عادت حلب.. للتراب السوري مرة أخري بعد 4 سنوات كاملة.. ولكن الحرب في سوريا لم تنتهِ غدا أو بعد غد، فمازال المزيد من المناطق السورية في حاجة لجهد ربما أكبر مما بذل لاستعادة حلب، بما في ذلك مدن لاتقل أهمية مثل: أدلب ودير الزور والرقة، التي يتركز فيها أغلب المتطرفين ويحاربون فيها معركتهم الأخيرة والحاسمة في مواجهة الجيش السوري وحلفائه، وهم وحدهم الآن بعد تخلي أمريكا وقوات التحالف وبعض البلدان الإقليمية من دعمهم طواعية أو إجبارا بعد قطع خطوط الإمداد التي كانت تصل إليهم وبالذات من تركيا إلي حلب وغيرها من المدن السورية الهامة. والسيطرة علي حلب ستغير خريطة الحرب السورية السورية، وتمكن نظام بشار الأسد من فرض قبضته أكثر وأكثر علي المدن السورية الهامة وذات الكثافة السكانية العالية، وحسب شبكة »NN الإخبارية الأمريكية فإن حلب التي كانت مستعصية وصعبة المنال علي الجيش السوري منذ سيطرة المعارضة المسلحة والمتطرفة عليها في العام 2012 وحتي وقت قريب كانت تلك المعارضة تؤمن أن عودة الجيش السوري أصبح صعب المنال وربما مستحيل الحدوث، ولكن اختلال موازين القوي علي الأرض وبخاصة بعد تخلي أمريكا وقوات التحالف من ورائها بعض القوي الإقليمية مثل، قطروتركيا، عن بعض فصائل المعارضة خاصة المتطرفة منها، أصبح الوضع أكثر تعقيدا مع زيادة الدعم العسكري لبشار من قوي مناوئة أخري أبرزها: روسيا وإيران وحزب الله وبعض البلدان الإقليمية التي أعلنت مؤخرا دعمها لبشار إما معنويا أو ماديا من وراء ستار. والواقع علي الأرض يقول إن بشار الأسد قد يتمكن من السيطرة علي العديد والمزيد من المدن السورية الرئيسية، ولكنه في المقابل سيكون في حاجة لبذل جهد مضاعف، لبسط نفوذ قواته علي مناطق لاتقل أهمية من حيث الكثافة البشرية أو الجغرافية، وبالذات في شمال وشمال شرق سوريا، حيث تتركز قوات معارضة له من: الأكراد بمساندة تركية وداعش والمتطرفين وأبرزهم: جبهة فتح الشام النصرة سابقا. أضف إلي ذلك كما تقول صحيفة الإندبندنت البريطانية علي موقعها الإلكتروني إن قوات الأسد قد أنهكت ولسنوات طويلة من الحرب الأهلية، في قتال لا يتوقف أبدا وعلي امتداد كل الأراضي السورية وعلي عدة محاور وحدود تتقاطع مع كل من: تركيا والعراق والأردن ولبنان، وإسرائيل أحيانا. وهنا تبرز سيطرة مجموعات مسلحة لا يمكن الاستهانة بها علي مناطق مثل: أدلب التي يسيطر عليها تنظيم فتح الشام، والأكراد الذين تسيطر قواتهم »وحدات حماية الشعب» علي مناطق حدودية مع تركيا أبرزها: الحسكة والقاشملي، ثم داعش التي تسيطر علي مدينة هامة تعد مركزا لكل تحركاتها في سوريا والعراق وهي: الرقة، أضف إلي ذلك الوضع المتدهور في ريف العاصمة دمشق وعلي الحدود السورية اللبنانية والسورية علي الأراضي العربية المحتلة. وهذا الوضع علي الأرض ينفي أن الصراع الدائر في سوريا منذ نحو 6 أعوام قد ينتهي غدا أو بعد غد، بل يؤكد أنه في تصاعد خاصة مع إدراك المجموعات المسلحة المعارضة أن معركتها الآن هي: تكون أو لا تكون، وستكون أكثر شراسة ورغبة في الانتقام من الجيش السوري المنهك القوي علي الأرض، وإن كان سيعطي قوات بشار فرصا أفضل، في حالة العودة مرة ثانية إلي مائدة المفاوضات القادمة التي أعلنت عنها موسكو في الأستانة بجمهورية كازاخستان. والوضع علي الأرض السورية الآن.. لا ينكر أن قوات النظام قد انتصرت في معركة حلب الكبري، ولكنه يطرح تساؤلات حول حسابات المكسب والخسارة لتلك الانتصارات فهناك إنهاك قوي بشار بشدة في حرب لا يعرف أحد منتهاها، وهناك خسارة بلدة »تدمر» الأثرية مرة أخري في محاولة من داعش في الصيد في الماء العكر، واستغلال انشغال النظام بتحرير حلب، ولكن في المقابل هناك حرص من النظام علي بسط هيمنة خاصة علي المدن السورية الرئيسية مثل: العاصمة وحلب وحمص وحماة، وتعد هذه المدن قلب سوريا وتمثل أكثر من نصف كتلتها البشرية المؤثرة، وهناك نجاح القوات السورية في فرض مبادرتها في مواجهة القوات المعارضة المسلحة بعد قطع معظم خطوط إمدادها خاصة تلك القادمة عبر الحدود السورية التركية، وهناك حصر المسلحين في مناطق قد تكون هي المعركة الحاسمة لاستعادة كل التراب السوري منهم خاصة في الرقة وأدلب ودير الزور وبعض المناطق الريفية علي ضواحي دمشق، وهناك بالطبع بدايات تغير في السياسات الأمريكية والأوروبية وربما بعض الإقليمية، تجاه الأوضاع علي الأرض فقوات بشار أصبحت ذات اليد الطولي في تقرير ماسيحدث مستقبلا من تسويات سياسية أو حتي حسم عسكري خاصة بعد إدراك المعارضة المسلحة أنها لم تخسر حلب فقط، بل في طريقها لخسارة الحرب كلها، وهنا تبرز كما تقول صحيفة الجارديان البريطانية قوة بشار الذي أصبح الكلام يدور عنه في كيف نتعامل معه مستقبلا بعد مكاسبه فوق الأرض، وكيف سيكون هذا التعامل سياسيا وفي ظل توافقات دولية وإقليمية، ويحدث ذلك بعد أن كان الحديث منذ أسابيع قليلة يدور حول مصير سوريا بعد رحيل بشار الأسد، وكيف ستتعامل أمريكا وحلفاؤها من الغربيين والإقليميين، مع أي وضع سوري محتمل يتناول فيه وبقوة المعارضة المسلحة المعتدلة!!