تنفيذًا لمقررات المكتب الدائم للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب في اجتماعاته بأبو ظبي في الفترة من 3 إلي 5 يونيو 2013 باعتبار الحادي عشر من ديسمبر من كل عام يوم الكاتب العربي، تحتفل الأوساط الثقافية العربية بهذا اليوم. وبهذه المناسبة وجه حبيب الصايغ الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب رسالة إلي الكتاب العرب قال فيها: »كل يوم هو يوم الكاتب، شريطة أن يكون كاتبًا حقيقيًا؛ بمعني أن تكون كتابته لنفسه قبل الآخرين، وللآخرين قبل نفسه». تابع: »وكيف تكون الكتابة للآخرين؟.. أن تكون لأجلهم، وإن لم ترفع هذا الشعار، كتابة تطرح سؤالًا، أو تثير قضية. كتابة تنعش وعيًا، أو تعلي من شأن الخيال في زمن ندفع فيه ضريبة تقلص مساحات الخيال. كتابة تحرك الراكد وتكشف النقاب عن الفساد والظلم والكبت والقهر. كتابة تربت علي كتف ملتاع وتنير دربًا معتمًا وتمد جسرًا علي هاوية، كتابة ترفع سقفًا مال حتي كاد أن يهوي علي رؤوس أصحابه ولا يملكون له دفعًا، كتابة تحاكم القاتل وتنتصر للقتيل، كتابة تحيّي كل صاحب منجز وتقول له: نراك، وتصيح علي كل مجرم وتقول له: نراك». أضاف: »هذا أولاً.. ويليه حديث عن كتابة تعي وجودها، وتدرك أهمية هذا الوجود في العالم. كتابة تنتصر لذاتها، وتقدر منجزها. فمن المهم أن يحتفي العالم بالكاتب، لكن الأجمل أن يحتفي الكاتب بذاته أيضًا، بأن يتمهل عندها متأملًا، ويقيم من طقوس الاستذكار ما يليق بها. فيوم الكاتب هو يوم الآخرين له، وهو أيضًا يومه لنفسه. هكذا تكتمل المعادلة، ويصبح للكتابة قيمة ومعني، يوم الكاتب يوم للكاتب والكتابة إذًا، وهما بطبيعة الحال واحد، وهنا لابد من استحضار العلامات والمحطات. فالطريق طويل، ولا يُعرَفُ الطريق الطويل إلا بعلاماته ومحطاته. شكلٌ من أشكال الاحتفاء أيضاً، لذا كان يوم الكاتب العربي». استطرد: »ولماذا نجيب محفوظ؟، لأنه علامة ومحطة في الطريق. لكن هذا ليس كل شيء، سؤالنا يحوم في سماء كل احتفاء بالرجل سواء في ذكري رحيله أو ميلاده. وهو السؤال الذي نعرف أننا سنظل نواجهه عندما اخترنا يوم مولده في الحادي عشر من ديسمبر لنحتفل بيوم الكاتب العربي؛ فلماذا نجيب محفوظ؟». وقال: »لسنا مع ثقافة تجاهل الأسئلة. كل سؤال يحمل مشروعية طرحه التي تعد هي نفسها مفتاحًا لأبواب الإجابة، طالما أن الأمر مبني علي منطق ورؤية، وليس مجرد محاكاة لآخرين واتباعٍ لجهة الصوت الأعلي، لذا فإننا ننتهز فرصة احتفالنا بيوم الكاتب العربي الذي تبناه الاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب لكي نعيد طرح التساؤل وننقله إلي الجميع: لماذا صار نجيب محفوظ أيقونة علينا أن نداوم التذكير بها؟، ولنستهل نحن المشاركات بطرح نري فيه إجابة للسؤال، وسببًا لاختيار الأمانة العامة للاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب نجيب محفوظ ليرتبط اسمه بيوم الكاتب العربي». أضاف: »أول ما يتبادر إلي الذهن أن السبب يكمن في أن نجيب محفوظ هو الروائي العربي الوحيد الحائز جائزة نوبل. وهو سبب وجيه، قد يري فيه الكثيرون الكفاية، إلا أننا نأنف أن نختزل تجربة محفوظ الكبيرة في هذه الزاوية الصغيرة. لأننا في المقام الأول نؤمن أن الجائزة نتيجة لإبداعه وحضوره وليست سببًا فيه. كما أننا لا ننظر إلي الجوائز إلا من زاوية كونها نوعًا من التقدير المشروط بتوجهات وخلفيات ورؤي المؤسسات المانحة مهما كبرت قيمة تلك الجوائز ماديًا أو معنويًا أو اتسع نطاق شهرتها، وإذا كانت »نوبل للآداب» قد سلطت الضوء علي »تجربة نجيب محفوظ في الكتابة»، بمعني منتجه الأدبي نفسه، فإننا نري أن تجربة محفوظ مع الكتابة؛ بمعني تفاصيل علاقته بما ينتج والتزامه تجاهه، لا تقل أهمية عن تجربته الإبداعية، وإن كنا نعتقد في أهمية تسليط الضوء علي النموذج المحفوظي الأدبي واستمرار أعمال الدرس والقراءة في عوالمه لغة وأسلوبًا وبلاغة لتفكيك عناصرها وتركيم أطروحات الوصول إلي سر تميزها واستمرارها، فإننا نري أهمية فائقة في دراسة النموذج المحفوظي الآخر الذي قدمه نجيب محفوظ الإنسان الأديب في علاقته بأدبه والتزامه بقضايا مجتمعه. لأننا نعتقد بشدة في أن الالتزام الذي وسمَ الأخير وثيق الصلة بتميز الأول وربما هو السبب الأهم في حدوثه». واختتم: »من هذا المنطلق فإننا نشعر بالمسؤولية تجاه استمرار تقديم هذا الوجه من التجربة المحفوظية وتنويع طرق تعريف الأجيال الشابة به جنبًا إلي جنب مع الوجه الإبداعي من التجربة. لأننا نؤمن - وهو ما أثبته التاريخ - أن ما ينبغي استخلاصه وتقديمه من سير العظماء والرواد لا يقل أهمية عمّا يجب تقديمه واستخلاصه من أعمالهم، بل إن كان صدي الإبداعات يخفت بمرور الوقت، كما هي سنة الحياة التي تتطور وتتنوع ذائقتها مع الزمن، فإن ما يميز الإبداعات العظيمة أنها لا تنهار أمام اختلاف الذائقة ولا تسقط بالتقادم ليس لأنها تناسب كل ذوق ولكن لأن أحجار الأساس تظل أهم وأفضل ما في البناء مهما تزينت أحجار الطوابق العليا بالزخارف والنقوش، وتصمد التجارب الحقيقية لأنها ممسوسة بتلك النار التي صهرت، والمعاول التي هدمت الحواجز وعبرت نحو المستقبل متحدية شروط زمانها ومكانها. وهو ما لا يمكن الوصول إليه من دون قراءة موازية لملامح »التجربة مع الكتابة» إلي جوار »تجربة الكتابة». وتساءل: »هل قدمنا ما يفيد ردًّا علي سؤال لماذا نجيب محفوظ؟.. نأمل ذلك. كما نأمل من كل من توهجت روحه بالكتابة طاقةً مغذّيةً ملهمةً أن تكون له كلمة أيضًا، نجمعها يومًا لتكون وثيقة تشهد بها الذات علي ذاتها». • المجلس الأعلي للثقافة بأمانة الدكتور هيثم الحاج علي، القائم بتسيير أعمال الأمين العام للمجلس، أقام صالون نجيب محفوظ تحت عنوان »عشر سنوات علي رحيل السارد الأعظم»، عقدته لجنة القصة ومقررها الكاتب يوسف القعيد وذلك ضمن احتفال الوزارة بأسبوع نجيب محفوظ، شارك فيه الكاتبة الصحفية زينب العفيفي ود. أماني فؤاد والناقد ربيع مفتاح والكاتب صابر رشدي. وتحدثت زينب عفيفي عن علاقة محفوظ بالصحافة والصحفيين وتناولت فترة انقطاعه عن العالم بسبب ضعف سمعه وبصره، ووصفته بأنه هرم من أهرامات مصر، وأكدت أنه كان ذكيا في تعامله مع الصحافة والصحفيين وأنها في حواره معه منذ أكثر من 20 عاما تأكدت أن إجاباته كانت ومازالت كاشفة للوضع الحالي، وأن محفوظ من خلال الحوار معه كان أبا وعطوفا جدا، وفي ختام حديثها قرأت بعضا من إجابته في حوارها معه عام 1989 وتطرقت لقصصه القصيرة ولإصرار سناء البيسي علي نشرها في مجلة نصف الدنيا ومنها أحلام فترة النقاهة. أما الكاتب صابر رشدي فقد قدم شهادة في شكل أدبي مهداة لروح محفوظ، وتناولت شهادته طريقة تعرفه علي إبداع محفوظ وعلي طريقة وأسلوب كتابته ونمط حياته، ووصفه بالشيخ الجليل وأنه قد توغل في أعماق الشخصية المصرية وجعل من الرواية هدفا ممتعا للقراءة. من جانبه تحدث ربيع مفتاح، عن القيمة التاريخية لمحفوظ وتعرضه للاغتيال المادي والمعنوي بعدما حصل علي نوبل، وتطرق لشخصية محفوظ من حيث سماحتها ونبلها وقوتها، وأكد أنه كان يري مصر عربية وإسلامية بجانب أنها فرعونية، ووصفه أنه فيلسوف التاريخ.