خطوة تاريخية، وافق قادة الأمة العربية علي اعتماد مبدأ إنشاء قوة عسكرية عربية تشارك فيها الدول اختياريا، في ختام القمة العربية التي استضافتها مدينة شرم الشيخ يومي السبت والأحد الماضيين، وسط مشاركة واسعة من قادة العرب، الذين وافقوا علي عدة قرارات مكملة بشأن تطوير أداء جامعة الدول العربية فيما يتعلق بالنظام الأساسي المعدل لمجلس السلم والأمن العربي، في مشهد أعاد إلي العمل العربي المشترك زخمه، في وقت تعاني فيه الأمة العربية من التشرذم وتعدد المخاطر التي تحيط بالجميع. إدانة عربية للاحتلال الإسرائيلي ورفض احتلال إيران للجزر الإماراتية إقرار تطوير مجلس "السلم والأمن" وإنشاء قوات حفظ سلام عربية وعبر القادة العرب في البيان الختامي لأعمال القمة العربية السادسة والعشرين عن الامتنان لجمهورية مصر العربية شعبا وحكومة علي حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة وعلي التنظيم المحكم لاجتماعات مجلس الجامعة علي مستوي القمة والمجالس التحضيرية السابقة له، وعلي كل ما قامت به من توفير كافة الإمكانيات والترتيبات اللازمة لإنجاح انعقادها في أفضل الظروف وتتويج أعمالها بالنتائج المرجوة، مرحبين باستضافة الرباط لاجتماع مجلس جامعة الدول العربية علي مستوي القمة في دورته العادية السابعة والعشرين خلال شهر مارس 2016 بالمملكة المغربية. ونص البيان الختامي للقمة العربية، الذي ألقاه الدكتور نبيل العربي، الأمين العام للجامعة العربية، علي اعتماد قادة العرب مبدأ إنشاء قوة عسكرية عربية تشارك فيها الدول اختياريا، وينص القرار علي أن تضطلع تلك القوات "بمهام التدخل العسكري السريع وما تكلف به من مهام أخري لمواجهة التحديات التي تهدد أمن وسلامة أي من الدول الأعضاء وسيادتها الوطنية وتشكل تهديدا مباشرا للأمن القومي العربي بما فيها تهديدات التنظيمات الإرهابية بناء علي طلب من الدولة المعنية". أقر القادة العرب قراراً بشأن تطوير النظام الأساسي المعدل لمجلس السلم والأمن العربي، وتضمن القرار 10 مواد أهمها ما يتعلق بأهداف المجلس والتي تتلخص في تدعيم السلم والأمن والاستقرار في الدول الأعضاء مع مراعاة مبدأ عدم تدخل إحدي الدول الأعضاء في الشئون الداخلية لدولة عضو أخري بالإضافة إلي دعم وتشجيع أسس الديمقراطية والحكم الرشيد وسيادة القانون وحماية حقوق الإنسان واحترام القانون الدولي الإنساني في إطار جهود الوقاية من النزاعات ومنعها وإدارتها، علي أن ينعقد المجلس علي المستوي الوزاري مرتين في السنة وتسبق اجتماعاته، اجتماعات مجلس الجامعة في دورتيه العاديتين مباشرة، أو كلما دعت الضرورة إلي ذلك. وأشار البيان الختامي إلي أن يعقد المجلس اجتماعات مغلقة، ولا يجوز للعضو الطرف في نزاع أو وضع يجري بحثه من قبل المجلس أن يشارك في المناقشات أو عملية اتخاذ القرار بخصوص هذا النزاع أو الوضع، وتوجه الدعوة لهذا العضو لعرض قضيته علي المجلس علي أن ينسحب بعد ذلك من المداولات، ويحق للمجلس دعوة خبراء أو من تراه مناسبا من المختصين وذوي العلاقة لحضور اجتماعاته، علي أن يختار مجلس الجامعة علي مستوي الوزراء هيئة للحكماء من الشخصيات البارزة التي تتمتع بالتقدير والاحترام تكلف بمهام الوساطة أو المساعي الحميدة متي دعت الضرورة إلي ذلك، علي أن تعد الأمانة العامة نظاما للإنذار المبكر لرصد العوامل المؤدية للنزاعات. وأقر البيان الختامي، إنشاء قوة حفظ السلام العربية، من فرق عربية جاهزة متعددة الأفرع تضم عناصر عسكرية ومدنية تتمركز في دولها الأصلية، تكون مستعدة للانتشار السريع عند الحاجة لذلك، علي أن يتم تمويل أنشطة ومهام مجلس الأمن والسلم العربي من ميزانية الأمانة العامة للجامعة العربية، علي أن يتولي الأمين العام متابعة تنفيذ التوصيات الصادرة عن المجلس، وسيدخل النظام الأساسي حيز النفاذ بالنسبة لكافة الدول الأعضاء بعد انقضاء 15 يوما من تاريخ إيداع وثائق تصديق 7 دول لدي الأمانة العامة للجامعة العربية ويجوز تعديل هذا النظام بقرار من مجلس الجامعة علي المستوي الوزاري. وفيما يتعلق بالشأن الداخلي للدول العربية، رحب البيان الختامي للقمة العربية بالنجاح المتحقق علي صعيد مسيرة المصالحة الوطنية الصومالية وبناء مؤسسات الدولة وانجاز المسئوليات والمهام المتعلقة بخطة عمل الحكومة، وأكدوا أهمية وضرورة الالتزام الكامل بالحفاظ علي وحدة اليمن واحترام سيادته واستقلاله ورفض أي تدخل في شئونه الداخلية والوقوف إلي جانب الشعب اليمني فيما يتطلع إليه من حرية وديمقراطية وعدالة اجتماعية وتمكينه من تحقيق التنمية الشاملة التي يسعي إليها، وشدد قادة العرب علي الاستجابة العاجلة لدعوة الرئيس اليمني بعقد مؤتمر في المملكة العربية السعودية تحت مظلة مجلس التعاون لدول الخليج العربية تشارك فيه كافة الأطراف السياسية اليمنية الحريصة علي أمن اليمن واستقراره لإجراء حوار سياسي والترحيب بإعلان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود باستضافة هذا المؤتمر في الرياض. ودعت القمة العربية إلي ضرورة الالتزام باحترام وحدة وسيادة ليبيا وسلامة أراضيها وعدم التدخل في شئونها الداخلية والحفاظ علي استقلالها السياسي والالتزام بالحوار الشامل بين القوي السياسية النابذة للعنف والتطرف ودعم العملية السياسية تحت رعاية مبعوث الأممالمتحدة، وطالبت القمة بتقديم الدعم الكامل بما فيه الدعم السياسي والمادي للحكومة الشرعية وتوفير المساعدات اللازمة لها لصون وحماية سيادة ليبيا بما في ذلك دعم الجيش الوطني حتي يستطيع مواصلة مهمته الرامية للقضاء علي الإرهاب وبسط الأمن في ليبيا، كما طالب القادة العرب مجلس الأمن بسرعة رفع الحظر عن واردات السلاح إلي الحكومة الليبية باعتبارها الجهة الشرعية ليتسني لها فرض الأمن ومواجهة الإرهاب مما يسمح بتسليح الجيش الوطني الليبي، فيما تحفظت قطر علي القرار بالكامل.. وفسرت الجزائر الفقرات المتعلقة برفع الحظر وتسليح الجيش الليبي علي أنه يندرج ضمن السياق السياسي وهو جزء من الحل التوافقي المنشود من قبل المجتمع الدولي باعتباره السبيل الوحيد لحل الأزمة الليبية. وفيما يخص الأزمة السورية، أعربت القمة العربية في قرار لها بخصوص التطورات الخطيرة في سورية عن بالغ القلق إزاء تفاقم الأزمة وما تحمله من تداعيات خطيرة علي مستقبل سوريا وأمنها واستقرارها ووحدتها الوطنية وسلامتها الإقليمية، مرحبة بنتائج اجتماعات القاهرة وموسكو ومساعيهما لإحياء مسار الحل السياسي التفاوضي للازمة السورية علي أساس بيان "جنيف 1"، وجددت القمة تأكيد الدول العربية ودعمها ومساندتها الحازمة لمطلب سوريا العادل وحقها في استعادة كامل الجولان السوري المحتل إلي خط الرابع من يونيو 1967 استنادا إلي أسس عملية السلام وقرارات الشرعية الدولية والبناء علي ما أنجز في إطار مؤتمر السلام الذي انطلق في مدريد عام 1991. وأكدت القمة العربية مجددا التضامن الكامل مع لبنان وتوفير الدعم السياسي والاقتصادي له ولحكومته بما يحفظ الوحدة الوطنية اللبنانية وأمن واستقرار لبنان وسيادته علي كامل أراضيه، مع التأكيد علي حق اللبنانيين في تحرير أو استرجاع مزارع شبعا وتلال كفر شوبا اللبنانية والجزء اللبناني من بلدة "الغجر"، مع دعم لبنان في مقاومة أي اعتداء إسرائيلي بالوسائل المشروعة والمتاحة، فيما جددت القمة العربية التأكيد المطلق علي سيادة دولة الإمارات العربية المتحدة الكاملة علي جزرها الثلاث طنب الكبري وطنب الصغري وأبو موسي، وتأييدها كافة الإجراءات والوسائل السلمية التي تتخذها دولة الإمارات لاستعادة سيادتها علي جزرها المحتلة، ودانت المناورات العسكرية الإيرانية علي الجزر المحتلة، مطالبة طهران بالكف عن مثل هذه الانتهاكات. ورفضت القمة سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وتصريحاته التي أطلقها أثناء حملته الانتخابية التي تتنكر لحل الدولتين والتأكيد علي أهمية مواجهة ذلك بشكل صارم ودعا الولايات المتحدةالأمريكية لاتخاذ موقف حازم لوضع حد لهذه السياسات الإسرائيلية أحادية الجانب وخطيرة التوجه، وطالبت القمة العربية باستمرار تكليف الوفد الوزاري العربي لإجراء مشاورات مع مجلس الأمن والإدارة الأمريكية وروسيا الاتحادية، والصين، والاتحاد الأوروبي، وذلك للتأكيد مجددا علي تبني مشروع قرار يؤكد الالتزام العربي بما جاء في مبادرة السلام العربية لوضع جدول زمني ينهي الاحتلال الإسرائيلي لدولة فلسطين، بالإضافة إلي آلية رقابة تضمن التنفيذ الدقيق وذلك لتحقيق السلام الدائم والعادل في المنطقة. وطالبت القمة في قرارها، الأممالمتحدة باتخاذ موقف حازم تجاه العدوان الإسرائيلي الأخير علي قطاع غزة وما أحدثه من دمار، والإسراع في مساءلة ومحاسبة المسئولين الإسرائيليين عن هذا العدوان، وأكدت أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وعلي احترام الشرعية الوطنية الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس وتثمين جهوده التي يقوم بها في مجال المصالحة، واحترام المؤسسات الشرعية المنبثقة عن منظمة التحرير الفلسطينية والالتزام بوحدة القرار والتمثيل الفلسطيني من أجل الحفاظ علي مكتسبات وحقوق الشعب الفلسطيني والتأكيد علي أن الوحدة الفلسطينية تحت إطار منظمة التحرير تشكل ضمانة حقيقية وحيدة للحفاظ علي الحقوق الوطنية الفلسطينية مع استمرار دعم حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني تحت قيادة الرئيس محمود عباس ووجهت الشكر لمصر علي جهودها في مؤتمر المانحين لإعادة إعمار قطاع غزة، ودعوة الدول الشقيقة والصديقة التي قدمت الالتزامات بهذا الخصوص إلي تنفيذ تعهداتها بشكل فوري من خلال حكومة الوفاق الوطني. ودانت القمة في القرار، ما تقوم به الحكومة الإسرائيلية من إجراءات للابتزاز ولتقويض حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني بما في ذلك القرصنة ووقف تحويل أموال الضرائب الفلسطينية التي تجبيها للشهر الثالث علي التوالي ودعوة المجتمع الدولي للضغط علي إسرائيل لتحويل مستحقات الضرائب فورا وإفشال كافة محاولاتها لتقويض عمل حكومة الوفاق، كما أعرب القادة العرب عن إدانتهم الشديدة ورفضهم القاطع لاستمرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي في تهويد مدينة القدسالمحتلة ومقدساتها ومواصلة المساس بمعالم المسجد الأقصي المبارك الإسلامية وتهويدها، كما دانت الدول العربية مواصلة إسرائيل في تغييرها لوضع الديموغرافي للقدس من خلال استمرارها في مصادرة وهدم البيوت في القدس لخدمة مشاريعها الاستيطانية.