الرحمة ضالتها.. طموحاتها إنسانية، تقتفي أثر المعذبين بالحياة تسعي بدأب مدهش وجسارة لغرس ثقافة الرحمة وتابعها الارتقاء بعدما جنح مجتمعنا إلي القسوة السافرة هي أمينة ثروت أباظة الناشطة في حقوق الضعفاء، تسمع الأنين الموجع لمخلوقات الله الثكلي فتلبي. هي أول من أنشأ جمعية رفق بالحيوان منذ عشر سنوات بأموال مصرية خالصة ومؤسسين مصريين بعدما كان التمويل بريطانيا.. وأصبحت في عام 2008 سفيرة اليوم العالمي للرفق بالحيوان من قبل انجلترا ثم حصدت العديد من الجوائز العالمية.. كانت دوما تحلم باقتناء حديقة ترصعها الكائنات السقيمة العاجزة عن الشكوي وتحول الحلم الشفيف بالحديقة إلي ملجأ ومأوي تحتوي من خلاله من خذلتهم الحياة في مجتمع اندثرت فيه مظاهر الرحمة بل أصبحت تفجر السخرية والكليشيه المعطوب الذي طالما قابلته أمينة بصبر وحكمة وإقناع ينهل من كلمات الله في القرآن الكريم، والإنجيل ثم الأحاديث الشريفة »لماذا لا تكافحين في حقوق الإنسان« تلك الرؤية الأحادية المتصلبة دوما.. الإجابة ولماذا لا تؤازر الاثنين فالرحمة لا تتجزأ إما أن يكون للإنسان قلب أو لا يكون، فالقلوب المرهفة، النبيلة لا تضن بالعطاء تجاه أي روح أينما كانت وكيفما كانت.. والعديد من الأبحاث أكدت أن القتلة لهم نفس التاريخ يبدأ في الطفولة بالسادية وإيذاء الأضعف، في العادة هم الحيوانات أول الضحايا ثم تجنح الشخصية فيما بعد الإجرامية إلي التطرف.. وبعدما صدرت حضارتنا الفرعونية المهيبة تقديس الروح سواء في الإنسان أو الحيوان إلي العالم أجمع أصبحنا نرصد من خلال شعبنا الذي تبدل وتمت عملية إحلال محزنة في جذوره وسماته مشهدا متكررا كلب يتم إغراقه في النيل، الترعة. قطة يبتر ذيلها أو تخنق، حمار هو مصدر رزق صاحبه يجلده بوحشية مروعة، مشهد يحض كل سائح يتحلي بالنخوة والرحمة ألا يعود ويقرب هذا البلد ونظرا للظروف العسيرة التي عملت من خلالها أمينة قررت غلق الملجأ الخاص بها حيث أنفقت آخر قرش كانت تمتلكه وهو حال كل أصحاب الرسالات النبيلة وقررت أن توسع نشاطها فبدلا من احتضان 100 حيوان فقط.. فسوف تعمم تلك القيم الرفيعة من خلال تغيير المفاهيم المترعة بالجهل والقسوة في مجال التعليم والإعلام وسوف تعبر من النشاط المحدود إلي المطلق، ولقد تعرضت أمينة في أتون سفرتها الإنسانية للعديد من المؤامرات والحروب الداخلية المعلنة والخفية والتي أثرت أيضا علي علاقاتها بالخارج فالشر كامن حتي في الأنشطة النبيلة ولا أبلغ من كلمات جبران أرجعها: »ماذا أقول في من يستدين مالي ليشتري سيفا يبارزني به؟« و»جميل أن تعطي من يسألك ماهو في حاجة إليه ولكن أجمل من ذلك أن تعطي من لا يسألك وأنت تعرف حاجته، فإن من يفتح يديه وقلبه للعطاء يكون له فرح بسعيه إلي من يتقبل عطاياه والاهتداء إليه أعظم مما بالعطاء نفسه«.