رئيس مجلس النواب يهنئ الرئيس السيسي بعيد العمال    الصحة: انتهاء مراجعة المناهج الخاصة بمدارس التمريض بعد تطويرها    19 منظمة حقوقية تطالب بالإفراج عن الحقوقية هدى عبد المنعم    تقرير حقوقي يرصد الانتهاكات بحق العمال منذ بداية 2023 وحتى فبراير 2024    إجراء التصفيات النهائية لمسابقة «الأزهري الصغير» في كفر الشيخ| صور    البيض يعاود الارتفاع مع انخفاض أسعار الدواجن    جهاز مشروعات التنمية الشاملة ينظم احتفالية لحصاد حقول القمح المنزرعة بالأساليب الحديثة    البورصة تكتسي بالأحمر، 40 ألف عملية تداول بمنتصف التعاملات اليوم الثلاثاء    صحة الدقهلية تنظم يوماً علمياً حول الاستخدام العشوائي للعلاج بالأعشاب وتأثيراته على الكلي    رئيس برلمانية حماة الوطن: قطاع الزراعة يمثل أمنا قوميا لمصر    خطوات ل فحص السيارة المستعملة قبل شراءها ؟    «الذهب العالمي»: انخفاض مشتريات المصريين من المعدن الأصفر إلى 13.2 طن خلال 3 أشهر    هل تنجح محاولة الصين لتحقيق المصالحة الفلسطينية؟ خبير استراتيجي يجيب    روسيا تتهم الولايات المتحدة ب"النفاق" بعد معارضة تحقيق الجنائية الدولية مع إسرائيل    الدفاع المدني بغزة: تقديرات بوجود أكثر من 10 آلاف شهيد تحت أنقاض البنايات    فيديو| عملية طعن استهدفت شرطيين قرب محطة "مترو " في بريطانيا    مساعد وزير الخارجية الأسبق: الجهد المصري لا يتوقف لتهدئة الأوضاع في غزة    ترتيب الدوري المصري قبل مباراة الأهلي والإسماعيلي    "دمرها ومش عاجبه".. حسين لبيب يوجه رسالة نارية لمجلس مرتضى منصور    تحذير هام من السكك الحديدية للركاب تجنبًا لدفع غرامة    ضبط 23 سلاحا ناريا وتنفيذ 683 حكمًا قضائيًا متنوعًا فى أسيوط وأسوان ودمياط    مصدر أمني ينفي ما تداولته قنوات إخوانية عن الأوضاع داخل سجن القناطر    18 مليونا في 24 ساعة.. ضربة أمنية لتجار العُملة في السوق السوداء    ضبط 8 أطنان لحوم ودواجن وأسماك فاسدة بالمنوفية وتحرير 32 محضراً خلال شهر    المؤبد ل عاطل بتهمة حيازة «مخدر الميثامفيتامين» في الجيزة (تفاصيل)    قرار قضائي عاجل ضد مرتضى منصور بتهمة السب والقذف.. تفاصيل    مستشار زاهي حواس يكشف سبب عدم وجود أنبياء الله في الآثار المصرية حتى الآن (تفاصيل)    طرح فيلم "أسود ملون" في السينمات السعودية .. الخميس المقبل    ريم بسيوني: فخورة بالفوز بجائزة زايد للكتاب في دورة تحمل اسم نجيب محفوظ    كيف علقت "الصحة" على اعتراف "أسترازينيكا" بوجود أضرار مميتة للقاحها؟    الموضوع وصل القضاء.. محمد أبو بكر يرد على ميار الببلاوي: "أنا مش تيس"    "رقبتي ليك يا صاحبي" أحمد السقا يوجه رسالة إلى كريم عبد العزيز    رئيس جامعة بنها يفتتح معرض الزهور الأول احتفالا بأعياد الربيع    رئيس اللجنة العلمية لمكافحة كورنا يحسم الجدل بشأن حدوث جلطات بعد تلقي اللقاح    الصحة: الانتهاء من مراجعة المناهج الخاصة بمدارس التمريض بعد تطويرها    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    طلاب النقل الثانوى الأزهرى يؤدون امتحانات التفسير والفلسفة والأحياء اليوم    أقدس أيام السنة.. كيف تحتفل الكنيسة الأرثوذكسية بأسبوع آلام السيد المسيح؟    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    طريقة عمل السجق بالبطاطس بمكونات سهلة وطعم شهى    إمام: شعبية الأهلي والزمالك متساوية..ومحمد صلاح أسطورة مصر الوحيدة    ألقوه من فوق مبنى.. استشهاد فلسطيني على يد قوات الاحتلال في الضفة الغربية    اليوم.. «إسكان النواب» تناقش موازنة هيئة المجتمعات العمرانية للعام المالي 2024-2025    اليوم.. "الصحفيين" تفتتح مركز التدريب بعد تطويره    مساعد وزير الصحة: قطعنا شوطًا كبيرًا في تنفيذ آليات مواجهة تحديات الشراكة مع القطاع الخاص    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    مواعيد أهم مباريات اليوم الثلاثاء 30- 4- 2024 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    نيويورك تايمز: إسرائيل خفضت عدد الرهائن الذين تريد حركة حماس إطلاق سراحهم    موعد عيد شم النسيم 2024.. حكايات وأسرار من آلاف السنين    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لي نصيباً في سعة الأرزاق وتيسير الأحوال وقضاء الحاجات    تصريح زاهي حواس عن سيدنا موسى وبني إسرائيل.. سعد الدين الهلالي: الرجل صادق في قوله    الطيران الحربي الإسرائيلي يشن سلسلة غارات عنيفة شرق مخيم جباليا شمال غزة    عفت نصار: أتمنى عودة هاني أبو ريدة لرئاسة اتحاد الكرة    إيهاب جلال يعلن قائمة الإسماعيلي لمواجهة الأهلي    ليفاندوفسكي المتوهج يقود برشلونة لفوز برباعية على فالنسيا    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    أخلاقنا الجميلة.. "أدب الناس بالحب ومن لم يؤدبه الحب يؤدبه المزيد من الحب"    خليل شمام: نهائى أفريقيا خارج التوقعات.. والأهلى لديه أفضلية صغيرة عن الترجى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



للسيطرة علي مداخل ومخارج أفريقيا
سد النهضة.. صراع قوي ظلامية
نشر في آخر ساعة يوم 05 - 01 - 2016

المياه شريان الحياة.. والنيل برافديه الرئيسيين؛ "الأبيض والأزرق" مثل شرايين التي تنبض في جسد عدد من دول القارة السمراء وتغذيها. ومن المعروف، أن النيل بالنسبة لشعوبها هو مرادف للحياة ذاتها، يعيشون علي ضفافه ويقدسونه، عقدوا له اتفاقيات وأبرموا معاهدات منذ عقود من الزمن، لما يمثله من عمق استراتيجي وأمني وثقافي وحضاري لأفريقيا.. لذا فإن بناء سدود علي منابع النيل الرئيسية وتحديداً مشروع "سد النهضة" في بلاد الحبشة الأثيوبية سيكون بمثابة أزمة.. فما تحمله هذه القضية في طياتها هو أبعد من كونه صراعاً علي المياه بل هو صراع قوي ظلامية لإنهاك وانتهاك أفريقيا بأكملها وإضعاف دول المصب وخاصة مصر حارس بوابة شرق القارة.
لا يزال مسلسل استغلال الغرب لأفريقيا مستمرا وفي ازدياد يوماً تلو الآخر، فبات هناك تكالب هائل علي القرن الأفريقي من قبل الصين وإيران والولايات المتحدة وإسرائيل، فوجود الأخيرة فيه خاصة وفي باقي القارة عامة ليس لأسباب اقتصادية فقط وإنما لأسباب استراتيجية ومنها الاعتراف بها، ومحاولة حصار مصر في دول منابع النيل وعزل العالم العربي في الأطراف.
ففي عام 1998، اتخذت الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس الأسبق "بيل كلينتون" كخطوة تجاه السياسة الرامية لعزل الشمال الأفريقي مصر والسودان (دول المصب) عن دول حوض النيل في ظل إقامة مشروع "القرن الأفريقي الكبير" بحجة اندماج دوله في الاقتصاد العالمي، ليضم أثيوبيا وإريتريا (دول النيل الأزرق)، وأوغندا وكينيا ورواندا وبورندي (دول البحيرات العظمي)، بالإضافة إلي جيبوتي والصومال وصولاً إلي ساحل البحر الأحمر. فإن خطر هذا المشروع يتمثل في التهديد الأمني والمائي لدول المصب، ويزداد الخطر مع تنامي الدور الصهيوني داخل دول منابع النيل، المناوئة للمصالح المصرية السودانية، وهذا ما حدث مع أثيوبيا، ذات الأطماع التوسعية في منطقة القرن الأفريقي. فهذه الدولة، الفقيرة مادياً وعسكرياً، تنتهز فرصة الفوضي السياسية التي تعقب الصراعات الإقليمية، وتنافس القوي الغربية علي هذه المنطقة، لتبدأ في تقديم نفسها كلاعب أساسي يمكنه استخدام أسلوب الضغط في أعالي النيل لتحقيق أطماع الغرب. وقد توفرت هذه العوامل مع تنافس التنين الأصفر، والحضور القوي لإسرائيل الذي تتخفي وراءه واشنطن وحلفاؤها. بالإضافة إلي وجود خلاف إقليمي مثل ما حدث في السودان وانفصال شماله عن جنوبه.
ووفقاً لكتاب "نهر النيل في عصر البريطانيين" ل"تيرجي تفيدت" البروفيسور بجامعة "أوسلو" اعتمد الغرب علي الترويج لأفكار كتصعيد مشكلات المياه بين مصر ودول حوض النيل عبر صياغات جديدة مثل الحروب القادمة علي المياه والصراع حولها، ويحاولون إقناع دول المنبع بوجود ظلم واقع عليهم نتيجة الإسراف في موارد المياه، ثم تقوم بتقديم الدعم الاقتصادي والدبلوماسي لتلك الدول. بالإضافة إلي التواجد العسكري الأمريكي المشترك في جنوب البحر الأحمر بدعوي محاربة الإرهاب والقرصنة ومن ثم السيطرة والتحكم في حركة الملاحة الدولية وارتباط ذلك بقناة السويس، ما يؤثر علي أمن المنطقة. قامت الولايات المتحدة بإنشاء القيادة العسكرية الأفريقية المعروفة ب"أفريكوم" عام 2008 المنتشرة في كل البلدان الأفريقية عدا مصر لعزلها عن كونها جزءا من أفريقيا. عملوا من خلال طفلهم المدلل إسرائيل علي توقيع اتفاقيات لبناء سدود وتطوير وإنشاء محطات كهرباء للوصول إلي مياه النيل، حيث يوجد مئات الخبراء الإسرائيليين في أثيوبيا للعمل في المشروعات المائية، بجانب إرسال الخبرات المختلفة للحبشة علي كل الأصعدة، تتمثل في بعثات للمساعدة الإنسانية والطبية بعثات تعليمية وثقافية وأخري عسكرية وأمنية، لتدريبهم علي حمل السلاح. وأكد الكاتب علي وجود محاولات عدة من جانب الإدارات الأمريكية المتعاقبة بإقامة عدد من السدود في أثيوبيا تعود إلي عقود مضت, حيث حصلت شركة أمريكية علي إذن من إثيوبيا بإنشاء سد علي بحيرة تانا، خلال ثلاثينيات القرن الماضي، غير أن البريطانيين أوقفوا ذلك بموجب أحكام اتفاقية 1929 وكانت الدراسات حول "سد النهضة" قد بدأت منذ عام 1946، بواسطة مكتب الاستصلاح الأمريكي، في دراسة موسعة حددت 26 موقعا لإنشاء السدود, أهمها أربعة سدود علي النيل الأزرق، وحمل "سد النهضة" GERD في تلك الدراسة اسم سد "بوردر".
فيما تؤكد مجلة "Ventures Africa" الأفريقية، علي هذه المعلومات حيث قامت بعمل تحقيق موسع حول السد تحت عنوان "سد النهضة الأثيوبي - رمز للتكامل الإقليمي"، حيث أشار التحقيق إلي إسناد هذا المشروع الضخم إلي عدة دول أوروبية وصينية ومنذ أن أعلنت الحكومة الأثيوبية عن بدء العمل في المشروع عام 2011، بهدف توليد 6000 ميجاوات، وقد اجتذب المشروع اهتماما من عدد من وسائل الإعلام، خاصة بعد تغيير اسمه إلي سد النهضة ومنحه لشركة "ساليني" الإيطالية المختصة بتشييد السدود، حيث قامت ببناء أكثر من 20 سداً في أوروبا وآسيا وأفريقيا، بما في ذلك السدود "جلجل جيبي الثاني" سد "تانا بليز" الذي يقع في ولاية "أمهرة" الواقعة علي بعد 500 كيلو من العاصمة الأثيوبية، هذا بالإضافة إلي سد "جلجل جيبي الثالث". وتجري والأعمال الميكانيكية والهيدروجين في السد من قبل المؤسسة الهندسية الأثيوبية METEC في حين تقوم "ألستوم" الشركة الهندسة الفرنسية، بتزويد التوربينات والمولدات والإشراف علي تركيب جميع المعدات الميكانيكية والكهربائية.
وتلعب روما دوراً له طبيعة خاصة فرغم كونه يبدو تعاونياً إلا أنه يعمل علي إشعال الصراع في منطقة حوض النيل. ووفقاً للصحف الأثيوبية، فإنه يجري دعم السد من قبل إسرائيل والولايات المتحدة وقطر. وذكرت "الرأي الأثيوبية"، أن الدوحة تدعم "أديس أبابا" بينما إسرائيل، مثل أي دولة أخري، قد تتعاقد مع الحكومة لتوريد المياه والكهرباء. لقد كان موقف أثيوبيا دائماً واضحا ويهدف إلي تحقيق الربح للطرفين من حيث الاستفادة من مياه النيل بين الدول المطلة علي المشروع.
وتدخل الاستراتيجية الصينية في حوض النيل ضمن التوجهات الأساسية لسياسة بكين بالقارة، حيث قامت بتمويل العديد من مشروعات البنية التحتية مثل السكة الحديد والسدود المائية والطاقة، في كل من الكونغو الديمقراطية والسودان وأثيوبيا، في صورة قروض ومنح سياسية واقتصادية ترد بفائدة. في ظل هيمنة التنين الأصفر علي سوق معدات الطاقة المائية وبناء السدود في الخارج، فاستطاعت تقديم نفسها كدولة رائدة في هذا المجال. وقامت هيئة الكهرباء الأثيوبية بتوقيع اتفاقيات مع ثلاث شركات صينية لتطوير مشروعات الطاقة الكهربائية وتوليد الطاقة الرياح وكان أولها اتفاقية شركة مجموعة Gezhouba وذلك لتوليد الطاقة في منطقة "جبنالي داو" جنوب البلاد ووصلت تكلفة هذا المشروع إلي 408 ملايين دولار، بإنتاج طاقة 254 ميجاوات. وكان العقد الثاني مع شركة SINHYDRO لإنشاء مشروع في منطقة "شيمو جايدا" بإقليم "أمهرا" ويشمل بناء 5 سدود علي خمسة أنهار بقيمة 55 مليون دولار. أما الصفقة الأخيرة مع شركةHYDRO بهدف إنشاء مشروعات لتوليد الطاقة من الرياح في منطقتي "أدامو" و"ميسو".
فيما قدم "بول سوليفان" أستاذ السياسات الاقتصادية بجامعة جورج تاون، بحثا للجنة الشئون الخارجية في الكونجرس الأمريكي، حول احتمالات النزاع والتهديدات الإقليمية في حوض النيل علي المياه وتأثيرها علي السلام والأمن الإقليمي في المنطقة، التي ركز فيها علي النيل الأزرق وتأثيرات سد النهضة علي دولتي المصب. وأثبت خلال هذه الورقة، إن كان الأمر لتوليد الطاقة، فأثيوبيا لديها إمكانات هائلة من الطاقة الأرضية في أجزاء واسعة من الدولة بسبب الطبيعة الجغرافية ووقوعها في منطقة "الشق الأفريقي الأرضي"، حيث إن استخدام هذه الإمكانات ستغني عن بناء سدود لتحويل مسارات الأنهار التي يمكن أن تتسبب في نزاعات وصدامات واسعة مع دول المصب. كما تمتلك إمكانات واسعة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وعلي الرغم من عدم امتلاكها مخزونا واسعا من الغاز الطبيعي إلا أن هذه الموارد الطبيعية يجب أن توضع ضمن خارطة الدولة لإنتاج الطاقة. وأوضح سوليفان أنه علي الرغم من امتلاك أثيوبيا الآن إمكانات هائلة من الطاقة الهيدروليكية إلا أنها تستخدم 3% فقط من هذه الإمكانات، حيث إن الإحصائيات تشير إلي أن 20% فقط من سكانها لديهم إمكانية الحصول علي الكهرباء، وهو ما يعكس تحرك الدولة لإنتاج الطاقة وتحقيق التنمية بشكل عام، لكنه أكد أنه يمكن أن تكون هناك وسائل عدة وخيارات أقل تكلفة لتحقيق هذا الهدف دون وضع ميزانيات ضخمة من الديون المحلية والأجنبية في مشروع السد، التي ستعجز الحبشة عن سدادها خاصة بعد ارتفاع حجم الدين، من 1.7% إلي 2.5%. كما أكد البحث علي تأثير السد علي المناخ، وعدم وضع هذه القضية في الاعتبار في الدراسات المعدة بشأن السد، حيث إن قدرات السد وإنتاج الكهرباء وامكانات استخدام المياه في الري سيؤثر علي نظام الأمطار في المنطقة مستقبلياً، وهو ما لا يعني وقوع التأثيرات السلبية عليها فقط بل علي جيرانها الذين قاموا بدعمها ضد دول المصب.. فالضرر سيلحق بالجميع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.