يقام الحفل ال72 لتوزيع جوائز الأوسكار، فجر الاثنين 12 يناير، وللأسف ظروف طبع المجلة تحتم، تسليم المقال صباح الأحد كحد أقصي، وطبعا في هذه الحالة، سوف أضطر لعمل توقعات عن الجوائز، من واقع مشاهدة الأفلام المرشحة، والقياس بما حدث في المسابقات الأخري التي سبقت إعلان جوائز الجولدن جلوب، مثل الHFA هوليوود فيلم أوارد، وجائزة رابطة المنتجين والممثلين والنقاد و"بيردمان".. لأفضل فيلم كوميدي أو موسيقي فيلم «صائد الثعالب» مرشح لأفضل ممثل وأفضل ممثل مساعد فيلم «ويب لاش» مرشح أحسن ممثل مساعد وسوف تجد هناك اتجاها أو فلنقل ذوقا عاما، يطغي علي الترشيحات ومن ثم الجوائز، لأن الأفلام الجيدة لاتزيد في العام، عن عشرين فيلماً، يتم الاختيار بينها، وطبعا هناك مساحة ولكن ضعيفة لحدوث مفاجآت، ويقفز فيلم لم يكن في الحسبان، ليحصد الجوائز مثلما حدث مع مليونير العشوائيات، والفنان. وتنقسم جوائز الجولدن جلوب إلي عدة أقسام بعضها لأهم المسلسلات القصيرة والطويلة، أو للأفلام المنتجة خصيصا للعرض التليفزيوني، أما أفلام السينما فيتم تصنيفها إلي أفلام دراما، وأفلام كوميدية أو موسيقية، وهو في الحقيقة تقسيم متعسف جدا، لاتجده في جوائز الأوسكار، مثلا تجد الفيلم الرائع بيردمان، يتم تصنيفه ضمن أفلام الكوميديا، رغم أنه حالة إنسانية شديدة التعقيد، لايمكن اعتبارها كوميديا بأي حال، حتي لو تخللتها بعض اللمحات الساخرة، ولكن ربما يكون المقصود من هذا التصنيف إعطاء فرص أكثر للفوز لصناع الأفلام! ومن الترشيحات لأفضل فيلم دراما، يقفز فيلم "لعبة المحاكاة" THE IMITATION GAME ليتصدر القائمة ويسحب كل الجوائز السابقة، وأظنه سوف ينال الجولدن جلوب أيضا، رغم أني أري في فيلم فوكس كاتشر، أو صائد الثعالب إبداعا سينمائيا، أكثر وضوحا، وروعة، وبالمناسبة كل من الفيلمين مأخوذ عن قصة واقعية، أما لعبة المحاكاة فهو يروي فصولا من حياة، عالم الرياضيات "آلان تيرينج" الذي تمكن في الحرب العالمية الثانية، من إنقاذ حياة ملايين البشر، بعد أن تمكن هو وفريق من المساعدين من فك شفرة، كان يستخدمها جيوش النازي، ورغم هذا الإنجاز العلمي الخطير، إلا أن دور هذا العالم ظل مجهولا، ومخفيا باعتباره من الأسرار الخطيرة التي لايعلن عنها قبل مضي خمسين عاماً، والغريب أنه لاقي اضطهادا، وتعسفا من ذويه، بدلا من التكريم، حيث تم اتهامه بالمثلية الجنسية، التي كانت تستلزم العقاب والحبس في سنوات الأربعينيات، وكان يعتبرها المجتمع الإنجليزي المتحفظ، جريمة لابد أن يعاقب مرتكبها مهما كان شأنه، وإنجازاته العلمية أو الأدبية، وقد ظل آلان تيرينج يعالج بالهرمونات، كمحاولة لقتل ميله تجاه نفس الجنس، مما أصابه بحالات حادة من الاكتئاب انتهت بانتحاره!! وقد قامت ملكة بريطانيا الحالية، برد الاعتبار له، ومنح اسمه أرفع الأوسمة، ولكن بعد انتحاره بقرابة خمسين عاما، ومن المتوقع أيضا، أن يفوز الممثل البريطاني" بينديكيت كمبير باتش" بجائزة أفضل ممثل عن تجسيده لشخصية آلان تيرينج" في لعبة المحاكاة، وأن تفوز كيرا نايلتللي بجائزة أفضل ممثلة مساعدة، عن نفس الفيلم، وإن كنت أفضل بالطبع أن تفوز هيلين ميرين بجائزة أفضل ممثلة مساعدة عن دورها الرائع في رحلة المائة قدم، وأن يفوز بجائزة أفضل ممثل في فيلم دراما ستيف كاريل، عن دوره في صائد الثعالب لأنه يقدم أداء خطيرا لم يتوقعة أحد من ممثل اشتهر بأدواره الكوميدية الساخرة، فإذا به يلعب شخصية ملياردير سيكوباتي، بارد القلب والمشاعر، يحاول شراء ولاء الناس ومواهبهم، لإفساد حياتهم، واللعب بمقدراتهم، وينتهي به الأمر بارتكاب جريمة شنعاء، أدت إلي مقتل إنسان مسالم لمجرد أنه صاحب موهبة وإرادة!! أما جائزة أفضل فيلم كوميدي أو موسيقي، فظني أنها لن تخرج عن فيلم "بيردمان" بأي حال، فهو من أهم ماقدمته السينما العالمية هذا العام، وفيه تتجلي عبقرية المخرج "اليخاندرو جونزاليز أنيريتو" وبالطبع يستحق مايكل كيتون جائزة أفضل ممثل عن فيلم كوميدي أو موسيقي، ولا أري أيا من منافسيه قد وصل إلي هذه الدرجة من الإبداع، ورغم أن دور الممثل النمساوي كريستوفر والتز في فيلم العيون الكبيرة، من الأدوار الملفتة هذا العام، إلا أنه يلعب بنفس أدواته، التي تابعناها في أفلامه السابقة، ونفس القول ينطبق علي "بيل موراي"، ولكنه لاينطبق بأي حال علي رالف فينيس الذي كان مفاجأة بكل المعايير في فيلم فندق بودابست العظيم، غير أن مقارنته بمايكل كيتون تجعل أي لجنة تحكيم تميل للأخير لأسباب كثيرة، منها طبيعة الشخصية التي قدمها، وهي تحمل عدة متناقضات، ومستويات من الأداء، وجائزة أفضل ممثلة تستحقها "روزموند بايك" عن الفتاة المختفية، ولكن يبدو أن الاتجاه إلي منحها إلي جوليان مور عن دورها في "اليس لاتزال هنا"، أما جائزة أفضل ممثل مساعد فأري أن لا أحد غيره يستحقها فعلا، وأقصد "جي.ك.سيمون" عن فيلم "ويبلاش"حيث قدم شخصية قائد فرقة موسيقية، بغيض وكريه وقاسي القلب وحازم وحاسم بلا رحمة مع تلاميذه لدرجة أنه أدي إلي انتحار أحدهم من كثرة الإحباط، تحمل عيناه قدرا من القسوة، ولكن يمكن أن تلمح بهما بعض الحب، فهو يحاول أن يستخرج من تلاميذه الموهوبين، أقصي مالديهم وكأنه يصهر فحما في النار ليمنحه الماس، ولكن ليس كل موهوب لديه القدرة علي احتمال كل هذه الأوجاع والاختبارات النفسية المعقدة، فمعظمهم يتساقط في الطريق، ويتراجع، إلا هذا الفتي لاعب الدرامز، الذي يعانده ويتحداه ويجبره علي الاعتراف بموهبته، بعد أن كاد يصل لمرحلة الجنون أو الانتحار! ورغم هذا، لا أستبعد أن يحصل مارك رافوللو علي جائزة أفضل ممثل مساعد، عن دوره في صائد الثعالب وفي هذه الحالة لن أصاب بالإحباط، فهو أيضا قد أدي دورا شديد الأهمية، وإن كان يقل خطورة وتأثيرا عن "ج.ك.سيمون"! أما جائزة أفضل مخرج فيستحقها "اليخاندرو جونزاليز إناريتو" عن فيلم بيردمان، جائزة أفضل فيلم أجنبي "غير ناطق بالإنجليزية" يستحقها فيلم حقول اليوسفي، وهو إنتاج جورجيا، ولكن المؤشرات والنوايا تتجة إلي فيلم "إيدا"وهو إنتاج بولندي، عن راهبة شابة، تكتشف أنها من أصول يهودية، وتدعوها خالتها، لتقضي معها بعض الوقت، لتخبرها عما حدث لوالديها أثناء الحرب العالمية الثانية، في محارق النازية، ولكن الفتاة رغم أنها عاشت تجربة حب سريعة، تقرر أن تعود للدير مرة أخري! الغريب في الأمر هو تجاهل الفيلم التركي بيات شتوي الحاصل علي السعفة الذهبية من مهرجان كان، والفيلم الفرنسي البلجيكي "يومان وليلة" للإخوان داردين! وأعتقد أنهما سوف يظهران في ترشيحات الأوسكار التي سوف يعلن عنها بعد أيام قليلة.