المستشار عبدالله الباجا رئيس محكمة استئناف أسرة القاهرة رؤية قانونية حول قانون زواج المصريات من أجانب لحسم الجدل المتنامي في هذا الشأن، حتي بين صفوف المدافعات عن حقوق المراة، حيث يري أن مبدأ الزيادة المالية مرفوض وإذا كانت حتمية فإن الزيادة ضعيفة جداً ويمكن أن تحدد علي الأقل ب50 ألف دولار، كنوع من الضمانة للزوجة المصرية.. هذه النقاط القانونية وغيرها نناقشها معه في سياق الحوار التالي . لا يجوز توثيق الزواج إذا زاد فارق السن عن 25 سنة يجب أن يناقش البرلمان الجديد تعديل شرط المبلغ المالي أطالب بمنح حق وزير العدل في الاستثناء إلي محكمة الأسرة حدثني عن أبرز ملامح قانون زواج المصريات من أجانب؟ - وضع القانون لزواج المصريات من أجانب عدة شروط، الأول ألا يقل سن الزوجين عن 18 سنة لكليهما (المصرية والأجنبي) ولا يزيد فارق العمر بينهما عن 25 سنة، وأن يقدم الزوج الأجنبي شهادة ميلاد وأن يقدم تحقيق شخصية معتمدا في مصر وأن يحضر موافقة رسمية من سفارته أو القنصلية التابع لها في مصر بأنه لا مانع من جانب بلاده علي الزواج، لأنه يمكن أن يكون متزوجا من أربع نساء في بلده، وأيضا من الناحية الأمنية، لأن أبناء الأجانب يحصلون علي الجنسية المصرية، فلابد من الحرص علي ألا يكون علي الأجنبي مشاكل سياسية أو جنائية في بلده، فقد يكون إرهابياً، فيحصل ابنه علي الجنسية المصرية ويكون من حقه تقلد الوظائف المصرية والالتحاق بالجيش المصري، وبالتالي من الضروري إحاطة زواج المصرية من أجنبي بمثل هذه الشروط. هل هذه تعتبر شروط زواج أم شروط توثيق الزواج؟ - ليست تلك شروطا لصحة الزواج من عدمه، لكن شروطا للتوثيق في مصر، لأنه لابد أن تكون هذه الشروط مكتملة والذي يختلف عن شروط الزواج المتمثلة في الإيجاب والقبول والمهر والشهود في نطاق القاعدة الشرعية التي تعطي للحاكم صلاحية تقييد المباح درءا للمفاسد. هل يمكن أن يرفع القانون من نسبة الزواج العرفي إذا عجز الأجنبي عن دفع مبلغ ال50 ألف جنيه؟ - نسبة كبيرة من الأجانب عند الزواج من مصرية يواجهون صعوبة في توثيقه، فيتحايلون علي القانون لأنه لم يستطع أن يستوفي الشروط التي نص عليها القانون ويلجأون في البداية إلي الزواج العرفي ولكن في حالة حدوث إنجاب أو أن الزوج سيسافر بالزوجة المصرية إلي بلده يلجأون إلي وزارة العدل لتوثيق الزواج العرفي التي بالتاكيد ترفضه إذا ارتأت غياب شرط من شروط التوثيق، فيلجأون لمحكمة الأسرة للحصول علي التوثيق ظنا أن المحكمة ستتساهل في الشروط وستمنحه إثبات زواج لأنه إذا منحته المحكمة حكم إثبات الزواج أصبح زواجا رسميا، لأن دور المحكمة في هذه الحالة مثل دور المأذون ووزارة العدل، أي دور الموثق، فحتي لو كان زواجا عرفيا صحيحا ويرغب في توثيقه فلابد من توافر الشروط الخمسة السابق ذكرها، وهنا تُرفض الدعوي ويظل الزواج بعقد عرفي لحين استيفاء الشروط. هل تتزايد نسبة دعاوي إثبات الزواج العرفي من الأجانب أمام المحكمة أم أنها محدودة؟ - هناك عدد كبير من الدعاوي أمام محكمة الأسرة لتوثيق الزواج العرفي من أجانب، ويُرفض العديد منها لافتقادها شروط التوثيق ولعل أكثرها حالات زواج المصريات من سوريين وننصح المصريات المقبلات علي هذا النوع من الزواج بالرجوع إلي استشارات قانونية وشرعية حول سريان العقد وإمكانية توثيقه حتي لا تتورط الزوجة في زواج عرفي وتعجز عن توثيقه لأنه عندها ستعجز عن استخراج أوراق رسمية لأبنائها. ما أبرز الآثار السلبية لزواج المصريات من أجانب؟ - في حالة توثيقه يمكن أن يغادر الأجنبي مصر ويعود إلي بلده ويترك زوجته، فلن تجد عائلا لها ولأولادها، أو أن يهرب الزوج الأجنبي بالأبناء. إذاً هل تري أن القانون الحالي يحتوي علي ثغرات؟ - يحتوي القانون الحالي بصيغته النهائية - حتي بعد التعديلات الأخيرة - علي عيوب، منها أنه أعطي لوزير العدل سلطة استثناء مطلق لبعض طلبات زواج المصريات من أجانب دون أن يكون متوفرا لديهم بعض هذه الشروط الخمسة أو كلها ويمنحهم توثيق الزواج بما لا يضمن في رأيي تحقيق العدل بين كل الحالات لأنه غير دستوري لكن إذا كان لابد منه فمن المفروض أن يمنح هذا الاستثناء لوزير العدل ورئيس محكمة الأسرة لأن لديه نفس اختصاص وزير العدل حيث إنني رفضت توثيق زواج سوري لأنه عجز عن إحضار موافقة من السفارة السورية نظرا للظروف التي تمر بها بلاده وحكي لي أن هذا الشرط خارج عن إرادته لأن مؤسسات الدولة ليست مسيطرة علي البلد، هنا لو كان بيدي هذا الاستثناء، فإن هذه الحالة تستحقه. كما أن رئيس المحكمة له نفس اختصاص وزارة العدل في منح التوثيق لذا أقوم بنفس الدور وفقا للمادة (9) من القانون رقم 1 لسنة 2000 الذي منحني سلطة التوثيق علي عقود الزواج، فلماذا لا يتم منحي هذا الاستثناء وأنا قريب من الحالات بدرجة كبيرة. وماذا لو زاد الفارق بين الزوجين عن 25 سنة؟ - طالب المجلس القومي للمرأة بتعديل القانون بوضع شروط صارمة لإتمام هذا الزواج حتي وصل في عام 2003 إلي 40 ألف جنيه ولذا أتعجب من انتقاد البعض لقرار وزير العدل بعد إقرار التغيير الأخير وزيادة المبلغ من 40 إلي 50 ألف جنيه لأنهن هن من سبقنه في المناداة بهذا المطلب وزيادة المبلغ ظنا منهن أن هذا القانون جديد، لكن الحقيقة أن وزير العدل أحمد الزند لم يشرع قانونا جديدا أو أوجد مبدأ لم يكن موجودا فهذا قانون وهذه حدود سلطته في أن يرفع الوزير المبلغ المالي فقط أو يستثني حالات معينة من القانون. وكيف تري التعديل الأخير علي القانون؟ - هذا التعديل مرفوض فإذا زاد السن عن 25 سنة فمن الأفضل ألا يوثق هذا الزواج من الأساس بمعني أن الزوج الأجنبي إذا رغب في الزواج من فتاة مصرية وزاد الفارق العمري بينهما عن 25 عاما فلا يتم حتي لو دفع مليون جنيه وليس 50 ألف جنيه فمثلا إذا كان هناك رجل عمره 50 سنة ويريد الزواج من فتاه عمرها20 سنة فلا يسمح له طبقا للقانون بإتمام هذا الزواج أو توثيقه رسميا، فاذا رغبت الفتاة أو أهلها ووجدوا في هذا الزوج فرصة جيدة للزواج من ابنتهم فهنا لن يكون أمامهم سوي الزواج العرفي وفي هذه الحالة لابد أن تتحمل الفتاة واهلها مسئولية هذا الزواج، فالفتاة هنا ليست قاصرا وهي حرة في أن تختار أو يزوجها الولي كما يشاء، لكن عندما تأتي للمحكمة لتوثيق عقد الزواج العرفي فلن يسمح لها بذلك، لأن فارق العمر من الناحية الصحية والنفسية خطأ جسيم يعكس استحالة أن تستقيم الحياة معه. وكيف تري الرأي الذي يقول إن الشرع لم يضع فارق العمر شرطا لصحة الزواج من عدمه؟ - هنا يبقي الأصل بوجود مبدأ الزيادة، فوزير العدل رفع المبلغ المالي بقيمة 10 آلاف جنيه، وأنا أري أنه في هذه الحالة إذا زاد الفارق عن 25 عاما تصبح الزيادة المالية المقررة ضئيلة جدا بمعني آخر أنه لو حدد القانون مبلغ 40 ألف جنيه أو أكثر قليلا ونظرنا إلي الواقع نجد أن الأغلب في حالات الزواج لم تصل الزوجة المصرية إلي مستوي الخادمة فلو هناك رجل عمره 70 سنة وتزوج من فتاة عمرها 20 سنة فسيأخذها ممرضة له أو خادمة، وهذا المبلغ أقل بكثير مما تتقاضاه الخادمة الفلبينية التي يدفع لها الخليجي ما يفوق 5 آلاف دولار شهريا. إذاً ما الزيادة الملائمة التي تراها من وجهه نظرك؟ - لابد من رفع المبلغ المالي بما لا يقل عن 50 ألف دولار، بخلاف المهر أو ما يوازيه بالعملة المصرية أي 400 ألف جنيه عبارة عن شهادة استثمار توضع باسمها في أحد البنوك مع وضع شروط لفك هذه الشهادة لأن الزوج قد يجبرها بعد الزواج علي فك الشهادة تحت الضغط أو الإلحاح أو الضرب ويستردها مجددا، وبالتالي لابد ألا تصرف لها إلا في حالة طلاقها من الزوج الأجنبي لأنه لو صرفت المبلغ أثناء الزواج يمكن أن تكون مجبرة منه علي ذلك وفي نفس الوقت لا يجوز فكها إلا بعد وفاة الزوج أو الحصول علي موافقة رسمية منها بطريقة موثقة في مصر وليس بلد الزوج الأجنبي لأن المرأة ضعيفة ولابد أن يحميها القانون فيمكن أن يعذبها الزوج في بلده لكي تتنازل عن المبلغ بأكمله بل قد يجبرها علي الدفع له لأنها تحت رحمته فشرط تحديد المبلغ المالي يحتاج في القانون إلي تعديل. ولماذا هذا المبلغ المالي تحديدا؟ - لأنني أتحدث عن قانون زواج المصريات من أجانب منذ عام 1976 وقتها كان الدولار يوازي الجنيه المصري بل كانت قيمة الجنيه تفوق الدولار. أما الآن فالدولار يوازي تقريبا 8 جنيهات فهناك فارق مالي كبير فلو حددنا المبلغ علي 40 ألف جنيه يصبح من المفترض دفع فارق العملة الأجنبية أي 320 ألف جنيها فلابد أن أراعي أن يكون المبلغ منطقيا خصوصا أن هذا الزواج يندرج تحت مسمي زواج المصلحة أي من أجل المال وليس في الحقيقة زواجا من أجل إقامة أسرة وإنجاب أطفال، لأنه لو كان هذا الزوج فقيرا فلن تتزوجه، ثانيا صعوبة الإنجاب لزوج تعدي مثلا السبعين عاما أو أكثر لذا لابد أن أحيطه بضمانات أكثر من ذلك. وأطالب بتعديل بند الزيادة في مجلس النواب الجديد، أو أن يكون لحين ذلك علي أقل تقدير ربع مليون جنيه مصري وأن يطبق هذا التغيير علي المصريين والأجانب.