المؤتمر الثالث والخمسون للاتحاد العالمى للصحفيين والكتاب السياحيين المنعقد فى »بوخارست« [email protected] إذا كانت رومانيا أحد المفاتيح المهمة لترتيب زيارة الرئيس الراحل أنور السادات للقدس عام 7791، فإن من يزرها اليوم يلمس التعاطف مع اليهود واضحا بين الرومانيين، وانكشف ذلك أثناء انعقاد مؤتمر الاتحاد العالمي للصحفيين والكتاب السياحيين في »بوخارست« عندما حاول البعض منهم تزييف الحقائق التاريخية بأن إسرائيل ولدت من 0002 سنة، وتصدي لهم الصحفي المصري الكبير صلاح عطية بكل شجاعة مؤكدا أنها قامت علي أرض اغتصبت من الفلسطينيين، وكاشفا لكل أساليب الضغط والابتزاز التي استخدمتها أمريكا والصهيونية العالمية لدعم العصابات اليهودية! ذاكرتي إن لم تخني تقول إن شخصيات حاكمة شاركت في ترتيب زيارة الرئيس الراحل أنور السادات للقدس عام 7791 منها شاه إيران والحسن الثاني ورئيس رومانيا المخلوع شاوشيسكو الذي زاره السادات قبل ذلك في بوخارست وتعهد له بأنه علي يقين أن رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيجن علي استعداد كامل لاستقباله في تل أبيب والتوصل إلي معاهدة للسلام ورغم أن بيجن يميني متطرف لكنه الوحيد القادر علي إقناع الرأي العام الإسرائيلي والحصول علي موافقة الأغلبية في الكنيست. وأنه قبل ميلاد إسرائيل في 51 مايو 8491 كانوا يعتمدون علي اليهود المرحلين من أوروبا الشرقية خاصة بولندا ورومانيا، فمعظم الأجيال التي وصلت إسرائيل كانوا من تلك الدولتين، وفي مقابل ذلك كانت إسرائيل توفر الدعم المالي لهذه الدول، للتخفيف من كراهية البولنديين والرومانيين لليهود. كان لابد من هذه المقدمة للتدليل علي تعاطف بعض الشعب الروماني لإسرائيل، والذي له صلات قرابة وتواصل مع الكثير من العائلات اليهودية، بالإضافة إلي الزيارات والمجموعات السياحية المستمرة التي تصل من تل أبيب للعاصمة وباقي المدن الرومانية، وباعتبارها أيضا مازالت بلدا رخيصا إذا قورنت ببلدان الاتحاد الأوروبي الذي انضمت إليه رومانيا مؤخرا. ولقد انعقد المؤتمر الثالث والخمسون للاتحاد العالمي للصحفيين والكتاب السياحيين »فيجت« وحضره ممثلو 45 دولة في بوخارست برئاسة التيجاني حداد (وزير السياحة التونسي السابق) والحقيقة فقد أعدت الدولة المضيفة برنامجا حافلا لزيارة معظم مدن رومانيا. وعند زيارتنا لمقاطعة سينايا شرحت لنا المسئولة الرومانية المرافقة لنا تاريخ هذه المقاطعة وتسميتها فذكرت أن في القرن الخامس عشر راح أحد الحجاج الرومانيين إلي الأراضي المقدسة في سيناء بإسرائيل ثم رجع واختار هذا المكان وسموها »سينايا«!! وهنا انفعل الكاتب الصحفي المصري الكبير عليها معلقا بالإنجليزية: معلوماتك خاطئة تماما، سيناء مصرية من سبعة آلاف سنة، ومليئة بالمعابد والآثار المصرية.. متي ولدت إسرائيل؟! فأجابت بإصرار : من 0002 سنة!! ومرة أخري تزداد حدة ونبرة صوت الأستاذ صلاح عطية وهو من رواد الكتاب السياحيين في المنطقة العربية (خريج كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية عام 1691) وهو حاليا نائب رئيس الاتحاد والمسئول عن منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، قائلا: هذا خطأ وتزييف للتاريخ.. لقد ولدت إسرائيل في 51 مايو 8491 بعد انتهاء الانتداب البريطاني علي فلسطين، وسيناء مصرية ليس لها علاقة بإسرائيل التي قامت علي أرض مغتصبة من الفلسطينيين، وأن مملكة إسرائيل قامت لمدة 07 سنة فقط وانتهت تماما سنة 076 قبل الميلاد، وتم أسر اليهود كلهم ونقلهم إلي بابل علي يد »نبوخذ نصر« ملك بابل، ثم في القرن الثاني الميلادي أفرغ الإمبراطور الروماني أرض فلسطين من اليهود وشردهم في أوروبا!!! وصفق أعضاء المؤتمر طويلا للصحفي المصري صلاح عطية إعجابا بقوميته وعروبته ومقدرته الفائقة علي تصحيح هذه المغالطات الإسرائيلية والتي وصلت لرومانيا، ثم عاد ليسرد قصة الميلاد الحديث لدولة إسرائيل بعد مؤتمر »بازل« بسويسرا في القرن التاسع عشر، حيث نشطت الهجرة السرية لليهود إلي فلسطين، ثم تصاعدت مع وعد »بلفور« سنة 7191، واشتدت الصراعات بين العرب واليهود والتي أدت إلي ثورة العرب سنة 7391، ثم عندما تفاقمت الأمور بينهما وبدأت معالم خطة الاغتصاب تكتمل، نقل الانتداب البريطاني علي فلسطين المشكلة إلي هيئة الأممالمتحدة في إبريل 7491 لتدخل مؤامرة تقسيم فلسطين إلي حيز التنفيذ منذ ذلك الوقت، وبدأت الأممالمتحدة في عمل لجان لطرح المشكلة الفلسطينية تم فيها تغليب قرار التقسيم رغم معارضة معظم الدول في ذلك الوقت، ولكن أمريكا والصهيونية العالمية استخدمتا كل أساليب الضغط والابتزاز والتلويح بإلغاء المعونة الأمريكية عن الدول التي لا تؤيد قرار التقسيم، واستخدمت العصابات اليهودية في ذلك الوقت الرشوة المالية لممثلي لجان الأممالمتحدة التي ذهبت لفلسطين، وتتوالي الأحداث، وبالفعل نجحوا في 92 نوفمبر 74 للحصول علي قرار الأممالمتحدة بتقسيم فلسطين دولتين: دولة لليهود وأخري للعرب، وهذا التاريخ هو البداية الحقيقية لحرب فلسطين التي بدأها العرب رسميا في 51 مايو 8491 مع إعلان دولة إسرائيل، ولقد استطاع اليهود من خلال التآمر مع الدول الكبري في هذه الحرب.. في الهدنة الأولي.. والثانية.. وإلي جانب الخيانات العربية إلي إنهاء هذه الحرب لصالح اسرائيل، والتوسع أكثر من المساحة التي خصصها لهم قرار التقسيم! وتأتي أمريكا وإسرائيل الآن لتكررا ما فعلتهما منذ 46 عاما في محاولات عدم إدخال فلسطين عضوا كاملا في الأممالمتحدة، يالها من مأساة.. هنا تتكرر الضغوط من جديد لصالح إسرائيل أيضا. وبعد هذا الشرح السياسي الوافي لتاريخ إسرائيل الأسود من الكاتب الصحفي الكبير صلاح عطية، لم تتمالك المرافقة الرومانية أن تحبس دموعها التي انهمرت علي خديها، وهي تقدم »الاعتذار« عن كل هذه المعلومات المغلوطة والتي تم تصحيحها علي يد صحفي مصري قدير!