جامعات مشرفة بالصعيد    انطلاق أولى خطوات تشكيل «القائمة الوطنية» لانتخابات مجلس الشيوخ    مطالب برلمانية بتغليظ عقوبة عقوق الوالدين    خلال المؤتمر الدولى لتمويل التنمية بإسبانيا | لقاءات مكثفة بين «المشاط» وممثلى الحكومات    المنيا تستقبل 17 ألف سائح و263 باخرة نيلية لزيارة المعالم الأثرية والتاريخية    غضب نتنياهو من زيارة لابيد للإمارات وظهوره مع عماد الدين أديب، إعلام عبري يكشف التفاصيل    الاحتلال الإسرائيلي ينصب حاجزًا عسكريًا يعيق حركة الفلسطينيين غرب بيت لحم    استشهاد 138 فلسطينيا وإصابة 452 آخرين خلال 24 ساعة في قطاع غزة    شيكابالا .. والتوقيت المناسب    الكشف عن تفاصيل نهائي سلسلة كأس العالم وبطولة العالم للتتابعات للخماسي الحديث    ننشر أسماء 12 شخصا أصيبوا في حادث الطريق الدولي بدمياط الجديدة    مقتل مُسن على يد شاب بسبب خلافات أسرية في كفر الشيخ    أنغام تفتتح حفلات مهرجان العلمين بأسعار تذاكر تبدأ من 1000 جنيه    حمدى رزق يكتب: الزمبليطة فى الصالون!!    بعد وفاة أحمد عامر.. «أزهري» يوجه رسالة مؤثرة ل «حمو بيكا»    عالم أزهري: التربية تحتاج لرعاية وتعلم وليس ضرب    رئيسا هيئة الرعاية الصحية وجامعة عين شمس يوقعان مذكرة تفاهم لتعزيز التكامل    تظهر ليلًا.. 5 علامات تشير لمشكلة في الكلى    محمود محيى الدين: حان وقت الخروج من حلقة تمويل التنمية غير الكافى وغير العادل    وزارة العمل: 80 فرصة عمل للمعلمين فى مدرسة لغات بالمنوفية    منتخب الريشة الطائرة يتأهل لنهائى بطولة أفريقيا ويصعد لكأس العالم لأول مرة    سيد عبد العال: القائمة الوطنية من أجل مصر تعبر عن وحدة الأحزاب حول هدف مشترك    تصاعد عمليات استهداف الاحتلال جنوب غزة.. واستشهاد العشرات فى غارات إسرائيلية متفرقة    رامي جمال يحتل التريند الرابع بأغنية "محسبتهاش" عبر "يوتيوب" (فيديو)    ياسمين رئيس تشارك كواليس أول يوم تصوير فيلم الست لما    النصر السعودى يعلن التعاقد مع جيسوس خلال 48 ساعة    هل يجوز صيام يوم عاشوراء فقط؟.. رد الإفتاء    فلسطينيون ينظمون مسيرة حاشدة شمال رام الله لصد هجمات المستوطنين    إصابة 8 أشخاص فى حادث انقلاب سيارة سرفيس بصحراوى البحيرة    أئمة وخطباء بالمنيا يؤكدون على السلام والمحبة بين أبناء الوطن    الوطنية للانتخابات: تنسيق كامل مع الخارجية لتسهيل مشاركة المصريين بالخارج في التصويت    نتيجة الدبلومات الفنية 2025 برقم الجلوس الدور الأول.. استعلم فور ظهورها    دعاء يوم عاشوراء 2025 مكتوب.. الأفضل لطلب الرزق والمغفرة وقضاء الحوائج    السيطرة على حريق محدود بصندوق كهرباء في مدينة قنا الجديدة    «قصة الإيجار القديم في مصر».. 16 قانونًا و100 عام حائرة بين المالك والمستأجر (تقرير)    أندية المنيا تهدد بتجميد نشاطها الرياضي احتجاجا على ضم الجيزة لمجموعة الصعيد    الدفاع المدني السوري: فرق الإطفاء تكثف جهودها للسيطرة على حرائق غابات بريف اللاذقية    يوفنتوس يواجه أزمة مع فلاهوفيتش... اجتماع حاسم قد ينهي العلاقة    خطيب المسجد الحرام: التأمل والتدبر في حوادث الأيام وتعاقبها مطلب شرعي وأمر إلهي    رئيس الاتحاد الدولي يشيد بدور مصر في نشر الكرة الطائرة البارالمبية بإفريقيا    بعد غياب 7 سنوات.. أحلام تحيي حفلا في مهرجان جرش بالأردن نهاية يوليو    سعر الخضروات اليوم الجمعة 4-7-2025 فى الإسكندرية.. انخفاض فى الأسعار    أهم أخبار السعودية الجمعة 4 يوليو 2025    لماذا تتشابه بعض أعراض اضطرابات الهضم مع أمراض القلب.. ومتى تشكل خطورة    تناول طبق عاشوراء بهذه الطريقة.. يعزز صحة قلبك ويقوى مناعة طفلك    "فرانكنشتاين".. تحذير من متحور جديد في بريطانيا    وزارة البترول: إعلانات التوظيف على مواقع التواصل وهمية وتستهدف الاحتيال    وزير الخارجية الروسي: يجب خفض التصعيد وتقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة    45 يومًا لهذه الفئة.. زيادات كبيرة في الإجازات السنوية بقانون العمل الجديد    مصدر أمني: جماعة الإخوان تواصل نشر فيديوهات قديمة    إخلاء سبيل طالبة بالإعدادية تساعد طلاب الثانوية على الغش بالمنوفية    باشاك شهير يقترب من ضم مصطفى محمد.. مفاوضات متقدمة لحسم الصفقة    محافظ المنوفية: تحرير 220 محضرًا تموينيًا خلال يومين من الحملات التفتيشية    حملات بالمدن الجديدة لضبط وإزالة وصلات المياه الخلسة وتحصيل المتأخرات    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 4-7-2025 في محافظة قنا    أسعار الأسماك اليوم الجمعة 4 يوليو 2025    القنوات المفتوحة الناقلة لمباراة الهلال وفلومينينسي في ربع نهائي كأس العالم للأندية    ترامب: برنامج إيران النووي دمر بالكامل وهذا ما أكدته وكالة الطاقة الذرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



4 تحولات استراتيجية بعد سيطرة الجيش السوري على حلب
نشر في الأهرام اليومي يوم 17 - 12 - 2016

كان وزير الخارجية البريطانى بوريس جونسون ينظر إلى زملائه فى مجلس العموم البريطاني خلال جلسة طارئة حول الأوضاع فى حلب عندما قال ببساطة: «نحن مسئولون عن الوضع الحالى...فلو دعم مجلس العموم التصويت على التدخل العسكري فى سوريا فى أغسطس 2013 لما تركنا الفراغ الذى تملأه روسيا الأن. وتابع: الملف السورى الآن لدى روسيا وإيران... إن القرار بأيديهما. والروس والإيرانيون هم من يقررون. إن مستقبل سوريا بإيديهم».
بعدها بنحو ساعتين أعلن السفير الروسي فى الامم المتحدة فيتالي تشوركين التوصل إلى اتفاق مع الحكومة السورية يقضي بمغادرة المتطرفين المسلحين شرق حلب عبر ممرات آمنة، للتوجه إلى أدلب التى باتت جهة أغلب المسلحين الفارين من ريف دمشق وحلب وحماة.
لم تشارك أمريكا، ولا بريطانيا أو فرنسا، فى الإتفاق كما أكد جون كيربى، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية. فالملف السورى كما قال بوريس جونسون «خرج من يد الغرب»، واستعادة الحكومة السورية حلب يعزز ذلك الخروج.
ويقول دبلوماسيون بريطانيون مطلعون ل«الأهرام» إن تصريحات جونسون لم تكن مجرد تعبير عن احباط من تهميش الغرب تقريبا كليا من الملف السورى، بل كان فى الواقع رسما لسياسات مستقبلية تتبلور مفادها أن الغرب سيغيب أكثر عن الملف السورى، فلم يعد فى وسعه فعل أى شئ. وإذا كان العامان الماضيان بالذات قد شهدا تراجعا كبيرا في دور الغرب في الازمة السورية لمصلحة روسيا وإيران، فإن العام المقبل سيشهد انخراطا أوروبيا أقل فى الملف. وسيتمحور هذا الانخراط فى محاولة التوصل لتسوية سياسية فى سوريا.
فاستعادة حلب نقطة تحول كبيرة فى الصراع حول سوريا. والغرب يدرك هذا. وبرغم تصريحات البعض أنها «معركة وليست الحرب»، فإن القناعة السائدة هي أن الغرب لم يعد بامكانه التأثير على التطورات في سوريا.
خسارة المعارضة السورية المسلحة لشرق المدينة وإستعادة الدولة السورية لها يترتب عليه أربعة تحولات استراتيجية تعد بداية- نهاية مشروع المعارضة السورية المسلحة. هذه التحولات هي:
أولا: الحفاظ على الدولة المركزية السورية عبر حماية «سوريا المفيدة»، أى مدن الغرب السورى الكبيرة، دمشق، وحلب، وحمص وحماه التى باتت كلها تقريبا بإستثناء جيوب صغيرة فى ريف حلب وريف حماة تحت سيطرة الحكومة السورية. فالأربع مدن هى قلب سوريا وتشكل أكثر من 50% من السكان. ومع طرد المعارضة من ضواحي دمشق، مثل داريا والمعضمية وقدسيا والهامة ومضايا، تكون جيوب المعارضة المسلحة محصورة الأن فى الريف وخارج المدن الكبيرة.
ثانيا: قطع خطوط الإمداد الرئيسية للتنظيمات المتطرفة التى كانت تأتى من تركيا إلى حلب. فالتنظيمات المتطرفة لم تخسر مواقع على الارض فقط، بل خسرت امدادات لوجستية، وعمقا سكانيا، ومصادر تمويل، وشبكة معقدة من «المتطرفين الاعلاميين» الذين كانوا يمدون وسائل الإعلام الدولية بالحصة الأكبر من المعلومات حول سوريا.
ثالثا: اجبار المسلحين على التوجه إلى إدلب والتمركز هناك تمهيدا لمعركة حاسمة. ففى كل المعارك التى انتصرت فيها القوات السورية على المعارضة المسلحة، سمحت للمقاتلين بالمغادرة وحدهم مع أسلحة خفيفة إلى إدلب. حدث هذا مع المقاتلين الهاربين من حلب وحماه وريف دمشق.
والسبب البديهى لهذه الاستراتيجية هو حماية المدنيين فى تلك المناطق. فالكتل السكانية في المدن السورية التى شهدت مواجهات عنيفة كانت دروعا بشرية تختفي وراءها المعارضة المسلحة. ففى شرق حلب مثلا، كان هناك 2000 مقاتل، يحتمون وراء 250 ألف مدنى.
واجبار المعارضة السورية المسلحة على مغادرة حلب وحدها، يعنى تعريتها من الغطاء البشرى الذى كانت تحتمى خلفه فى حلب وريف دمشق، حيث دفع مئات الآلاف من المدنيين السوريين ثمن سيطرة تلك التنظيمات على مدنهم وقراهم.
ولهذا رفض المسلحون السوريون باستماتة العروض الروسية -السورية بالخروج من حلب عبر ممرات آمنة طوال الأشهر الماضية. فالنسبة لهم، الخروج من الكتل السكانية بداية- نهاية مشروعهم. فغياب الجدار البشرى الكثيف حولهم يعقد حساباتهم العسكرية والسياسية. بينما وجود ذلك الجدار البشرى يجعل أى عملية عسكرية ضدهم صعبة ومعقدة.
رابعا: تقليص أشكال الدعم السياسى والدبلوماسى والعسكرى للتنظيمات المتطرفة إن لم يكن من حلفائها الاقليمين، فبالتأكيد من حلفائها الغربيين. فخسارة حلب تترتب عليه خسارة دعم مالى وعسكرى وسياسى كبير مع تفكك مشروع المعارضة السورية المسلحة أمام أعين داعميها ومموليها.
تركيا، التى تعاني تباطؤا اقتصاديا وأزمات داخلية ضخمة، تتراجع تدريجيا عن الانغماس فى الملف السوري بفعل تحسن العلاقات مع روسيا والروابط مع إيران. أما باقي القوى الإقليمية الداعمة للتنظيمات المسلحة فإنها ستبدأ حسابات معقدة حول مكاسب وخسائر استراتيجيتها فى سوريا. وتقول مصادر مطلعة فى المفوضية الأوروبية إن مسئولة السياسة الخارجية فى الاتحاد الأوروبى فيدريكا موجيرينى تنقل منذ أسابيع رسائل إلى لاعبين إقليميين فى الشرق الأوسط بعضهم يخوض حروبا بالوكالة فى سوريا، مفادها أنه آن آوان وقف تسليح وتمويل ودعم المعارضة السورية المسلحة والتركيز على خيارات أخرى.
وهناك حاليا في الغرب ما يمكن وصفه ب»إعادة ضبط الزر». أى إعادة تقييم جذري للاستراتيجية الغربية فى سوريا. وهذا يتضمن السماح ببقاء الأسد، والتوصل لتسوية سياسية مع جماعات المعارضة المقبولة دوليا، والتخلص من التنظيمات الراديكالية التى تهدد المنطقة والعالم مثل «داعش» و»جبهة فتح الشام» أو النصرة سابقا.
إن هناك «واقعية سياسية» أوروبية فى الملف السورى بدأت فى التبلور منذ 2014، وترسخت خلال العامين الماضيين على خلفية تحولين. أولا: أزمة اللاجئين الدولية.
وثانيا: الهجمات الارهابية التى ضربت أوروبا 2015 و2016.
ويقول بيتر فورد السفير البريطاني لدى دمشق بين 2003 و2006: «على الغرب والحلفاء الإقليمين وقف دعمهم للمعارضة السورية ومساعدة النظام السورى على استعادة السيطرة على سوريا لقتال داعش واقناع المعارضة بالتفاوض بدون شروط». ويتابع:»الأسد لن يتم الإطاحة به. هذا بات جليا مع مرور الوقت.
وبالنسبة لرد فعل الرأى العام البريطانى والأوروبى إجمالا، فإن المعارضة السورية لم تخسر معركة حلب فقط، بل خسرت الحرب كلها. قياس أى رأى عام مسألة معقدة، لكن هناك مؤشرات على رأسها استطلاعات الرأى، والتفاعل مع ما تكتبه الصحف وتبثه شاشات التلفزيون، وتبادل المواقف عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ومن هذه المؤشرات يمكن استخلاص نتيجتين. أولا: الرأى العام الأوروبى لا يدعم أى تورط عسكرى غربى فى سوريا. ثانيا: هناك دعم واسع للتدخل الروسى لطرد داعش وغيرها من التنظيمات في سوريا.
الحرب فى سوريا لن تنتى غدا رغم إستعادة الحكومة السورية حلب، فما زالت هناك معارك مرتقبة فى إدلب والرقة ودير الزور. لكن كلما خلصت الأطراف الدولية والاقليمية والمحلية المتورطة في الصراع إلى أن مشروع تغيير سوريا من الخارج لن ينجح، كلما قصر أمد الحرب وبالتالى معاناة السوريين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.