وزير الثقافة الجزائرى عز الدين ميهوبى ورئيس المهرجان «سليم أغار» وترحيب بالأيام السينمائية الجزائرية الأيام السينمائية الجزائرية في دورتها السادسة هي احتفالية بالفن السابع.. وبالسينما الجزائرية الشابة ولجيل بأكمله من المخرجين الشبان في تلاحم مع مخرجي العالم. «لنا الشاشات» هي الجمعية التي يرأسها «سليم أغار» التي تقيم المهرجان الذي جاء ليحقق أحلام السينمائيين في الجزائر خاصة أنه يهتم بالسينما الوثائقية والأفلام القصيرة.. إن شباب السينمائيين اليوم في هذا المهرجان هم نجوم السينما في العالم في الغد. ولعل أكثر مايلفت الاهتمام هو الجمهور الجزائري بمختلف طوائفه وأعماره الذي يتواجد بكثرة ويحرص علي حضور العروض والمشاركة في الندوات التي تعقب معظم العروض. ولعل أهم مايميز هذه الدورة كالدورات السابقة هو مسابقة السيناريو التي انطلقت منذ الدورة الأولي ومن خلالها ظهرت أسماء تقدم أعمالها الأولي «ياسمين شويخ»، «أنيس جاد»، «ميناد مبارك». في هذه الدورة تم تكريم الناقد الراحل الكبير «آبو. ب» الذي أثري حركة النقد السينمائي في الجزائر والعالم العربي.. وقد أقيمت ندوة كبري عن النقد السينمائي وأثره في إثراء السينما.. شارك المؤرخ السينمائي الجزائري القدير «أحمد بجاوي» وكذلك «محمد بن صالح» وكاتبة هذه السطور نعمة الله حسين من مصر.. و«طاهر حوش» من سويسرا.. و«عبدالإله» من المغرب. وقد افتتح وزير الثقافة «عز الدين ميهوبي» الأيام السينمائية بحضور عدد كبير من فناني ومخرجي الجزائر سواء في السينما الجزائرية الروائية أو التسجيلية وقد قال في كلمته إن «الثقافة حق للمواطن في الدستور كالتعليم والصحة.. وإن الدولة توليها اهتماما شديدا.. خاصة فيما يتعلق بسينما الشباب حيث إن الحركة السينمائية الجزائرية اليوم تشكل مكانة لابأس بها في السينما العالمية علي كل المستويات.
وقد رأس لجنة التحكيم الدولية لهذه الدورة الفنان القدير الممثل الجزائري «مصطفي دجاجم» الذي لم يكتف بدوره في التمثيل بل له تجارب إخراجية ناجحة.. إنه نموذج للفنان الشامل. بالإضافة لكل من المنتج الفرنسي «ديديه بوجارد» والسيناريست «جان امليميار» والممثلة المغربية «جيهان كامل» والفنان الجزائري «العربي بن شيحة»، والناقدة المصرية «إلهام سيف الدين والناقد التونسي «عبدالكريم جايوس».
وقد افتتح المهرجان بالفيلم القصير «مهنة جيدة» للمخرج الجزائري «فريد بن تومي» الذي يعد من الوجوه اللامعة من شباب المخرجين الجزائريين وفيلمه الروائي الأول الطويل «حظ سعيد ياجزائر» الذي فاز بجائزة الجمهور في مهرجان مونبيلييه السينمائي الأخير وسوف يعرض في دور العرض الأوروبية الشهر القادم. «مهنة جيدة» يتتبع فيها فريد حياة أحد الشباب الذي يعيش في العاصمة الفرنسية.. حيث يحاول بعد وفاة والده أن يمتهن مهنة جيدة ترضي عنها والدته إكراما لذكراها.. ولا يجد سوي «ملابس الصلاة» أمام الجامع الشهير في باريس ليبيعها.. ويشعر بالتناقض بين ما يفعله ويقوم به وبين حياته الشخصية المليئة باللهو.
جائزة الجمهور في أي مهرجان تعادل الجائزة الكبري إن لم تفقها.. ومابالكم إذا كان هذا الجمهور جزائريا واعيا.. وقد حصل الفيلم الجزائري الوثائقي الطويل «حكاية أمس واليوم» للمخرجة القديرة «يامينا شويخ» عليها.. وهذا الفيلم عانت مخرجته كثيرا لكي يري النور.. وفي عرضه في الأيام الجزائرية مايحسب «لسليم أغار». الفيم مهدي إلي نساء الجزائر من المجاهدات.. ولصفحة مطوية من تاريخهن.. وحقيقة دورهن في المقاومة وكيف أن العديدات منهن اليوم رغم كبر أعمارهن لا يجدن الرعاية الكافية لا المعنوية ولا المادية.. هذا الفيلم ظل ممنوعا من العرض تسع سنوات بالكامل لأنه يحمل شهادات لنساء قدمن حياتهن فداء لبلادهن لكنهن مكثن في ظلال النسيان.. «نسيمة هايل» «حرية عبيد» «حسيبة» وأخريات أطللن علينا بذكريات عن ماض تعرضن فيه للاغتصاب عشرات المرات والضرب والتعذيب.. كان لهن دور مؤثر في المقاومة لكنهن وجدن أنفسهن صفحات مهجورة ممزقة منسية في التاريخ.. حتي جاءت «يامينا» لتزيح ستار النسيان.. وقد أخذ الكثيرون علي الفيلم الأسلوب السردي المعتمد علي حكي النساء وأيضا إدانته للمجاهدين الذين تزوجوا من بعض المجاهدات وكأنه مكتوب عليهن أن تمتهن أجسادهن من قبل العدو وزملائهن. لكن الفكرة النبيلة في إزاحة ستائر النسيان عن هؤلاء المجاهدات يغفر «ليامينا» أي خطأ.. وبهذه المناسبة كل التحية «لسليم أغار» أن تحلي بالشجاعة لعرض هذا الفيلم بعد تعتيم عليه لمدة تسع سنوات.. فتحية له ولمخرجته ولكل مجاهدة جزائرية قدمت حياتها فداء لوطنها ولم تعش حياتها كأي امرأة في العالم.
وإذا كان «هم» الأمس يحمل الكثير من الأوجاع.. فإن الوجع مازال ساريا إلي اليوم.. وإن كان في اتجاه آخر يخص السينما والشباب.. ففي الوقت الذي يعلو فيه اسم الجزائر في السينما العالمية نجد أن هناك صعوبة شديدة للغاية تواجه المخرجين الجزائريين في عمل أفلام الآن.. يستوي في هذا من يملكون أسماء كبيرة أو الشباب الذي يحاول أن يقتحم هذا المجال.. ربما لم ينفذ من هذا المأزق سوي بعض المخرجين الذين يعيشون في فرنسا.. والإنتاج المشترك يكاد يكون هو الأمل الوحيد بالنسبة لهم. والطريف أن المخرج اللبناني «راني بيطار» فكر في أن يقدم فيلما حول هذا الموضوع جمع فيه أسماء العديد من المخرجين الجزائرين «عبد الكريم بهلول» «مرزاق علواش» «لياس سالم».. وآخرين تحدث كل منهم عن صعوبة الاستمرار في عمل الأفلام.. وألقي العديد منهم باللوم علي الدولة التي تخلت عن دورها في دعم الإنتاج السينمائي. إن السينما الجزائرية بخير.. ومخرجيها يحققون يوما بعد يوم نجاحات عديدة في كل المهرجانات العالمية.