ما الذي يحدث لنا عندما نمشي نحن الرجال خطواتنا الأخيرة قبل أن يسلم الواحد فينا »ابنته« فلذة كبده إلي رجل آخر ولو كنا نعرفه تمام المعرفة ونثق فيه كل الثقة ونعرف أن ابنتنا تحبه؟!.. ما الذي يحدث تنحشر الكلمات فلا نستطيع أن نخرجها أو نرسلها وكأنها لحظة فراق دائم لا أعرف.. أنا أحسست بهذه اللحظات القاسية عندما كان المأذون يطلب مني أن أردد بعده: زوجتك ابنتي وأنا أنظر إلي هذا الجالس علي الناحية الأخري ليلتقط الكلمة ويقول: وأنا قبلت زواجها! كل هذا الإحساس انتابني مرة أخري وأنا قابع في مكاني بين أكثر من ألف مدعو يشاهدون العروس »سلمي أسامة النجار« تظهر متأبطة ذراع والدها.. وتشق كلمات الدعاء التي انبعثت في جوف الليل الهادئ الوقور المضيء بكل ألوان الرجاء والدعاء أن يوفق الله العروسين »سلمي وعمر«. الأنظار كلها تتجه إلي أعلي درجات السلم في المكان الذي ظهر فيه أسامة النجار وابنته سلمي.. ثم راحت الأضواء تهبط قليلا إلي أولي درجات السلم حيث ظهر عمر شيرين النجار الذي وقف مكانه وكأنه ينتظر الإذن بالصعود. وأري ذراع أسامة النجار والد العروس وكأنه يتشبث أكثر وأكثر بذراع ابنته والعريس يصعد الدرجات حتي وصل إليه، فراح يفك ذراعه ولكن ليلتف حولها حول ابنته الحبيبة فيحتضنها يأخذها كلها بين ذراعيه ليقترب قلبه من قلبها، ووجهه من وجهها وخده من خدها ليبللها بدموعه التي كانت للحظات باقية في عينيه .. وهنا وفي هذه اللحظات كان عمر شيرين النجار يقف أمامه يمد يده وكأنه يعاهده أن يحافظ علي ابنته وأن يرعاها ماطالت الأيام ولا يملك والد العروس إلا أن يأخذه في حضنه يقبله. كانت هذه صورة حقيقية لما أحسست به ورأيته وعشته في ليلة عرس جميل جمع بين سلمي أسامة النجار وعمر شيرين النجار عند مشارف مصر الجديدة!