هل تصمد الهدنة السورية التي أعلنتها الأممالمتحدة.. مدعّمة من أمريكاوروسيا وكافة الأطراف المتورِّطة في الأزمة منذ 5 سنوات؟.. والإجابة.. أن الأوضاع علي الأرض لا توحي بذلك.. فهناك هدنة فعلاً ولكن في مناطق عرف معظمها الأمان لسنوات.. وفي بعض مناطق عرفت الحرب الأهلية علي فترات.. أما مناطق النزاع الحقيقية التي تسيطر عليها قوات من داعش أو النصرة أو حلفائهما أو حتي من أكراد سوريا.. فالهدنة فيها إلي حين.. وإلي أن تقتنع الدول التي فرضتها.. أن كافة الأراضي السورية في حاجة لحل عادل وشامل ليس علي المدي القصير ولمجرد التقاط الأنفاس.. ولكن لمستقبل وطن بأكمله. روسيا تراقب »الهدنة« من اللاذقية وأمريكا من عمان تقارير تؤكد أن قوات النظام والمعارضة انتهكت الهدنة فعلاً ومن خلال قاعدة جوية لها في الشمال الغربي السوري وبالتحديد في مدينة اللاذقية.. تراقب روسيا سير الهدنة.. وفي الأردن وبالعاصمة عمان.. تراقب الولاياتالمتحدةالأمريكية هي أيضا الهدنة هناك.. ومعهما نحو 60 طائرة بدون طيار خصصها الدب الروسي لمراقبة الهدنة علي طول الأراضي السورية وعرضها.. إضافة لقوات من الأممالمتحدة تراقب عن كثب في كل من لبنانوالأردن والعراق.. المجاورة لسوريا. ورغم ذلك.. جاءت تقارير تؤكد أن كلاً من قوات النظام والمعارضة.. قد انتهكت الهدنة.. ولكن بصورة محدودة، كما أكدت تقارير أخري لبعثة مبعوث الأممالمتحدة في سوريا دي مسيتورا.. وفي مناطق محدودة.. وإن كان النظام قد رصد سقوط قذائف علي إحدي ضواحي العاصمة دمشق.. بعد ساعات من بدء سريان الهدنة.. ورصدت المعارضة قذائف للنظام وقصفا جويا روسيا رغم التزام روسي رسمي بوقف العمليات الجوية علي كافة الأراضي السورية لمدة يوم كامل.. كمبادرة لحسن النية.. ووقفها بصورة شبه دائمة في المنطقة الخضراء.. وهي المنطقة التي يسيطر علي معظمها بشار حول دمشق وضواحيها.. وبعض المدن حولها.. التي تمثل هي واللاذقية في الشمال الغربي السوري.. بعدا استراتيجيا لوجوده كله.. ويسكن فيها أغلبية علوية موالية له.. ويدافع عنها قوات من النظام والشبيحة الموالين له.. بالإضافة لقوات من الحرس الثوري الإيراني.. وحزب الله اللبناني.. وبعض الموالين من قوات حماية الشعب الكردي.. وفي المقابل تقول المعارضة خاصة تلك التي تتبناها السعودية بوجه خاص ودول الخليج بوجه عام.. أنها قد اضطرت كما تقول «صحيفة السفير اللبنانية» لقبول الهدنة دون شروط كانت قد وضعتها من قبل.. وأبرزها: وقف الهجمات الجوية الروسية دون تمييز علي بعض المناطق السكنية.. التي تدعي روسيا أن بداخلها مقاتلين من النصرة أو داعش.. أو بعض الفصائل مثل أحرار الشام.. التي تصنفها روسيا كجماعة إرهابية.. وتري المعارضة عكس ذلك.. وتقول المعارضة هنا.. إن روسيا تسعي من وراء ذلك إلي استنزاف القوات السورية المعارضة لبشار بداعي الهدنة.. وبالمقابل تقوية وجود النظام علي الأرض باسترداد المزيد من الأراضي كما حدث في حلب في أقصي الشمال السوري وعلي الحدود مع تركيا واستغلال التواجد السوري الكردي هناك.. وبتقوية موقف بشار التفاوضي عند إجراء جولة جديدة من المفاوضات السورية - السورية في جنيف كما هو مقرر لها. «صحيفة الإندبندنت البريطانية» ركزت علي عدة نقاط بعد سريان الهدنة السورية كان من أبرزها: أن معظم السوريين يخشون من أن يكون مصير تلك الهدنة مثل مثيلاتها من قرارات سابقة لمجلس الأمن والأممالمتحدة.. كان منها:وقف لإطلاق النار لأكثر من مرة.. خاصة حول المناطق المحاصرة.. إما من جانب قوات النظام حول دمشق.. وفي الجنوب السوري.. أو من جانب قوات موالية للمعارضة في الشمال وفي الوسط.. وهي اتفاقيات كانت هشة تم تنفيذها لأيام فقط وبأغراض إنسانية.. ولإدخال المساعدات فقط كما حدث في بلدان مثل: إدلب ومضايا.. ولم تؤدِ لوقف دائم للقتال.. بل كانت فرصة ذهبية لكل من النظام ومعارضيه لالتقاط الأنفاس فوق الأرض.. إلي جانب القرار رقم 2139 الصادر من مجلس الأمن.. الذي حرّم استخدام البراميل المتفجرة من جانب قوات بشار.. التي حصدت عشرات الآلاف من المدنيين ولم يطبّق فعليا هناك. نقطة أخري هامة.. وهي مسألة علي من تطبق الهدنة فعليا؟! وبخاصة أن المعارضة السورية التي وافقت ومعها عشرات من الفصائل المقاتلة علي سريانها، قد ربطت ذلك - بأسبوعين من بدئها - بإظهار حسن النية أولا.. وجدية النظام ومن ورائه القوات الروسية في تطبيقها، خاصة في المناطق التي تشهد تداخلا بين التواجد لمعارضة مسلحة معتدلة.. ومعارضة مصنّفة كإرهابية مثل داعش والنصرة، أضف لذلك ربط الهدنة بمسار المفاوضات في جنيف وتقدم كل منهما المرتبط بتقدم الآخر، والأهم هو البدء فورا في حل شامل للأزمة بفترة انتقالية.. ومجلس نيابي ثم انتخابات ثم رئيس جديد لكل السوريين.. وإلا سيكون المصير - كما قال كيري وزير الخارجية الأمريكي - الذهاب لتقسيم الأراضي السورية بين جماعات متشددة لها نصيبها بالفعل فوق الأراضي السورية.. ومعارضة مؤيدة من الخليج وأمريكا وأوروبا.. ونظام مؤيَّد من إيران وحزب الله.. وشعب سوري لا حول له ولا قوة.. في أزمة لا ناقة له فيها ولا جمل!