قناة السويس لم تقتصر بطولات الجيش المصري علي ما يبذله جنوده داخل ساحات القتال في حربه علي الإرهاب. تضحياتٌ موازية يبذلها في سبيل دعم وتنفيذ خطط التنمية الشاملة في المجتمع، مُسابقًا الزمن لإنجاز مشروعاتٍ قومية عملاقة تفتحُ الطريقَ لمِصر نحو آفاقٍ أرحب، في كافة المجالات التجارية والصناعية والزراعية والسياحية وكذا المجالات الخدمية. وهي المشروعات التي تولّت تنفيذها الهيئة الهندسية للقوات المسلّحة برئاسة اللواء أركان حرب كامل الوزير، خلال عام 2015 الذي جاء حافلاً بإنجازاتٍ كبيرة خاصة في مشروعات المرافق والبنية الأساسية للدولة. الانضباط والإخلاص في العمل كان كلمة السر وراء إتمام عدد من المشروعات الكبري التي نفذتها القوات المسلّحة من خلال هيئتها الهندسية وما تحويه من إداراتٍ مُتخصصة، وتَمثّل المشروع القومي الأكبر في افتتاح قناة السويس الجديدة في أغسطس الماضي، بعد أن تمكّنت الهيئة الهندسية للقوات المسلحة وهيئة قناة السويس خلال عامٍ واحد فقط من حفر القناة الجديدة بطول 35 كيلو مترًا، وحفر وتوسيع البحيرات المرة والبلاح بطول 37 كيلو مترًا ليُصبح الطول الإجمالي للمشروع 72 كيلو مترًا. ما يرفع القدرة الاستيعابية للمجري الملاحي الجديد لتصل إلي 97 سفينة يوميًا بحلول عام 2023، ما يكفل تلبية القناة الجديدة للزيادة المتوقعة في حجم التبادل التجاري ويُعزّز من أهميتها اللوجستية في حركة التجارة العالمية. افتتاحُ قناة السويس الجديدة في أغسطس 2015 كان الخُطوة الأولي للبدء في مشروع تنمية محور قناة السويس الذي يعد نقلة حضارية واقتصادية كبيرة لمصر، وهو ما بدأت تنفيذه الهيئة الهندسية للقوات المسلّحة خلال عام 2015 من خلال مشروع "تطوير شرق بورسعيد"، الذي يشمل إقامة ميناء بحري عالمي ومراكز للخدمات اللوجستية ومناطق صناعية ومزارع سمكية، علي أن تُقام المرحلة الأولي من المنطقة الصناعية في مدينة القنطرة غرب علي مساحة 16 مليون متر مربع. كما انتهت إدارة المشروعات الكُبري بالهيئة الهندسية في إطار تنفيذها لخطة التنمية بالضفة الشرقية لقناة السويس، من إتمام 72% من أعمال تنفيذ مشروع "مدينة الإسماعيلية الجديدة" التي تمتد علي مساحة 2828 فدانًا، ويصل إجمالي عدد الوحدات السكنية بها إلي 57 ألف وحدة تستوعب 314 ألف مواطن. غير مشروع مطار "المليز" الذي تم إنجاز ما يقرب من 60% من إنشاءاته، الذي سيُحدث طفرة في خدمة المستثمرين وعملية نقل البضائع وحركة السياحة في سيناء. كما بذلت الهيئة الهندسية للقوات المسلحة جُهدًا كبيرًا في إنجاز عدد من مشروعات البنية التحتية كان أهمها مُساهمتها في "المشروع القومي لشبكات الطُرق"، الذي تُنفذه بمشاركة الهيئة العامة للطرق والكباري التابعة لوزارة النقل، وهو المشروع الذي يهدف لإقامة 181 طريقًا جديداً بطول يبلغ نحو 1572 كيلو مترًا وبتكلفة تقترب من 13 مليار جنيه. ونفذت الهيئة الهندسية خلال هذا العام 21 مشروعًا في مجال النقل والمواصلات، أهمها مشروع كوبري الفريق أول محمود فوزي الذي يربط تقاطع طريق "القطامية-العين السخنة" مع الطريق الدائري، وعدد من الكباري علي طريق الإسماعيلية. كما شملت المشروعات أيضًا إنجاز القوس الغربي للطريق الدائري الإقليمي من طريق القاهرة-الفيوم وحتي طريق القاهرة-الواحات بطول 60 كيلو. غير الكباري التي أُقيمت بمدينة البدرشين محافظة الجيزة ومدينة طلخا بمحافظة الدقهلية. إضافةً إلي مشروع تطوير محور العروبة وطريق غرب القناة الذي يمتد من بورسعيد حتي الإسماعيلية. ومن أهم المشروعات التي تولتها الهيئة الهندسية شق طريق "هضبة الجلالة البحرية" الواقعة بين منطقة العين السخنة والزعفرانة، وهو الطريق الذي يصل طوله إلي 82 كيلو مترًا، وأنجزت الهيئة نحو 85% من أعماله خلال هذا العام. تمهيدًا لتحويل المنطقة الجبلية الوعرة إلي منطقة سياحية جديدة علي ساحل البحر، حيث يشمل المشروع إقامة مدينة سياحية متكاملة أعلي هضبة الجلالة علي مساحة 17 ألف فدان وعلي ارتفاع 700 متر من سطح البحر. كما بدأت الهيئة في تنفيذ مشروع "أنفاق قناة السويس" الذي يضم شبكة من الأنفاق تربط محافظاتالإسماعيلية وبورسعيد والسويس بشبه جزيرة سيناء ومنطقة شرق القناة. غير مشروعات البنية الأساسية التي أنجزتها القوات المُسلحة لتطوير 18 قرية من القري الأكثر فقرًا بست محافظات منها قُري محافظاتالفيوم والمنوفية وكفر الشيخ، وشَملت هذه المشروعات إحلال وتجديد شبكات الصرف الصحي ومحطات رفع المياه وشبكات الكهرباء. كما انتهت الهيئة الهندسية من تنفيذ عدد من محطات تحلية المياه لإيصالها إلي المناطق النائية بمحافظة مطروح، منها محطة "الرميلة" التي تصل طاقتها الإنتاجية إلي 48000 متر مكعب يوميًا، غير محطات باغوش وكليوباترا وسيدي براني. أما مشروع المليون ونصف مليون فدان فكان للهيئة الهندسية للقوات المسلحة دور جوهري في إنشاء البنية التحتية للمشروع بمدينتي الفرافرة القديمة والجديدة ومنطقة توشكي والمغرة، حيث انتهت الهيئة من مد شبكات الري لآلاف الأفدنة وحفر 343 بئرًا لأعماق تصل إلي 100 متر.. غير أعمال مد المرافق وإقامة الوحدات السكنية لمُنتفعي المشروع. وفي إطار الجهود التي تبذلها القوات المُسلّحة في المشروعات التنموية انتهت الهيئة الهندسية من المرحلة الأولي لمشروع "سحّارة سرابيوم"، التي تُسهم في نقل المياه اللازمة لري 100 ألف فدّان من الأراضي المُستصلحة شرق قناة السويس، وهو ما يعد أكبر مشروعٍ مائي أسفل قناة السويس بتكلفة تصلُ إلي 250 مليون جنيه. كما أقامت الهيئة مصنعًا ضخمًا لإنتاج الأسمدة الزراعية الفوسفاتية بمحافظة الفيوم، الذي تصل طاقته الإنتاجية إلي 150 ألف طن سنويًا. ويري الدكتور محمود عمارة خبير التنمية الاقتصادية أن المشروعات العملاقة التي جري تنفيذها خلال عام 2015 لم تكن لتتم بغير الجهد الهائل الذي بذلته الهيئة الهندسية للقوات المسلّحة، بالخبرات والكفاءات التي تمتلكها والعقيدة الوطنية وروح التضحية التي تعمل بها، ما أمكنها من تخطي العقبات ومسابقة الزمن وكسر حاجز المستحيل في تنفيذ المشروعات الضخمة علي رأسها مشروع قناة السويس الجديدة. مُضيفًا: القوات المُسلّحة تنجح في تنفيذ المشروعات التي تتولاها علي أعلي مستوي، لأنها تتبع استراتيجية مُحكمة في الإدارة تقوم علي أساس وجود رؤية محددة وخطة متكاملة وآليات فاعلة لتنفيذ المشروعات في مدي زمني محدد. مُتابعاً: ما جعلها تُقدّم نموذجًا للدقة والانضباط والتفاني في العمل، يجب أن تحتذي به وتستفيد منه الجهات التنفيذية في الدولة. فالقوات المسلحة بجانب مهمتها الأساسية في حفظ أمن الوطن تقوم بدور جوهري في عملية التنمية، هذا الدور برز مع ترهل الجهاز الحكومي وضعف الرقابة علي المشروعات التي يتولاها القطاع العام وعدم كفاءة العمل بها، غير البيروقراطية التي تُعاني منها الحكومة، والتشريعات والقوانين المُعقّدة الحاكمة لإجراءاتها التي تُعرقل عملية التنمية وفُرص الاستثمارات الجديدة. غير أن القطاع الخاص ضعيف وهزيل جدًا للأسف ولم يؤد دوره المطلوب والمسؤولية المُجتمعية الملقاة علي عاتقه، ما زاد من أهمية الدور الذي تقوم به القوات المُسلّحة. ويؤكد الدكتور صلاح الدين فهمي الخبير الاقتصادي ورئيس قسم الاقتصاد بجامعة الأزهر أن المشروعات التي تُسهم الهيئة الهندسية في تنفيذها ستُمثّل إضافة هائلة للاقتصاد، لأن البنية التحتية تُعد اللبنة الأساسية لإقامة مجتمعات صناعية، وجذب الاستثمارات وزيادة الدخل القومي من السياحة. مُتابعا: أري أن المشروع القومي للطرق سيُحدث طفرة كبيرة في جميع المجالات، كما تُسهم مشروعات تطوير وتوسعة الطرق والكباري بشكلٍ كبير في استيعاب الكثافة السكانية والصناعية بالمدن. غير أن مشروعات محطات الطاقة الشمسية التي تعدها القوات المسلّحة تُمثّل إضافة كبيرة للاقتصاد القومي، من شأنها أن تحد من أزمة الطاقة التي تُعاني منها.