المعارض والمؤتمرات في مصر تتعرض لسلسلة من الفساد تسببت في ضعف إيرادات الهيئة وهروب أموال طائلة من خزانة الدولة، وقد بدأ سيناريو الفساد بقرار سرعة الهدم عام 2009 عندما وافقت محافظة القاهرة علي أعمال الهدم - دون الربط بين ذلك وبين البدء في تنفيذ المشروع - رغم تحفظات المحافظة علي المشروع من الناحية المرورية. مدير المؤتمرات هلال سليمان: أرض المعارض من المركز الثالث عالمياً إلي "خرابة" رئيس اللجنة النقابية للعاملين بالهيئة يحذر من خصخصة أرض المعارض مدير إدارة أمن المعلومات بالهيئة: قرار الهدم كان أجندة لاستكمال مخطط الخصخصة لصالح جمال مبارك ولم يتم طرح المشروع وقرار الهدم أيضاً علي جهات عامة أو مراكز بحثية، كما تكلفت الدولة 37 مليون جنيه علي أعمال تطوير الهيئة قبل قرار الهدم بعام واحد فقط. والأزمة الحقيقية أن هناك ملابسات مختلفة حدثت في عملية الهدم وكانت كلها تشير إلي تدخل أفراد من النظام الأسبق بطرح مسابقة عالمية للتطوير بدعوة 3 مكاتب أجنبية فقط وعدم دعوة المكاتب المصرية للمسابقة ووقتها أشيع أن المشروع يتحرك بأيادي علاء مبارك الذي وقف وراء الستار. وما يشير إلي ضلوع رجال نظام مبارك في محاولة الاستيلاء علي أرض المعارض بمدينة نصر (شرق القاهرة)، هو أنه لم يتم اتخاذ قرار بتطوير وبناء الأرض حتي الآن لكي تتحول إلي خرابة تدر دخلا للدولة بقيمة 55 مليون جنيه سنويا فقط بدلاً من 100 مليون كانت تحقققها قبل قرار الهدم. ولأن كل هذه المخالفات لا تحمتل الانتظار، لماذا لم يتم بناء الأرض حتي الآن؟ ومن هو المسئول عن قرار الهدم؟ هل سنسمع قريبا عن خصخصة أرض المعارض؟ وإلي من سيتم التخصيص؟ ومن المسئول عن خسارة مصر ملايين الجنيهات سنويا قيمة أرباح أرض المعارض؟ وأين مصر علي خريطة أرض المعارض العالمية والدولية؟ وهل يليق بدولة مثل مصر أن تقيم معارضها الكبري مثل "معرض القاهرة الدولي للكتاب" في خيام؟ وأخيرا لماذا صمتت الصحافة المصرية منذ عام 2011 حتي الآن عن تناول هذا الملف؟ "آخرساعة" تحاول الإجابة عن هذه التساؤلات وتكشف بالمستندات المسكوت عنه في أرض المعارض. تقدم العاملون بالهيئة المصرية للمعارض بطلب لرئيس الجمهورية لمساندتهم بالموافقة علي قيام الحكومة بالبدء في تنفيذ مشروع بناء صالات العرض بأرض المعارض، وتطوير أرض المعارض وفقا للدراسات والموافقات التي تم الحصول عليها. ونظرا لأهمية المشروع للاقتصاد القومي ولوضع مصر علي خريطة المعارض العالمية آخر ساعة حصلت علي مرفق كشوف توقيعات العاملين بالرقم القومي، المقدمة لرئاسة الجمهورية. هلال سليمان مدير المؤتمرات قال إن صناعة المعارض من أقوي الصناعات الموجودة في العالم، فقد كشفت جمعية المؤتمرات الدولية أن عدد المؤتمرات والمعارض التي يتم تنظيمها سنويا علي مستوي العالم حوالي 400 ألف مؤتمر ومعرض بإجمالي نفقات حوالي 280 بليون دولار أمريكي. أما الاتحاد الدولي للمعارض ufi فأشار إلي أن ناتج صناعة المعارض والمؤتمرات سنويا يصل إلي 1.16 بليون دولار أمريكي يشمل ذلك 400 بليون دولار أمريكي ناتج عن المؤتمرات و760 بليون دولار أمريكي ناتج عن المعارض. مضيفا: نحن في مصر ثالث أرض معارض علي مستوي العالم، وإذ فجأة وبدون مقدمات فوجئنا في عام 2009 بهدم كل شيء من حولنا وبدون أي تخطيط ودراسة سواء للهدم أو للبناء، مما أثر سلبا علي الاقتصاد المصري ككل. ويكشف محمد فتحي مدير عام الحسابات في أرض المعارض أنه من واقع المستندات، أن هناك خطابا من المحافظ عام 2009 يطالب بسرعة الهدم، وبعد اجتماع عصام شرف رئيس الوزراء الأسبق بتاريخ 4/9/2011 بإمكانية تنفيذ المشروع، وأيضا بالمستندات هناك قرار بالموافقة علي قرض من الصين لاستكمال أعمال البناء، إذن لماذا التأخير، فكل عام تأخير يمر علي تنفيذ المشروع يسبب خسائر فادحة وأيضا يثير الأمر شبهة التخلص من فكرة المعارض إذا استمرت إقامتها في الخيام المؤقتة.. وكيف نستمر في خيام ولا نملك قرار البناء برغم أن هذه أرض ملك الهيئة العامة لشئون المعارض والأسواق الدولية بعقد مسجل ومشهر بالشهر العقاري. ويمتلك عادل صلاح، مدير عام الشئون القانونية الكثير من التفاصيل حول عملية الهدم المشبوهة التي تعرضت لها أرض المعارض، ويقول: كنا نملك حوالي 15 صالة عرض، أنشئت منذ عام 1980، وبشهادة جميع أساتذة الهندسة في مصر فإن هذه الصالات تعتبر الهرم الرابع في مصر، لما تحمله من جمال إنشائي وفني، فوجئنا بأحد قيادات هيئة المعارض قام باستصدار بعض التراخيص لهدم هذه الصالات، وتم هدمها بالفعل بزعم أنه سيقوم بتطوير هذه الصالات وتجميلها علي غرار الصالات العالمية الموجودة في ألمانيا وانجلترا وسمي هذا المشروع (مدينة المعارض) أو كما أطلق عليه ب"كايرو إكسبو ستي"، بعد ذلك قامت أحداث ثورة 25 يناير 2011، طالبنا بعدها نحن وجميع العاملين بالهيئة بإعادة بناء الصالات علي ما كانت عليه سابقا، ولأننا نعتبر الجهة الوحيدة الرسمية علي مستوي الجمهورية التي تمثل مصر في جميع المحافل والمعارض الدولية داخل وخارج البلاد. يتابع: التقينا محمود عيسي وزير التجارة والصناعة وقتذاك وعرضنا عليه الموقف كاملا واستعدادنا التام للعمل بأي كيفية، فليست لدينا أي مطالب فئوية، وكل ما نحتاج إليه الدعم والمساندة فقط، فعرض علينا فكرة معرض «اشتري المصري» والجميع أعلن استعداده للمشاركة، وبالفعل قام بافتتاح المعرض بعد انقطاع دام سنتين بدون إقامة أي معارض - وكان بدعم 100% من الوزارة في استجابة عاجلة لنداء موظفي وعمال الهيئة. وبرغم كل ذلك للأسف، حتي الآن مازلنا أمام المطلب الوحيد وهو بناء أرض المعارض بأي كيفية، ولا نعرف حتي الآن سبب تعطل المشروع، هل وزارة التجارة أم رئيس الوزراء أم محافظ القاهرة، فإذا عرفنا سبب التوقف سنستطيع التحرك. ويؤكد عادل صلاح أن مصر عضو من أعضاء الجمعية الدولية للمعارض ولا يليق بها أن تستمر معارضها في خيام!، فالهدف الأساسي من صناعة المعارض هو تعريف دول العالم بالمنتج المصري وعمل رواج للصناعة المصرية حول العالم. يتدخل محمد علي أحد العاملين بالهيئة في الحديث ويقول: هذا مخطط للخصخصة فالهدف من وراء ترك أرض المعارض بدون بناء حتي الآن واستمرارها في خيام هو أن تخسر عاما وراء الآخر، حتي تصبح أرضا دون قيمة، فيجدون مبررا لبيعها وخصخصتها، لأن هذه الأرض ببساطة مطمع لكل رجال الأعمال. ويؤكد أحمد الخطيب، مدير إدارة أمن المعلومات لهيئة المعارض أن هذه أجندة لتنفيذ باقي مخطط الخصخصة، كان ينفذها رئيس مجلس الإدارة السابق لصالح جمال مبارك بأن يهد أرض المعارض ويطرد موظفيها ثم يسلمها "بيضة مقشرة" علي حد تعبيره لجمال مبارك. فيما يقول فتحي يوسف رئيس اللجنة النقابية للعاملين بالهيئة: نسأل رئيس الوزراء، لمصلحة من هدم صناعة المعارض في مصر؟ والسعي إلي نقل أرض المعارض إلي مدينة بدر لمصلحة من؟ ولماذا لا يتم البناء أولا ثم يتم الحديث عن النقل لاحقاً؟ ويضيف: الهيئة كانت تعمل بشكل جيد، كان لدينا 7 صالات تم دمج هيئة المعارض ومركز المؤتمرات وأخبرونا بأنهم سوف يبنون مدينة معارض كبيرة، أسعدنا هذا الخبر في البداية، وقامت الدولة بالفعل بتنظيم مسابقة عالمية لتقديم التصميمات المطلوبة، وفازت إحدي الشركات الأجنبية بالتصميم، وهذا يعد أكبر دليل علي موافقة الدولة علي البناء. وبالمستندات تمت الموافقة بعد ذلك علي قرض من الصين قيمته 200 مليون جنيه وتم رسو العطاء علي شركة صينية اشترطت أن تكون العمالة الأساسية من الصين، سعدنا بذلك أيضاً من منطلق أن هذا سيؤدي إلي تغيير وتطوير واجهة المكان بالكامل وإلي تحسين رواتب وأجور العاملين بالهيئة، وبعد ثورة يناير جاء إلينا حاتم صالح وزير التجارة والصناعة السابق وقال لنا: «إنتو قاعدين علي كوم دهب» ووعدنا باستكمال المشروع.، وأيضا القوات المسلحة قدمت عرضا لبناء الأرض في خلال ثلاث سنوات لكن توقف العرض بسبب عدم وجود تصاريح وموافقات حكومية بالبناء. ويضيف رئيس اللجنة،: فجأة أصبحت (الدنيا ضلمة) والمشروع انتهي إلي زوال، ولأنه لاتوجد سياسة ثابتة للوزارات الحكومية، وكل وزارة تأتي برأي مخالف عن الوزارة التي تسبقها فوجئنا بتصريحات وزير التجارة والصناعة العام الماضي - التي أثارت غضب العاملين - بأن الأرض تم تسعيرها بمبلغ 30 إلي 40 مليار جنيه، وهذا يعتبر عائقا كبيرا أمام تنفيذ مشروع مخصص له 20 إلي 30 مليون جنيه حسب عرض مصري تقدمت به إحدي الجهات وهذا يعد دليلا علي نية الحكومة في أن تصبح الأرض استثمارية وليست أرض معارض وعودة صريحة لنظام الخصخصة! كما أعلن الوزير وقتها أن هناك «فكرة» لنقل أرض المعارض إلي مدينة بدر ضمن مشروع القاهرة الجديدة عام 2050 وهذا دليل أيضا علي عدم خبرة الحكومة بصناعة المعارض فإذا كانت لديها الخبرة لكانت أدركت أن معرض القاهرة الدولي يحقق وحده 40 مليون جنيه خلال 15 يوما فقط، أي أن المشروع سيغطي تكلفته من معرض أو معرضين علي الأكثر، ولكانت أدركت أيضا أن قيمة أرباح أرض المعارض 100 مليون جنيه سنويا وأنها تعد من أهم مصادر الدخل القومي وبالتالي كانت ستعرف الحكومة حجم الخسائر التي تمني بها خزانة الدولة نتيجة العرض في (خيام)، فسعر الصالة المغطاة يختلف كثيرا عن سعر المكشوفة، ونوعية العارض أيضا تختلف كثيرا فمنذ قرار الهدم خسرت مصر العارضين القادمين من جميع الدول الأوروبية وأمريكا وغيرها ولم يتبق لنا سوي بعض الدول العربية. يتابع: أما فيما يتعلق بتخصيص أرض بدر (المزعومة) لبناء مدينة المعارض فهذا وهم كبير، فكل فترة نسمع عن تخصيص أرض.. مرة في طريق العين السخنة ومرة في طريق القطامية ومرة أخري في أرض بدر والدليل علي أن ذلك وهم حتي الآن لم نجد لجنة رسمية تستلم هذه الأرض علي غرار ما حدث في الثمانينات عندما تم نقل الهيئة من الأوبرا إلي مدينة نصر، كما أنه لاتوجد أراض تصلح هناك لأن مصانع الجلود أخذت معظم الأراضي الموجودة هناك، ولا توجد أرض سوي في القادسية. وفي النهاية كل ما نطالب به هو بناء أرض الهيئة بناء علي الموافقات السابقة لرؤساء الوزراء السابقين، وإذا كان هناك نية للنقل فيجب تحديد المكان ثم استلامه وبناؤه أولا وبعد ذلك يتحدثون عن النقل إذا أرادوا. ولأن الأرض هدمت بقرار سيادي فلابد من قرار سيادي حتي تعود مرة أخري. في حين تقول شريفة حسين، باحثة في هيئة المعارض: منذ سنوات تتحدث الحكومة عن إنشاء مدينة معارض عالمية، تضم صالات عرض، وقاعات مؤتمرات وفنادق خمس نجوم وخدمات مساندة، وحصلنا بالفعل علي موافقات من مجلس الوزراء، ورئاسة الجمهورية وافقت علي الحصول علي قرض من الصين بقيمة 200 مليون جنيه وتم عمل الاتفاقية الإطارية من مجلسي الشعب والشوري والمشروع حصل علي موافقات، ورئاسة الوزراء وافقت بشرط التنسيق مع المحافظ، والمحافظ وافق علي قرار الهدم بتاريخ 25/1/2009 لاستصدار تراخيص البناء. تضيف: بعد ثورة يناير فوجئنا أن محافظ القاهرة تراجع عن قراره وقال إنه غير موافق وأنه وافق تحت ضغوط وتم وقف الهدم ولكن للأسف بعد هدم أكثر من 90% من الصالات.. تم عرض المشروع مرة أخري علي مجلس الوزراء الأسبق في عهد عصام شرف لإعادة البناء بنفس مسطحات المباني وتقديم تعديلات علي الدراسات المرورية ودراسة الجدوي. من جانبه، يقول عبدالقادر حمدي، مدير حسابات في هيئة أرض المعارض: قبل قرار دمج مركز المؤتمرات إلي أرض المعارض كشف أول تقرير ميزانية للمركز صدر في 2008/6/30 وقوع خسائر بقيمة 247 مليون جنيه قيمة قرض بنك الاستثمار، أما هيئة المعارض فحققت فائضا في نفس العام بقيمة 13 مليون جنيه، أما بعد قرار الدمج تم عمل تسوية للميزانية فوقعت خسائر بقيمة 14مليون جنيه في رأس المال.. لصالح من هذه الخسائر؟ ومن المستفيد الحقيقي من قرار الدمج؟ فأرض المعارض لم تخسر أبدا وحتي اليوم وبرغم أنها أرض (خرابة) وبدون صالات فهي تدر دخلا سنويا 55 مليون جنيه، فكيف لهيئة تحقق فائضا في الأرباح كل عام أن تصبح هيئة تحقق عجزا. أما محمد صلاح عامل في رقابة المخزون يقول: الهيئة تكلفت أموالا باهظة - لتصميمات ورسومات شركة "زاهي حديد" حيث أعلن وقتها الرئيس الأسبق حسني مبارك أننا لم نتكلف شيئا وأن المستثمرين هم الذين سيدفعون جميع التكاليف، ومن هنا أتساءل لماذا لم تنفذ هذه المشروعات ومن سيحاسب عن إهدار هذا المال؟!.