{فإن مع العسر يسرا.. إن مع العسر يسرا}.. وعد من الله، فلا تحزن فإن الله لا يخلف وعداً وكما أن الدول العربية الشقيقة قد تفهمت موقفنا الشرعي في الدفاع عن النفس ومحاربة الإرهاب في الداخل والخارج، فإن مصر تفهم أيضا موقف قطر الداعم للإرهاب ضد مصر ماليا وإعلاميا وتزيده الآن دبلوماسيا، ناسية حجمها الذي لايزيد عن «فضلات» ذبابة علي الخريطة! ومصر تفهم أيضا أن دويلة قطر لاتتصرف من تلقاء نفسها وأنها لاتعدو إلا أن تكون ماريونيت في يد أمريكا التي لها قاعدة عسكرية في قطر تعد الأكبر في الشرق الأوسط. ونفهم أنها تستخدم كظاهرة صوتية في أي تجمع سواء في الجامعة العربية، أو مجلس التعاون الخليجي أو أي مؤتمر أو لقاء دولي. ونفهم أنها تردد علي مدار الساعة لحن السمع والطاعة لأمريكا التي باركت انقلاب الأب علي الجد ثم انقلاب الزوجة علي الأب من خلال الابن، وكلها عيلة في بعض يبددون أموال الشعب القطري في تمويل «داعش» و«الإخوان» و«بيت المقدس». ونفهم أن أمريكا غير راضية عن أداء مصر منذ ثورة 30 يونيو المجيدة التي غيّرت كل خريطة المنطقة التي كانت ترسمها واشنطن. ونفهم حالة الغليان والانزعاج الأمريكي من سياسة تنوع مصادر السلاح المصري التي تنتهجها مصر بعد إبرامها صفقات للسلاح مع روسيا وفرنسا ب 10 مليارات دولار. ونفهم حالة التخبط والقرارات الأمريكية المتضاربة، ففي الوقت الذي دعت فيه إلي الحرب علي داعش في سورياوالعراق، لاتؤيد الضربة الموجعة التي وجهتها مصر لداعش في ليبيا، لأن مصر لم تستأذن واشنطن قبل القيام بهذه العملية، ولأن هذه العملية هي دليل قطعي جديد علي أننا خرجنا من عباءة ماما أمريكا.
الموقف الآن ينذر بتوتر في العلاقات المصرية الأمريكية من جانب واشنطن التي طالما قالت إن علاقاتها مع مصر استراتيجية - وسيصب هذا التوتر في صالح داعش فأي انقسام في الدول التي تحاربه يزيده قوة. ولقد بدأت أمريكا عرقلة الحرب المصرية علي داعش عندما وقفت في مجلس الأمن ضد مشروع القرار المصري بتسليح الجيش الليبي. ولمن لايعرف فإن الضربة الجوية المصرية كانت بتنسيق كامل مع السلطات في ليبيا - الجيش والحكومة - وكانت بمباركة ليبيا حتي لايلوك البعض أكذوبة أن مصر انتهكت سيادة دولة، فجيش مصر الوطني، ليس كجنود أمريكا ورئيس مصر ليس كرئيس أمريكا. فنحن لم ولن نغزو بلدا كما فعلت أمريكا في العراق، ولن نفعل كما فعل الناتو في ليبيا وقتل القذافي، ولم نحرض صدام علي الاشتباك مع إيران ونعلن وقوفنا معه، ثم نبرم صفقات لأسلحة مع إيران، ولم نحرضه مرة أخري علي غزو الكويت ثم نقف مع قوة تحالف لتخرجه من الكويت ولننشر قواعدنا العسكرية بالمنطقة بحجة الحماية ومواجهة أي زعيم مجنون كصدام. وأتذكر وقت اندلاع الحرب الأمريكية علي العراق ليلة الخميس 20مارس عام 2003 وكنت في صالة تحرير «الأخبار» مع الأستاذين ياسر رزق رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم ورئيس تحرير الأخبار حاليا والأستاذ السيد النجار رئيس تحرير أخبار اليوم حاليا. وكان الأستاذ جلال دويدار رئيسا لتحرير «الأخبار» وقتها متعه الله بالصحة - وتم تغيير الجريدة بالكامل في الطبعة الثانية، واستخدمنا مصطلحين تفردت بهما جريدة الأخبار عن باقي الصحف وهما «غزو» العراق بدلا من الحرب علي العراق، «وقوات الاحتلال» بدلا من قوات التحالف كما قالت كل وسائل الإعلام.. وقد أثار هذان المصطلحان حفيظة السفارة الأمريكية بالقاهرة، واتصل مسئول من السفارة بالأستاذ جلال دويدار وأبدي استياءه وغضبه من استخدام لفظي «غزو» و«قوات الاحتلال»، وماكان من الأستاذ جلال إلا أن أصر علي الاستمرار فيما بدأته الأخبار وصار استخدامهما إلي يومنا هذا.
مصر ستتعرض لحرب من أمريكا، ولكنها لن تكون حربا عسكرية لأنها تعلم أن مصر عصية عليها وعلي غيرها، وجيشها ليس ككل الجيوش، لأن بينه وبين شعبه ارتباطا قويا، ومن ثم ستستخدم أمريكا كل نفوذها لعرقلة مسيرة مصر سواء التنموية أو في محاربتها للإرهاب، لأنها لا تريد النظام الحالي، وتقف مع الإخوان.. وألاعيب أمريكا معروفة ومحفوظة، فهي ستحرض دولا علينا أو تأمر دولا باستدعاء سفرائها كما فعلت دويلة قطر ونتمني أن يكون ذهابه بلا رجعة أو تطلق كلابها يعوون علينا، أو تستخدم الفيتو ضد قرار يصب في مصلحتنا، أو تعطل صفقة أسلحة ملتزمة بتسليمها لنا طبقا لاتفاقية السلام، وكل ذلك «مقدور» عليه ويمكن مواجهته دبلوماسيا، ولكن ما يقلقني هو الجبهة في الداخل. فمازال في الداخل من دأب علي نشر حالة الإحباط أو نشر أكاذيب عن الجيش أو عمليات لم تحدث، أو يسب الجيش وقادته، وظني أن ذلك أكبر خطرا وأكثر تأثيرا بالسلب علي حربنا ضد الإرهاب في الداخل والخارج، ويعرقل مسيرة التنمية الصعبة التي نسير فيها، ولذا أقترح إعلان أن مصر في حالة حرب وأن يتم معاقبة كل من يمس الجيش أو ينشر أو يذيع أخبارا كاذبة أو حتي أخبارا غير مصدق عليها من القوات المسلحة، وهذا معمول به في كل دول العالم أثناء الحرب. ولابد أن يطبق ذلك علي كل قناة فضائية أو موقع إخباري أو حتي من يكتب تغريدة علي تويتر أو بوست علي الفيس بوك، تلاحم الجبهة الداخلية، ووقوفها وراء الجيش والرئيس هو أقوي سلاح يمكن أن نواجه به الولاياتالمتحدة، بل والعالم كله. تحيا مصر، رغم أنف الحاقدين والكارهين والمتربصين، وكل من يريد ببلدنا شرا وعلي رأسهم الإخوان.