داليا زيادة استقالة مفاجئة تقدمت بها إحدي أبرز الناشطات الحقوقيات في مصر، داليا زيادة، لتفُجر أزمة كبيرة داخل أحد أقدم وأكبر مركز حقوقي في مصر والشرق الأوسط، مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، الذي يرأس مجلس أمنائه، الدكتور سعدالدين إبراهيم. سنوات طويلة، قضتها زيادة داخل المركز، انتهت بتوليها منصب المدير التنفيذي لابن خلدون في أبريل 2012، واستمرت فيه حتي إعلان استقالتها رسمياً بعد مرور ما يقرب من 3 سنوات. ارتباط داليا زيادة بمركز ابن خلدون، والدكتور سعدالدين إبراهيم تحديداً، كان لصيقاً، فهو بالنسبة لها كان الأستاذ، تعلمت في محرابه أصول الدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان، أما هو فكان يراها التلميذة المجتهدة التي تفوقت علي أستاذها في كثير من الأحيان، حتي حانت لحظة الاختلاف لتعلن معها زيادة الفراق إلي الأبد، هي تري أن المركز ضل طريقه ويسير خلف الأستاذ بمبدأ المعارضة من أجل المعارضة دون الالتفات لمصلحة الوطن، أما هو فيري أن التلميذة هي من ضلت الطريق وتسعي للحاق بركب المؤيدين للدولة والقفز من سفينة النضال الوطني. «يفخر مركز ابن خلدون للدراسات الديمقراطية، بأن مُديرته الناشطة الحسناء، داليا زيادة، كانت ضمن الوفد الأهلي الذي يدافع عن الحكومة المصرية في مؤتمر جنيف لحقوق الإنسان»، تلك كانت الكلمات الأخيرة، التي وجهها الأستاذ إلي تلميذته، في مقال الأزمة يوم الجمعة الماضية، لتنقلب العلاقة بينهما رأساً علي عقب، وتكون النقطة الفاصلة في علاقتهما الطويلة. «آخرساعة» أدارت تلك المواجهة بين التلميذة والأستاذ، لتكشف أسرار الانفصال وأسبابه. لماذا أعلنت استقالتك من مركز ابن خلدون؟ - لا أخفي عليك، أنني كنت أفكر في تقديم استقالتي منذ فترة، غير أن المقالة التي كتبها الدكتور سعدالدين إبراهيم، مؤخراً وذكرني فيها كانت هي السبب الرئيسي والأهم، وكانت القشة التي قصمت ظهر البعير، فالمقالة كانت تبدو في إطارها الخارجي، وكأنها كلام إيجابي، وفي حقيقة الأمر أن فحواها تتهمني بأنني أجامل و"أطبل" للنظام سواء كان ظالماً أو مظلوماً، والحقيقي أن هذا الأمر غير صحيح، وليس حقيقياً، فما فعلناه في جنيف خلال جلسة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، كان هدفه نقل الصورة السليمة لما يحدث في مصر، والتأكيد علي أن 30 يونيو كانت ثورة، وليست انقلاباً، والرد علي مزاعم الإخوان ضد مصر في الخارج، وتوضيح مساوئ فترة حكمهم للبلاد، وما اقترفوه من جرائم ضد المصريين، بما يجعل عودتهم للحياة السياسية مستحيلة. إذن، أنت ترفضين إعادة دمج الإخوان سياسياً، في الوقت الذي يتبني فيه الدكتور سعدالدين إبراهيم فكرة المصالحة مع الجماعة؟ - الحقيقة، أن ذلك كان سبباً آخر لتقديم استقالتي، فحديث الدكتور سعدالدين إبراهيم الدائم عن ضرورة احتواء الإخوان المسلمين، ومحاولة إعادة إدماجهم في الحياة السياسية من جديد، والمصالحة، وانتقاده المستمر لطريقة تعامل الدولة معهم في الوقت الحالي، كانت تسبب لي أزمة داخلية، وكنت دائماً اصطدم معه في هذا التوجه. ذكرت في أسباب استقالتك أن الدور الذي يتخذه المركز الآن ليس هو المطلوب، فما الدور المطلوب للمركز من وجهة نظرك؟ - الدور المطلوب من مركز ابن خلدون، وسائر الجمعيات الحقوقية الموجودة هو الوقوف بجانب مصر وتغليب إرادة الشعب التي اختارت التخلص من حكم الفاشية الإسلامية، وكان يجب أن يكون دورنا جزءا من الحل وليس جزءا من المشكلة، والحقيقة أنني طوال فترة توليتي لمنصب المدير التنفيذي لمركز ابن خلدون، لمدة ثلاث سنوات، بذلت أنا وفريق العمل مجهودا خرافيا لاستعادة دور المركز، وأهميته علي الساحتين المحلية والدولية، ونجحنا في ذلك بالفعل، في وقت قياسي، وجعلنا من المركز منبرا ينصر اسم مصر، وقضيتها في واحدة من أصعب المراحل التي تمر بها في تاريخها، بعد أن كان لسنوات طويلة علي يد من سبقوني "شوكة" تطعن في ظهر الوطن، واعتمدنا منذ يوم توليت الإدارة، سياسة مفادها أن دورنا كمركز بحثي هو مساعدة صناع القرار علي اتخاذ القرارات السليمة، وأن منهاج المعارضة، والتصادم الذي لطالما تبناها المركز هو مهمة الأحزاب السياسية، ولن يخدم مصلحة أحد سوي أعداء الوطن، ولكن للأسف الآن يبدو أن هناك إصراراً من مؤسس المركز، ورئيس مجلس الأمناء، الدكتور سعدالدين إبراهيم، علي مخالفة هذا التوجه، والعودة لدور "الشوكة" بدعوي أن المجتمع المدني والحكومة "ندان" وليسا "مكملين" لبعضهما، وتمثل ذلك في مهاجمته أكثر من مرة لدولة 3 يوليو، وشخص الرئيس السيسي نفسه، في مقالاته وحواراته التليفزيونية. حديثك يدل علي أنك كنت ترين سياسات خاطئة وتتكتمين عليها؟ - مطلقاً ففترة عملي بالمركز اتسمت بالحيادية، ودعم الدولة، ولم يكن بها أي مخالفات باستثناء الفترة الأخيرة التي بدأت تشهد ضغوطاً من قبل المانحين لتغيير وجهة المركز ليصبح داعماً للإخوان و"شوكة" في ظهر الدولة. بصراحة، هل هناك أسباب شخصية وراء الاستقالة؟ - نهائياً، هذا الكلام مزايدات رخيصة أرفضها. اختلافي مع الدكتور سعد الدين إبراهيم اختلاف في التوجهات والفكر ليس أكثر من ذلك، وأكشف لك أنني ومعي عدد من الزملاء، اختلفنا أكثر من مرة، ورفضنا بعض مواقف الدكتور سعدالدين إبراهيم، وكما ذكرت أنا كنت أفكر في خطوة الاستقالة منذ فترة، وأؤكد مجدداً أنها جاءت لاختلاف التوجهات الفكرية، وخاصة تأييد الدكتور سعد لفكرة التصالح مع جماعة الإخوان الإرهابية، ورفضه تبني المركز لحملة إدراج جماعة الإخوان كتنظيم إرهابي عقب عودته من قطر. وهل تقدم غيرك من زملائك بالمركز باستقالته؟ - هناك 8 أعضاء بالمركز تقدموا باستقالاتهم تضامناً معي، ومع الدولة المصرية في حربها علي الإرهاب. هل تؤيدين المطالب التي يتبناها البعض لإغلاق مركز ابن خلدون؟ - إذا ثبتت مخالفة المركز للقانون، فأنا مع قرار إغلاقه، كما أنني أطالب بإغلاقه إذا ثبت دعمه لجماعة الإخوان "الإرهابية"، أو تلقيه دعما من دولة قطر الممولة للإخوان والداعمة لها، وتأوي قياداتها الهاربين من مصر. ما خططك المستقبلية بعد استقالتك نهائياً من المركز؟ - أنوي تأسيس مركز حقوقي جديد، ولن يكون له أي تمويل أجنبي.