وافقت الحكومة الأسبوع (الماضي) علي رفع أسعار الأدوية بنسبة 20% للأدوية أقل من 30 جنيهًا، بعد اختفاء نحو 4 آلاف صنف دواء رخيص السعر من السوق، بسبب عدم قدرة الشركات المحلية علي الإنتاج، وجاءت الزيادة بهدف إلزام الشركات بسرعة توفير الأدوية مع حق وزارة الصحة والسكان في إلغاء ترخيص أي شركة لا تقوم بتوفير تلك الأدوية مع التزامها بوضع «الباركود» منعًا للغش التجاري، وإيقاف نزيف الخسائر للشركات والذي وصل ل200 مليون جنيه سنويًا. في المقابل أثار القرار استياء بين المواطنين والصيادلة، مؤكدين أنه سيحملهم أعباءً إضافية ولن يفيد سوي الشركات التي ستحقق المكاسب من وراء القرار. الدكتور أحمد عبد اللاه، صيدلي، قال إن قرار مجلس الوزراء برفع أسعار بعض الأدوية التي يقل سعرها عن 30 جنيها إلي 20% يحقق مكاسب وأرباحاً طائلة لأصحاب الشركات ولكنه يمثل عبئا كبيرا علي المرضي وخاصة أصحاب الأمراض المزمنة «القلب والضغط والسكر والروماتيزوم»، مشيرا إلي أن 90% من هذه الأدوية ارتفع سعرها مؤخرًا بدون الإعلان عنها والآن سترتفع مرة أخري بعد صدور القرار وكل هذا يتحمله المواطنون والمرضي محدودو الدخل، موضحا أن مخازن الأدوية أغلقت أبوابها أمام الصيدليات في محاولة منها للكسب من خلال الأدوية الموجودة حاليًا بالمخازن التي ارتفعت خلال الأسبوع الماضي في محاولة منها لوضع الأسعار الجديدة علي العبوات المصنعة القديمة. واتفق معه في الرأي، الدكتور أحمد جلال، صيدلي، مشيرًا إلي أن هذا القرار وضعه وزير الصحة والسكان بالاتفاق مع شركات الأدوية لذبح المريض وقام بعرضه علي مجلس الوزراء بدون دراسة الجدوي لهذا القرار العشوائي الذي يزيد من تحقيق مكاسب لأصحاب المصانع والشركات من 600 إلي 700% بعد الزيادات الجديدة، مؤكدًا أن الدولة تقوم بشراء هذه الأدوية من الشركات لعلاج المرضي وغير القادرين «العلاج علي نفقة الدولة»، وهذا سيكبد الدولة خسائر فادحة، مشددًا علي أنه قبل أحداث 25 يناير لم نكن نسمع عن ارتفاع سعر الدواء لأن الحكومات كانت تعتبره مثل رغيف الخبز ممنوع الاقتراب منه وكنا نسمع عن تحريك بسيط بعد توفير كل الأدوية التي أحجم أصحاب المصانع عن إنتاجها معللين بأنها تسبب خسائر. وقال المواطن محمود جمعة، 56 سنة، عامل، إنه مصاب بمرض السكر وأن قرار زيادة أسعار بعض الأدوية افتراء علي المواطنين الذين يعانون ويلات ارتفاع الأسعار في كل شيء، وتساءل: « كيف يتم رفع أسعار أدوية أمراض القلب والروماتيزوم التي لا يمكننا الاستغناء عنها». من جانبه، قال الدكتور أحمد عماد، وزير الصحة والسكان، إن رفع أسعار بعض الأدوية المحلية إلي 20% جاء لإنقاذ الصناعة القومية للأدوية من الانهيار بسبب فرق سعر التكلفة عن أسعار البيع وأيضا لمصلحة المريض لضمان توفير الأدوية ذات الأسعار المنخفضة في مقابل عدم اللجوء الي المستورد بأسعار مرتفعة، مشيرًا إلي أن الهدف من القرار هو توفير كل الأدوية التي يحتاجها المريض. وأكد أنه منذ التسعينيات لم يتم تحريك أسعار الأدوية وجاء هذا القرار لإنقاذ صناعة الدواء المصري من الانهيار في ظل التهام الدولار للجنيه، وسوف يتابع مع وزير المالية ومحافظ البنك المركزي بضرورة توفير العملة الصعبة لتمكين الشركات من توفير الدواء للمرضي، موضحا أن الإدارة العامة للتفتيش الصيدلي سوف تشن أكبر حملات للتأكد من بيع كل عبوات الأدوية بالأسعار القديمة وليس الجديدة التي شملها قرار الزيادة 20% وأن السعر الجديد سوف يتم تطبيقه علي الأدوية التي يتم إنتاجها حديثا من المصانع ، نافيا وجود زيادة أسعار أدوية الأورام ومشتقات الدم لأن القرار شمل كل الأدوية التي يبدأ سعرها من صفر إلي 30 جنيها، ويوجد أكثر من 4 آلاف دواء غير متوافر بالأسواق من 12 صنف دواء وهي عدد أصناف الأدوية في السوق، فضلا عن عدم قدرة الشركات المحلية علي إنتاج الأدوية رخصية الثمن لأن ثمن إنتاجها أصبح مرتفعاً مقارنة بسعرها المنخفض. وكشف وزير الصحة أن الوزارة بصدد الانتهاء من أول قانون في التجارب السريرية المختص بأجراء أول أبحاث دوائية في مصر وحظي بقبول العديد من الجهات الحكومية والمنظمات الدولية لعرضه علي مجلس النواب لمناقشته في الفصل التشريعي الجاري. الدكتور محيي عبيد، نقيب الصيادلة، رحب بقرار مجلس الوزراء واعتبره بمثابة إصلاح للمنظومة الدوائية ولتحقيق المنفعة بين المصنعين والمرضي والصيادلة، مشيرا إلي أنه إذا تقاعست الشركة عن إنتاج أدوية معينة خلال 6 شهور سيتم إلغاء التسجيل وإسناده إلي شركة أخري حفاظا علي توافره بالصيدليات ومصلحة المرضي، إضافة إلي أن كل الأدوية غير الموجودة بالأسواق هي أدوية لا تتعدي أسعارها 6 جنيهات ويقوم بشرائها محدودو الدخل، ورفع الأسعار سيقلل من الاستيراد، ويوفر العملة الصعبة. وأوضح عبيد، أن نقابة الصيادلة عقدت اجتماعًا مع لجنة التسعير بالتنسيق مع وزارة الصحة والسكان لتحديد أسعار بعض الأدوية بناء علي معايير معينة وتم الاتفاق من خلالها علي ضرورة تحريك أسعار الادوية بنسبة لا تتعدي 20% لضمان بقاء الأدوية وتوافرها بالصيدليات العامة والخاصة، لأن بعض المصانع تستنزف خسائر لا يمكن حصرها مؤخرا كما أن هذه المصانع تقوم بتصدير الدواء إلي أكثر من 65 دولة لأن الدواء المصري لا يقل كفاءة عن باقي الأدوية المستوردة من تاثير المادة الفاعلة وجودته، لافتا إلي أن رفع الأسعار بشكل ميسر لا يضر بمصلحة المريض حيث تم إعادة تقييم بعض الأدوية بتخفيض أسعارها الباهظة مثلما حدث مؤخرا في عقار علاج فيروس سي السوفالدي مع زيادة بعض الأدوية التي يتكبد أصحاب المصانع خسائر بسبب ارتفاع تكلفتها من العبوة والمواد الخام وغيرها. من جانبه، قال الدكتور جميل بقطر، عضو نقابة الصيادلة، إن القرار يصب في مصلحة المريض الذي ظل يعاني مؤخرًا من عدم توافر بعض الأدوية منخفضة التكلفة مما يضطر إلي شرائها بالمستورد مرتفع التكلفة، وجاء في اللحظات الأخيرة لإنقاذ صناعة الدواء من الخسائر التي تستنزف أصحاب المصانع في ظل ارتفاع سعر الدولار لأن 80 % من مدخلات صناعة الدواء تتم من خلال العملة الأجنبية، مشيرًا إلي أن القرار ساعد في رفع الظلم عن أكثر 65 ألف صيدلية التي تمثل خط الدفاع الأول حول مصلحة المريض. وطالب بقطر، وزارة الصحة والسكان والإدارة المركزية لشئون الصيادلة، بإلزام كل شركات الأدوية التي لجأت لرفع الأسعار بربط زيادة سعر الدواء بزيادة هامش الربح الذي تقدمه الشركات للصيدلي، محذرًا من أن النقابة لن تقبل بعدم تطيبق ذلك القرار بعد رفع الأسعار فضلًا عن ارتفاع سعر الدولار مما تسبب في زيادة تكلفة المواد الخام التي يتم استيراد 95% من الخارج منها، مما أدي إلي إحجام بعض المصانع عن تصنيع بعض الأدوية مما نتج اختفاؤها بالأسواق. وشن الدكتور عادل عبد المقصود، رئيس شعبة أصحاب الصيدليات باتحاد الغرف التجارية، هجوما علي قرار زيادة الأسعار لبعض الادوية، معتبرا أنه صدر بطريقة عشوائية وبدون دراسة جدوي، وقال: «المشكلة تكمن في أن زيادة تحريك الأسعار كان يجب أن يتم من عدة سنوات طبقا لمعدلات التضخم المتواجدة الآن ، وبناء للارتفاع المستمر مؤخرا من خلال ارتفاع الدولار بالعملة المحلية وثبات سعر الدواء كأحد العناصر الأساسية المسعرة من قبل الدولة مثل «البنزين والخبز» أدي إلي تجنب العديد من المصانع إنتاج الأصناف أو تقليل إنتاجها التي تمثل خسائر فادحة لهم أو الشركات الممثلة للشركات الأجنبية بالخارج عن استيراد بعض الأصناف التي تعتمد اعتمادا أساسيا علي العملة الصعبة مما أدي إلي الفجوة الهائلة الآن من نقص الأدوية بالأسواق». وأوضح عبد المقصود، أنه رغم تتابع مسئولي الصحة إلا أنهم لم يستجيبوا علي الرغم من ارتفاع الأسعار إلي 20% ليس بكثير ولكنها تصب في مصلحة المريض لتوافر الأدوية ذات الأسعار الأقل من 30 جنيهًا، لان المنتجات أغلبها من شركات قطاع الأعمال التي أوشكت علي الانهيار طبقا لنزيف الخسائر السنوية بناء علي تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات التي تصل ل200مليون سنويًا وهذه المصانع تمثل العمود الفقري للاقتصاد المصري وللمريض غير القادر علي تكلفة علاجهم التي لا تستطيع أن تقوم بتحديد حجم الخسائر. ولفت إلي أن القرار شمل بعض الأصناف التي لا تمثل خسائر لمنتجيها فضلا عن أصناف أخري تحتاج إلي زيادة أكثر من 20% لإنتاجها ومنها مثلاً علبة «ريفو» التي بتطبيق القرار ارتفعت من 150 جنيها إلي 400 جنيه وذلك طبقا للتسعيرة.