وقد كثر الحديث عن أزمة مياه النيل والخلافات بين دول المنبع ودول المصب »مصر والسودان« بعد أن تزعمت أثيوبيا دول المنبع في توقيع ميثاق عنتيبي في منتصف مايو العام الماضي وهو يوم ذكري تحويل نهر النيل 1964 في رسالة لمصر التي لم تهتم بالتشاور معها عند إنشاء السد العالي.. وعلي ضوء الإعلان عن رغبة أثيوبيا في اشتراك مصر والسودان في تمويل وإنشاء سد الحدود.. الذي تم الإعلان عنه أمس.. تذكرت أمرين.. أولهما اعتراض أثيوبيا »الحبشة« علي إنشاء خزان بحيرة تانا »منبع النيل الأزرق« عندما اقترحته مصر، والأمر الثاني هو السؤال الذي وجهه لي الامبراطور هيلا سلاسي عندما زار السد العالي وشاهد المياه المتدفقة والهادرة من الفتحات العلوية لمحطة السد الكهربائية.. إذا ما كان ممكنًا أن تشترك مصر وأثيوبيا في بناء سدود علي النيل الأزرق بأثيوبيا.. ولكن الثورة التي قامت ضده لم تتح للامبراطور تحقيق حلمه في تنمية بلاده.. أو الاشتراك مع مصر في تنمية حوض النهر العظيم. أما وقد أعلنت أثيوبيا عن رغبتها في مشاركة مصر والسودان في إنشاء السد المقترح علي حدودها مع السودان علي النيل الأزرق.. وهو مدرج ضمن خطة وضعتها الولاياتالمتحدة عن طريق مكتب استصلاح الأراضي الأمريكي في الثمانينيات من القرن الماضي وقد نشر الأستاذ الدكتور رشدي سعيد في كتابه عن النيل قائمة هذه السدود وعددها 33 سدا علي الأنهار العديدة بأثيوبيا وأهمها ثلاثة سدود علي النيل الأزرق لتوليد الطاقة فيجب ألا تفلت مصر هذه الفرصة.. حتي نستعيد الوفاق الذي افتقدناه بعد نحو 15 عامًا من بدء المبادرة التي تجمعت فيها دول المنبع معًا والتي استيقظت بدافع رغبتها في تنمية بلادها وتشجيع جهات أخري صديقة أو معادية لانتهاز الفرصة. إن اشتراك مصر بالذات في إنشاء السدود علي النيل الأزرق يتيح لنا الاشتراك في إدارتها علي غرار المشاركة الحالية في إنشاء وإدارة محطتي توليد الطاقة علي مخرج المياه من بحيرة فيكتوريا مع أوغندا.. لصالح مصر وأوغندا معًا. وقد يؤدي ذلك أيضًا إلي تقليل فواقد التبخر من سطح بحيرة ناصر »خزان السد العالي« إذا أحسن إدارة سدود النيل الأزرق المقترحة لصالح أثيوبيا ومصر والسودان.. ويجب أن يشمل الاتفاق مع أثيوبيا.. مناقشة باقي السدود المقترحة التي تقع في حوض النيل.. وكذلك التعاون الاقتصادي باستيراد المنتجات الزراعية الأثيوبية والتي تستوردها مصر مثل الحبوب والبقول والبن والمنتجات الحيوانية المتوفرة بأثيوبيا بكميات هائلة بدلاً من استيرادها من دول لا تربطنا بها صلات ومصالح حيوية.. ولعلنا نحسن إدارة المفاوضات مع أثيوبيا ولدينا خبير كبير في التعاون مع أفريقيا هو الدكتور بطرس بطرس غالي الكبير الذي رشحته الدول الأفريقية لسكرتارية الأممالمتحدة ثم لسكرتارية الفرانكوفون ولا ننسي أن اتفاقنا مع أثيوبيا قبل موافقة برلمانات السبع دول سيكسر حلقة الدول السبع وتحالفها في غير صالح مصر. *وكيل أول وزارة الري الأسبق