محافظ المنوفية: النزول بدرجات القبول ببعض مدارس التعليم الفني للتدريب والتعليم المزدوج    سعر الفضة اليوم الخميس 21 أغسطس 2025.. بكم جرام الإيطالي الآن؟    العربي: مشاركة مصر في "تيكاد 9" تعزز التعاون الأفريقي – الياباني    وزير التعليم: التعاون المصري الياباني يمثل نموذجًا متميزًا في تطوير العملية التعليمية    روسيا تقول إن أوكرانيا غير مهتمة بسلام "عادل ومستدام"    وزير الأوقاف يدين الهجوم على مسجد في نيجيريا ويدعو "للتصدي لفكر التطرف والإرهاب"    غارة إسرائيلية استهدفت بلدة دير سريان جنوبي لبنان    وسائل إعلام إسرائيلية: أنباء أولية عن عملية عند حاجز عسكري قرب مدينة الخليل    «بعد تصديق الرئيس السيسي».. تفاصيل تعديلات قانون الرياضة الجديد 2025    محافظ بني سويف يهنئ الشباب والرياضة بفوز "سُندُس" لاعبة منتخب رفع الأثقال ب 6 ميداليات "ذهب وفضة" في البطولة الأفريقية بغانا    رغم مطالبات أموريم.. مانشستر يونايتد يرفض ضم إيميليانو مارتينيز    انتظام امتحانات الدور الثاني للثانوية العامة في الغربية لليوم السادس بمشاركة 6913 طالبًا    ضبط 4 أشخاص لترويجهم المواد المخدرة بالقاهرة    موعد إجازة المولد النبوي الشريف.. عطلة رسمية للمصريين    تصادم مروع على طريق الإسكندرية – مطروح يسفر عن اشتعال وتفحم 4 سيارات و20 إصابة    استخراج 4 قطع أثرية غارقة من ميناء أبو قير بالإسكندرية    وكيل وزارة الصحة تُفاجئ وحدة طب أسرة الشهيد خيري وتحيل المقصرين للتحقيق    ندوة حول التأمين الصحي الشامل وتطوير الخدمات للمواطنين في بورسعيد    بين الخيانة ورسائل الكراهية.. خلاف ألبانيز ونتنياهو يتحول ل"إهانات شخصية"    وزير الإسكان يعلن الانتهاء من إجراء القرعتين 17 و18 للمواطنين الذين تم توفيق أوضاعهم بالعبور الجديدة    صعود مؤشرات البورصة هامشيا بمستهل تعاملات جلسة نهاية الأسبوع    خلال 24 ساعة.. ضبط (385) قضية مخدرات وتنفيذ (84) ألف حكم قضائي    «الكنيسة القبطية الأرثوذكسية»: الأعياد مناسبة لمراجعة النفس والتقرب إلى الله    رفضه لجائزة ملتقى الرواية 2003 أظهر انقسامًا حادًا بين المثقفين والكتَّاب |السنوات الأولى فى حياة الأورفيلى المحتج    كريم محمود عبدالعزيز يفاجئ زوجته بعد الخلافات.. بهذه الطريقة    تكريم المخرجة والكاتبة الإسبانية مرسيدس أورتيغا في مهرجان الإسكندرية السينمائي المقبل    دار الإفتاء: سب الصحابة حرام ومن كبائر الذنوب وأفحش المحرمات    ريبيرو يمنح لاعبي الأهلي راحة سلبية ويستكشف المحلة    من حريق الأقصى إلى مواقع غزة.. التراث الفلسطيني تحت نيران الاحتلال    الإدارة العامة للمرور: ضبط (107) آلاف مخالفة خلال 24 ساعة    هندسة بنها تحصد المركز الأول على مستوى الجمهورية في مسابقة "صنع في مصر"    هل يوجد زكاة على القرض من البنك؟.. أمين الفتوى يجيب    ضم أعضاء جهات صحية حكومية لصندوق التعويض عن مخاطر المهن الطبية    رئيس الوزراء يصدر قرارًا بإسقاط الجنسية المصرية عن شخصين    3 وكلاء جدد بكلية الزراعة جامعة عين شمس    إجازة المولد النبوى .. 3 أيام متتالية للموظفين    وزير الصحة يتفقد المخازن الاستراتيجية للمنتجات والأجهزة الطبية بالعاصمة الإدارية    تشمل 21 مستشفى.. تعرف على خطة "الصحة" للتوسع في خدمات زراعة الأسنان    هل يجوز سؤال الوالدين عن رضاهم عنا؟.. أمين الفتوى يجيب    ضربها بملة السرير.. زوج يقتل زوجته إثر مشادة كلامية بسوهاج    كامل الوزير يتفقد المجمع المتكامل لإدارة المخلفات بالعاشر من رمضان    وزير الري: استبعاد المحصلين غير القادرين على تحقيق المعدلات المطلوبة    وصول قيادات الجامعات لافتتاح معرض التعليم العالي بمكتبة الإسكندرية |صور    وزيرة التنمية المحلية تتابع مع محافظ أسوان الموقف التنفيذي لمشروعات الخطة الاستثمارية    القاهرة الإخبارية: مصر ترسل قافلة المساعدات الإنسانية العشرين إلى قطاع غزة    رئيس هيئة الاعتماد والرقابة الصحية يتفقد مستشفى رأس التين العام ووحدة طب أسرة الجمرك    دعاء الفجر| اللهم اجعل هذا الفجر فرجًا لكل صابر وشفاءً لكل مريض    أذكار الصباح اليوم الخميس.. حصن يومك بالذكر والدعاء    نجم الأهلي السابق: عمر الساعي كان «ضحية» كولر.. وأتمنى انضمامه للمنتخب    توقعات الأبراج حظك اليوم الخميس 21-8-2025.. «الثور» أمام أرباح تتجاوز التوقعات    «ظهر من أول لمسة.. وعنده ثقة في نفسه».. علاء ميهوب يشيد بنجم الزمالك    "تجارة أعضاء وتشريح جثة وأدلة طبية".. القصة الكاملة وآخر مستجدات قضية اللاعب إبراهيم شيكا    بعد التحقيق معها.. "المهن التمثيلية" تحيل بدرية طلبة لمجلس تأديب    بعد معاناة مع السرطان.. وفاة القاضي الأمريكي "الرحيم" فرانك كابريو    ليلة فنية رائعة فى مهرجان القلعة للموسيقى والغناء.. النجم إيهاب توفيق يستحضر ذكريات قصص الحب وحكايات الشباب.. فرقة رسائل كنعان الفلسطينية تحمل عطور أشجار الزيتون.. وعلم فلسطين يرفرف فى سماء المهرجان.. صور    الإسماعيلي يتقدم باحتجاج رسمى ضد طاقم تحكيم لقاء الاتحاد السكندرى    الجنائية الدولية: العقوبات الأمريكية هجوم صارخ على استقلالنا    شراكة جديدة بين "المتحدة" و"تيك توك" لتعزيز الحضور الإعلامي وتوسيع نطاق الانتشار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الداخل مفقود والخارج مولود ..
الحضانات الشعبية .. زهور في مهب الريح
نشر في آخر ساعة يوم 03 - 06 - 2014

آباء وأمهات.. وضعتهم ظروفهم القاسية في قفص الاتهام دون جريمة اقترفوها، تركوا أبناءهم فريسة سهلة، وصيدا ثمينا بين أيدي من لا يرحم، لذة الحصول علي المال أنست هؤلاء "الشياطين" كافة معاني الرحمة والرفق بالأطفال، أغفلوا أنهم ملائكة لا يدرون أو يفهمون شيئاً، أصبح جمع المال هدفهم الوحيد حتي ولو علي جثث أطفال غيرهم ممن أودعوهم لديهم "أمانة" في "دور الحضانة".
"الحضانة".. ذلك الملاذ الآمن الذي يمكنك أن تترك فيه أطفالك، وأنت مطمئن العقل والقلب، لم يعد كذلك، فقد باتت "الحضانة" اسماً علي غير مسمي، ذلك واقع شاهدناه بأعيننا خلال جولتنا داخل بعض حضانات المناطق الشعبية، التي لا تمنح لطفلك إلا الإهمال والمرض والجهل وسوء المعاملة.
وداعاً تلك الصورة الذهنية التي يرسمها الجميع للحضانة بأنها ذلك المكان الذي يمنحك وطفلك الشعور بالراحة النفسية والأمان فور دخوله وسط مشاهد للهو الأطفال وبعضهم يلونون ويرسمون، وآخرون يلعبون ويغنون، ولكن بمجرد أن تخطو قدماك هذا المكان فعليك التخلي عن كل أحلامك وكل ما شاهدته من قبل فكل ما سبق "كلام أفلام"، ليس له واقع هنا في حضانات الشعب.
رائحة العفن تخرج من كل ركن بالمكان حيث القمامة والمجاري، في الشوارع المحيطة، تكدس الأطفال يجعل معظمهم واقفاً أو جالساً علي الأرض التي لا يكسوها شيئاً إلا التراب، ملابس الأطفال مهلهلة توحي بفقر المكان الذي يعيشون به (منطقة القلج)، وضيق حال أسرهم العاملة، وحالة من ترعاهم تجعلك تشفق عليها (دبلوم ولديها طفلان).
جريمة ترتكب علي مرأي ومسمع من الجميع دون أن يتدخل أحد، صاحب عقار يقرر فجأة أن يصبح مربيا ومعلما ويحول الدور الأرضي في منزله إلي حضانة كبيرة مساحتها 60 مترا تسع لأكثر من 30 طفلا وطفلة، أعمارهم تتراوح بين الشهور، وال4 سنوات، لا يقدم لهم داخل هذا الصرح العظيم إلا الأمراض والأوبئة وسوء التربية، لم يسمع القائمون علي هذا المكان عن الوجبات المتزامنة التي تقدم للأطفال، ولم يخطر لهم أن يعلموهم شيئاً إلا الألفاظ البذيئة، فمن المسموح لساكني الحضانة أن يخرجوا للتنزه نصف ساعة يومياً في "حوش البيت" وطبعاً تحت إشراف المربية -.
هذه الحالة ليست فردية وما شاهدناه في عدد من الحضانات بتلك المناطق " القلج، الخصوص، المرج" يؤكد للجميع أن من يترك ابنه في تلك الأماكن فعليه أن يتأكد أن ولده سيعود يوماً ما مكسوراً أو مخنوقاً أو مقتولاً.
أهل الثقة
"أمينة" - اسم علي مُسمي-، تعمل بإحدي حضانات المرج "دادة" وتقوم أحياناً بأعمال المربية وأحياناً أخري تشرح للأطفال وعندما يضيق الحال تقوم بالإشراف عليهم، هذه السيدة "بتاعة كله" حسبما قالت-: "أنا بفضل الله ماسكة الحضانة دي من سنة ومفيش أي حد اشتكي مني، أنا ساعات بأكل العيال وكمان بغيرلهم، وكمان ممكن أصحح لهم الواجب، ما أنا بعرف أقرا ومعايا الإعدادية".
واستطردت: "وكمان أهل المنطقة هنا عارفني كويس ولولا إني موجودة كانوا خدوا عيالهم من زمان، هما مستأمنني وكمان بيثقوا فيا، والحمد لله بيشوفوني بقرشين حلوين كل أول شهر لأن المرتب 800 جنيه وده يادوب بيكفيني".
"أمينة" حدثتنا عن مُعلمة الحضانة، التي رفضت الحديث إلينا، وقالت: "مس أسماء شغالة مدرسة ابتدائي، وفي الأجازة بتشتغل هنا وكمان بتدي دروس خصوصية لكل العيال واللي مش بياخد معاها بتستقصدوه وتضربه ولو الأم اشتكت تقولها أصل ابنك مستواه ضعيف ولازم أعلمه".
بيزنس أطفال
الواسطة والمحسوبية لم تترك مكاناً إلا وتخللته حتي دور رعاية الأطفال فالقائمون عليها يفرقون بين الأطفال وبعضهم، وكذلك المربيات، الأمر الذي جعلنا نتحدث لإحدي الأمهات التي أتت لأخذ ابنتها بعد انتهاء اليوم.
"أم سلمي"، تعمل بإحدي شركات الكهرباء قالت: "كنت أصطحب ابنتي معي للعمل يومياً خوفاً عليها من الحضانات خاصة، وأن المنطقة التي أسكن بها غير آمنة وخشيت عليها مما سيحدث لها بالحضانة ولكن وجدت أنها علي وشك دخول المدرسة ولا تعرف القراءة والكتابة ولم تتعلم شيئاً، فذهبت للحضانة وطلبت من المدرسة أن تأتي المنزل 3 أيام في الأسبوع ولكنها رفضت إلا بعد أن أتعاقد 3 أشهر مع الحضانة ومن ثم تستطيع القدوم للمنزل خوفاً من مالكها لأنه يتهمها باستقطاب أولياء الأمور".
أضافت، أن اشتراك الحضانة شهرياً 500 جنيه لمن تجاوز عمره السنتين ومعلمتها تأخذ 100 جنيه أسبوعياً.
خطورة الأمر لا تكمن في المال إطلاقاً، ولا في السياسة التعليمية والتربوية، لأن مصر تحتاج سنوات للخروج من تلك الأزمات، والكارثة التي تهدد أطفال الحضانات هي الإهمال الذي أودي بحياة كثيرين وأصاب بعضهم بإعاقة وأحياناً أمراض مزمنة.
ابني مات
مضت ثلاثة أشهر علي وضع طفلها الأول بعد زواج دام لأكثر من عامين ونصف حمدت الله علي نعمته وأنجزت ما بوسعها مع وليدها خلال الأشهر الأولي، وحان الوقت للعودة مجدداً لعملها فالأجازة لن تتعدي ال90 يوماً، اضطرت الأم المنهكة لترك ابنها "أ.ج" في حضانة بالقرب من منزلها بالحلمية، وشددت الأم علي القائمين هناك برعاية طفلها، وأوصتهم به خيراً لصغر سنه وأودعتهم حقيبته التي تحتوي علي غذائه وملبسه، ومضي خمسة أسابيع والأم تشعر بحالة من الارتياح رغم تركها طفلها، فهذه الدار تتمتع بخدمة فائقة فضلاً عن أنها تدفع 250 جنيها أسبوعياً.
مرت الأيام، وحدث ما لم تكن تتوقعه الأم، وصلت الحضانة متأخرة علي طفلها ساعة واحدة فوجدته جثة هامدة!!.
ابني مات ملحقتش افرح بيه، ولا اشوفه وهو بيكبر" هذه الكلمات فجرت دموع هناء والدة الطفل، وروت ما حدث بالتفصيل بعد اعتراف صاحبة الدار بالواقعة، وقالت: "اتصلت بمس مريم الساعة 3 العصر، وقلت لها إني هتأخر ساعة عن ميعاد قفل الحضانة لأن عندي مشوار مهم قالت لي مفيش مشكلة أنا هقعد مع الولد لحد ما توصلي، وفعلاً قعدت مع ابني لوحده في الحضانة وطبعاً مقعدتش فاضية كانت بتعمل الغداء لزوجها، وابني نايم في الصالة مش في غرفة الأطفال، سابته لوحده وطلعت شقتها الساعة دي، واتغدت، وخلصت، ونزلت فاكتشفت إن الغاز معبأ الشقة، معرفتش تتصرف، ولقت الولد مخنوق فتحت الشبابيك واستنتي ع الباب، وقالت لي ابنك يا دوب واخد الرضعة ونام متصحيهوش، وأنا بسذاجة أخدت الولد، واكتشفت إنه مات في البيت.
حالة هذا الطفل ليست الوحيدة، فهناك عشرات الأطفال يفقدون ضحية إهمال من يرعاهم ، وحالات الإصابة لا تقتصر علي الأطفال فقط، فما شاهدته "سماح" والدة الطفلة نغم جعلها تبرح معلمتها ضرباً وتكسر ذراعها، ففور وصولها للحضانة شاهدت الأم المربية وهي تأمر الأطفال جميعاً بالوقوف صفاً واحداً وتقوم بإطعام كل طفل ملعقة واحدة من الوجبة ومن يطلب واحدة أخري تنهره وتضربه، لم تشعر الأم بنفسها إلا بعد أن كسرت ذراع تلك المربية.
الرقابة.. مسئولية
رغم أن الحوادث التي تقع في الحضانات لا حصر لها ولا عدد، إلا أن المساواة بينهم ليست عادلة، فبعضها يعمل وفق القانون وكثير منها لا يلتزم، وهذا يرجع إلي ارتفاع عدد الحضانات خاصة في القاهرة مما يعوق الرقابة عليها.
حماية أطفالنا ضرورة وواجب علينا يجب ألا نغفله، هذا ما أكدته الدكتورة وفاء الجندي أستاذ علم الاجتماع ومدير مركز أمل للتأهيل التربوي، وشددت علي ضرورة إيجاد بيئة آمنة للأطفال قبل إسكانهم أي حضانة.
وقالت الجندي: "علينا الاهتمام بدور الأسرة وواجباتها تجاه الأطفال وفرض القوانين لمحاسبة الأسرة عند إخلالها بدورها في تربية أبنائها ورعايتهم لأنه في بعض الأحيان يقع اللوم عليهم وحدهم ".
وأكدت علي ضرورة بث برامج لتوعية الأسر بتربية الأطفال، وكذلك خضوع العاملين بدور الحضانة لاختبارات وتدريبات قبل البدء في التعامل مع الأطفال.
وفي السياق ذاته طالبت الدكتورة سامية خضر أستاذ علم الاجتماع، الوزارة بعدم إصدار تراخيص لأي حضانة إلا بعد التأكد من توافر الاشتراطات اللازمة سواء من الناحية الصحية أو الإمكانيات الفنية، مؤكدة أن الظروف الاقتصادية والاجتماعية السيئة التي فُرضت علي المواطن المصري وحدها تجعله يلجأ لمثل هذه الحضانات.
وأضافت: "لابد من مراجعة كافة تراخيص الحضانات علي مستوي الجمهورية خاصة وأن معظمها تقام بدون ترخيص".
وبعد تكرار حوادث الحضانات التي نسمع عنها بين حين وآخر، شكلت مؤخراً وزارة التضامن الاجتماعي، لجنة لسحب تراخيص إحدي حضانات بحي الهرم، التي تسبب الإهمال بها، في وفاة رضيع متأثرا بحروق في ذراعه ونصفه السفلي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.