بكام الفراخ البيضاء؟ أسعار الدواجن والبيض في الشرقية الأربعاء 8 مايو 2024    أخبار السيارات| أرخص موديل زيرو في مصر.. أول عربية من البلاستيك.. وأشياء احذر تركها في السيارة بالصيف    بعد احتلال معبر رفح الفلسطيني.. هل توافق أمريكا مبدئيًا على عملية رفح؟    الخارجية: توقيت تصعيد الجانب الإسرائيلي الأحداث في رفح الفلسطينية خطير للغاية    القنوات الناقلة لمباراة ريال مدريد وبايرن ميونخ في إياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    المدرج نضف|«ميدو» عن عودة الجماهير: مكسب الأهلي والزمالك سيصل ل4 ملايين جنيه    اليوم.. دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ذي القعدة    تغير يكرهه المصريين، الأرصاد تحذر من طقس اليوم حتى يوم الجمعة 10 مايو    ياسمين عبد العزيز تكشف سبب خلافها مع أحمد حلمي    مقالب بطفاية الحريق.. ياسمين عبدالعزيز تكشف موقف لها مع أحمد السقا في كواليس مسرحة «كده اوكيه» (فيديو)    حسن الرداد: مش شرط اللي دمه خفيف يعرف يقدم كوميديا وشخصيتي أقرب لها|فيديو    عاجل.. أول رد من صالح جمعة على إيقافه 6 أشهر    مكاسب الأهلي من الفوز على الاتحاد السكندري في الدوري المصري    القاهرة الإخبارية: تعرض رجل أعمال كندي يقيم بالبلاد لحادث إطلاق نار في الإسكندرية    مفيد شهاب: ما قامت به إسرائيل يخالف اتفاقية السلام وتهديد غير مباشر باستخدام القوة    وفاة شقيقين مصريين في حريق شقة بأبو حليفة الكويتية    عزت إبراهيم: تصفية الوجود الفلسطيني في الأراضي المحتلة عملية مخطط لها    عيار 21 يسجل أعلى سعر.. أسعار الذهب والسبائك اليوم بالصاغة بعد الارتفاع الأخير    البيت الأبيض يعلق على السخرية من طالبة سوداء في تظاهرات دعم غزة    توقعات الأبراج حظك اليوم الأربعاء 8 مايو.. «هدايا للثور والحب في طريق السرطان»    محمد رمضان: فرق كبير بين الفنان والنجم.. واحد صادق والتاني مادي    تليجراف: سحب لقاح أسترازينيكا لطرح منتجات محدثة تستهدف السلالات الجديدة    «إنت مبقتش حاجة كبيرة».. رسالة نارية من مجدي طلبة ل محمد عبد المنعم    نشرة التوك شو| تغيير نظام قطع الكهرباء.. وتفاصيل قانون التصالح على مخالفات البناء الجديد    واشنطن: القوات المسلحة المصرية محترفة ومسئولة ونثق في تعاملها مع الموقف    بالمفتاح المصطنع.. محاكمة تشكيل عصابي تخصص في سرقة السيارات    ياسمين عبد العزيز: محنة المرض التي تعرضت لها جعلتني أتقرب لله    شاهد.. ياسمين عبدالعزيز وإسعاد يونس تأكلان «فسيخ وبصل أخضر وحلة محشي»    ندوة "تحديات سوق العمل" تكشف عن انخفاض معدل البطالة منذ عام 2017    ماذا يحدث لجسمك عند تناول الجمبرى؟.. فوائد مذهلة    5 فئات محظورة من تناول البامية رغم فوائدها.. هل انت منهم؟    «العمل»: تمكين المرأة أهم خطط الوزارة في «الجمهورية الجديدة»    مغامرة مجنونة.. ضياء رشوان: إسرائيل لن تكون حمقاء لإضاعة 46 سنة سلام مع مصر    رئيس البورصة السابق: الاستثمار الأجنبي المباشر يتعلق بتنفيذ مشروعات في مصر    الداخلية تصدر بيانا بشأن مقتل أجنبي في الإسكندرية    قبل مواجهة الزمالك.. نهضة بركان يهزم التطواني بثلاثية في الدوري المغربي    متحدث الزمالك: هناك مفاجآت كارثية في ملف بوطيب.. ولا يمكننا الصمت على الأخطاء التحكيمية المتكررة    تحت أي مسمى.. «أوقاف الإسكندرية» تحذر من الدعوة لجمع تبرعات على منابر المساجد    عاجل - "بين استقرار وتراجع" تحديث أسعار الدواجن.. بكم الفراخ والبيض اليوم؟    فوز توجيه الصحافة بقنا بالمركز الرابع جمهورياً في "معرض صحف التربية الخاصة"    رئيس إنبي: نحن الأحق بالمشاركة في الكونفدرالية من المصري البورسعيدي    «خيمة رفيدة».. أول مستشفى ميداني في الإسلام    رئيس جامعة الإسكندرية يشهد الندوة التثقيفية عن الأمن القومي    موقع «نيوز لوك» يسلط الضوء على دور إبراهيم العرجاني وأبناء سيناء في دحر الإرهاب    كيف صنعت إسرائيل أسطورتها بعد تحطيمها في حرب 73؟.. عزت إبراهيم يوضح    بعد تصريح ياسمين عبد العزيز عن أكياس الرحم.. تعرف على أسبابها وأعراضها    أختار أمي ولا زوجي؟.. أسامة الحديدي: المقارنات تفسد العلاقات    ما هي كفارة اليمين الغموس؟.. دار الإفتاء تكشف    دعاء في جوف الليل: اللهم امنحني من سَعة القلب وإشراق الروح وقوة النفس    صدمه قطار.. إصابة شخص ونقله للمستشفى بالدقهلية    وفد قومي حقوق الإنسان يشارك في الاجتماع السنوي المؤسسات الوطنية بالأمم المتحدة    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق شقة سكنية بالعمرانية    اليوم.. دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ذي القعدة لعام 1445 هجرية    طريقة عمل تشيز كيك البنجر والشوكولاتة في البيت.. خلي أولادك يفرحوا    الابتزاز الإلكتروني.. جريمة منفرة مجتمعيًا وعقوبتها المؤبد .. بعد تهديد دكتورة جامعية لزميلتها بصورة خاصة.. مطالبات بتغليظ العقوبة    إجازة عيد الأضحى| رسائل تهنئة بمناسبة عيد الأضحى المبارك 2024    القيادة المركزية الأمريكية والمارينز ينضمان إلى قوات خليجية في المناورات العسكرية البحرية "الغضب العارم 24"    ضمن مشروعات حياة كريمة.. محافظ قنا يفتتح وحدتى طب الاسرة بالقبيبة والكوم الأحمر بفرشوط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يحدث الصدام في «وادي الريان»؟
نشر في آخر ساعة يوم 24 - 03 - 2015

الرغم من مرور أكثر من أسبوعين علي أزمة دير "وادي الريان"، إلا أنها مازالت مستمرة بسبب تمسك عدد من الرهبان بموقفهم الرافض بمد طريق يمر بالدير، ما يؤثر علي ممارساتهم للعبادة، في وقت لم تعترض الكنيسة القبطية علي قرار الحكومة بشق الطريق وشلحت ستة من الرهبان، وأعلنت إن هذا الدير غير معترف به كنسياً.
في المقابل فإن القرار الكنسي دفع الرهبان إلي مزيد من التمرد، بغلقهم أبواب الدير والتمترس خلف السور الجديد، تحسباً لعملية الهدم المتوقع أن تتم بالفعل خصوصاً أن هيئة الطرق والكباري المكلفة التي أعدت المشروع قالت إنه لا بديل عن شق هذا الطريق كما أنه مصلحة عامة، ما ينذر بوقوع فتنة مرتقبة.
رهبان في مواجهة الحكومة
ليس هُنا سوي الصحراء، ومجموعة من الرهبان يتعبدون في صمت داخل المغارات والكهوف، غير مُبالين بما يحدث في الخارج. عزلة أبدية اختاروها بمحض إرادتهم، واضعين نصب أعينهم اختلافهم عن العامة، فقد تحولوا إلي بشر سمائيين فضلوا الموت عن العالم. الأمر الذي أصابنا بدهشة عندما وجدنا دماء بعضهم تسيل علي أسوار الدير المنحوت، الذي قصدوه قبل نحو 20 عاماً، لكي يدبوا في جباله الرهبنة من جديد، بعد انقطاع دام أكثر من خمسة قرون، كادت أن تُنهي التاريخ الرهباني هناك الذي بدأ في القرن الرابع الميلادي علي يد القديس مكاريوس القس الإسكندراني الذي اعتكف فيه لمدة 22 عاماً، بصحبة مجموعة من الرهبان انضموا إليه لاحقاً، ليستمر توافد الرهبان إلي منطقة وادي الريان، حتي نهاية القرن 14م. وتوقفت الخلوات الروحية تماماً حتي مجيء القمص متي المسكين الذي سكن الدير من عام 1960 إلي عام 1969 ثم توقفت الرهبنة مُجدداً.
المشلوحون: الأراضي ملك الدير منذ القرن الرابع الميلادي.. وشق الطريق علي جثثنا
في هذه الفترة، تنامي عدد الرهبان في كل أديرة مصر، بالتزامن مع الأبحاث والدراسات التي كشفت الأهمية الدينية لوادي الريان، وفي منتصف تسعينيات القرن الماضي بدأ توافد الرهبان عليه، وسمحت الدولة لهم عام 1998 بالإقامة الرسمية هناك، بعدما أطلقوا علي مكان تجمعهم اسم دير القديس الأنبا مكاريوس الإسكندري (75 كم من مدينة الفيوم).
وجودهم الدائم في الوادي جعلهم يعتقدون أنهم يمتلكون البرية من حولهم. خصوصاً أن المحمية لا تضم سكانا محليين، ما زاد من شعورهم أن هذا المشاع بيتهم، ووطنهم، ودولتهم التي لابد أن يكون لها حدود تزيد من خصوصيتهم، فقاموا ببناء سور بطول ثمانية كيلومترات، يربط بين الجبل الشرقي والغربي، بعد ثورة 25 يناير 2011 مبررين ذلك برغبتهم في الحفاظ علي الدير من هجمات قطاع الطرق. هذا السور الذي منحوه القدسية بنحت صليب في كل حائط، ينتظر إشارة الهدم من الدولة لشق طريق «الفيوم- الواحات».
هذا الطريق أخرج الرهبان من عزلتهم، وشق صفوفهم، بين مؤيد لقرار الكنيسة التي لم تمانع من تنفيذه، وبين معارض يري أن هناك مخططاً لإشعال فتنة كبري. الفئة الثانية هم الأغلبية، وهذا كان علي عكس المتوقع، بعد الترويج إلي أن غالبية الرهبان وقعوا علي تفويض للبابا تواضروس الثاني يفيد بالموافقة علي الطريق. الأمر الذي أدي إلي أزمة خصوصاً بعد إصابة راهبين قيل إنه تم الاعتداء عليهما من قبل ستة رهبان، قامت الكنيسة بشلحهم (تجريدهم من الرهبنة)، والتبرؤ منهم.
تواصلنا مع أحد المشلوحين وهو الأب إثناسيوس الذي رافقنا في رحلتنا من القاهرة إلي الدير المنحوت. أربع ساعات هي مدة المسافة التي قطعناها إلي هناك، ظل يسرد خلالها معلوماته الأثرية والتاريخية عن الدير الذي يقع علي مساحة 13 ألف فدان، قال عنها إنها ليست صالحة بأكملها للاستغلال، إذ يزرعون حوالي أربعة أفدنة أشجار زيتون ورمان، بينما تغطي الصخور حوالي ثلاثة أفدنة، بجانب انتشار السيوف الرملية التي تعكر صفو عبادتهم، ثم تطرق إلي الأزمة التي قال إنها بدأت منذ استبعاد الأب إليشع المقاري عن إدارة الدير في أكتوبر الماضي لرفضه مشروع الطريق. ما دفعهم إلي رفع استغاثة إلي البابا بإمضاء أكثر من 200 راهب، للتضامن مع إليشع ومطالبته بإعادة النظر في تعديل مسار الطريق.
حين سألته عن مدي صحة سيطرتهم علي الدير، طلب مني التمهل حتي أتحقق من الرهبان أنفسهم. وعندما توقفت السيارة أمام البوابة، لمستُ أن قرار التبرؤ من الستة المشلوحين زاد من تمرد الرهبان، الذين علقوا لافتة مكتوبا عليها: «نعتذر عن استقبال الزيارة لاعتكاف الرهبان للصلاة ما دام الدير غير مُعترف به من الكنيسة».
دقائق وكانت البوابة فُتحت.. صمت يسود المكان، وأقرب كنيسة تبعد عنا عشرات الكيلومترات. سرعان ما توافد علينا الرهبان، بعضهم خرجوا من الغرف - يصل عددها إلي 14 - التي بنوها خلف السور، وآخرون جاءوا مهرولين. للتعبير عن آرائهم.. قالوا عبارات متشابهة، مثل: «هذا السور أخذ من دمائنا.. أجبرونا علي التوقيع حتي لا يتم شلحنا.. الطريق سيهدم آثار آباءنا».
من منطلق عباراتهم تلك قال الراهب دانيال، أحد المشلوحين، إنه لن يتم شق الطريق إلا علي جثثهم، فهم لا يخشون الحق، ولا يهابون الشلح؛ «لأن الطاعة في الرهبنة ليست للبشر، بل لله والإنجيل.. ولو لم يكن هناك حلول بديلة، لكان واجب علينا طاعة الكنيسة، إذ عرفنا أنه من الممكن مرور الطريق من قرية قوتة أو مدق الجيش، لكن هناك تعنت من المسئولين ورغبة في تخريب الدير.. وعندما وقعنا في السابق علي تفويض البابا لأخذ القرار بشأن الدير، كُنا نعتقد أنه سيطالب بتعديل مساره وليس الموافقة عليه، وحين شرعوا في شق الطريق، وقفنا أمام المعدات ومنعناهم من هدم السور، الذي قالوا إن بناءه بمثابة اعتداء علي أراضي الدولة، في حين أن هذه الأراضي ملك للدير قبل أن تكون هناك دولة منذ القرن الرابع الميلادي.
وحول ما يتردد بشأن أن الكثير من رهبان وادي الريان مطرودون من أديرة أخري، وبعضهم عليه أحكام كنسية. قال دانيال إنه محض إدعاء، وكل الرهبان هنا أبناء الدير.
«أشعر أن ثمة مؤامرة ضد البابا». هكذا قال الراهب مارتيروس، أحد المشلوحين المتهم بالاعتداء علي الراهبين أبانوب وجبرائيل، مضيفاً: «يريدون أن يشعلوا الفتنة، ونحن نعرف من الذي دبّر عملية إصابة الرهبان، ففي الاجتماع المقرر جمع توقيعات الرهبان علي تفويض البابا، تشاجر المصابان حول الصيغة، وعندما شعروا برفض الرهبان للطريق، هربوا من فوق السور، ومن الممكن أن يكونوا اصطدموا بصخرة أحدثت لهم شرخاً في الجمجمة، حسبما ذكر التقرير الطبي.. الغريب أنهم ساروا علي أقدامهم حوالي كيلومترين، وأن الأنبا إبرام أسقف الفيوم هو من أرسلهم إلي مستشفي الفيوم».
تابع مارتيروس: «الذي اتهمني لا يجلس في الدير، ولم يرني أعتدي علي أحد، ورغم ذلك تخلت عنا الكنيسة، وجردت أهم ستة رهبان مسئولين عن ملفات الآثار والإدارة، وهذا القرار لا قيمة له، ولم يهز شعرة منا».
الكنيسة تؤكد:
الدير ليس معترفاً به
.. ولا تفاوض مع المشلوحين
صدمة الرهبان في الكنيسة، جعلتهم يعتقدون أنها تخلت عنهم، بعد إعلانها أن المنطقة التي يسكنونها ليست ديرًا كنسيًّا معترفًا به حتي الآن، وأنه أقرب إلي دير تحت التأسيس، وذلك عقب إصابة الراهبين ووقف معدات المهندسين عن العمل في شق الطريق، مؤكدة في أكثر من بيان أن الدولة لها الحق القانوني في التصرف في هذا الأمر.
إصرار الرهبان علي رفضهم للطريق، جعل الكنيسة تتخذ خطوة في تهدئة الأزمة، حيث عينت الجمعة الماضية الراهب القس ايسيندوروس المقاري مديراً روحياً ومسئولاً عن التدبير والرعاية الروحية. ويعد هذا القرار من الشروط التي تم تحقيقها بجانب شرط التجمع الرهباني التي يجب توافرها للاعتراف كنسياً بالدير، ليبقي أن يكون له أرض مملوكة قانونيا، وأن تكون هناك لجنة بابوية تدرس المكان لتحدد بعدها صلاحية المكان لأن يكون ديرًا من عدمه.
الأب بولس حليم، المتحدث الرسمي باسم الكنيسة، قال ل «آخرساعة» إن اختيار القس ايسيندوروس جاء علي اعتبار أنه شخصية محبوبة لدي رهبان وادي الريان، وذلك لاحتواء الأزمة، خصوصاً أنه لا يمكن أن تمنع الكنسية مشروعاً يخدم الدولة، كما أن شق الطريق لن يؤثر علي الآثار الموجودة في الدير، لكن يمكن أن يؤثر فقط علي الرهبنة، مضيفاً: الكنيسة لا علاقة لها بما يفعله الرهبان المشلوحون، ولن تتفاوض معهم، ومكانهم خارج الدير.
أما الرهبان المؤيديون لموقف الكنيسة، فلا يتجاوز عددهم 15 من أصل 240 راهباً، فقد تركوا الدير، ويمتنعون عن التحدث إلي الإعلام، وبخاصة المصابون منهم وهم الأب جبرائيل والأب أبانوب. وتحدث الأب ميخائيل بالنيابة عنهم، قائلاً: «لم تحدث اشتباكات بين الرهبان، بل تم الاعتداء علينا من قبل الآباء المشلوحين، وغالبية الرهبان موافقون علي قرار الكنيسة، إذ إن هناك 112 راهباً فقط خاضعين لقداسة الدير، والباقي أجيال مختلفة لم يتم ترسيمهم».
وعلمت «آخرساعة» أن الآباء المشلوحين قاموا بترسيم أكثر من مئة أخ كراهب يوم الأربعاء الماضي، بالمخالفة لشروط الرهبنة.
المشروع متوقف قرب حدود الدير
"الطرق والكباري": لا بديل
أعلنت الحكومة في أغسطس الماضي عن المشروع القومي للطرق في ثلاث مدن، وهي العلمين ووسط سيناء والواحات، بتكلفة تصل إلي حوالي أربعة مليارات جنيه، منها 372 مليون جنيه ميزانية إنشاء طريق "الفيوم الواحات" بطول 80 كيلومتراً، يخدم الواحات البحرية والفرافرة، وتم بالفعل البدء في تنفيذ الطريق من جنوب الفيوم.
في طريقنا إلي دير وادي الريان، وجدنا عمال ومهندسي شركة "المقاولون العرب" منتشرون علي طول الطريق، بداية من منطقة الباسل عند مدخل الصوامع (60 كلم من الفيوم) حتي قرب حدود الدير، يأخذون المقاسات المحددة لتوسيع الطريق بعرض 12 متراً، الآلات تجرف التربة، الكسارات الضخمة تغربل الأحجار الكبيرة، وترصها بالتوازي.. ولا شيء يعكر صفو العمال سوي أن عملهم سيتعطل بسبب رفض الرهبان شق الطريق.
يقول المهندس إيهاب سليمان، المشرف علي سير العمل والاستشاري في الهيئة العامة للطرق والكباري، إن عمليات توسيع طريق الفيوم لأجل رفع كفاءة المرور، وحتي يكون بكفاءة الطريق الجديد القادم من الواحات الذي سيتصل به بعد حل مشكلة الدير. مضيفاً أنهم بدأوا في توسيع الطريق أكتوبر الماضي، وكان مقرراً الانتهاء من المشروع بأكمله نهاية يوليو المقبل، إلا أنهم سيتوقفون قبل الدير عند الكيلو 55.
الأمر الذي يطرح سؤالاً: هل ثمة طرق بديلة غير شق الدير؟ خصوصاً أن الرهبان يعتقدون أنه من الممكن أن يمر المشروع من خلال قرية "قوتة"، أو من مدق الجيش. وهو ما علّق عليه الدكتور سعد الجيوشي رئيس هيئة الطرق والكباري قائلا ل "آخرساعة": "لا طرق بديلة.. درسنا كل الحلول، ولم نجد سوي المرور من الدير.. نحن مضطرون إلي ذلك، ومشكلة رفض الرهبان للطريق لا تتدخل فيها الهيئة، لأن البابا تواضروس تولي مهمة إقناعهم".
مدير المحمية:
الدير استولي علي 9 آلاف فدان وعيون المياه
وفق البروتوكول المجدد عام 2007 بين وزارة البيئة ودير الأنبا مكاريوس، تم منح الطرف الثاني الحق في الوجود داخل محمية «وادي الريان» لممارسة العبادة علي مساحة محددة تضم 52 مغارة، من بينها 40 قلاية (مسكن) للرهبان، والباقي موزع إلي أربع حظائر وكنيستين، ومرفأ ومطبخ ومخزن ومضيفة و»طاغوس» مكان لدفن الموتي وآخر لتجميع القمامة.
المحمية تنكر السور رغم مطالبتها بعمل بوابات فيه
الآن وصل عدد المغارات إلي أكثر من مئتين، وفق شهادة الرهبان، الذين تبرأوا من اتهامات اعتدائهم علي أراضي المحمية، وقالوا إنها أرض الدير قبل أن تملكها المحمية. وفي البروتوكول سُمح لهم أيضاً بالحصول علي المياه من عين واحدة، لكنهم يستخدمون العيون الأربعة، التي أصبحت داخل حدود الدير بعد بنائهم السور الذي أعطاهم شرعية التصرف في البرية من حولهم.
تم بناء هذا السور في منتصف العام 2012 واستغرق عاماً كاملاً، بطول ثمانية كيلومترات، كان بإمكان الدولة حينها وقفه إن أرادت، الأمر الذي قد يؤكد احتمالية بنائه بموافقة رسمية، خصوصاً أننا حصلنا علي مستند موقع بين وزارة البيئة والدير بتاريخ 30 إبريل 2013، يفيد باتفاق الطرفين علي قيام إدارة المحمية بعمل عدد من المنافذ والبوابات في السور المحيط بالدير، بحيث تكون مقابلة للعيون كي يستطيع الزوار والسائحون زياراتها، الأمر الذي يناقض تماماً اتهام المحمية الدير باستيلائه علي العيون.
وأصر الدكتور عرفة السيد، مدير محمية وادي الريان، علي هذا الاتهام قائلاً ل«آخرساعة»: «السور تم بناؤه دون اتفاق مع الدولة، والدير يعتدي علي أراضي المحمية بمساحة تتجاوز تسعة آلاف فدان، بجانب أنهم يستولون علي عيون المياه الكبريتية التي تفجرت وسط هذه الصحراء منذ مئات السنين، مستغلين حالة الانفلات الأمني التي مرت بها البلاد بعد ثورة يناير 2011، كل هذا قضي علي الحياة البرية تماماً، وقد هربت الغزلان التي كانت تعيش بجوار العيون خلال العشر سنوات الماضية، وقمنا برفع قضايا ضد الدير وعدد من الرهبان، لكن أحكامها لم تنفذ خشية اندلاع فتنة طائفية».
وعن حقيقة ضم المحمية لآثار قبطية وفرعونية، تساءل عرفة: «لِمَ لا تظهر هذه الآثار منذ مجيء الرهبان للمحمية عام 1996.. هل كانت هناك آثار أخري وتم إخفاؤها أو تهريبها.. وهل المنشوبيات «بيوت الرهبان» تليق لتسجيلها كأثر؟».
تسجيل الدير كأثر.. الرهان الأخير
الرهبان المعارضون لمشروع شق طريق «الفيوم الواحات» علي الأسابيع المقبلة التي ستحدد القيمة الأثرية لدير وادي الريان، خصوصاً بعد أن شكل قطاع الآثار الإسلامية والقبطية في 28 فبراير الماضي لجنة من عشرة باحثين لتسجيل الآثار الكائنة هناك، وذكر التقرير المبدئي عدداً من المغارات والتلال التي أوصي بتسجيلها، وإخضاع المنطقة للمادة 20 من قانون حماية الآثار 117 لسنة 1983، والمعدل بالقانون رقم 3 لسنة 2010.
«الآثار
الإسلامية والقبطية»:
لا نملك وقف المشروع
من ضمن هذه المغارات واحدة تعود إلي القرن الثاني عشر الميلادي خاصة بالأب صورون، وهي منحوتة في إحدي الصخور، بها رسوم جدارية لبعض القديسين بملابس كهنوتية، وأخري في قمة الجبل البحري، بها كتابات قبطية وصلبان، وفي الواجهة يوجد مكان مرتفع - يشبه المصطبة - كانت تستخدم لتخزين الطعام أو كمكتبة. وهناك تلتان منتشر علي سطحيهما أطلال مبانٍ من الطوب الطفلة والحجر الجيري، كما أنهما خاليتان من أي إشغالات زراعية.
الغريب أن التقرير لم يذكر المنشوبيات (بيوت الرهبان) والمعابد الفرعونية، التي تحدث عنها الراهب إثناسيوس الرياني، المسئول عن ملف الآثار في الدير، إذ قال إن هناك أكثر من 26 منشوبية يرجع بعضها إلي القرنين الرابع والخامس الميلادي، وتضم مخطوطات قبطية وكتابات قديمة، مضيفاً أن هناك مغارة القديس مكاريوس.
وبالنسبة للآثار الفرعونية، أشار إلي أن هناك مدرجا كبيرا يشبه الهرم به نحت علي عمق خمسة أمتار، بالإضافة إلي معبد فرعوني يبعد عن مركز الدير 3 كم تقريباً .
هذه المعلومات دفعت البعض إلي الوقوف في صف الرهبان، مثل جمعية المحافظة علي التراث المصري، التي رفع رئيس مجلس إدارتها ماجد وديع، قضية رقم 37545 أمام محكمة القضاء الإداري، منذ أسبوعين، ضد وزارتي النقل والبيئة ومحافظة الفيوم وشركة المقاولون العرب المنفذة للمشروع، وأوضح أنهم يدافعون عن الدير من منطلق وطني وليس دينياً، حيث إن شق الطريق سينسف المغائر والمنشوبيات الأثرية، ما يعد تدميراً للحضارة القديمة، خصوصاً أن هناك طرقاً أخري بديلة ستوفر نحو 35 كلم، معلقاً آماله علي تقرير وزارة الآثار الذي وصفه بالإيجابي، قائلاً: «قد ينقذ الدير».
«لا تسبقوا الأمور.. اللجنة الدائمة للآثار مازالت تدرس قيمة الدير». هكذا قال محمد عبداللطيف، رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية، ل«آخرساعة»، مضيفاً أن اللجنة الدائمة المشكلة من كبار الأثريين غير ملزمة بقبول كل ما جاء في التقرير، لأن هناك ضوابط ومعايير من خلالها يتم تحديد أثرية المكان من عدمها، متابعاً: «خلال الأسابيع المقبلة سيتم حسم شأن الدير من الناحية الأثرية لكننا لا نملك منع مشروع طريق الفيوم - الواحات لأن مصلحة الدولة في النهاية - حتي إن تم تسجيل الدير كأثر - تفرض نفسها علي الجميع».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.