عاطفة الحب عرفها الإنسان منذ بدء الخليقة عندما قتل قابيل أخاه هابيل من أجل الحب، وحول الحب يدور معظم ما كتب في مختلف الآداب في العالم سواء نثرا أو شعرا. وعن الحب يقول الإمام ابن حزم في كتابه الشهير (طوق الحمامة): الحب أعزك الله أوله هزل وآخره جد.. دقت معانيه لجلالتها عن أن توصف.. فلا تدرك حقيقتها إلا بالمعاناة، وليس بمنكر في الديانة، ولا بمحظور في الشريعة. إذ القلوب بيد الله عز وجل وقد أحب من الخلفاء المهديين والأئمة الراشدين كثير. وكان كاتبنا إبراهيم المصري يصف الحب بأنه نشيد الحياة ويقول عنه: إن أروع ما في الحب إنه يلهب دفعة واحدة قوي الإنسان. فالمحب يفكر في محبوبه بعقله، ويحن إليه بقلبه، ويطلب الاندماج فيه بجسده، فقوي العقل والقلب والجسد تشترك جميعا في إبداع نشيد الحياة. ومن أطرف ما قرأته في كتب التراث أن عبدالملك بن مروان الخليفة الأموي الشهير ذهب ذات يوم إلي الحج ومعه خالد بن يزيد بن معاوية، وكان يحب خالد هذا لرجاحة عقله، وبينما كان خالد يطوف ببيت الله الحرام لمح فتاة جميلة استرعت انتباهه، وعرف أنها رملة بنت الزبير بن العوام، وظلت تراود خياله، حتي أنه قرر ألا يعود إلي الشام مع الخليفة، وأن يظل بمكة بالقرب من (رملة) بعض الوقت، وبعث إليه الخليفة ليسأله عن السبب الذي من أجله قرر عدم العودة معه إلي الشام؟ فقال: يا أمير المؤمنين، رملة بنت الزبير، رأيتها تطوف بالبيت فأذهلت عقلي، والله ما أبديت إليك ما بي حتي عيل صبري، ولقد عرضت النوم عن عيني فلم تقبله. وأخذ يحدث أمير المؤمنين عن هذا الحب الذي ملأ جوانب نفسه، وكيف أنه كان يظن أن الحب لا يعرفه إلا الشعراء والأعراب، ورق قلب أمير المؤمنين له وسمح له بالزواج من »رملة« وعندما تحقق له ذلك، أخذ يقول شعرا عن هذه الفتاة التي أرقت لياليه، حتي وفق بالزواج منها، ومما قاله خالد بن يزيد: أليس يزيد الشوق في كل ليلة وفي كل يوم من حبيبتنا قربا أحب بني العوام طرا لحبها ومن أجلها أحببت أخوالها طلبا. و.. ما أعجب ما يصنعه الحب في قلوب المحبين.