تفاصيل اللقاء التشاوري الثاني لتأسيس شبكة الخبراء العرب بالأمم المتحدة    نائب محافظ الإسماعيلية يتابع جولة الإعادة لانتخابات مجلس النواب 2025    غرفة عمليات حماة الوطن تتابع التصويت بجولة الإعادة لانتخابات مجلس النواب بالمرحلة الثانية    غرفة عمليات حماة الوطن تتابع التصويت بجولة الإعادة لانتخابات مجلس النواب بالمرحلة الثانية    القاضي أحمد بنداري: لا تسمحوا لأي شخص أو جهة بالتأثير على إرادتكم في الانتخاب    نساء المطرية يسيطرن على المشهد الانتخابي فى اليوم الأول بجولة الإعادة    بدء اجتماع مجلس الوزراء برئاسة مدبولي    الرقابة المالية توافق على التأسيس والترخيص ل 6 شركات بأنشطة صندوق الاستثمار العقاري    "متبقيات المبيدات" يستقبل وفدا صينيا رفيع المستوى لتعزيز جهود فتح الأسواق العالمية    وفاة 17 فلسطينيًا بينهم 4 أطفال بسبب البرد القارس في قطاع غزة    رويترز: ضغوط أمريكية على باكستان للمساهمة في قوة الاستقرار الدولية بغزة    عاجل- الاحتلال الإسرائيلي يرتكب 11 خرقًا جديدًا لوقف إطلاق النار في غزة    مواعيد مباريات منتخب مصر في أمم إفريقيا 2025 بالمغرب    150 قناة حول العالم تنقل أمم أفريقيا 2025    متحدث وزارة الأوقاف يكشف حقيقة سحب أرض الزمالك في المهندسين    تحرير 120 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    ضبط أكثر من 120 ألف مخالفة مرورية و67 حالة تعاطي مخدرات خلال 24 ساعة    عاجل- الأرصاد السعودية تحذر: أمطار ورياح شديدة على منطقة حائل    خروج عربة قطار عن القضبان بمحطة الحامول في المنوفية (صور)    صدور رواية "ظل الإمام" للكاتبة نهلة النمر عن مركز الحضارة للتنمية الثقافية    قاضى قضاة فلسطين: الدور المصرى تجاه القضية الفلسطينية ممتد وتاريخى    فيلم "الست" بطولة منى زكي يحقق إيرادات وصلت إلى 13.5 مليون جنيه    عرض مسرحي في الأوبرا يتتبع روايات «باكثير» احتفالا بمرور 115 عاما على ميلاده    الرعاية الصحية: التوسع في خدمات القلب والحروق والطوارئ والعناية المركزة بمستشفيات الأقصر    بعد إدراج الكشري على قائمة اليونسكو.. رحلة في جذور الأكلات الشعبية المصرية    رئيس هيئة الرعاية الصحية: افتتاح وحدات متقدمة وإجراء جراحات دقيقة لأول مرة بالمجمع الطبي الدولي    إصابة 4 أشخاص إثر حادث إنقلاب سيارة بصحراوى أسيوط    وأنا أحبك يا سليمة.. أول رواية لشريف سعيد الفائز بجائزة نجيب محفوظ    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 17-12-2025 في محافظة الأقصر    الأربعاء.. 18 فبراير 2026 أول أيام شهر رمضان فلكيًا    59 تهمة بينها 15 قتل.. تفاصيل التهم الموجهة لمنفذ هجوم سيدنى الإرهابى    تزايد اقبال المواطنين بلجان انتخابات الإعادة لمجلس النواب بالغربية    محافظ قنا يوجه بحملات مرورية مكثفة للحد من حوادث الطرق    متحدث وزارة الصحة يقدم نصائح إرشادية للوقاية من الإنفلونزا الموسمية داخل المدارس    شيكاغو فاير يتمسك بصفقة ليفاندوفسكي    إصابة ثلاثة طلاب من جامعة بنها جراء اعتداء بمياه النار في كفر شكر    إعلام الاحتلال: إسرائيل تستعد لمواجهة عسكرية مع حزب الله نهاية العام    بعد إدراج الكشري في اليونسكو.. التراث غير المادي مهدد بالاندثار دون توثيق    أبو الغيط: الاحتلال يُمعن في إفراغ وقف إطلاق النار بغزة من مضمونه    الصحة تكشف تفاصيل تجديد بروتوكول مواجهة الطوارئ الطبية لمدة 3 سنوات جديدة    «كامل أبو علي»: أتمنى فتح صفحة جديدة وعودة العلاقات مع الأهلي    مصطفى أبو سريع يعلن انفصاله عن زوجته ويعلق: كانت حق الأم المثالية لأولادي    وفاة نيفين مندور بطلة فيلم "اللي بالي بالك"    من سندرلاند إلى ليفربول.. خريطة غيابات الدوري الإنجليزي في كان 2025    السجن 5 سنوات لعامل بتهمة إشعال النيران بسيارة مياه معدنية فى قنا    مرونة الإسلام.. وخلافات الصحابة    رسل الموت تنزل فى سراييفو    سعر الدولار اليوم الأربعاء 17 ديسمبر 2025 في مصر    إي اف چي هيرميس تنجح في إتمام الطرح الخاص للشركة العملية للطاقة» وإدراجها في بورصة الكويت    اسعار الخضروات اليوم الاربعاء 17 ديسمبر 2025 فى اسواق المنيا    الآن.. سعر الجنيه الذهب اليوم الاربعاء 17-12-2025 في محافظة قنا    "رئيس صندوق الإسكان الاجتماعي": نستهدف بناء أكثر من 68 ألف وحدة سكنية بالإسكان الأخضر بمواصفات صديقة للبيئة    «ترامب» يحذر فنزويلا من صدمة اقتصادية وسياسية غير مسبوقة    أحمد مراد: لم نتعدى على شخصية "أم كلثوم" .. وجمعنا معلومات عنها في عام    مصطفى عثمان حكما لمباراة البنك الأهلي ومودرن سبورت في كأس عاصمة مصر    اللاعب يتدرب منفردًا.. أزمة بين أحمد حمدي ومدرب الزمالك    ما حكم من يتسبب في قطيعة صلة الرحم؟.. "الإفتاء" تجيب    خالد الجندي: لن ندخل الجنة بأعمالنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بدماء الشهداء :
رسائل من انتفاضة مصر للحرية .. إلي شعوب العالم
نشر في آخر ساعة يوم 15 - 02 - 2011

مساء الجمعة الماضي كان العالم علي موعد مع تاريخ صنعه شعب مصر وفي طليعته شبابها الذين كانوا قاطرة ورافعة الثورة حين قررالرئيس مبارك أن يترك كرسي الحكم ويرحل بعد ثلاثين عاما عاشت خلالها مصر فصولا قاتمة خاصة في العقد الماضي تركت بصماتهاعلي شعبها فتراجعت مكانتها ودورها عربيا وإفريقيا ودوليا واحتكر حزب واحد الحياة السياسية وحدث الزواج المحرم بين رأس المال والسلطة واحتلت مصرمركزا متقدما في معدلات الإصابة بالأمراض الخطيرة والفقر ونقص الشفافية والفساد وهامش الحريات وشكلت الاحتجاجات المهنية والتوترات الطائفية جانبا من حياة المصريين في السنوات الأخيرة وجاءت ثورة الياسمين في تونس لتعجل بالإجابة علي سؤال : متي يثور المصريون ؟ ففي ثمانية عشر يوما استطاعوا أن يطيحوا برأس النظام المحمي سياسيا وأمنيا وإقليميا ودوليا وعاش المصريون ليلة لن ينسوها في حياتهم فقد حققوا أحلامهم ومارددوه طوال تلك الأيام "الشعب يريد اسقاط النظام" لتبدأ مصر صفحة جديدة في مشوارها مع أولي وأهم ثمار انتفاضة شعبها وكي تستعيد الدور والمكانة والهيبة وليعيشوا كراما في بلدهم التي كرمها الله وليصنعوا معجزة ثورة بيضاء نقية امتزجت بدماء الشهداء الطاهرة تحدث لأول مرة في تاريخ مصر الحديث يتعلم منها العالم الكثير من الدروس .
ثورة الياسمين التونسية جرت أحداثها في الفترة بين 18 ديسمبرعندما أحرق الشاب محمد بوعزيزي نفسه أمام بلدية سيدي بوزيد فأشعل شرارة الثورة التي انتهت برحيل الرئيس بن علي خارج البلاد في 14 ينايرالماضي وسارعت معظم الأنظمة العربية لإعلان أن أوضاعها ليست مثل تونس خاصة في مصر رغم أجواء الأزمات وحالة الاحتقان المتصاعد التي سادتها في الآونة الأخيرة وتفاقم المشكلات الاقتصادية الذي عاني منها السواد الأعظم من هذا الشعب وسط توغل وتوحش الطبقة العليا المرتبطة بالسلطة ونعموا بمستويات معيشية خيالية لايملك الكثيرون حتي ترف التفكيروليس العيش فيها ، بينما جاءت أرقام وإحصائيات القيادات الحزبية والتنفيذية بعيدة تماما عن واقع الشعب مثل ربط الرخاء (المزعوم) الذي تنعم به البلاد بكم السيارات والقمامة وخطوط المحمول وكأنهم يصمون الشعب بالجحود والبطر بالنعمة وكأننا نعيش أو هم في بلد آخر!!
رسالة الشباب
اختار الشباب في حركة 6 أبريل وحركة كفاية أن يحتفلوا بعيد الشرطة علي طريقتهم الخاصة فقرروا أن يطلقوا عبر موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) الدعوة للنزول للشارع للتعبيرعن غضبهم تجاه الأوضاع التي تمر بها البلاد استلهاما لثورة الياسمين التي أطلقها وقادها شباب تونس حتي تحقق لها ماأرادت وهو فرار بن علي من البلاد وكان الثلاثاء الكبير الذي شمل الكثير من المدن المصرية للمطالبة بالحرية وإصلاح الوضع السياسي وتوالت المظاهرات للأيام التالية حتي كانت الدعوة لأول جمعة غضب وهو اليوم الذي تغيرت فيه الصورة بالكامل حيث سبقه قطع لخدمات الإنترنت والرسائل النصية للمحمول لإجهاض عملية الحشد ورغم أن الأيام التي سبقته كان العنف متواصلا من جانب الأمن إلا أن هذا اليوم وصل العنف لأقصي درجاته وبدأ سقوط الشهداء في كافة المحافظات ويومها بدأ اعتصام ميدان التحريرالكبير الذي قاد الثورة في أيامها التالية ومعه بدأ فرض حظر التجول ونزول القوات المسلحة للسيطرة علي الموقف لكن ترافق ذلك مع انسحاب مفاجيء للشرطة أحدث فراغا هائلا في كافة الأنحاء ومعه بدأ مشهد آخر مروع وهو فتح مريب للسجون وانطلاق عمليات تدمير وسلب ونهب واسعة النطاق والدعوة في اليوم التالي لتشكيل لجان شعبية للدفاع عن الممتلكات العامة.
الشعب علي الخط
ومع تصاعد الأحداث وعنف الأمن بدأت كافة أطياف الشعب في المشاركة حتي لاتترك الساحة للشباب وحده للتصدي فبدأت النقابات المهنية دورها والمصانع والهيئات الحكومية في المشاركة وتمت الدعوة لجمعة الغضب لإسقاط النظام وهو يوم كان داميا حيث سقط المئات من الشهداء في كافة المحافظات وتم فرض حظر التجول ونزول القوات المسلحة في كافة المناطق بعد انسحاب قوات الأمن بشكل مريب ومشبوه لترك البلاد للفوضي العارمة في مؤامرة استهدفت إجهاض الثورة وانحرافها عن مسارها وكان خطاب مبارك الأول الذي لم يهدئ من ثائرة الشعب حيث اقتصر علي إقالة الوزارة وتشكيل وزارة جديدة وتعيين نائب لرئيس الجمهورية ( عمر سليمان ) كما انطلقت الدعوة لحماية مدن وقري مصر بتشكيل اللجان الشعبية وتواصلت الاحتجاجات طوال الأسبوع ليتسع نطاق الثورة والغضب العارم ثم جاء خطاب الرئيس الثاني الذي لم يرق أيضا لطموحات الشعب بإعلانه عدم الترشح لفترة أخري والعمل علي إجراء إصلاحات ثم كانت موقعة الجمل في ميدان التحرير ثم الحوار الوطني مع عمر سليمان والذي لم يقبله شباب الثورة ثم الدعوة لجمعة الرحيل وظهور تصدعات في الحزب الوطني وتواصلت مسيرة الثورة طوال الأسبوع واتسع نطاقها وألقي مبارك خطابه الثالث والذي كان بمثابة الصدمة للمصريين حيث نقل صلاحياته لنائبه سليمان بدلا من المتوقع منه بتنحيه عن السلطة فكانت الدعوة الأخيرة لجمعة التحدي أو الزحف حيث انطلقت الملايين في كل ربوع مصر وتمت الدعوة لإضراب عام في اليوم التالي وأن الوضع مقبل علي انفجار شامل في البلاد وكانت كلمة سليمان المقتضبة التي أعلن فيها تنحي مبارك وتسلم المجلس العسكري زمام الأمور بمثابة مفجر الفرح في كل أرجاء مصر حيث اندفعت الملايين لشوارع كل المدن المصرية لتحتفل بأولي ثمار الثورة وأهمها وهي نهاية حكم مبارك علي مدي ثلاثين عاما ونهاية مرحلة التوريث ونهاية نظام الحزب الواحد وفتح أبواب الحرية وستظل ليلة الجمعة في أذهان وعقول المصريين طويلا .
رسائل للعالم
لقد أرسل شعب مصر للعالم رسائل هامة من أهمها :
- أن هذه الثورة كشفت عن عراقة هذا الشعب وتحضره فقد كانت ثورة سلمية ونقية في أهدافها ولم يرفع أحد من الثوار سلاحا في وجه الأسلحة التي واجهتهم ولقد قال أوباما بعد تنحي مبارك إن المصريين ألهمونا بأن العدالة يمكن أن تتحقق وتنجح بدون عنف .
- أن مسيرة الثورة ارتبطت بالدين فأغلب التظاهرات انطلقت بعد صلاة الجمعة ومن المساجد ومشهد الصلوات في ميدان التحرير والميادين الأخري دلالة لاتخطئها العين عن عمق تدين هذا الشعب وأنه داخل سياج الدين الحامي لحياته ومقولة أن شباب هذا البلد بعيد أوخارج هذا السياج سقطت في هذه الثورة
- أن مصر نسيج واحد رغم التوترات الطائفية قبل هذه الثورة فقد التحم المسلمون والأقباط في الثورة ولم يقرب الكنائس طوال أيامها أحد بسوء بل حمي شباب اللجان الشعبية الكنائس خلال ساعات حظر التجول كما شكل المتظاهرون الأقباط سياجا بشريا حول المسلمين في صلواتهم في ميدات التحرير وشارك المسلمون في القداس لضحايا كنيسة القديسين لتكشف هذه الثورة أن الهم الوطني لايعرف التصنيف والفرز الطائفي كما تمرد شباب الأقباط علي البابا شنودة الذي ظل علي تأييده لمبارك حتي اللحظة الأخيرة ودعا لعدم التظاهر كما فعل ذلك بعض مشايخ السلطة
- أن شباب مصر خيبوا ظن من سخروا منهم وزعموا أنهم غائبون عن المشاركة وانعزاليون ومن مدمني الفيس بوك كما سخر منهم جمال مبارك علي فيديو يتداوله الشباب علي الفيس بوك وقللت الأجهزة الأمنية من قدرتهم علي فعل شيء لتظهر إبداعاتهم الثورية وقدراتهم علي تغيير الأوضاع التي تعيشها بلادهم .
- أن ميدان التحرير شهد ملحمة اختلاط نسيج كان متنافرا لكنه تجمع في قالب واحد فقد كانت المحجبات والمنتقبات جنبا إلي جنب مع طالبات الجامعات الخاصة وسيدات المجتمع الراقي مع بنات الأحياء الشعبية والريف وكذلك الحال بالنسبة للرجال التحموا في مودة ومحبة وتفان لخدمة أهداف هذه الثورة .
- أثبت الجيش المصري حضاريته ورقيه في التعامل مع الثورة فلم تنطلق رصاصة واحدة تجاه أبناء الشعب وحمي الجيش مناطق البلاد من الفوضي وكان بمثابة الحضن الدافيء لكل المصريين علي عكس أجهزة الأمن التي سقطت بجدارة في الامتحان واصطدمت بالشعب وخلقت حالة من الفوضي غير مسبوقة في تاريخ مصر وسوف تحتاج لوقت طويل كي تستعيد ثقة الشعب بها كما ستحتاج لعمليات تطهير واسعة لكي تعدل من مسارها من كونها حامية للنظام إلي خدمة الشعب وتأمين حياته .
أن مصر قادرة علي اجتياز هذه المرحلة العصيبة في تاريخها بفضل من الله أولا ثم بقلوب المصريين وعقولهم وإخلاصهم لبلدهم وتطهير البلاد من الفساد والمافيا التي حكمته وإعادة الحياة السياسية التي لايتحكم فيها حزب واحد وأن للشعب الحق في اختيار حكامه وممثليه وأن تسود العدالة الاجتماعية الي تجعل لكل مواطن الحق في الحياة بكرامة وأن ينتهي عصر زواج المال بالسلطة الذي جر علي البلاد فسادا شاملا ونهبا وسلبا منظما خارجا علي كل القوانين وكما كانت هذه الثورة نقية في مسيرتها وحركة شبابها وشعبها فإن مصر قادرة علي الاستمرار والعودة للحياة متمتعا بنسائم الحرية والعدالة لتؤثر في محيطها الإقليمي والدولي ولتقول للعالم إنه علي أرض النيل يعيش شعب متحضر طيب الأعراق مسالم علي طول المدي لكنه حين يغضب تكون غضبته عارمة وحضارية أيضا ولقد انكسر حاجز الخوف وخرج المارد من القمقم ولن يستطيع أحد أن يعيده مرة أخري لتعود مصر للمصريين ويعود المصريون لمصر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.