كلنا نعاني من ضغوط نفسية كبيرة، نتيجة المشاكل التي نواجهها في كل مكان سواء في البيت أو العمل أو في الشارع، والكثير منا يعجز عن التعبير عما يشعر به ويعجز عن البوح عما يدور بداخله، وأحيانًا تنتابنا رغبة في البكاء والصراخ المستمر من كثرة الضغوط، حتي لا نحكي ما بداخلنا لأحد. ويلجأ الكثيرون لفكرة الذهاب إلي غرف الصراخ داخل ملاهي الأطفال وبيوت الرعب من أجل تفريغ طاقة الغضب التي يشعرون بها، رغم أنهم يدركون أنها في نهاية الأمر مجرد ألعاب تثير الذعر فقط لكن الرغبة في تفريغ شحنة الغضب تجعل الكثيرين يفضلون الذهاب إلي الملاهي للتنفيس عن أنفسهم. وفي محاولة لتطبيق فكرة العلاج بالصراخ، خصصت بعض المقاهي في مدينة السادس من أكتوبر غرفا للصراخ والتنفيس عن الغضب، بعض المقاهي بدأت في تطبيق التجربة من خلال تجهيز غرفة مجهزة بوحدات عازلة للصوت حتي لا يسمع أحد الصراخ، وبدون دفع أي مقابل مادي يمكنك الدخول بالغرفة والصراخ كيفما تشاء. هذه التجربة التي طبقتها بعض المقاهي المصرية ليست الأولي من نوعها، ولكنها موجودة ببعض دول العالم ويتم تطبيقها في هذه الدول بمنتهي السهولة، واللافت للانتباه أن الفكرة بدأت تلقي رواجا لدي البعض. الفكرة بدأت منذ فترة قصيرة، وتهدف إلي مساعدة الكثير من الناس علي تفريغ شحنة الغضب التي بداخلهم، وتفريغ الطاقة السلبية، والصراخ يتم بحرية حتي يستطيع كل شخص التعبير عما بداخله بدون قيود، وفي أماكن لا يراه فيها أحد ولا يشعر به أحد حتي لا يشعر بالخجل من نفسه. الدكتور حسام محمد استشاري الأمراض العصبية والنفسية، قال إن الإنسان بحاجة إلي وسيلة للتنفيس عن غضبه بشكل مستمر للعمل علي إخراج شحنة الضيق التي بداخله، حتي يتسني له استعادة نشاطه مرة أخري. أضاف، إن العلاج بالصراخ يعد وسيلة من وسائل التنفيس عن النفس، لأن الإنسان يمكنه من خلالها التنفيس عن شحنة الغضب التي بداخله، خاصة إذا كانت هناك غرف مجهزة لذلك، وبالتالي فإن الإنسان سيكون متأكدا من أنه لا يوجد أحد يسمع صراخه، ويبدأ من خلال الصراخ في التعبير عن حالة الغضب التي بداخله. ويؤكد أن الواقع المحيط بنا مليء بالعديد من العوامل النفسية التي تجعلنا نشعر بالضغط النفسي والقلق نتيجة العوامل الاقتصادية والسياسية التي نعيشها الآن، وحالة الغليان التي توجد في الشارع المصري، مما قد ولد كثيرا من الضغوط النفسية لدي الكثير من الناس، ويمكن للبعض استخدام الصراخ كوسيلة للتنفيس عن النفس. بينما يقول الدكتور أحمد عبدالله استشاري الطب النفسي، إن العلاج بالصراخ تجربة يقوم بها عدد كبير من دول العالم للتنفيس عن الكبت النفسي الذي يشعر به بعض الناس، ويؤكد أننا في مصر قد نخشي من تطبيق فكرة العلاج بالصراخ، لأن الكثيرين سيعتبرونه اضطرابا نفسيا ونوعا من الجنون، لكنه ليس كما يراه البعض، بل إنه وسيلة يمكن من خلالها التنفيس عن النفس وإخراج حالة الكبت التي يعيشها الإنسان، موضحًا أن المجتمع المصري سيحتاج كثيرا من الوقت لتطبيق مثل هذه الفكرة، لكنها قد تفيد البعض في إزاحة شحنة الغضب عن نفوسهم. بينما تقول إلهام سعادة الإخصائية النفسية، إن فكرة العلاج بالصراخ ليست بفكرة مستحدثة، وإنما تم تناولها عبر العصور ولكن بطرق مختلفة، منها فكرة الزار التي يلجأ إليها البعض اعتقادا منهم أنه يمكن من خلاله أن يتم تيسير أمور حياتهم، وهو يعتبر طقسا يتم ممارسته وسط أجواء صخب وإيقاع، وتتم وفقا لأداء لوني وحركي معين، ويقوم فيها الإنسان بالصراخ وسط أجواء معينة لتخريج شحنة الغضب التي بداخله، حتي أنه قد يصل في بعض الأحيان إلي مرحلة الإغماء بعد تخريج كل شحنة السخط التي بداخله. أضافت، إن ظاهرة الزار هي ظاهرة اجتماعية مرفوضة دينيا، لكن يقبل عليها البعض في عدد من المجتمعات العربية، وعلي الرغم من كونها فكرة مرفوضة دينيا، إلا أنها تعد وسيلة للتنفيس عن شحنة الغضب يختلط فيها السحر بالخرافة، وتؤكد أن الزار يتم وفقا لأجواء معينة يوجد منها جزء في الفولكلور الشعبي، من خلال رقصات شعبية، رقصات معينة، وإطلاق عبارات خاصة، واستخدام الدفوف والبخور من أجل تهيئة أجواء خاصة تساعد علي تفريغ شحنة الغضب. وأوضحت، أن الزار لا يعد فقط شكلا من أشكال العلاج بالصراخ، بل إن هناك أيضا بعض أنواع الموسيقي التي تمثل علاجا بالصراخ منها موسيقي الميتال التي تتميز بالصوت العالي والضوضاء، بالإضافة إلي استخدام بعض المؤثرات الصوتية التي تصل إلي حد الجنون في تناوب الإيقاعات، وذلك بهدف إحداث حالة معينة تجعل الشخص يبتعد عن العالم الذي يحيط به، وقد بدأت موسيقي الميتال مع بداية الثمانينيات، وتتميز بالسرعة والأسلوب العنيف والعزف المنفرد السريع والإيقاع الصاخب الذي يكون مصحوبا بالعنف، وطريقة الغناء تكون شبيه بالحشرجة، حيث يعتمد هذا النوع من الموسيقي علي إحداث حالة من الضوضاء والصخب. وأشارت إلي أن التجربة بدأ تطبيقها في عدد من المقاهي في مدينة السادس من أكتوبر وتعتمد علي تخصيص غرف معزولة مجهزة بتقنيات عازلة للصوت من أجل مساعدة الإنسان علي تفريغ الشحنة السلبية بداخله، وقد لاقت الفكرة استحسانا لدي البعض. ويقول الدكتور سعيد عبدالعظيم أستاذ الطب النفسي، إن فكرة العلاج بالصراخ تعتمد علي إخراج شحنة الغضب التي بداخل الإنسان، كما أنه يعمل علي تفريغ الشحنة السلبية التي توجد داخل الدماغ ليشعر الجسم بعدها بالراحة، ويستطيع تحسين المزاج وتخريج الطاقة السلبية، ويؤكد أن كثيرا من الناس يلجأون إلي كبت مشاعرهم المختلطة بالغضب والحزن مما يجعلهم أكثر عرضة للمرض والاضطرابات النفسية، لذلك قد يعد الصراخ وسيلة في بعض الأحيان إلي تفريغ شحنة الغضب، كما يلفت إلي أنها مفيدة للأشخاص الذين يتعرضون لضغوط شديدة أو متاعب نفسية كبيرة لا يستطيعون البوح بها أمام أحد مما قد يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض والاضطرابات النفسية. وتعد تقنية ال»ثري.دي»، وسيلة من وسائل العلاج بالصراخ فهذه التقنية تعتمد علي صورة حركية مجسّمة يقوم بتعزيز الوهم البصري العميق، أي يشعر المشاهد وكأنه داخل الفيلم، وتم اشتقاق هذا النوع من التصوير ثلاثي الأبعاد. حيث يستخدم نظام كاميرا الفيديو العادية لتسجيل الفيلم كرؤية من منظورين أو تضاف الرؤية من منظورين بواسطة الكومبيوتر في مرحلة ما بعد الإنتاج، وأجهزة خاصة لإسقاط وعرض الصور المتحركة ونظارات لتزويد العمق الوهمي، ولا تقتصر تقنية الثري دي علي الأفلام السينمائية في دور السينما، بل تستخدم في التليفزيون أيضا. وتخلق هذه التقنية جوا معينا لإشعار المتفرج بأنه يعيش في أجواء الفيلم ويعيش وسط أجواء القلق والذعر بهدف إقحامه نفسيا فيما يحدث داخل أحداث الفيلم. ومؤخرًا، كشفت دراسة بريطانية حديثة أن الصراخ بشكل قوي يريح الإنسان نفسيا كما أنه يعالجه من حالة الإجهاد، وأكدت الدراسة أن الصراخ العالي يعد وسيلة من وسائل التفريج عن النفس وتجديد النشاط، وتفريغ الطاقة السلبية، كما أنه يعد طريقة لإخراج الضغط النفسي الذي يشعر به الإنسان، ويعد طريقة إيجابية لتفريغ الشحنات السلبية، وأكدت عالمة النفس والخبيرة في لغة الجسد جودي جيمس، وفقا لدراسة، أن نوبات الصراخ يمكن أن تساعد في حالات الإجهاد، إذ إنها تخفف من حدة الضغط النفسي، كما نصحت الباحثة كل من يشعر بإجهاد نتيجة الطقس البارد أو العودة إلي العمل بعد عطلة الأعياد أو بسبب المخاوف الاقتصادية أن يحاول الصراخ لفترة قصيرة أو أن يتوجه إلي مكان هادئ ويقوم بإغلاق عينيه لدقائق، ثم يأخذ نفساً عميقاً من أجل مساعدة نفسه علي الهدوء.