عندما جلس البابا شنودة في 14 نوفمبر 1971 علي كرسي البابوية ، قام بعد أربعة أيام فقط من تنصيبه بطريركا للأقباط الأرثوذكس بإصدار قرارين ، الأول القرار البابوي رقم 7 ويتضمن (عملا بوصية الرب في الإنجيل لا يجوز التطليق إلا لعلة الزنا)، والقرار الثاني (كل طلاق يحدث لغير العلة الواحدة لا تعترف به الكنيسة المقدسة وتعتبر أن الزواج الذي حاول هذا الطلاق أن يفصمه مازال قائما ) وأصدر البابا القرار البابوي رقم 8 الخاص بعدم زواج المطلقات ، فلا يجوز زواج المطلقة عملا بتوصية السيد المسيح إلا إذا كانت قد تطلقت لعلة الزني، وفي هذه الحالة فهي بريئة ومن حقها أن تتزوج، ولا يجوز لأي من رجال الكهنوت أن يعقد زواجا لمطلقة. وهو ما يعني ببساطة إلغاء العمل بلائحة 38. ولائحة 38 لعام 1955 تتيح الطلاق لتسعة أسباب وهي الزني، والمرض، والجنون، والهجرة لمدة مابين 3 إلي 5 سنوات، والحبس لمدة 7 سنوات، الردة عن الدين أو الملة، والرهبنة، وسوء السلوك، أو اعتداء أحد الزوجين علي الآخر اعتداء جسيما، وتتعرض اللائحة 38 لرفض شديد من الكنيسة مقابل مدافعين عنها بعد تكدس آلاف من حالات طلب الطلاق ويري المدافعون عنها أن جميع شروطها تؤدي إلي الزني وبالتالي فلا يوجد تعارض، مما جعل أصوات بعض الأقباط الذين يعانون من خلافات زوجية إلي تنظيم ائتلافات تطالب بحق الطلاق والحصول علي تصاريح للزواج الثاني، كان من ضمنها وأشهرها في الأيام الأخيرة "ائتلاف أقباط 38، أبطال ما عرف بموقعة الكلب بعدما اتهموا مسئولين بالكاتدرائية بإطلاق الكلاب عليهم أثناء تظاهرهم للمطالبة بإنهاء مشاكلهم الزوجية، أتباع الائتلاف هم مجموعة من المتضررين من عدم إنهاء مشاكلهم الزوجية يصل عدد المنضمين للائتلاف حوالي مائتين ويدافعون عن حقوق أكثر من مائتي ألف يطالبون بالطلاق والزواج الثاني. رفيق فاروق أحد الناشطين والمتحدثين باسم الائتلاف يقول جاء الوقت الذي يجب أن نبحث فيه عن حقوقنا الضائعة ونقضي علي الحيرة والدائرة المفرغة التي يدور فيها آلاف الأقباط من النساء والرجال الذين يعانون من مشاكل زوجية لا حل لها إلا الطلاق الذي ترفضه الكنيسة تماما إلا لعلة الزني والأمر الأعجب أنه حتي إذا تم إثبات واقعة الزني في كثير من الحالات داخل الكنيسة فلا يمكن إثباته داخل المحكمة، والكنيسة تطالب صاحب المشكلة بالحصول علي الطلاق المدني.. حالة من العذاب المستمر تعيش فيها آلاف الأسر القبطية بلا أمل في الحل وتنتهي حياتهم بلا أي ذنب جنوه سوي إصرار البابا شنودة علي عدم العمل بلائحة 38 ولذلك وضعنا مجموعة من المطالب نسعي لتحقيقها والإعلان عن قضيتنا من خلال الوقفات الاحتجاجية لتحقيق مطالبنا التي نطالب فيها الكنيسة بأن تتولي إصلاح المنظومة الإدارية للمجلس الإكليريكي ونطالب بقانون مدني للأحوال الشخصية للأقباط وتطبيق لائحة 38 في القضاء دون قيد أو شرط، ونحن نعلم إننا نتعرض لحملات تشويه وكان آخرها ما حدث يوم موقعة الكلب، وكنا نقف أمام المجلس الإكليريكي في وقت دخول الأنبا بولا ورغم أن "سامح" وهو زميل لنا كان يقوم بفتح الباب لإدخال الأنبا بولا رئيس المجلس الإكليريكي وتعرض لضرب من أمن الكنيسة حتي أصيب بعاهة ولدينا كل الفيديوهات التي تثبت أننا كنا في وقفة سلمية، ولكنهم يتعمدون تشويه صورتنا لمجرد أننا نطالب بحقنا في الحياة، فالكنيسة تحولت من الخدمة والرعاية إلي السياسة والدبلوماسية من أجل تحقيق مصالح شخصية! فعصا البابا الممسك بها هي عصا الرعاية والكنيسة بقيادتها المفترض أن تكون مسئولة عن رعاية الشعب وهو أمر ليس في سياسة البابا شنودة ، وتحول الأمر من رعاية إلي وصاية. فقصتي وقصص آلاف غيري هي دليل علي الوضع الغريب وغير المفهوم الذي وضعتنا فيه قيادات الكنيسة بدون الاهتمام بحقنا كبشر في الحياة. تزوجت منذ سبع سنوات زواج صالونات كما يقولون وأنجبنا طفلا وبعدها بدأت المشاكل بيني وبين زوجتي بسبب رفضها إعطائي حقوقي كزوج ، حاولت معها كثيرا وفي كل يوم كان الأمر يزداد سوءا، حتي وصلنا إلي طريق مسدود بجانب أن هناك أمورا أخري لا يصح أن أتحدث عنها بعد فشل كل محاولات الصلح بيننا، ولم أجد أمامي حلا سوي أن ألجأ إلي المجلس الإكليريكي لطلب الطلاق ، والتقيت بشخص نصحني ان أجمع الأدلة التي تثبت مشكلتي قبل اللجوء للمجلس لأنه يعاني منذ عدة سنوات واستمعت لنصيحته وسألت كهنة من داخل المجلس عن الأدلة التي يرغبون أن أقدمها ، وتفرغت لمدة أربعة شهور لكي أرتب أوراقي للدخول للمجلس، وكان أهم هذه الأوراق تسجيلات صوتية بيني وبين زوجتي أثبت من خلالها وقائع محددة مثل أنها لا ترغب في إقامة علاقة زوجية وفي بعضها ترفض بدون سبب، وتصف العلاقة الزوجية بأنها أمور حيوانية لاداعي لها خاصة بعد الإنجاب، وترددت علي المجلس لمدة ثمانية شهور، فهم لديهم خبرة كبيرة في إضاعة الحق بدعوي أنهم يحافظون علي البيوت، وفي النهاية أستطعت أن أحصل علي موافقة للطلاق، وكتب في ملفي بأن يصرح لي بالزواج الثاني بعد الانتهاء من الإجراءات المدنية، وهو شرط شبه مستحيل ، لأنه يعني الحصول علي الطلاق من المحكمة، فالأدلة التي قدمتها إلي المجلس وتقبل بها الكنيسة لا تقبل بها المحكمة وهو أمر يعني أنني سأظل أدور في حلقة مفرغة باقي عمري، فالتسجيلات التي قدمتها إلي الكنيسة لن تعترف بها المحكمة لأنها لم تتم بأمر من النيابة، ولتقدير حجم المأساة التي نعيش فيها، أنني لا أستطيع أن ألجا إلي المحكمة قبل الكنيسة لطلب الطلاق لأن هذا يعد نوعا من أنوع الخروج علي طاعة الكنيسة، وهو الأمر الذي نصحني به بعض آباء الكنيسة ذووي الخبرة والمتعاطفين مع الحالات الإنسانية، ولذلك وجدت نفسي أمام طريق مسدود، حتي تغيير الملة أصبح الآن غير ممكن بعد أن سعي البابا شنودة إلي إغلاق كل الطرق باتفاقه مع الطوائف المسيحية الأخري بأن لا تمنح شهادات تغيير ملة حتي لا يتمكنوا من الطلاق المدني، حتي أن البعض حاول تغيير ملة في سوريا ولبنان ورفضوا هناك أيضا حتي لا يغضبوا البابا شنودة ،وإذا تجرأ شخص وذهب إلي المحكمة للحصول علي الطلاق قبل الكنيسة ، فلن يستطيع استخراج تصريح للزواج الثاني بدون تصريح من الكنيسة ولن يستطيع الزواج من أي طائفة مسيحية بدون التصريح ، وإذا حصل عليه من الكنيسة فلابد أن يحصل عليه من المحكمة، بمعني آخر لابد من موافقة الطرفين وهو أمر شبه مستحيل ويكون أكثر صعوبة في حالة الزني حتي إذا تم إثباتها. وهنا تدخلت فيفيان في الحديث وهي أحد مؤسسي الائتلاف وصاحبة قضية هي أيضا وبدأت برواية قصتها حتي توضح الأمر، عمرها تسعة وعشرون عاما تزوجت منذ سبع سنوات، استمر زواجها الفعلي ثلاثة شهور، بعد الزواج بأيام قليلة اكتشفت أن زوجها مدمن، ثم اكتشفت علاقته بأخري فراقبته حتي تأكدت من شكوكها ، وفي أحد الأيام تركته ليرتب موعدا في منزل الزوجية مع صديقته، وخرجت من المنزل، وعادت إليه بعد أن تأكدت من وجودهما بداخله ثم أغلق الباب من الخارج وسارعت باستدعاء كاهن الكنيسة وأشقائها والجيران واشقائه هو أيضا وقام الجميع بمشاهدة الواقعة ، خاصة أنها كانت تقيم بالطابق الرابع ولم يستطع زوجها وصديقته الهروب ، وذهبت إلي المحكمة وحصلت علي الطلاق بشهادة الشهود ، وعندما ذهبت للكنيسة لكي أحصل علي تصريح للزواج الثاني لم أستطع استخراجه، بسبب وساطة أحد الكهنة القريب من أهل زوجي، فهناك أزمة مخيفة تقف أمام من يطلب الطلاق للزني ، فهنا الشخص مضطر لإثبات واقعة الزني مرتين، مرة أمام الكنيسة، ومرة أمام المحكمة ، وما تعترف به الكنيسة، لاتعترف به المحكمة التي لابد من وجود واقعة تلبس، فحتي إذا اعترف أحد الطرفين أمام الكنيسة بأنه قام بالزني، ولم يعترف أمام المحكمة فلا يمكن إثبات الواقعة، وفي كثير من الأحيان يرفض الآباء في الكنيسة أن يستخرجوا أوراقا تؤكد شهادتهم علي واقعة الزني لكي تقدم إلي المحكمة ،ودافعهم في ذلك هو عدم تعريض أبناء الكنيسة إلي الفضيحة! ويكمل ميخائيل حكيم الحديث وهو أيضا له قضية طلاق وأحد الناشطين في الائتلاف ، أما الأكثر غرابة في كل ما نتعرض له من الكنيسة هو شهادة خلو الموانع ، فإذا حصل شخص علي الطلاق من المحكمة وقرر أن يتزوج من طائفة أخري، فلايمكن أن تمنح الطائفة الموافقة علي الزواج إلا باستخراج شهادة خلو موانع من طائفته الأصلية وهو الأمر الذي يعود بنا إلي المجلس الإكليريكي والأغرب أنه إذا تزوج شخص بعقد مدني أو عرفي وقرر أن يثبت هذا الزواج أمام المحكمة ، فيطالبه القاضي بإحضار شهادة خلو موانع من الطائفة التي ينتمي إليها، أي العودة إلي المجلس الإكليريكي ، فنحن أصبحنا مثل عرائس المارونيت بين يدي المجلس الإكليريكي. ووجدنا أنفسنا أما أن ندافع عن حقنا في الحياة كبشر، وإما نضطر إلي ارتكاب الزني حتي نتخلص من مشاكلنا المستحيلة، وبعد أن وضعنا أمامنا تساؤلا واجهناه بشجاعة هل أتزوج أم أزني؟وهل أعيش في الحرام أم أتزوج في الحلال؟قررنا أن نقدم استقالة جماعية من الطائفة الأرثوذكسية. وعندما لاحظ رفيق فاروق أنني أجد صعوبة في فهم ما يقول، شرح الأمر، في الفترة الأخيرة وبعد ظهور عدة ائتلافات للأقباط للبحث عن حقهم في الحياة تحت مسميات مختلفة، فهمنا وبالصدفة معني الكلمات التي جاءت في الدستور المصري، أن الدستور يكفل لكل مواطن مصري حرية العقيدة، والاعتقاد الديني، وهو ما يعني أنني من حقي أن أكون مسيحيا فقط بدون الانتماء إلي أي طائفة، وبالتالي لن أخضع لكل القواعد الظالمة التي وضعت من أجل إفساد حياتنا، ولذلك سنقوم يوم 15 سبتمبر بتوقيع استقالة جماعية من الطائفة الأرثوذكسية لنصبح مسيحيين فقط، وسنقوم بذلك في وقفتنا الاحتجاجية أمام وزارة العدل ، ثم يذهب الشخص بعد ذلك أمام القاضي في المحكمة ليقوم بتوقيع "استمارة"يتخلي فيها عن طائفته ليصبح مسيحيا فقط، والطريف أن تكلفة هذه الاستمارة "جنيه وربع" بدلا من عشرات الألوف التي كانت تدفع لطائفة معينة لها جذور أجنبية للحصول منها علي الزواج! ❊❊ وهنا كان لابد أن أسأل ، إذا استقلت من الطائفة التي تنتمي إليها فهل ستجد من يقبل بالزواج منك؟ بكل تأكيد فهناك عشرات الآلاف سيفعلون مثلي، ووقتها سأجد من هي في نفس حالتي وتقبل بالزواج مني. ❊❊ وهل ستنهي مهمتكم عند هذا الحد؟ بل ستبدأ فسنظل ندافع عن الأسر المسيحية التي أهلكتها الظروف التي تعيش فيها ، والتي تعاني معظمها من عدم الاهتمام والرعاية، وسنظل نطالب بتغيير الفكر والمنهج داخل المجلس الأكليريكي، وبإيجاد قانون عملي ومنطقي يحكم أمور الزواج والطلاق لدي الأقباط ولايتعارض مع تعاليم الإنجيل ويتفق مع المسيحية الحقيقية، وكل هذا يمكن ان يتحقق بالعودة إلي لائحة 38 والتي أريد ان اختم حديثي بسؤال أتمني أن يجيبني عليه أحد: هل كان الأقباط يعيشون في الزني والحرام أيام تطبيق اللائحة 38؟ وما حكم من طبقت عليهم اللائحة قبل أن يقوم البابا بإيقاف العمل بها بعد صعوده علي كرسي البابوية؟