»أخرة خدمة الغز علقة«..مثل شعبي ثابت وواضح وضوح الشمس.. في تاريخ وخبرة المصريين منذ غزو الهكسوس وحتي قيام الساعة.. لكن المصريين لم يملوا تكرار اختبار صدقه.. مع كل (ساري عسكر) جديد، يوهمون أنفسهم بتقديم حُسن النية يوم السبت الوافد الجديد علهم يجدون أجرهم يوم الأحد.. مريقين خدماتهم ومهارتهم علي أعتابهم.. وإن كانوا يعرفون ومتأكدون أنهم في نهاية نهار العمل، لن يجد الغازي أمامه إلا أن يشهر كرباجه علي أجسادهم، ليعودوا لمنازلهم مرهقين، جائعين، لم يأتوا بطعامهم ولا طعام أهليهم.. لكنهم لايملون أحلام اليقظة. ويعرفون ويعرف الغازي.. أنهم في الفصل الأول »ثلاثة أشهر« للعام الأول، لابد وأن يستتب الأمن ويعم الهدوء.. فيلتقط منهم كله أحلام اليقظة ليمنيهم بها ويجعل لهم البحر طحينة ذلك حتي لو جاء لهم نابليون بونابرت ساري عسكر الفرنسيس، يوهمهم بأنه جاء ليخلعهم من ظلم المماليك، بل ويعلن إسلامه.. والتزامه بالحفاظ علي حقوقهم الإنسانية المهدرة، فهم يعرفون قبله، أن كلام الليل مدهون بزبدة، يطلع عليها شمس النهار تسيح.. فما أن يستتب الأمن، ويغرق بالطبيعة كل في همومه اليومية، حتي تغلق الأبواب إلا علي الخاصة، في الفصل الانتقالي الثاني للعام الأول، يعالج فيه ساري عسكر، مشاكل الخاصة هنا وهناك، ويطمئن علي حقوق الفوق إنسانية، حتي يأتي الفصل الانتقالي الثالث فلا يدخل الباب إلا خاصة الخاصة.. إذا ما طلبوا ذلك في الأصل.. لينتهي المقام، ولا يدخل الأبواب إلا خاصة الخاصة إذا ما تحملوا الانتظار طويلا علي الأبواب، والاعتذار عن عدم اللقاء مرارا، أو حتي دون الاعتذار ليمر العام.. ليتأكد المصريون من صدق أمثالهم وخبرة جدودهم الطويلة.. بعد أن يكونوا قد ذاقوا ملوحة بحر الطحينة.. وكوتهم شمس النهار، بعدما ساح كل كلام الليل.. ليتفرغوا بعدها لمسارهم العادي في أن يأكل بعضهم بعضا في اللهاث وراء لقمة العيش.. يفيقوا منها أما علي ساري عسكر جديد بدائرة جديدة من أحلام اليقظة.. أو يجدوا أنهم قد أحيلوا إلي التقاعد. محمد علي السيد [email protected]