء الموتي في السياسة التركية فهي لاتعدو إلا مجرد وجه قديم في السياسة التركية، بتقلبها من حزب إسلامي أنشأه البرجماتيون الأتراك بواجهة إسلامية ثم عضوة نشطة في الحركة القومية المتطرقة، قبل أن تطرد منها شر طردة، لتقود حزبا جديدا مازالت قوته وأسهمه في علم الغيب. أما المؤيدون.. فيرون أن مجرد تكوين حزب الخير، سيكون بمثابة إلقاء حجر في المياه الراكدة التركية السياسية، ومنع أردوغان من الانفراد وحده بالسلطة، خاصة مع فشل كل الأحزاب السياسية المعارضة في التصدي لسياساته، أو أن تكون حتي بديلا له أمام الناخب التركي، علي الأقل علي المدي المنظور ومن هنا كان تأكيد ميرال أشكينار بأن حزبها سيحتضن جميع طوائف المجتمع التركي بما في ذلك: المتدينون والعلمانيون والقوميون ورجال الأعمال وحتي الهاربون من "جنة أردوغان"!