منذ نعومة أظفارها أحبت الرسم وانتهت إلي أنها لا تقدر علي الابتعاد عن عالم الألوان وسحرها. شغف لم تستطع إسكاته لصالح الإنصات لصوت العقل من منظور بعض المحيطين بها الذين طالبوها بجعل الرسم مجرد هواية، فكبرت وكبر تعلقها بالفن، وأضحت اسماً معروفاً في عالم الفن التشكيلي، إنها الفنانة التشكيلية الدكتورة أحلام فكري أخصائية ترميم الأعمال الفنية بقطاع الفنون التشكيلية. تتذكر الدكتورة أحلام فكري أن والدها مهندس رسم الخرائط بهيئة عمليات القوات المسلحة هو الذي شجعها علي الالتحاق بكلية الفنون الجميلة، ومنذ تخرجها أصبحت صاحبة منهج خاص في الرسم، واستفادت من أصولها وتراثها وثقافتها في تكوين حسها التشكيلي، وحصلت من خلال تركيزها في لوحاتها علي الهموم الإنسانية وقضايا المرأة علي فرص متميزة لإقامة الكثير من معارضها الإبداعية داخل وخارج مصر، ونالت جوائز وأوسمة عديدة، وأصبحت تقف في طليعة الفنانين التشكيليين عربياً ودولياً في ظل ملامسة أعمالها الفنية للعديد من القضايا الاجتماعية والسياسية والثقافية. تقول الدكتورة أحلام: ولدتُ في الجزائر لارتباط والدي بالعمل ضمن بعثة عسكرية هناك، إلا أن والدتي لم تطق الغربة وسرعان ما عادت لمصر وأقمنا بحدائق القبة وأكملت تعليمي في مدارسها وحصلت علي الثانوية العامة من مدرسة السلام. وكنت أحب رؤية شكل الناس وأحب مقولة الفنان بيكار "وشوش وشوش" طول عمري برسم وشوش، الوش الكشر والعكر والبشوش، ونظرا لعودة والدي بعد 4 سنوات لعمله في هيئة العمليات بالقوات المسلحة وهو كان فنانا عاشقا لرسم الخرائط. ومعروف أنه رسم خرائط حرب أكتوبر شجعني علي دخول كلية الفنون الجميلة وتخرجت وبدأت حياتي العملية في قسم الديكور بالقناة الأولي بالتليفزيون، وتركته وعملت بمجال الدعاية والتمثيل، ثم عملت بالصحافة لفترة قصيرة. تتابع: سافرت للكويت وظللت هناك ست سنوات عانيت فيها من الغربة والحنين لمصر، والتقيت هناك الفنان الدكتور أحمد نوار رئيس المركز القومي للفنون التشكيلية، وكان له الفضل في إقامتي أول معرض في "أتيليه القاهرة" عام 1992 والذي أحدث رد فعل كبير عند الفنانين الكبار أمثال جاذبية سري ورضا عبدالسلام، ما ساعد في ضمي لقطاع الفنون التشكيلية. ولأن لوحاتها تجسيد للبيئة المحيطة بها تقول: كانت يلفت نظري خصائص البيئة الشعبية وكل ما يخص عالم المرأة، لذا شجعني رؤسائي للمشاركة بأعمالي في مهرجانات فنية كبري حول العالم، وكان من ميزاتي البحث في التفاصيل الصغيرة وصولاً لجوهر المعني، فأنا أرسم لأجل متعتي الشخصية بالفن، وأعبر عن قضايا المجتمع بلغة الفن، ولذلك فإن لوحاتي مملؤة بالمفردات الحياتية، وكان ذلك سبباًَ لاختياري أخصائية ترميم بالإدارة العامة لصيانة وترميم الأعمال الفنية للمتاحف والمعارض بقطاع الفنون التشكيلية. وكان حصاد الدكتورة أحلام مثمراً بعد حصولها علي درجتي الماجستير والدكتوراه بامتياز من كلية الفنون الجميلة بجامعة حلوان، خاصة أنها حرصت علي كسر جميع الحواجز التي تقف أمام طموحاتها، وتمكنت من المشاركة في الكثير من المعارض والمهرجانات العربية والدولية، حيث تقول: تلك المشاركات تعد ضرورة للفنانة المصرية، ومن خلال التجارب التي خضتها مع المعارض الجماعية أو الفردية الدولية والتي تخطي عددها الستين، أصبحت علي يقين أن الإبداع المصري في مختلف الاختصاصات يستطيع أن يؤكد حضوره وبقوة، لأن الفن المصري عموماً والفن التشكيلي خاصة، يرتكز علي إرث تاريخي كبير منح المبدعين المصريين خصوصية وهوية فنية فريدة. كما أن أساليبها المختلفة في الرسم واختيارها الدقيق للألوان إلي جانب مواضيع لوحاتها ورسائلها التي تحملها، جعلت الدكتورة أحلام اسماً ساطعاً في سجل أسماء الفنانين التشكيليين، بدليل إعجاب الفنانين الكبار في مختلف بلدان العالم بلوحاتها، عندما تحولت أعمالها وصارت انطباعية واقعية أو عندما اتجهت إلي المدرسة التجريدية، ولذا تقول: "لدي لوحات ومقتنيات رسمية في متحف الفن المصري الحديث، ومبني العلاقات الخارجية بوزارة الثقافة، وجمعية الفنون التشكيلية في تونس، ومتحف القطع الفنية المعاصر لفناني دول أفريقيا في روما، بالإضافة لمقتنيات خاصة في دول والبحرين والكويت والأردن وفرنسا واليونان وإيطاليا وإسبانيا وألمانيا. أما ثراء أنشطتها الإبداعية فكان سببا في اختيارها عضوة في أتيليه القاهرة ونقابة الفنانين التشكيليين ولجنة الشباب بالمجلس الأعلي للثقافة وجمعية أصالة للفنون والتراث وجمعية فناني الغوري والجمعية الأهلية للفنون، إلي جانب إدراج اسمها في الموسوعات المحلية والعالمية ومنها "موسوعة صالون الشباب الجزء الاول اعداد الدكتور صبحي الشاروني 1994 اصدار قطاع الفنون التشكيلية. ولكونها متمرسة في عشق الكتابة والنقد بالصحف والمجلات المصرية والعربية صدر لها عن هيئة الكتاب دراسة عن أعمال الفنان ممدوح عمار وكتاب عن المجلس الأعلي للثقافة بعنوان "الفنانة التشكيلية في التصوير العربي" عام 2016، وكتاب عن الهيئة العامة للكتاب بعنوان "التعبير عن الوجه الإنساني في التصوير المعاصر"، كما أنتجت فيلماً قصيراً عن قضية التعليم في مصر، شارك في مهرجان ألبانيا لسينما الطفل في يونيو الماضي، وكان طبيعيا أن تتوج جهودها بحزمة جوائز محلية ودولية، منها ميدالية ذهبية من المهرجان الدولي للفنون بتونس، وشهادات تقدير من مهرجان "زلة للشعر والقصة" ومن الأمانة العامة لرابطة الفنانين التشكيليين في ليبيا، ومن المركز الثقافي المصري في روما. وإلي جانب حياتها الأسرية السعيدة كرّست الدكتورة أحلام كرّست حياتها للفن، وتنظر دائماً إلي الحياة باعتبارها وردية وجميلة، وتحب أن ترتدي من الموضات العصرية ما يليق بها، وفي ملابسها تعشق اللونين الأحمر والأزرق، كما أنها ليست من أنصار وضع الماكياج، إلا في حالة الضرورة، وأكدت أيضاً أنها طباخة ماهرة وأكلاتها مميزة سواء في المشويات أو عمل البامية وصينية البطاطس والتورلي، وتفصح أخيراً عن عشقها للأدب الروسي وتعتبره عاملاً مؤثراً في تكوين شخصيتها خصوصا روايات فيودور ديستويفسكي.