»لو لم يكن هذا الفيلم معروضا هنا لكنت اخترته للمسابقة الرسمية لمهرجان برلين السينمائى المقبل«.. بهذه العبارة وصف فنشينزو بونيو مبرمج الأفلام العربية فى مهرجان برلين فيلم »الخروج للنهار« للمخرجة هالة لطفى الذى عرض ضمن فئة »آفاق جديدة« فى مهرجان أبو ظبى السينمائى فى دورته السابقة. قدم »الخروج للنهار« مخرجة شديدة التميز والاختلاف تتعارض مع السينما السائدة، وترتبط بسينما حاولت بث الروح فيها . وصورت هالة لطفى فى فيلمها مأساة عائلية بأسلوب قدير متحكم وإنسانى صامت أمام الوجع والمعاناة والفقر، وصاغت لغة سينمائية عالية مرتكزة على معانى الصورة وخلق عالم خيالى مواز لهذا العالم. يصور الفيلم شجاعة أم وابنتها فى مواجهة عجز الوالد المشلول والموجود فى البيت والمحتاج لعناية فائقة تؤمنها الأم التى تعمل كممرضة فى مستشفى فى الليل، بالتعاون مع ابنتها، لكى يستمر الوالد فى الحياة الكريمة، ويأتى هذا الفيلم ليصور عالما خاصا داخليا قبل أن يصبح فى الخارج، بعيدا عن ضجيج الثورات وهموم السياسة وصيحات الشارع، بعيدا عن التحولات السياسية والاجتماعية التى تعيشها مصر، وقريبا من الإنسان المصرى فى يومياته الصعبة. يناقش الفيلم تصرف الإنسان أمام العجز خاصة حين يعيش وسط طبقة محرومة فقيرة تتمرد على واقعها، وفى داخلها ثورة مكبوتة لكنها فى النهاية تقبل هذا الواقع وتحاول التعايش معه. وتصور هالة لطفى يوما واحدا من أيام العائلة يمتد بالمشاهد إلى ما قبله وما بعده، ويروى تفاصيل تعايش رجل مع مصيبته بعد إصابته بسكتة دماغية أفقدته الرغبة فى الحياة. يتميز »الخروج للنهار« بصياغة عالية، ولغة فنية ناجزة، وأطلق من مهرجان أبوظبى إلى العالم مخرجة تطلق صوتا كبيرا فى السينما المصرية المستقلة. وهالة لطفى تخرجت من معهد القاهرة السينمائى عام 1999، وأنجزت قبل ذلك فيلمين وثائقيين الأول »عن المشاعر المتلبدة» 2005 والثانى »عرب أمريكا اللاتينية 2006«. وعن فيلمها الأخير الحاصد للجوائز تقول: حالة الموت المسيطرة على الفيلم هى حالة مجازية، والمدافن فيه لها علاقة بالمكان على الأرض، وأكدت أنها لم تتعمد أن تطرح معنى محددا، وإنما سعت إلى خلق المعنى مع المتلقي، عبر تبادل وجهات النظر، وتوليد الأفكار، من دون أن تفرض عليه فكرة مسبقة. وعن السينما التى تقدمها أوضحت »ليس بالضرورة أن تكون الأشياء محسوبة ومرسومة بالقلم والمسطرة، بل ينبغى أن تتطور بشكل طبيعي، فمن المؤكد أن لكل شخص منا عالمه الخاص، وفى الفيلم لعبت الفتاة وأمها دوريهما بالجسد والعيون والأداء ولكل رؤيته الشخصية النابغة عن وعيه وثقافته ونظرته الشخصية للعالم الخارجي.