نقيب المحامين يقرر صرف 500 جنيه منحة استثنائية بمناسبة عيد الأضحى المبارك    حبس سنة وغرامة 10 آلاف جنيه.. عقوبات ذبح الأضاحي خارج المجازر    محافظ المنوفية يأمر بصرف مساعدات مالية ومواد غذائية لحالات إنسانية    رئيس "العربية للتصنيع": نتطلع لتصنيع قطع الغيار بطريقة رقمية    البنك المركزى يعلن عطلة البنوك لعيد الأضحى تبدأ الخميس وتنتهى الإثنين.. فيديو    محافظ القليوبية يكلف رؤساء المدن برفع درجة الطوارئ خلال إجازة عيد الأضحى    استعدادا للعيد.. تعقيم المجازر ورش وتجريع الماشية في المنيا    وفدًا أوكرانيًا وروسيًا يلتقيان في تركيا لإجراء محادثات سلام    "غصب عن الرابطة".. مدرب بيراميدز يوجه رسالة نارية بعد التتويج الأفريقي    تقارير: النصر يعرض خطته على رونالدو لإقناعه بالتجديد    تقارير: ليفركوزن يرفض العرض الثاني من ليفربول لضم فيرتز    رومانو: إنزاجي يعقد اجتماعا مع إنتر.. وحسم مستقبله الثلاثاء    "الداخلية": ضبط قائد سيارة لقيامه بالاصطدام بشقيقتين بالقليوبية ما أدى لوفاة إحداهما    السعودية: أخرجنا أكثر من 205 آلاف شخص من مكة حاولوا الحج بلا تصريح    تعليم دمياط يطلق رابط التقديم للمدارس الرسمية والرسمية لغات    وزيرة التنمية المحلية توجه بتوفير اللحوم بأسعار مخفضة في عيد الأضحى    السجن المؤبد ل4 أشخاص بتهمة قتل مواطن في المنيا    المراجعة النهائية في مادة الكيمياء للثانوية العامة .. لن يخرج عنها الامتحان    الكشف عن موعد عرض مسلسل "فات الميعاد"    المدير التنفيذي: أنجزنا 99% من مشروع حدائق تلال الفسطاط    تفاصيل مظاهر احتفالات عيد الأضحى عبر العصور    أحدث ظهور ل نادين نسيب نجيم بإطلالة جريئة والجمهور يعلق (صور)    الصحة: خفّض معدلات انتشار فيروس "بي" بين الأطفال لأقل من 0.1%    هيئة الشراء الموحد: إطلاق منظومة ذكية لتتبع الدواء من الإنتاج للاستهلاك    رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات خلال شهر مايو    نائب وزير الصحة: إعطاء 65 مليون جرعة تطعيمات سنويا لحديثي الولادة وطلاب المدارس    وزير الصحة: 74% من الوفيات عالميًا بسبب الإصابة بالأمراض غير المعدية    المخابرات التركية تبحث مع حماس تطورات مفاوضات الهدنة في غزة (تفاصيل)    حكم الأخذ من الشعر والأظفار لمن أراد أن يضحي؟.. الإفتاء تجيب    «من حقك تعرف».. ما إجراءات رد الزوجة خلال فترة عِدة الخُلع؟    تكريم الفائزين بمسابقة «أسرة قرآنية» بأسيوط    مهندس صفقة شاليط: مواقف إسرائيل وحماس متباعدة ويصعب التوصل لاتفاق    22 سيارة إسعاف لنقل مصابي حادث طريق الإسماعيلية الدواويس    الإصلاح والنهضة: صالونات سياسية لصياغة البرنامج الانتخابي    إدارة ترامب تواجه انتقادات قضائية بسبب تضليل في ملف الهجرة علنًا    الرئيس السيسي يستقبل وزير الخارجية الإيراني    منافس الأهلي.. بالميراس يفرط في صدارة الدوري البرازيلي    رئيس التشيك: نأمل في أن تواصل قيادة بولندا العمل على ترسيخ قيم الديمقراطية    زلزال بقوة 6.3 درجة يضرب قبالة سواحل هوكايدو شمالي اليابان    بركات: بيكهام مكسب كبير للأهلي ووداع مستحق لمعلول والسولية    مجلس الأمن الأوكرانى : دمرنا 13 طائرة روسية فى هجوم على القواعد الجوية    إرتفاع أسعار النفط بعد قرار «أوبك+» زيادة الإنتاج في يوليو    الإسكان : مد فترة حجز وحدات "سكن لكل المصريين 7" لمتوسطى الدخل حتى 18 يونيو    الرئيس السيسي يهنئ مسلمي مصر بالخارج بحلول عيد الأضحى المبارك    موعد عودة الموظفين للعمل بعد إجازة عيد الأضحى المبارك 2025    ختام دوري حزب حماة الوطن لعمال الشركات الموسم الثاني    4 أبراج تتسم بالحدس العالي وقوة الملاحظة.. هل أنت منهم؟    أمين الفتوى: صلاة الجمعة لا تتعارض مع العيد ونستطيع أن نجمع بينهما    أشرف نصار: نسعى للتتويج بكأس عاصمة مصر.. وطارق مصطفى مستمر معنا في الموسم الجديد    هل حقق رمضان صبحي طموحه مع بيراميدز بدوري الأبطال؟.. رد قوي من نجم الأهلي السابق    أحفاد نوال الدجوي يتفقون على تسوية الخلافات ويتبادلون العزاء    "زمالة المعلمين": صرف الميزة التأمينية بعد الزيادة لتصل إلى 50 ألف جنيه    محمد أنور السادات: قدمنا مشروعات قوانين انتخابية لم ترَ النور ولم تناقش    محمود حجازي: فيلم في عز الضهر خطوة مهمة في مشواري الفني    محافظ الشرقية يشهد فعاليات المنتدى السياحي الدولي الأول لمسار العائلة المقدسة بمنطقة آثار تل بسطا    دعاء العشر الأوائل من ذي الحجة.. 10 كلمات تفتح أبواب الرزق (ردده الآن)    رئيس حزب الوفد في دعوى قضائية يطالب الحكومة برد 658 مليون جنيه    «قولت هاقعد بربع الفلوس ولكن!».. أكرم توفيق يكشف مفاجأة بشأن عرض الأهلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في مهرجان دبي السينمائي الدولي ال 12
هالة خليل.. «نوارة» السينما المصرية في دبي
نشر في آخر ساعة يوم 15 - 12 - 2015

منة شلبى أو «نوارة» مع بوتشى ولقطة من فيلم «نوارة» لهالة خليل السينما هي مستودع الأمل.. ومرآة لواقعنا.. ولغتنا التي لا تحتاج إلي إشارات، إنها مرآة الواقع ومحاولات جريئة لفهم مايجري حولنا من أحداث وسط أجواء معتمة ومشتعلة في العالم.
هناك قلة قليلة تريد أن تسيطر علي الأغلبية.. يريدون حصرنا في الأماكن الضيقة فيجب علينا أن نقف معا بحزم وشدة أمام هذه الفوضي.. فلم يعد بإمكاننا الانعزال.. ولهذا كان اجتماعنا هنا في مهرجان دبي السينمائي الدولي ملتقي الثقافات والإبداع في دورته الثانية عشرة.
كلمات جميلة.. بسيطة.. بليغة.. معبرة عن الواقع الذي نعيشه تلك هي التي ألقاها (عبدالحميد جمعة) في حفل افتتاح الدورة الثانية عشرة لمهرجان «دبي».. التي بلغ عدد الأفلام الجديدة المعروضة بها إلي مايقرب من المائة وستين فيلما.. ثلثها تقريبا أفلام عربية وهو شيء يفرحنا كثيرا ويبشر بأن السينما في العالم العربي بخير.
في هذه الدورة المميزة تم تكريم النجم المصري «عزت العلايلي» في جوائز تكريم «إنجازات العمر» بالإضافة للفنانة الفرنسية القديرة «كاترين دينيف».. والتونسي القدير «سامي بو عجيلة» والهندي «نصر الدين شاه».
كما عرض في الافتتاح الفيلم الكندي الإيرلندي «غرفة» إخراج ليني إبراهامسون الذي عرض في مهرجان تورنتو.. وهذا هو أول عرض له في منطقة الشرق الأوسط.. بطل الفيلم الطفل الصغير الذي لم يتجاوز عمره التاسعة كان هو النجم الحقيقي علي البساط الأحمر.. فقد استطاع «جاكوب تريميلاي» أو «جاك» في الفيلم أن يخطف قلوب الجماهير.. بطفولته البريئة وكلماته البسيطة عندما قال إن أكثر ما كان يضايقه في الفيلم هي تلك الباروكة الموضوعة علي رأسه.

مصر حاضرة بنجومها الذين أحاطتهم مشاعر الترحيب الحارة.. وكان لوجودهم فعل السحر لدي الجمهور العربي الذي فاقت حفاوة استقبالهم لهذه الكوكبة من النجوم كل حد أو تصور.. فمع الفنان القدير عزت العلايلي ابن (باب الشعرية).. الجميلة «ليلي علوي» إلهام شاهين .. بوسي.. صفية العمري.. شريف منير.. ولم يقتصر الحضور علي هؤلاء الفنانين لكن كانت هناك مشاركة سينمائية جيدة للغاية من خلال فيلمين مثلا مصر في المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة.. الأول «قبل زحمة الصيف» للمخرج القدير «محمد خان».. وبطولة «ماجد الكدواني».. و«هنا شيحة».
أما الفيلم الثاني فهو «نوارة» للمخرجة اللامعة المتميزة «هالة خليل» بطولة منة شلبي.. محمود حميدة.. أمير صلاح الدين.. عن قصة وسيناريو «لهالة خليل».. والفيم يعد واحدا من أجمل الأفلام التي تتنافس علي جوائز مسابقة المهر الطويل التي تضم تسعة عشر فيلما تمثل أحدث ما أنتج في عالمنا العربي وتمتاز بمستوي فني رفيع.
في هذا الفيلم بدا بوضوح عمق وثقافة هالة وإحساسها بكل المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها «مصر» حاليا بعد ثورة يناير.. إن رؤية هالة الواعية الصادقة المميزة التي نجحت أن تجسدها لنا من خلال التضاد الشديد لشخصية «نوارة» «منة شلبي» الخادمة التي تعيش في أحد الأحياء الشعبية الفقيرة حيث لايوجد بها «ماء» ومازالوا يجلبونها من الحنفية الرئيسية في الشارع.. تعيش نوارة كما يعيش جزء كبير من فقراء مصر غارقين في البؤس وهم الذين آمنوا واعتقدوا أن «ثورة يناير» سوف تحسن من أحوال الفقراء وتنصفهم.. لكن الصورة مازالت قاتمة بل أسوأ من الأول بكثير فلا شيء تغير بالنسبة للفقراء.. وللأسف الشديد أيضا للأثرياء الذين ازدادت ثرواتهم التي نجحوا في تهريبها إلي الخارج قبلما يهربون هم وفشلت كل اللجان التي شكلت لاسترداد الأموال المنهوبة.
«نوارة» الشخصية المحورية للفيلم راضية كانت بحياتها.. تعمل في خدمة أسرة «أسامة بيه» وزوجته «شاهندة هانم».. وكانت من قبل والدتها تعمل لديهم أي أنها ورثت الخدمة مهنة عن أمها التي رحلت.. تعيش مع جدتها «توحة» العجوز التي تخاف أن ترحل دون أن تجد نقطة ماء «يغسلونها» بها!! هي تعتمد علي نوارة في المعيشة لكنها تقوم ببيع الطعمية! لتستطيع أن «تحوش» تكاليف ومصاريف جنازتها.
إن «هالة» في تصويرها واختيارها للأحياء الفقيرة التي تم فيها التصوير هو شيء مؤلم وموجع للقلب ومدمر للعقل لكنها الحقيقة والواقع الذي لايعرفه ربما الكثيرون الذين يعيشون في إبراج عالية.
بوعي شديد تقول هالة.. «ربما يري البعض أنه لم يحن الوقت بعد لعمل أفلام تتناول الثورات العربية. لا أختلف كثيرا مع هذا الرأي، لكنني في الوقت نفسه، لم أتمكن بسهولة من تجاهل الثورة كموضوع لأفلامي في الوقت الحالي، خاصة أن أثرها أصبح متداخلا مع تفاصيل الحياة اليومية في بلادنا، سواء بالسلب أو الإيجاب، من هنا يأتي «نوارة» كفيلم يتناول الثورة المصرية من زاوية خاصة جدا كمخرج بالنسبة لي. لا أعتبر نوارة «عملا» عن الثورة ولكن عن الحلم والإنسان.
هذه هي كلمات «هالة» التي ترجمتها بصدق إلي لوحة فنية سينمائية جميلة بليغة معبرة في «نوارة» التي تعيش التناقض بين عالمها الفقير والعالم الثري متمثلا في عائلة مخدوميها.. «نوارة» مكتوب كتابها منذ خمس سنوات علي «علي» أمير صلاح الدين (الذي سيلمع اسمه في السينما بشدة بعد هذا الفيلم)، أي أنها زوجة مع إيقاف التنفيذ.. حالتها مثل حالة الكثيرين ليس من الفقراء فحسب بل من ينتمون أيضا للطبقة المتوسطة التي باتت للأسف الشديد فقيرة.
في الفيلم نذهب مع «نوارة» و«علي» إلي المستشفي لعلاج والده.. الذي لايجد مكانا سوي أن يجلس في الطرقات وداخل الحمامات.. صورة بشعة لحال مستشفياتنا الحكومية لكنها للأسف الشديد وبكل مرارة «واقعية».
عندما تقرر الأسرة أخيرا السفر إلي الخارج توصي «شاهندة هانم» «نوارة» بالمنزل.. وبأن تبقي فيه لكي لايشعر أحد برحيلهم.. وتعدها «نوارة» بذلك وتتمسك بهذا الوعد حتي لو كان سببا للخلاف بينها وبين «علي».. وعندما يتهجم شقيق «أسامة بك» محمود حميدة علي المنزل تدرك أيضا أن هذا «البك» لم يكن نزيها أيضا فلا أحد من هؤلاء الأثرياء جمع كل هذه الثروة دون أن تكون هناك شبهة في استغلال النفوذ.
وفي الليلة التي يتزوج فيها (علي) من «نوارة» داخل الفيللا بعد أن تهديها «شاهندة» مبلغ عشرين ألف جنيه هدية لزواجها.. يتم وضع الفيللا تحت الحراسة وتدهمها الشرطة.. ويتم القبض علي «نوارة» علي اعتبار أنها سرقت الفلوس.. ولا يصدقها ممثل المدعي العام فيتم اقتيادها داخل عربة للسجن.. وخلفها «علي» زوجها الذي لايملك شيئا.. مشهد صعب ومحبط لكنه حقيقي لذا جاء تساؤلها طبيعيا «يارب افرجها».. «بس حاتفرج إزاي» وكأنه كتب علي الغلبان فقط أن يدفع الثمن حتي لجرائم لم يرتكبها بينما من يتمتعون بالنفوذ والقوة بعيدون تماما عن المساءلة.. وكأن شيئا لم يحدث.. وكأن ثورة لم تكن فقد تم اغتيال أبسط الأحلام في الحصول علي حياة كريمة فلا حرية.. ولا خبز.. ولا عدالة اجتماعية.
إن «هالة خليل» هذه المخرجة الواعية النموذج المشرف للسينما المصرية والمرأة العربية تستحق كل تقدير وكل تهنئة هي وطاقم العاملين معها.. فإذا عرفنا أنها عانت لمدة تزيد علي عامين لتجد منتجاً لإنتاج هذا الفيلم قبل أن يقدم «صفي الدين محمود» علي إنتاجه لعرفنا لماذا تقف السينما المصرية أحيانا محلك سر.
وسوف يظل هذا الفيلم علامة في تاريخ السنيما المصرية.. يمثل حالة من الوعي لسنوات تعيشها مصر الآن ما بعد ثورة يناير.

والحقيقة أن واقع «نوارة»« لايختلف كثيرا عن «فاطمة» الخادمة الجزائرية في الفيلم الفرنسي الذي يحمل نفس الاسم، وهو عن امرأة في الأربعينيات من عمرها تعيش مع ابنتيها في فرنسا وتعمل في مجال «تنظيف المنازل» ابنتها الكبري تدرس الطب.. والثانية في المدرسة الثانوية.. «فاطمة» أو «فاطيما» لاتعرف تكتب أو تقرأ باللغة الفرنسية ولذلك هناك «جابة» كبيرة بينها وبين ابنتيها خاصة الصغيرة التي «تستعر» و«تخجل» من عمل أمها.
الواقع المرير الذي تعيشه فاطمة في فرنسا.. يحفزها للتغلب علي جهلها والإصرار علي النجاح في الحياة.
فيليب توكون معروف عنه أنه واحد من قلائل المخرجين الذين يهتمون بهموم ومشاكل أبناء شمال أفريقيا باعتباره أحد المواليد هناك.. وإذا كانت فاطمة أو ثريا زروال نجحت في أن تستقطب قلوبنا وتعاطفنا فإنه يجب أن نتذكر أن هذه هي المرة الأولي التي تقف فيها أمام الكاميرا.. حيث إنها في الأصل تعمل «خادمة» فهل نجاحها في هذا الدور سوف يفتح أمامها أبوابا أخري للنجاح؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.