ارتدي النيل مؤخرا ثوبا أصفر مما جعل الناس يتساءلون عن السبب في تغير لون النهر العظيم، بينما راح البعض يقارن بين الصور المختلفة لمياهه العذبة التي تتحول إلي ألوان مختلفة مثل: الأخضر، والأسود، والأحمر، إضافة إلي الأزرق لونه الطبيعي.. السماء، والمناخ، والتربة، والسيول، والمعادن، والصخور، والطحالب، والتلوث.. ثمانية عوامل يؤكد الخبراء تورطها في التأثير علي لون صفحة النيل التي يدمن المصريون النظر فيها لمشاهدة أجمل لوحات الطبيعة. يقول د. محمد نصر علام وزير الري الأسبق إن اللون الطبيعي للمياه هو الأزرق ولكن اللون الأصفر الذي شاهدناه منذ عدة أيام فهو ناتج عن السيول التي تسير في مخرات جبلية فتأخذ الرمال من الجبال نتيجة لقوتها التي تجعلها تحمل كميات كبيرة جدا وتسقط محملة بها لتندمج مع نهر النيل مما يؤثر علي لونه ويغيره، ولكنها غير مضرة، والسبب الرئيسي لغلق هذه المحطات هو أنهم يخشون علي الفلاتر المتواجدة علي مواسير سحب المياه من الانسداد والتدمير نتيجة لهذه الكميات الكبيرة من الرمال. ويحكي: كان الفيضان يحول النيل للون الأحمر قديما نظرا لاحتوائه علي الطمي الأحمر الذي يؤثر بالضرورة علي لون المياه بشكل ملحوظ فهو يأخذ لون التربة التي يأتي بها الفيضان، والتربة في أثيوبيا سوداء وفي السودان حمراء اللون ويسير الطمي بسرعة مع الماء إلي أن يصل لأقل منطقة سرعة ويبدأ يترسب ولكن كل هذا كان قبل بناء السد العالي وبعد تشييده أصبح كل هذا يترسب في السد ولا يعبر منه. ويستكمل: فيما يدل اللون الأخضر بالنيل علي انتشار الطحالب الخضراء، وتكون أكثر الأماكن المعروفة بأن لون المياه بها أخضر مناطق ضحلة بها بعض النباتات الغاطسة تنبت من القاع. ويعلق نصر علي تسمم الطحالب التي تنقي المياه قائلا: ان الطحالب لها نوعان أحدها ضار ومسمم والآخر مفيد يعمل علي تنقية المياه، ولها مناطق محددة تنتشر بها. بينما يتحول لون النيل للأسود إذا كانت التربة التي تحملها المياه من خلال الفيضان سوداء اللون فالتربة هي أكثر العوامل المؤثرة علي تغير لون المياه. ويضيف: المياه ليس لها لون ولكنها تكتسب اللون الأزرق من خلال انعكاس لون زرقة السماء علي سطح المياه فتكتسب لونها، ولكن أحيانا تحجب الغيوم هذا اللون مما قد يتسبب في ظهور النيل بلون داكن قليلا. ولا يؤثر ورد النيل علي لون المياه ويظهر تأثيره قويا علي فقدان المياه فهو يستهلك كميات كبيرة من المياه ويسد المجري المائي في الأماكن التي ينتشر بها بالرغم من وجود بعض الفوائد له مثل تنقية المياه من المعادن الثقيلة وما إلي ذلك فهو سلاح ذو حدين ويجب أن يتم التخلص منه كل فترة. ويشرح د. مغاوري شحاتة دياب أستاذ المياه رئيس مجلس إدارة الجمعية العربية للمياه الصحية أن النيل تعرض هذا العام لواقعتين نتج عنهما تغير في لون مياهه، الأولي إنقلاب صندل الفوسفات والثانية السيول مما أكسب النيل اللون الأصفر. فالسيول عندما تسقط علي مناطق شرق مدن الصعيد وشرق وادي النيل تجرف رمالا وأتربة وكل ما تجده في طريقها باتجاه نهر النيل فيتغير اللون طبقا لمحتوي السيول، وهذه الحمولة تسير مع النيل ومع مرور الوقت تترسب علي القاع نظرا لثقلها علي المياه وجزء منها يستمر طبقا لحجمه في الاندفاع ناحية الشمال وحتي ينتهي وتعود المياه للونها الطبيعي. أما اللون الأقرب إلي الإسمرار أو لون الطين في مياه النيل فكان يحدث قديما نتيجة الفيضان فتهبط المياه علي صخور البازلت الأسود مما يكسب النيل نفس لونها وقد انتهي هذا منذ إنشاء السد العالي، بينما اللون الأخضر غير منتشر بكثرة فهو يأتي مع تواجد طحالب خضراء غير سامة أو نباتات أو بكتيريا لونها أقرب للخضرة أو طحالب زرقاء سامة وهي تنتشر في بعض المناطق الملوثة، وهناك ألوان مختلفة عن هذا وكل لون يرجع لطبيعة المعادن أو البكتيريا، وتنتشر وفقا لنسبة التلوث والإخراج والصرف الصحي والزراعي والملوثات المتواجدة في مياه نهر النيل. ولكن اللون الطبيعي للمياه هو اللون الأزرق مثل لون البحر، ففي مجملها ليس للمياه لون أو طعم أو رائحة ولكن عندما يكون هناك تجمع لجزيئات المياه فتكتسب اللون الأزرق الفاتح، لذلك يرمز للمياه دائما بقطرة مياه زرقاء. ويري د. ضياء الدين القوصي خبير المياه ومستشار وزير الري سابقا أن السبب الرئيسي لاكتساب المياه اللون الأحمر هو مرورها علي تربة حمراء غنية بنسبة كبيرة من الحديد. فيما تكتسب اللون الأسود من الأراضي الطينية التي تمر عليها في أغلب المناطق الزراعية بالدلتا علي سبيل المثال، فوفقا للعناصر المتواجدة بالتربة يتغير لون المياه التي تمر فوقها. أما اللون الأخضر فمن الممكن أن تكتسبه المياه إما من الزراعات أو من الطحالب التي تؤثر علي اللون والطعم أيضا أو من خلال تربة غنية بالنحاس الذي يعطي المياه لونا أخضر. ويقول القوصي أنه أصبح للطحالب فوائد عديدة حاليا أكثر من تنقيتها للمياه فيستخرج منها زيوت ويصنع من مكوناتها الكثير من المستحضرات والعلاجات، بالإضافة لكونها وجبة شهيرة في اليابان ويتناولونها إما نيئة أو مطهوة.