علي طريقة "التاجر لما يفلس يبحث في دفاتره القديمة"..كرر وزير المالية هاني قدري نفس الخطأ الذي تقع فيه كل حكومة..وهو فرض ضرائب علي الأرباح الرأسمالية بالبورصة المصرية..وهي نفس المشكلة التي تطفو علي السطح كل فترة وتحدث أزمة بين أوساط المستثمرين بالبورصة المصرية سواء كانوا مستثمرين أجانب أو عربا أو مصريين.. فالبورصة- دائماً- هي محط أنظار المالية نظراً لحركة الأموال الساخنة الكبيرة فيها والتي تسعي الحكومة ممثلة في سياستها المالية إلي الاستفادة منها سواء في تمويل عجز الموازنة من خلال أدوات الدين العام أو من خلال فرض ضريبة لتحقيق الاستفادة المثلي منها.. وقد خسر رأس المال السوقي للبورصة خلال الأسبوع الأخير من أبريل واليوم الأول من الشهر الحالي ما قيمته 38 مليار جنيه منها 16 ملياراً الأحد الماضي ! وزير المالية هاني دميان حاول الدفاع عن قرار وزارته وأعضاء المجموعة الاقتصادية، قائلاً أن المجموعة الاقتصادية بحثت بعض ما أثير حول مشروع تعديلات قانون الضرائب، والذي يهدف إلي توسيع القاعدة الضريبية علي النحو الذي يساعد الدولة علي زيادة الإنفاق في البنود التي تساهم في رفع كفاءة الخدمات المقدمة للمواطنين وحماية حقوق البسطاء وتكريس العدالة الاجتماعية. وقالت المالية في بيانها، إن مشروع تعديلات قانون الضرائب الذي تعده الوزارة وتدرسه الحكومة حاليا، يتضمن إلغاء ضريبة الدمغة علي تعاملات البورصة المطبقة حاليا، وتطبيق ضريبة تبلغ 10% علي صافي الربح المتحقق فعليا علي المحفظة المالية في نهاية كل عام ، وذلك للأفراد أو الأشخاص الاعتبارية،كما تشمل التعديلات أيضا إقرار ضريبة علي التوزيعات النقدية للأسهم بسعر 10% علي أن تنخفض إلي 5% للمساهمين طويلي الأجل من ذوي حصص الملكية التي لا تقل عن 25% بصفتهم مساهمين إستراتيجيين، والمشروع يتضمن عدم إخضاع الأسهم المجانية التي توزعها الشركات المقيدة في البورصة علي مساهميها للضريبة علي التوزيعات.لأخيرة. إلا أن الأزمة عادت لتطفو علي السطح مجدداً، وتعود معها أصوات الاعتراض من قبل الخبراء والمستثمرين، حيث أعلن الاتحاد العام للغرف التجارية رفضه التام لفرض ضرائب علي الأرباح الرأسمالية لتعاملات الأوراق المالية وأسهم البورصة مطالبا رئيس الجمهورية بعدم التصديق علي مشروع القانون.. وقال احمد الوكيل رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية إن هناك أصواتا مصممة علي ترك بصماتها المدمرة التي ستؤدي لرفع الأسعار وخفض الصادرات وزيادة البطالة وتحويل مصر لجزيرة منعزلة طاردة للاستثمار غير قادرة علي خلق فرص عمل لأبنائها. وللأسف سيدفع الشعب المصري بكافة طوائفه ثمن ذلك التخبط للحكومة المؤقتة الحالية ولسنوات عديدة قادمة. وقد كان لابد علي الحكومة المؤقتة في آخر أيامها العمل علي تحسين مناخ الاستثمار وإزالة معوقاته، وإرسال رسالة للعالم بأن مصر الثورة هي المستقبل،إلا إننا نجد وزير المالية يخرج لنا بسياسات طاردة للاستثمار،سواء كان استثمارا محليا أو أجنبيا، سياسات - عفي عليها الزمن في العالم أجمع- تعود بنا إلي عقود ماضية سمحت لدول أخري لأن تكون مركز التجارة والخدمات بالشرق الأوسط، بالرغم من مميزات مصر الواضحة. وأن تلك القرارات ستؤدي لأن تصبح تونس والمغرب مركزا للاستثمارات الصناعية بدلا من مصر بالرغم من الموقع الجغرافي، وفارق حجم السوق والقاعدة الصناعية والموارد البشرية، فقد نجحت تلك الدول مثل مختلف دول العالم الذي اتجه نحو سياسات تعتمد علي زيادة المجتمع الضريبي،وليس علي رفع شرائحه. وأضاف أن الحكومة ممثلة في معالي وزير المالية وفي أيامه الأخيرة تخرج علينا بمقترح للضرائب علي الأرباح الرأسمالية الناتجة عن أنشطة الأوراق المالية بالبورصة وأرباح الأسهم، مما أدي لانهيار البورصة وطرد المستثمرين المصريين والعرب والأجانب،والذي سيكون له أثر مدمر علي مناخ الاستثمار لسنوات عديدة قادمة..وسوف يؤدي إلي رفع معدلات البطالة وانهيار سعر الجنيه لانتقال الاستثمار من البورصة إلي الدولرة، مما سيتسبب في موجة جديدة من زيادة الأسعار للمنتجات المستوردة.. وسيليها زيادة أسعار المنتجات المحلية لارتفاع نسبة المكون الأجنبي، وللأسف سيتحمل فاتورة ذلك القرار 90 مليون مستهلك مصري، وسيلقي اللوم كالعادة علي التجار الجشعين. لقد نسي أو تناسي معالي وزير المالية تضاعف إيراد الضرائب عندما خفضها للنصف الدكتور يوسف بطرس غالي الذي أدي لجذب 12 مليار دولار استثماراً أجنبياً و85 مليار جنيه استثماراً محلياً سنويا وذلك بخلاف تضاعف حصيلة الضرائب..كما نسي أو تناسي انهيار البورصة أثناء وزارة الدكتور عصام شرف عندما قاموا بنفس الخطأ الفادح بإعلان نفس السياسات، التي كانت ستدمر مناخ الاستثمار لسنوات عديدة لولا تدخل المجلس العسكري وقتها بإلغاء ذلك القرار الفاشل، فبدلا من قيام الحكومة بدورها في تحسين مناخ الاستثمار حيث إن التحدي الأكبر للحكومة القادمة هو خلق فرص عمل، والذي لن يتأتي إلا من خلال جذب الاستثمارات نظرا لعجز الموازنة علي القيام بتلك الاستثمارات، نجد الحكومة الحالية مصممة علي تدميره. وأوضح أن عجز الموازنة ليس مسئولية المستثمر الذي يمكن ان يتجول بين مختلف بورصات العالم، والذي بدأ فعليا في التوجه لدول أخري بعد الإعلان عن هذا التوجه إلي جانب الدولرة التي ستتسبب في انهيار الجنيه. فبدلا من الحفاظ علي الاستثمارات القائمة وتنميتها وجذب المزيد منها، لخلق فرص عمل كريمة لأبناء مصر في وطنهم خاصة في الظروف الحالية، تسعي الحكومة في آخر أيامها جاهدة لعزل مصر اقتصاديا، وطرد الاستثمارات..حيث ستحجم الاستثمارات الأجنبية عن القدوم لدولة تتذبذب قراراتها الاقتصادية بين انفتاح وانغلاق، مما يؤثر علي الجدوي الاقتصادية لأي استثمار، وستتوجه لدول أخري مجاورة. ثماني كوارث رئيسية سوف تتسبب فيها الضرائب المزمع فرضها قريبا وبصورة مفاجئة علي التوزيعات النقدية والأرباح الرأسمالية بالبورصة المصرية، وتثار علي فترات منذ عامين تقريبا مقترحات لفرض ضريبة علي توزيعات أرباح الشركات رغم الرفض المستمر لمجتمع الأعمال لمثل هذه الضريبة التي يشوبها عوار والتي أجمع مجتمع الأعمال و خبراء الاقتصاد وأعضاء مجلس إدارة البورصة وجمعيات سوق المال أنه يجب إعادة النظر فيها لعدة أسباب كما يسردها لنا محسن عادل عضو مجلس إدارة البورصة: أولا: أن قانون الضريبة علي الدخل الحالي يعفي الأرباح الناتجة عن التوزيعات، منعا للازدواج الضريبي حيث سبق تحصيل الضريبة عليها قبل التوزيع بالفعل وهو الأمر الذي يتنافي مع أي مقترح يخالف ذلك حيث يخضعه لشبهة الازدواج الضريبي والطعن عليه وعلي آثاره. ثانيا : يلاحظ أيضا أثر الضرائب علي التوزيعات علي صغار المستثمرين الذين يعدون القطاع الأكبر في البورصة المصرية فإن فرض هذه الضريبة علي ذوي الدخول المنخفضة للأفراد محدودي الدخل يقلل من مقدرتهم علي الاستهلاك وعلي الإنتاج وهو ما يؤدي إلي انخفاض مستوي الدخل القومي وبالتالي يؤدي ذلك إلي انخفاض ونقص في الإيرادات العامة للدولة. ثالثا : نظرا لما تنطوي عليه الضريبة من استقطاب جانب من دخول الأفراد فإنها تؤدي إلي تخفيض الادخار والاستثمار بالتبعية . وما من شك أن ذلك يتوقف علي عوامل، لعل من بينها حجم الدخل الفردي، ومستوي المعيشة ومدي رغبة الفرد في العمل والإنتاج لتعويض الاستقطاع الضريبي من جهة، وطبيعة هيكل النظام الضريبي من جهة أخري. ، وبالتالي فعلي صانع السياسة الضريبية أن يراعي إحداث قدر من التوازن بين هدفين أساسيين هما، تشجيع الادخار وتحقيق العدالة الضريبية ولذلك فعند فرض الضريبة علي التوزيعات فإن قيمة الحصيلة المتوقعة للدولة سوف لا تتماشي مع حجم خسائر الاستثمار التي قد تترتب علي تأثيراته. رابعا: أن تأثير الضريبة علي التوزيعات إنما ينطوي في الحقيقة علي الحد من حجم الاستثمارات، كما أن فرض الضريبة يحتم علي الدولة زيادة إنفاقها الاستثماري للحفاظ علي استقرار سوق المال المصري لتعويض النقص في الاستثمار الخاص. لذلك فإن محدودية العائد من هذه الضريبة للدولة - علي الأقل بالنسبة لما سيحصل من الشركات المدرجة بسوق الأوراق المالية المصرية - لا يتماشي مع فقدان هذا الحجم من الاستثمارات المتوقع نتيجة لفرضها . خامسا: أن الضريبة علي التوزيعات يمكن أن تؤدي إلي خفض الاستثمارات بصورة مباشرة بسبب تخفيضها لأرباح المستثمرين وعلي وجه الخصوص بالنسبة للاستثمارات الجديدة التي يتم السعي بكل الطرق خلال الفترة الحالية لاجتذابها وتنميتها . كذلك يمكن أن تؤدي الضريبة علي التوزيعات بصفة عامة إلي تغيير هيكل الاستثمارات ، وذلك بسبب ما تؤدي إليه من توسع في الاستثمارات الأقل خطورة والأكثر أمانا والتي يمكن تصنيفها بسهولة (سحب الاستثمارات من سوق المال و تحويلها لودائع بنكية علي سبيل المثال) بحيث يصبح الاقتصاد أكثر حساسية للضغوط التضخمية وأقل فاعلية استثماريا وأقل قدرة تمويليا. سادسا: ستؤدي الضريبة علي التوزيعات - أسوة بتجارب دول أخري - إلي تقلص في حجم التوزيعات من جانب الشركات وإضعاف للجاذبية الاستثمارية للشركات التي تقوم بإجراء توزيعات أرباح وهو اتجاه سيحد من مورد هام لضخ السيولة داخل السوق خلال الفترة القادمة وسيؤدي إلي نماذج من التحايل علي القانون وبالتالي تعرض البورصة لمخاطر النمو في الاستثمار المضاربي العشوائي. سابعا : ان فرض تلك الضريبة سيؤدي بالضرورة إلي حدوث ظاهرة «التخلص من عبء الضريبة» لدي المستثمرين حيث تمثل الضريبة علي التوزيعات عبئا علي المكلف بها، يدفعه إلي محاولة التخلص منها إما بنقل عبئها إلي شخص آخر أو التخلص من عبئها بصورة جزئية أو كلية. والذي يدفع المستثمر إلي محاولة التخلص من عبئها وذلك لعدم وجود مقابل خاص يعود عليه مباشرة منها، كما أن إحساسه بثقل عبئها بصورة خاصة تجعله يسعي بكل الطرق إلي محاولة التخلص منها وهو ما سيمثل بالفعل ضغوطا بيعية قوية علي الأسهم المصرية في فترة التوزيعات في وقت يعاني فيه السوق من عدة مشكلات هيكلية.. إن أثر فرض أي ضريبة علي التوزيعات علي الاستثمار يعتمد علي مدي الزيادة التي تحدث من فرض الضريبة علي الاستثمار العام بسوق الأوراق المالية فالضريبة لن تؤدي إلي زيادة الطلب العام وبالتالي تعويض النقص في الاستثمار الخاص نتيجة لفرض الضريبة بينما يؤدي عدم فرضها إلي الحفاظ علي مستويات الاستثمارات الحالية علي أقل تقدير. ثامنا: إن الضريبة علي التوزيعات لها آثار محاسبية وضريبية دقيقة غير واضحة علي رأسها أن الضريبة ستفرض علي الأرباح التي يتم توزيعها عينا علي شكل أسهم أو سندات أو حصص تأسيس وهو أمر يثير التساؤل خاصة أن الضريبة هنا ستكون مفروضة علي زيادة رءوس الأموال في هذه الحالة وهو أمر لا يتماشي مع النظم المحاسبية والضريبية الحالية لأنه سيتسبب في ازدواج ضريبي جديد بفرض ضريبة علي مصدر تمويل زيادة رأس المال وعلي ناتج تشغيل رأس المال (صافي الأرباح السنوية للشركة) ثم علي توزيعات الأرباح لهذا فهناك ضرورة لإعادة النظر في هذا القرار خاصة فيما يتعلق بالتوزيعات العينية للأسهم. وخاطبت الجمعية المصرية للأوراق المالية وشعبة الأوراق المالية، العديد من الجهات الحكومية لتوضيح الآثار السلبية للقرار وتداعياته علي معدلات الاستثمار،وقد وعد منير فخري عبد النور وزير التجارة والصناعة والاستثمار بإعادة النظر في تلك الضريبة ومناقشتها مع كافة أطراف المنظومة الاقتصادية. وأوضحت الجمعيات أنه بدراسة الأسواق الناشئة الكبري في العالم المنافسة للسوق المصرية نجد أنه باستثناء السوق الروسية فباقي الدول لا تفرض كلا الضريبتين مجتمعتين (ضريبة الأرباح الرأسمالية وضريبة توزيعات الأرباح).