[email protected] ساعتان هما آخر ما في العام المنصرم ومثلهما من بواكير العام القادم هي مدة أولي خدماتي في الإدارة والتي لم تأت في أي من أركانها لأحتمي من البرد فقد جاءت أمام البوابة الخارجية لأقف وحيدًا وخلفي البوابة المغلقة أواجه براح امتداد شارعي العروبة وصلاح سالم وهدوء فيلاتها وظلام شوارعها الفرعية في مواجهتي انشغلت طويلا في مسئولياتي وانضباطي أتابع بعض السيارات المارة في الاتجاهين وقد قلت كثيرًا وهو ما فسرته باستقرارهم في منازلهم أو أماكن سهراتهم وتباطؤ حركة مؤشر الثواني لكني لابد أن أستمر في انتباهي ويقظتي. أسرح لحظات خاطفة في أصدقائي الذين أعدوا لليلة عدتها وأعرف أن ليلتهم ستتحول إلي سجال ثقافي قد ينسيهم لحظات انتهاء عام وبداية عام جديد، وقد لا يفتقدونني في حواراتهم وأعود علي الفور إلي يقظتي وانتباهي تأخذني حالة سريعة من الأسي لأعود وأتنبه إلي أنني في تجربة لا تتكرر مصادفتها في حياتي وأنني حاليًا عين ساهرة في سبيل الله وأنني بالقطع في ظروف أفضل من زملاء لي أعرفهم يؤدون خدماتهم الآن علي سواحل ووسط جبال وأماكن مختلفة قد تكون ظروفها أصعب لكننا جميعا نؤدي الواجب الوطني الذي كثيرًا ما حلمنا به في منتصف مدة خدمتي تقريبًا انفتحت البوابة خلفي ليخرج قائدي الشاب يتابع يقظتي ويقف قليلاً يتبادل أطراف الحديث معي ثم يتركني ليواصل التمام علي الآخرين. بعد ساعة من منتصف الليل بدأت سيارات متفرقة تأتي في طريقها للمطار بها شباب سعداء كنت أشعر بقدومهم قبل ظهور أنوارهم من لسع البرد في ساقي فأضحك من فراستي وعندما تزايدت الأعداد انتهت مدة خدمتي تدثرت ببطانيتي ووضعت غطاء رأسي كمخدة ورحت في نوم عميق. ودارت الأيام وسهرت ليالي كثيرة في أماكن متعددة في العمل وفي فنادق فاخرة ووسط الجبال أحيانا لكني كلما سرحت أتذكر أجمل ليالي رأس السنة كانت هذه الليلة دائما في المقدمة.