هل تصلح التعديلات المقترحة لقانون تنظيم الاتصالات ..ما أفسده وارتكبه النظام السابق من قطع لخدمات الاتصالات والإنترنت في مصر أثناء ثورة 52 يناير؟..وهل تضمن أنه لن يتكرر في المستقبل؟..وهل يعالج الثغرات الموجودة في هذا القطاع الحيوي؟.. وهل يخفف القبضة الأمنية عن قطاع الاتصالات؟.. ويعيد صياغة العلاقة بين جميع الأطراف بشكل أكثر توازناً بين حقوق الدولة وحقوق الشركات والمستخدمين؟..هذه التساؤلات وغيرها مطلوب الإجابة عليها من جميع الأطراف المعنية بهذه القضية اليوم وليس في الغد وبشكل حاسم إذا كنا نتحدث عن هذه القضية القومية.. مصادر مطلعة أكدت لآخر ساعة أن الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات قدم مقترحا لإلغاء بعض البنود "المعيبة" بالقانون.. وهي البنود التي تم بمقتضاها قطع وسائل الاتصالات عن مصر مساء 72 يناير الماضي.. خاصة تلك البنود التي تمنح بعض الجهات الأمنية سلطات مطلقة في قطع خدمات الإنترنت والمحمول دون الرجوع للشركات وهو ما أساء لسمعة مصر الدولية بشكل غير مسبوق خلال الفترة الماضية.. ومن أهم هذه المواد المعيبة..المادة رقم 76 التي تنص علي أنه "للسلطات المختصة في الدولة أن تخضع لإرادتها جميع خدمات و شبكات اتصالات أي مشغل أو مقدم خدمة أو تستدعي العاملين لديه القائمين علي تشغيل وصيانة تلك الخدمات و الشبكات وذلك في حالة حدوث كارثة طبيعية أو بيئية أو في الحالات التي تعلن فيها التعبئة العامة طبقا لأحكام القانون رقم 78 لسنة 0691 المشار إليه وأية حالات أخري تتعلق بالأمن القومي.. والمثير للدهشة أن هذه المادة علي وجه الخصوص كانت مثار جدل عندما تمت كتابة القانون عام 3002 واعترضت عليها جهات مدنية كثيرة باعتبارها تعطي سلطات لا محدودة للجهات الأمنية. ووفقا لمسودة تعديلات القانون رقم 01 لسنة 3002 بشأن تنظيم الاتصالات المقترحة – والتي أطلعتنا عليها مصادر بوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات قبيل رفعها "للدكتور عصام شرف..رئيس مجلس الوزراء" فإنها تتضمن إجراء تغييرات كبيرة في دور الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات..إلي جانب سحب بعض اختصاصات اتحاد الإذاعة والتليفزيون .. مع إجراء تعديلات أخري علي عدد من المواد التي تتعلق بالأمن القومي وعلاقته بخدمات الاتصالات.. ووفقا لمسودة القانون المكون من 78 مادة وسبعة أبواب.. فإن الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات سيتم تغيير المادة رقم 76 التي ارتكزت عليها الجهات الأمنية في فصل خدمات الاتصالات والإنترنت ..بحيث تنص علي الآتي: (يقوم رئيس مجلس الوزراء بتحديد السلطة المختصة في الدولة التي تخضع لإرادتها جميع شبكات الاتصالات لمواجهة حالات التعبئة العامة المشار إليها وفي جميع الأحوال يحظر قطع كل أو بعض أنواع خدمات الاتصالات أو وقف تشغيلها كلياً أو جزئياً إلا بناء علي قرار كتابي يصدر من رئيس الجمهورية بناء علي اقتراح مجلس الوزراء علي أن يقدم تقرير تفصيلي لمجلس الشعب بالأسباب التي دعت لذلك خلال 03 يوماً من صدور القرار ولمجلس الشعب إعمال اختصاصاته في هذه الحالة ولا يجوز قطع خدمات الإغاثة والطوارئ.. وبموجب هذا المقترح سيتم إعطاء البرلمان سلطة مساءلة الرئيس حال اتخاذه قراراً بفصل الخدمة لأي سبب.. مع التشديد علي وجوب صدور القرار بشكل كتابي حتي لا تتوه المسؤوليات كما حدث خلال أحداث الثورة وما تلاها من تحقيقات في البحث عن المتسبب في قطع هذه الخدمات.. كما ستتم إضافة فقرة علي تلك المادة بعد تعديلها لتوضح حالات التعبئة العامة التي يجوز معها إخضاع إدارة شبكات الاتصالات للجهات السيادية بحيث تقتصر علي (توتر العلاقات الدولية - قيام خطر الحرب - كوارث طبيعية وبيئية - أزمات تهدد الأمن القومي).. التعديلات ستشمل أيضا المادة 46 بحيث تنص علي حظر استخدام أجهزة التشفير كما هي الآن..وتوضيح الشق الخاص بالتزام شركات المحمول باستخدام أجهزة ومعدات تتيح لأجهزة الأمن القومي تسجيل مراقبة الاتصالات.. بحيث تكون تلك الأجهزة متوافقة تماماً مع الأجهزة والأنظمة المملوكة لجهات الأمن القومي وتسهل عمليات المراقبة دون أي عوائق ودون الحاجة للتواجد بمقار شركات الاتصالات مع التأكيد علي حرمة الحياة الخاصة بحيث لا يتم اتخاذ أي إجراء بالتسجيل للمكالمات أو التنصت عليها إلا بناء علي إذن من الجهة القضائية المختصة.. وإلي جانب هاتين المادتين المقترح تعديلهما فإن القانون بتعديلاته المقترحة فإنه سوف يمنح الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات مزيدا من السلطات التنظيمية في كل ما يتعلق ببث المحتوي المرئي عبر شبكات الإنترنت أو الوسائل الأخري..بحيث تضع ضمن أهداف الجهاز متابعة وتنظيم كل ما يتعلق بأنظمة البث المسموع والمرئي التي تعد حالياً من اختصاصات اتحاد الإذاعة والتليفزيون..خاصة أن أغلب دول العالم تعطي حق إدارة شبكات الاتصالات والإعلام لجهاز واحد فقط..بينما مصر لا تزال تفصل بين القطاعين.. وعلمت "آخر ساعة" أنه تجري حاليا مشاورات لنقل تبعية تنظيم البث المرئي والمسموع عبر القنوات الفضائية إلي الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات.. أيضا سيتم وضع بند ينص علي أن خدمات الاتصالات تقوم علي مصلحة المستخدمين..و مراعاة علنية المعلومات وحماية المنافسة وحماية حقوق المستخدمين، وكذلك قيام جهاز تنظيم الاتصالات بتحقيق العدالة بين المتعاملين في أنظمة الاتصالات..ووضع القواعد والقوانين المنظمة للهيئات والشركات العاملة في هذا المجال وتحديد القواعد والأسس الفنية لتشغيل خدمات الاتصالات..الخ "الدكتور عمرو بدوي.. الرئيس التنفيذي لجهاز تنظيم الاتصالات" قال: إن هناك اتجاها لتعديل بعض البنود بقانون تنظيم الاتصالات.. لكن هذه التعديلات مرتبطة بعودة مجلس الشعب للعمل بانتظام خلال الفترة الانتقالية الراهنة.. وهناك حوالي سبعة أو ثمانية بنود بالقانون سيتم إعادة النظر فيها من بينها البنود المنظمة للترددات اللاسلكية و كذا العقوبات والغرامات علي شركات الإنترنت والمحمول والتي ثبت بالتجارب الواقعية أنها ضعيفة ولا تحقق الغرض منها.. وفي ظل التوقعات بأن يتم دمج قطاعي الاتصالات والإعلام تحت جهاز قومي واحد في حالة إلغاء وزارة الإعلام فإن هناك حاجة لإعادة النظر في قانون تنظيم الاتصالات بشكل كلي من خلال إضافة بعض البنود إليه خاصة أن أغلب دول العالم تضع تنظيم عمل خدمات الاتصالات والإعلام من خلال جهاز موحد.. أما "الدكتور محمد سالم.. وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات" فيقول: أنا لن أسمح بفرض رأي شخصي في هذه القضية بالذات.. بل إن المسودة المقترحة لقانون تنظيم الاتصالات المعدل تمت مناقشته مع عدد من ممثلي المجتمع المدني والجمعيات الحقوقية وعدد من الناشطين تمهيدا لطرحه أمام حوار مجتمعي موسع نستمع فيه إلي كل الآراء من كافة الجهات المعنية والمختصة وفي النهاية سنعرض القانون في صيغته الجديدة علي مجلس الوزراء لمناقشته وإقراره تمهيدا لعرضه علي المجلس العسكري لاستصدار مرسوم عسكري به.. أو التريث قليلا لحين تشكيل البرلمان الجديد وعرضه عليه في دورته الأولي.. وآمل أن يساهم الحوار المجتمعي في التوصل إلي صيغة توافقية ترضي جميع الأطراف.