متعة كبيرة، أن تعيش علي مدي 700 صفحة، مع رحلة طبقة من المزارعين القدامي، وقد حولهم غول البنوك إلي مهاجرين يبحثون عن فرصة عمل.. بالكاد تطعمهم وعائلاتهم.. ولو أخذوا نصف الأجر أو ربعه أو حتي بطعامهم.. في رحلة من أوكلاهوما إلي حلم الثراء في كاليفورنيا التي رصدها بعبقرية الكاتب الأمريكي الراحل چون شتاينبك في رائعته عناقيد الغضب والمنشورة عام 1939.. ترصد حركة أسرة ضمن تيار ضخم من سيارات متهالكة تجري علي طرق حارة، ممطرة، قاسية.. لوهم فخ أطلقته الشركات الزراعية لاصطياد أعدادهم الضخمة، لتخفيض أجور الإنتاج وتحقيق المكاسب. أسرة »جود« بتقاليدها الريفية القوية، تقاوم علي مدي الطريق والأيام، عوامل التحلل والفردية، تمسك بخيوطها الأم التي تحولت إلي قائد يمسك بكل المفردات، لأنها سيدة عملية، فأصبح الرجال الحالمون الموهمون علي الهامش.. تواجه الأسرة مصاعب الإقامة علي الطريق في خيام، ثم التجمع في مناطق عشوائية علي أطراف المدن.. يتحولون من بشر إلي أوكسيد أو ناس بيئة كما نقول حاليا.. الكل يلفظهم يخشاهم، يهاجمهم يقلقهم، يوصمهم بما ليس فيهم لكنهم يقاومون حتي آخر نفس في الرواية.. بمشهد أسطوري.. للابنة وهي تعرض باللبن الذي يملأ صدرها من حمل طفل ولد ميتا لتعطي الحياة لرجل لم يأكل من ستة أيام.. مستحيل تلخيص عمل عبقري.. لكن يمكن التوقف عند بعض مقولاته: إذا ملك الإنسان زوجا من الخيول، فهو لا ينكر أنه عليه أن يطعمها عندما لا يشتغلان ولكن إذا استخدم بشرا فهو لا يهتم بمصيرهم أبدا. إذا كنت في مشكلة.. اذهب إلي الناس الفقراء.. فهم الوحيدون الذين يساعدون إنه شيء صعب علي النفس أن يخرج الإنسان للبحث عن شيء يعرف أنه لن يجده النقود التي يجب أن تنفق في الأجور، أنفقت في شراء الأسلحة وقنابل الغاز وفي العملاء والجواسيس وفي التدريب علي القتال. إنه لشيء يدع الإنسان أن يحكي.. لكن هذا لا يؤدي إلا إلي نشر الخطية.
أطرف ما عرفت في تاريخ شتاينبك أنه ولد عام 1902 أي أنه نشر الرواية في سن 37سنة ومع يقيني أن مثل هذه الرواية لا تكتب في أقل من 10سنوات، فهو قد كتب هذا الإبداع في سن 26سنة.