أطلق اسم النيل علي نهر النيل نسبة إلي الاسم اليوناني نيلوس وهو أطول أنهار الكرة الأرضية ويبدأ مساره من المنبع في بحيرة فيكتوريا ويمر علي عشر دول هي الكونغو الديمقراطية وبوروندي وكينيا وإريتريا ورواندا وتنزاينا وأوغندا وإثيوبيا والسودان وينتهي في مصر ويصب مياهه في البحر الأبيض المتوسط عن طريق فرعيه رشيد ودمياط وذلك بطول إجمالي 6650 كيلو مترا وتغطي مساحته 4.3 كيلو متر مربع ويطلق علي جميع هذه الدول التي يمر بها نهر النيل دول حوض النيل. وتعتبر بحيرة فيكتوريا أحد المصادر الأساسية لمياه نهر النيل وتقع هذه البحيرة علي حدود كل من أوغندا وتنزانيا وكينيا وتعتبر بحيرة فيكتوريا هي ثالث البحيرات العظمي في العالم. ولهذا كان لابد لنا من سرد هذه المعلومات لنتذكر معا أهمية هذا الشريان المهم بل هو شريان الحياة الرئيسي لمصر والتي تعتمد علي مائه بنسبة 95% من احتياجاتها من المياه سواء كانت للشرب أو الزراعة أو الصناعة ولتغطية جميع جوانب الحياة الأخري أما ال 5% الباقية فمصدرها المياه الجوفية والتي يقدر مخزونها بحوالي 5.17 مليار متر مكعب وأيضا علي مياه الأمطار التي يعتمد عليها بعض البدو في الشرب والزراعة. وبمقتضي الاتفاقية الدولية الموقعة عام 1929 تحصل مصر بمقتضاها علي 55 مليار متر مكعب من مياه النيل علما بأن المطلوب الفعلي للاستخدامات المختلفة لمصر يصل حاليا إلي 5.63 مليار متر مكعب سنويا. تقضي هذه الاتفاقية أيضا علي أن تكون حصة السودان السنوية من المياه 5.18 مليار متر مكعب كما تنص هذه الاتفاقية علي أن إقامة أي مشروعات جديدة علي مسار النهر تستلزم الحصول علي موافقة بالإجماع وأن هذه الموافقة تشترط وجود مصر والسودان وإثيوبيا باعتبار أن مصر والسودان هما دولتا المصب وإثيوبيا إحدي دول المنبع التي تغذي نهر النيل عن طريق مياه الأمطار الموسمية التي تهبط علي هضبة إثيوبيا وتغذي النيل الأزرق وتشكل نسبة 85% من إجمالي المياه المغذية لنهر النيل. بدأت المشكلة منذ شهر مايو الماضي عقب اجتماعات كينشاسا عندما أعلنت الدول الاستوائية بشكل صريح عن نيتها في ضرورة تعديل الاتفاقية الدولية الموقعة عام 1929 والتي تحدد حصص الدول من المياه وعن رغبتهم في تخفيض حصة مصر وإعادة توزيع الحصص علي باقي الدول وتزعمت تنزانيا ومعها رواندا والكونغو هذا المطلب ثم أيدتهم أيضا أوغندا في طلبهم هذا بل ووصل الأمر إلي أن تنزانيا بدأت تطالب بعدم الاعتراف باتفاقية مياه النيل والتي تعطي لمصر الحق في الموافقة أو عدم الموافقة علي المشروعات التي قد يقترحها أي طرف من دول حوض النيل حيث إن تنزانيا كانت قد أعلنت عن إنشاء عدة مشروعات علي نهر النيل دون أخذ موافقة مصر بل وحتي دون استشارتها ومنها مد أنابيب مياه ضخمة من بحيرة فيكتوريا إلي قري ومناطق زراعية شاسعة في الشمال الغربي لتنزانيا تحت دعوي أن هذه المناطق تعاني من أزمة مياه وحيث إن هذه المشروعات وأخري مثيلة لها تزمع بعض الدول الأخري إقامتها علي النهر سوف يؤثر وبشكل واضح علي حصة مصر من المياه فقد أعلنت مصر ضرورة أن تحترم جميع الدول الاتفاقية الدولية السابقة توثيقها بكامل بنودها سواء كانت في حصص توزيع المياه أو البنود الأخري ومنها الحصول علي الموافقة الجماعية لإنشاء أي مشروعات علي نهر النيل أسوة بإثيوبيا والتي حصلت علي هذه الموافقة عند إنشائها لسد صغير علي النيل الأزرق. أما القول بأن السودان قد أقام سدا وهو سد مروي وأنه سيؤثر علي حصة مصر من المياه فهو تقول مغلوط يراد به الباطل لأن الحقيقة أن السودان كان لا يستغل كامل حصته المنصوص عليها في الاتفاقية والبالغة 5.18 مليار متر مكعب كما سبق وأسردنا وأنه بهذا السد سيتمكن من استغلال كامل حصته دون فائدة ودون أن يؤثر علي حصة مصر الحالية. لقد اتفقت الدول في مؤتمر الإسكندرية الذي عقد مؤخرا علي إعطاء مهلة قدرها ستة أشهر لتسوية نقاط الخلاف ثم الجلوس والتعاون علي حل هذه المشكلات ولكن الثوابت الأساسية لمصر هي أن المياه أمن قومي لمصر والحقوق التاريخية لمصر والسودان لا يمكن المساس بها والموافقة المسبقة لأي مشروع مطلوب إقامته علي نهر النيل هو أمر مفروغ منه ولكن الأمر يقتضي التركيز الشديد من جانب مصر خلال الفترة القادمة وتكثيف العمل الدبلوماسي والاتصالات مع جميع الدول لضمان الخروج بأقل الخسائر من هذه المشكلات.