مسودة القانون الموحد للتعليم العالي، حصلت علي الكارت الأحمر من الجميع والكل تنصل منها، لتفجر صراعا مكتوما بين وزير التعليم العالي ورؤساء الجامعات، فبمجرد الإعلان عن توزيعها داخل المجلس الأعلي للجامعات علي رؤساء الجامعات للاطلاع عليها، ومع تسريبها إلي الإعلام إلا وانفجرت حالة من الجدل الساخن بين هيئات ونوادي التدريس في مختلف الجامعات، وكذلك النقابة المستقلة لأعضاء التدريس التي اعتبرت المسودة عبارة عن مجموعة من المخالفات الدستورية الصارخة. وبينما أبدي عدد من الأساتذة الذين شاركوا في مراحل سابقة في إعداد المسودة عدم دعوتهم للاطلاع علي النسخة النهائية وقصرها علي رؤساء الجامعات فقط، اعتبر الوزير أن ما ينشر هو أمر محرف و هدفه إثارة البلبلة..فأين الحقيقة؟! اللافت للانتباه أن الأزمة انفجرت عقب اجتماع المجلس الأعلي للجامعات، وتم فيه توزيع المسودة الأولية للائحة التي تعد أفكارا مبدئية لما توصلت إليه اللجان المشكلة لوضع مقترح قانون التعليم العالي الجديد، وتم تسريب مشروع القانون إلي عدد من المواقع الإلكترونية والإخبارية. وعلمت »آخر ساعة» أن الاجتماع الطارئ الذي عقده وزير التعليم العالي مع رؤساء الجامعات في جامعة المنوفية، غاب عنه 11 رئيس جامعة، يشكلون كتلة رؤساء الجامعات المعترضين علي قرار الوزير، من إجمالي23 جامعة حكومية، وخلال الاجتماع كان التوتر سائدا بين الجميع بسبب الغياب الكبير لأعضاء المجلس الذي لم يحدث من قبل، حتي أن الوزير انفعل علي رئيس جامعة المنيا, الدكتور جمال أبوالمجد, الذي طلب من الوزير التواصل مع رؤساء الجامعات، والرد علي اتصالاتهم لتجنب الأجواء المحتقنة. وجاء رد النقابة المستقلة لأعضاء هيئة التدريس، عنيفا في لهجته، ما عبر عنه المتحدث باسم النقابة، محمد كمال، قائلا: »من الواضح أن هناك عبثا يحدث، والقضية أخطر من تسريب مسودة التي من الواضح أن واضعيها قد صدمهم رد الفعل فتنصلوا منها جميعا، فهناك في المسودة نصوص تمنح سلطات إضافية لوزير التعليم العالي، حيث أصبح تعيين رئيس الجامعة بناء علي ترشيح الوزير مباشرة، كما أصبح تشكيل مجلس القسم في يد الأساتذة فقط، وتم استبعاد المدرسين، كما تم الحد من وجود الأساتذة المساعدين». وضربت الأزمة الجامعات الخاصة بعد تجاهل عرض المسودة علي رؤساء هذه الجامعات، إذ قال رئيس جامعة المستقبل، الدكتور عبادة سرحان: »علي الرغم أنني قمت في مراحل سابقة بالمشاركة في إعداد المسودة، إلا أنه حتي الآن لم أطلع علي المسودة التي تم قصر توزيعها علي رؤساء الجامعات الحكومية، وأعتقد أنه من الصعوبة إدراج تشريعات الجامعات الحكومية مع تشريعات الجامعات الخاصة والأهلية والمعاهد العليا في قانون واحد». وذهب رئيس مجلس أمناء الجامعة الألمانية بالقاهرة الدكتور أشرف منصور، إلي أن مسودة المشروع الجديد لم تعرض علي الجامعات الخاصة حتي الآن، وأن المسودة الأولية التي يتم تداولها إعلاميا حاليا تضم نصوصا لتكدير الجامعات الخاصة، وبالتالي سنرفض تلك المسودة حال طرحها بتلك الصورة، حيث إن القراءة الأولية لنصوصها تشير إلي مخالفة8 مواد دستورية علي الأقل. أمام حالة الهجوم من قبل الجميع علي مسودة المشروع، جاء رد وزارة التعليم العالي متأخرا، إذ قال الوزير أشرف الشيحي »ما يحدث الهدف منه إشاعة البلبلة بين أساتذة الجامعات، وما تنشره بعض المواقع الإلكترونية هي نسخ مختلفة غير حقيقية من مسودة قانون تنظيم الجامعات، و لا نعلم مصدرها حيث إنها غير صحيحة علي الإطلاق». وأضاف الشيحي: »ما تم توزيعه لبعض رؤساء الجامعات كان مجرد مسودة فقط، بغرض الدراسة التمهيدية لا أكثر من ذلك، وهي عبارة عن مجموعة من الأفكار الأولية التي خلصت إليها لجنة إعداد قانون تنظيم الجامعات، والأمر لا يتعدي سوي مجموعة من الأفكار والاجتهادات المبدئية، التي لم تتم صياغتها من الناحية القانونية بعد» وتابع: »نعدل بعض مواد القانون 49 لسنة 1972، بشأن تنظيم الجامعات الحكومية، ولم يتم التطرق للجامعات الخاصة والمعاهد العليا، حيث إن لهم قوانين أخري جار مراجعتهh». وأشار الشيحي إلي أن عملية التطوير جارية، وبالتالي فإنه لا صحة لما يقال بأن القانون اكتمل، وأنه تم تشكيل لجنة جديدة لإعداد قانون جديد للجامعات وستقوم بدراسة القانون والانتهاء من إعداده، علي أن يتم تحديد موعد غايته 14 يوما، للانتهاء من كل باب علي حدة، وعرضه للنقاش بين رؤساء الجامعات في اجتماعات دورية، مشددا علي أنه لا توجد أي خلافات بينه وبين رؤساء الجامعات، مضيفا: »نعمل في إطار منظومة متكاملة ، والقانون يعطي الوزير اختصاصات لا يمكن تجاوزها أو التعدي عليها من أي من أعضاء المجلس». بدوره، أكد أمين المجلس الأعلي للجامعات، الدكتور أشرف حاتم، أن ما طرح ما هو إلا مجرد أفكار أولية، لم يجر نقاش موسع حوله حتي الآن، وتم تعميمها علي رؤساء الجامعات بهدف مناقشتها بصورة موسعة في ورش عمل، ومشروع القانون سيأخذ مساره الطبيعي بإدارة حوار مجتمعي حوله ثم طرحه لمناقشته في البرلمان أي أنه ليس أمر سريا ولن يتم تمريره كما يدعي البعض.