بدأ هذا الأسبوع في الأممالمتحدة مؤتمر الدول الأطراف في معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية والذي يعقد مرة كل 5سنوات.. لاستعراض المعاهدة التي دخلت حيز النفاذ عام 1970.. ويأتي هذا المؤتمر بعد قمة الأمن النووي التي عقدت في واشنطن منذ أسبوعين والتي كانت مصر ضمن 46 دولة قام البيت الأبيض بدعوتها للمشاركة فيها.. وإذا كانت قمة الأمن النووي قد جرت في هدوء وصدر بيانها بتوافق الآراء فإن المؤتمر الجاري حاليا في الأممالمتحدة يحاط بضجة كبيرة نظرا لتناوله العديد من القضايا الخلافية حول السلاح النووي ومنع انتشاره والاستخدام السلمي للطاقة النووية. وتحظي مصر بتقدير دولي خاص لجهودها في مجال حظر الانتشار النووي حيث يصدر كل عام عن الجمعية العامة وبتوافق الآراء قرار بناء علي مبادرة الرئيس حسني مبارك بإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط كمقدمة لإخلائها من أسلحة الدمار الشامل.. كما تصدر الجمعية العامة قرارا بمبادرة مصر أيضا بتناول مخاطر الانتشار النووي في الشرق الأوسط والتركيز علي القدرات المبهمة لإسرائيل في هذا المجال.. ويحظي هذا القرار الذي يطالب بوضع المنشآت النووية الإسرائيلية تحت ضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتأييد أغلبية الدول الأعضاء بالأممالمتحدة. وتلعب مصر في مؤتمر المراجعة الجاري حاليا دورا محوريا بارزا حيث إنها ترأس مجموعة دول عدم الانحياز إلي جانب رئاستها لدول تحالف الأجندة الجديدة التي تضم السويد والبرازيل وجنوب أفريقيا وأيرلندا والمكسيك ونيوزيلندا وهي دول تسعي لنزع السلاح النووي هذا إلي جانب قيامها بتنسيق الموقف العربي وتمثيله. ويرأس وفد مصر في هذا المؤتمر السفير ماجد عبدالفتاح مندوب مصر الدائم لدي الأممالمتحدة إلي جانب صفوة من خبراء الخارجية المصرية في مجال نزع السلاح.. وعلي الرغم من قيام هيلاري كلينتون وزير الخارجية بتمثيل بلادها في المؤتمر فإن هناك توقعات بحضور أوباما للمشاركة في إحدي الجلسات. ومن المتوقع أن تجعل واشنطن من هذا التجمع الدولي فرصة للتعبئة ضد الملف النووي الإيراني وللدفع بإقرار مجلس الأمن لحزمة جديدة من العقوبات الصارمة ضد إيران لتحديها قرارات المجلس السابقة بوقف تخصيب اليورانيوم وإعطاء دور محوري لوكالة الطاقة الذرية الدولية في التفتيش علي منشآتها. وفي إطار محاولة الالتفاف حول تنفيذ قرار إخلاء منطقة الشرق الأوسط من السلاح النووي ووضع المنشآت النووية الإسرائيلية تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقدمت الولاياتالمتحدة بالاشتراك مع الاتحاد الروسي بورقة عمل تعطي الأولوية لإقرار السلام في المنطقة قبل تنفيذ قرار إخلائها من السلاح النووي.. وهو الأمر الذي ترفضه مصر والتي تقدمت بورقة عمل تدعو إلي تنفيذ القرار الذي صدر في عام 1995 والذي ألحق بمعاهدة حظر الانتشار كجزء أساسي تم الاتفاق عليه للموافقة علي التمديد اللانهائي للمعاهدة.. ولكن مناورات إسرائيل وحلفائها حالت علي مدي 15عاما دون حتي التفكير في وضع أسس تنفيذه. وقد أثار تصريح السفير ماجد عبدالفتاح مندوب مصر لدي الأممالمتحدة بأن التحرك أثناء مؤتمر مراجعة معاهدة عدم الانتشار لتنفيذ قرار جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من السلاح النووي سيفتح الطريق لإنهاء المواجهة حول الملف النووي الإيراني.. أثار هذا التصريح ضجة.. وذكر مندوب مصر أثناء غداء صحفي يوم انعقاد المؤتمر: أن النجاح في التعامل مع الملف النووي الإيراني سيتوقف إلي حد كبير علي ما سيحرز من تقدم نحو إنشاء منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط. ورفض السفير المصري تحديد أيهما أخطر علي المنطقة فيما يتعلق بتسلح إيران نوويا أو إسرائيل وقال ردا علي هذا السؤال: إن هناك ضرورة للتعامل مع القضيتين بالتوازي موضحا رفض مصر وجود أي سلاح نووي في منطقة الشرق الأوسط سواء أكان ذلك في إيران أو في إسرائيل. وتجدر الإشارة إلي أن ورقة العمل المصرية التي تطالب بقيام المؤتمر باتخاذ ما يلزم من تدابير من قبل الدول الأعضاء فرديا أو جماعيا لتنفيذ قرار انضمام إسرائيل للمعاهدة في أقرب وقت ممكن وإخضاع جميع مرافقها النووية لضمان الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وقد اقترحت مصر عقد مؤتمر دولي بحلول عام 2011 من أجل البدء بمفاوضات تشارك فيها جميع دول المنطقة بما في ذلك إيران وإسرائيل لمناقشة خطة التنفيذ. وطلبت مصر من المؤتمر أن يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية إعداد وثائق تتضمن معلومات أساسية عن أساليب التحقق من وجود منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط. ومن المعروف أن إسرائيل لا تشارك في المؤتمر الجاري حاليا لأنها ليست طرفا في المعاهدة الجاري استعراضها ولكن هذا لا يمنع وجودها من خلال حلفائها وأصدقائها بل وقيام خبرائها أحيانا في توجيه سير المشاورات. وفي حوار مع السفير ماجد عبدالفتاح قال: »إن الوقت قد حان لتنفيذ قرار انضمام إسرائيل لمعاهدة حظر انتشار السلاح النووي لأنه قرار يتضمن عناصر الضغط الضرورية وقد حالت مناورات أصدقاء إسرائيل دون تنفيذه علي مدي 15عاما، إلي جانب أن صدور القرار واكب جهودا لإقرار السلام وبدء المفاوضات متعددة الأطراف.. وفي عام 2000 تم أثناء مؤتمر المراجعة التأكيد مرة أخري علي ضرورة التنفيذ إلا أن الدول الغربية حولت الاهتمام إلي الملف النووي العراقي ثم الملف الإيراني وأصبحت هذه الملفات والانشغال بها وسيلة للتهرب بإعطاء ايحاء بأن القضية ليست إسرائيل فقط بل إن هناك دولا أخري.. ويمضي قائلا: »هناك تفاؤل حيث إن المناخ العالمي أصبح أكثر ايجابية في ظل إدارة الرئيس أوباما وفكرها الجديد فيما يتعلق بإخلاء العالم من السلاح النووي إلي جانب ظهور مبادرات دولية من قبل الدول الخمس النووية حول بذل جهود في مجال منع الانتشار ونزع السلاح النووي. ويقول مندوب مصر: »إن الترويج لضرورة التوصل إلي سلام عادل وشامل قبل إخضاع إسرائيل لأي ضمانات دولية أمر مرفوض.. وقد أعلنت مصر وأكدت مرارا أن السلام يأتي من خلال التوصل إلي الأمن وليس العكس حيث إن إنشاء منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط سيؤدي إلي السلام.. وإذا كانت إسرائيل حاليا قد جمدت كافة جهود السلام فهل يعني ذلك إعطاءها فيتو علي مؤتمر المراجعة؟! ويقول السفير المصري: »هناك نقاط خلاف ومخاوف أولها أن هناك مخاوف لدي الدول النووية من تزايد الطلب علي المفاعلات النووية بسبب أزمة الطاقة حيث إن هناك حوالي 60 دولة طلبت وأخطرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية برغبتها في إنشاء مفاعلات نووية لإنتاج الطاقة وتري الدول النووية أن هذا التوجه يشكل خطرا علي السلام والأمن العالمي.. ولكنها في نفس الوقت لا تستطيع أن تعارض ذلك حيث إن المعاهدة تنص علي حق الاستخدام السلمي للطاقة.. مما يدفع الدول النووية إلي طلب ضمانات صارمة وعمليات تفتيش بأسلوب قد يمس سيادة الدول بل ويدفعها إلي الانسحاب من المعاهدة.. وبالتالي هناك اهتمام بمناقشة ودراسة كيفية التعامل مع التهديد بالانسحاب من المعاهدة«.. ومن جهة أخري تجري مناقشة حول كيفية السيطرة علي منع تخصيب اليورانيوم من قبل الدول الأطراف داخل أراضيها وكيف يمكن أن تتم عملية التخصيب من خلال بنك دولي لبيعه للدول الراغبة في ذلك وهو أسلوب يفرض قيودا علي الدول الراغبة في الحصول علي اليورانيوم ومراجعة الاحتياجات التنموية للدول وتقديرها..